الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ]
الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ عَقْدِ الْحَوَالَةِ:
وَيَنْقَسِمُ إلَى فَصْلَيْنِ يُدْرَجُ هُنَا خُلَاصَةُ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ، وَهَذِهِ خُلَاصَةُ الْبَابِ الْأَوَّلِ تَعْرِيفُ الْحَوَالَةِ: الْحَوَالَةُ هِيَ نَقْلُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ أُخْرَى وَفِي هَذَا الْخُصُوصِ قَوْلَانِ:
(الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) نَقْلُ الدَّيْنِ وَالْمُطَالَبَةِ مَعًا فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّ (الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ) يَقُولُ: (1) إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ الدَّيْنَ لِلْمُحِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ لَصَحَّ ذَلِكَ.
(2)
إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ صَحَّ ذَلِكَ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) تُنْقَلُ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ فِي الْحَوَالَةِ لِأَنَّ (الْإِمَامَ مُحَمَّدًا) يَقُولُ: (1) إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحٌ وَيَكُونُ غَيْرَ مَرْدُودٍ بِالرَّدِّ، وَالْإِبْرَاءُ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِالرَّدِّ هُوَ الْإِبْرَاءُ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ التَّمْلِيكَ.
(2)
إذَا أَوْفَى الْمُحِيلُ الدَّيْنَ لِلْمُحَالِ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ فَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْقَبُولِ فَيَنْتِجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ كَمَا كَانَ. الْجَوَابُ، بَرَاءَةُ الْمُحِيلِ مُؤَقَّتَةٌ.
(3)
إذَا وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ الْمُحَالِ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ.
(4)
إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ، وَلَكِنْ إذَا وَهَبَهُ يَرْجِعُ، فَلَوْ انْتَقَلَ الدَّيْنُ لَتَسَاوَى الدَّيْنُ وَالْهِبَةُ، ثَمَرَةُ الْخِلَافِ.
(1)
إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ الْمُحِيلَ لَا يَصِحُّ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ أَسَاسًا وَيَصِحُّ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي.
إذَا أَحَالَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ عَلَى أَحَدٍ فَعِنْدَ الْإِمَامِ (أَبِي يُوسُفَ) يَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ. التَّأْلِيفُ: الْحَوَالَةُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ نَقْلُ الدَّيْنِ وَنَقْلُ الْمُطَالَبَةِ مَعًا وَفِي بَعْضِ مَسَائِلَ أُخَرَ الْحَوَالَةُ هِيَ تَأْجِيلٌ، وَمَا يُنْقَلُ هُوَ الْمُطَالَبَةُ فَقَطْ.
التَّقْسِيمَاتُ وَجْهٌ 3 وَجْهٌ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ 1 الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالدَّيْنِ أَيْ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَطْلُوبِ الْمُحِيلِ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، 2 - الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْعَيْنِ الْأَمَانَةِ الْمَوْجُودَةِ لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْأَمَانَةِ) . 3 - الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِالْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ) . 2 وَجْهٌ 2 الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ الْحَوَالَةُ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ مَالِ الْمُحِيلِ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْضًا جَائِزٌ. 3 وَجْهٌ 1 الْحَوَالَةُ الْمُبْهَمَةُ: الْحَوَالَةُ الَّتِي لَمْ يُبَيَّنْ فِيهَا تَعْجِيلُ وَتَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ نَظِيرُهَا فِي الْكَفَالَةِ (الْكَفَالَةُ الْمُطْلَقَةُ) . 2 الْحَوَالَةُ غَيْرُ الْمُبْهَمَةِ الْحَوَالَةُ الَّتِي بُيِّنَ فِيهَا تَعْجِيلُ أَوْ تَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ. نَظِيرُهَا فِي الْكَفَالَةِ (الْكَفَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ) . 1 الْحَوَالَةُ اللَّازِمَةُ أَنْ يُحِيلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ عَلَى شَخْصٍ وَأَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ. 2 الْحَوَالَةُ الْجَائِزَةُ الْحَوَالَةُ الْمُقَيَّدَةُ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ ثَمَنِ بَيْتِ الْمُحِيلِ أَوْ فَرَسِهِ أَيْ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ أُحِيلَ فِيهَا بِشَيْءٍ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى إيفَائِهِ، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ بَاطِلٌ. عَقْدُ الْحَوَالَةِ 1 أَرْكَانُ الْحَوَالَةِ رُكْنُ الْحَوَالَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَيُوجَدُ أَرْبَعَةُ احْتِمَالَاتٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: عَقْدُ الْحَوَالَةِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ. رِضَا الْمُحَالِ لَهُ وَقَبُولُهُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ حَقُّهُ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي إيفَاءِ الدَّيْنِ. رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَرْطٌ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَا لُزُومَ لِلدَّيْنِ بِلَا الْتِزَامٍ، وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي طَلَبِ الدَّيْنِ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمُحِيلِ بِهِ؟
