الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّةِ شَخْصٍ مَطْلُوبٍ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَلِشَخْصٍ آخَرَ دَيْنٌ عَشْرُ ذَهَبَاتٍ وَأَعْطَى لِذَلِكَ الشَّخْصِ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ بِقَوْلِهِ: إنِّي أُعْطِي هَذِهِ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ لِأَجْلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُتَوَفَّى بِذِمَّتِي وَبِقَصْدِ إيفَائِهِ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا وَإِلَّا كَانَ مُتَبَرِّعًا وَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى إلَى وَرَثَتِهِ (مِنْ الْمَحِلِّ الْمَذْبُورِ) .
[
(الْمَادَّةُ 794) طَلَب صَاحِب الْوَدِيعَة وَدِيعَتَهُ]
(الْمَادَّةُ 794) إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا لَزِمَ رَدُّهَا وَتَسْلِيمُهَا لَهُ. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ يَعْنِي كُلْفَتَهُ تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ. بَيْدَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إعْطَاؤُهَا لِعُذْرٍ كَوُجُودِهَا فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ الطَّلَبِ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ.
إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ لَزِمَ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا لَهُ أَوْ لِوَكِيلِهِ أَوْ لِرَسُولِهِ بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَدِيعَتَهُ هُوَ بِمَعْنَى فَسْخِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ وَحَيْثُ إنَّ عَقْدَ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَحَقُّ الْمُودَعِ لَهُ ثَابِتٌ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
(طَلَبَ) .
يَظْهَرُ مِنْ ذِكْرِ طَلَبِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَطَلَبَهَا بِذَاتِهِ أَمْ أَرْسَلَ وَكِيلًا أَمْ رَسُولًا وَطَلَبَهَا بِوَاسِطَةِ الْوَكِيلِ أَوْ الرَّسُولِ الْمَرْقُومِ يَلْزَمُ رَدُّهَا. كَمَا سَيُفَصَّلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
(لَهُ) هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ جَائِزٌ أَيْضًا. مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ بَانَ يُعْطِيَ الْوَدِيعَةَ لِفُلَانٍ يَلْزَمُ إعْطَاؤُهَا لَهُ. وَإِذَا أَعْطَاهَا لِفُلَانٍ يَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ وَحِينَمَا يُرِيدُ صَاحِبُهَا اسْتِرْدَادَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ عَلَى الِاسْتِرْدَادِ الْمَذْكُورِ.
الرَّدُّ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ أَوْ مَنْزِلِهِ: فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَعَدَمِهِ إلَى عِيَالِ الْمُودِعِ وَمَنْزِلِهِ كَزَوْجَةِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَوَلَدِهِ بِلَا أَمْرِ الْمُودِعِ قَوْلَانِ: فَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ رَدُّهَا وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَرَدِّ مِلْكِ الْمَالِكِ إلَى عِيَالِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا الرَّدُّ إيدَاعًا. وَلَكِنْ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ وَأَعَادَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى مَنْ هُوَ فِي عِيَالِ صَاحِبِ الْمَالِ لَا يَبْرَأُ.
وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَيْ بِيَدِ أَحَدِ مَنْ هُمْ فِي عِيَالِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ (لَهُ) لَا يَكُونُ احْتِرَازًا مِنْ عِيَالِهِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لَا تُرَدُّ إلَى عِيَالِهِ أَوْ إلَى مَنْزِلِهِ.
فَإِذَا رُدَّتْ وَهَلَكَتْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا كَمَا سَيُفَصَّلُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَلَكِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمَجَلَّةُ يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ.
صُورَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ: يَحْصُلُ رَدُّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمُهَا بِتَخْلِيَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ يَعْنِي بِإِفْرَاغِهِ إيَّاهَا بِحَالٍ يُمْكِنُ قَبْضُهَا وَالْإِذْنُ لَهُ بِقَبْضِهَا. كَوْنُهَا أَمَامَهُ وَقَوْلُهُ: اقْبِضْ.
3 -
(الرَّدُّ) يُشَارُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ إلَى أَنَّهُ إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ حَمْلَ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ يَعْنِي نَقْلَهَا إلَى دَارِهِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْقُلْهَا الْمُسْتَوْدَعُ يَعْنِي إذَا امْتَنَعَ عَنْ نَقْلِهَا وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ سِوَى التَّخْلِيَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
4 -
(فَإِنْ كَانَ مُقْتَدِرًا) هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَجَلَّةِ آتِيًا.