(قَوْلَانِ) :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: شَرْطُ الصُّورَةِ الْأُولَى هَذَا الشَّرْطُ مُطْلَقٌ لِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَاتِ لَا يَرْضَوْنَ أَنْ تُتَحَمَّلَ دُيُونُهُمْ مِنْ طَرَفِ غَيْرِهِمْ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ هَذَا الشَّرْطُ لِأَجْلِ إمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَلَيْسَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ هَذَا الشَّرْطُ جَارٍ فَقَطْ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَنْقَطِعُ بِسَبَبِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ، وَلِذَلِكَ كَانَ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطًا، وَتُشَكِّلُ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ هَذِهِ اسْتِثْنَاءً لِلْمَادَّةِ الْقَانُونِيَّةِ الْقَوْلُ الثَّانِي لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ إلْزَامَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ تَصَرُّفٌ بِحَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا يَلْحَقُ الْمُحِيلَ ضَرَرٌ مِنْهُ بَلْ رُبَّمَا يَكُونُ لَهُ فَائِدَةٌ إذَا وَقَعَ بِدُونِ أَمْرٍ إذْ لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ الْأَدَاءِ. التَّوْفِيقُ: الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ أَسَاسِيًّا لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنْ كَانَتْ إحَالَةً فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَتْ احْتِيَالًا فَرِضَا الْمُحِيلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ الْحَوَالَةُ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ إذَا قَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ تَكُونُ صَحِيحَةً وَتَامَّةً وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ تَكُونُ بَاطِلَةً مُسْتَثْنَاةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 682) .
الِاحْتِمَالُ الرَّابِعُ الْحَوَالَةُ الَّتِي أُجْرِيَتْ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ تَنْعَقِدُ مَوْقُوفَةً عَلَى قَبُولِ الْمُحَالِ لَهُ فَإِذَنْ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ لَيْسَ شَرْطًا فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ، بَلْ إنَّهُ شَرْطٌ فِي نَفَاذِهَا.
شَرَائِطُ الْحَوَالَةِ (تُطْلَبُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ) 1 فِي الْمُحِيلِ 1 فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ عَاقِلًا. اعْتِرَاضٌ - إنْ لَمْ يَكُنْ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطًا، فَلِمَاذَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَاقِلًا الْجَوَابُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ طَرَفِ إيجَابِ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ عَاقِلًا يَكُونُ قَدْ قَبِلَ إيجَابًا بَاطِلًا وَحِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ وُجُودُ الْعَقْدِ، فِي نَفَاذِ الْحَوَالَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ بَالِغًا - اعْتِرَاضٌ - الْحَوَالَةُ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلْمُحِيلِ، لَا أَهَمِّيَّةَ لِشَرْطِ الْبُلُوغِ. الْجَوَابُ هَذَا الْقَيْدُ مَعْطُوفٌ عَلَى نُقْطَةِ وُجُوبِ الرُّجُوعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحِيلُ بَالِغًا فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَدَاءِ. 2 فِي الْمُحَالِ عَلَيْهِ - يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَوْنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَاقِلًا وَبَالِغًا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ. 3 فِي الْمُحَالِ لَهُ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَوْنُ الْمُحَالِ لَهُ عَاقِلًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَالُ لَهُ بَالِغًا فِي نَفَاذِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحَالِ لَهُ مُتَرَاوِحَةٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ. 4 فِي الْمُحَالِ بِهِ يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ صَحِيحًا وَمَعْلُومًا، قَاعِدَةٌ: الدُّيُونُ الَّتِي لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لَهَا لَا تَجُوزُ حَوَالَتُهَا.