5 -
وَرَدَ فِي الشَّرْحِ (بِعَيْنِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَوْجُودَةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ كَاسِدَةً يَلْزَمُ رَدُّهَا عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَقُولَ: هَذِهِ الدَّرَاهِمُ كَاسِدَةٌ لَا آخُذُهَا وَأُرِيدُ بَدَلَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدِيَّةً مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا وَكَانَتْ رَائِجَةً ثُمَّ مُنِعَ تَدَاوُلُهَا بِغِيَابِ الْمُودِعِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ التَّضْمِينَ بِحُجَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَبْدِلْهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عَيْنًا، وَقَالَ: إنِّي أُعْطِي مِثْلَهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى إعْطَائِهَا عَيْنًا إنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً. مَثَلًا إذَا أَمْسَكَ الْمُسْتَوْدَعُ دَنَانِيرَ الْوَدِيعَةِ وَأَرَادَ أَنْ يُعْطِيَ أَمْثَالَهَا لِلْمُودِعِ فَلِلْمُودِعِ حَقٌّ أَنْ لَا يَأْخُذَهَا وَأَنْ يَطْلُبَ عَيْنَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (243) النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فِي الْأَمَانَاتِ.
طَلَبُ الْمُودِعِ وَإِنْكَارُ الْمُسْتَوْدَعِ: إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ أَوْدَعَ عِنْدَهُ مَالًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ.
(رَاجِعْ الْمَادَّةَ 78) . فَإِذَا نَكِلَ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ الْيَمِينِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا أَقَامَ الْمُودِعُ الْبَيِّنَةَ لَزِمَ الضَّمَانُ أَيْضًا " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 901 ".
إذَا اُخْتُلِفَ فِي قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ وَمِقْدَارِهَا وَوَضْعِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ. " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 78 ".
مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ صُنْدُوقًا مَقْفُولًا ثُمَّ لَمَّا قَبَضَهُ ادَّعَى بِأَنَّ كَذَا أَشْيَاءَ نَاقِصَةً فِي الصُّنْدُوقِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ الْآخَرُ: لَا أَعْلَمُ وُجُودَ أَشْيَاءَ كَهَذِهِ فِي الصُّنْدُوقِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَا الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ بَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُودِعِ أَنْ يَدَّعِيَ إيدَاعَهُ لِلْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ لِاسْتِهْلَاكِ الشَّخْصِ الْآخَرِ وَتَضْيِيعِهِ إيَّاهَا.
كَذَلِكَ إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ عِنْدَ شَخْصٍ آخَرَ دَرَاهِمَ فِي كِيسٍ بِلَا تَعْدَادٍ وَادَّعَى أَخِيرًا بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ بِزِيَادَةِ كَذَا لَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ. مَا لَمْ يَدَّعِ لِقَوْلِهِ: إنَّهَا كَانَتْ زَائِدَةً مِقْدَارَ كَذَا وَأَنْتَ أَضَعْت الزِّيَادَةَ أَوْ حَصَلَتْ مِنْك خِيَانَةٌ بِوَجْهِ كَذَا، وَإِذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ يَحْلِفُ الْمُسْتَوْدَعُ رَاجِعْ الْمَادَّةَ " 1589 ".
ادِّعَاءُ الْمُسْتَوْدَعِ بِأَنَّهُ رَدَّهَا أَوْ أَنَّهَا هَلَكَتْ: إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ أَوْ أَنَّهَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
" رَاجِعْ
الْمَادَّةَ 1774 " وَإِذَا تُوُفِّيَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ لَا تَحْلِفُ وَرَثَتُهُ.
وَمُؤْنَةُ رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَتَسْلِيمِهَا يَعْنِي كُلْفَتُهُ وَمَصْرِفُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 797، لِأَنَّهُ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنْ يَعُودَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمَالِ عَلَى مَنْ يَكُونُ قَبَضَهُ لِأَجْلِ مَنْفَعَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (88) الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ. وَحَيْثُ إنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ هُوَ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْمُودِعِ فَكَمَا أَنَّ مُؤْنَةَ رَدِّهَا بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُودِعِ فَمُؤْنَةُ رَدِّ الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِنَاءً عَلَى الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْمُسْتَعَارِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (830) .
وَكَمَا أَنَّ الْمَوَادَّ (594 و 595 و 8340) مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَعَائِدَةُ مُؤْنَةِ رَدِّ الْمَرْهُونِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (723) .
وَلِذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُودِعُ: أَحْضِرْ لِي الْوَدِيعَةَ الْيَوْمَ فَلَوْ قَالَ: نَعَمْ أُحْضِرُهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهَلَكَتْ فِي غَدِ الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ هُوَ التَّخْلِيَةُ وَلَيْسَ النَّقْلُ مِنْ مَحِلٍّ إلَى آخَرَ فَجَوَابُهُ بِقَوْلِ: نَعَمْ تَبَرُّعٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ.
وَإِذَا طَلَبَ الْمُودِعُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ رَسُولُهُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِعْطَاءِ بَعْدَ الطَّلَبِ تَعَدٍّ (الْبَحْرُ) ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَعْنِي بِصُورَةِ عَدَمِ إعْطَائِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَرُدَّ الْوَدِيعَةَ سَالِمَةً إلَى صَاحِبِهَا. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 787 ".
وَالْحَاصِلُ طَلَبُ الْوَدِيعَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ.
1 -
طَلَبُ الْمُودِعُ بِالذَّاتِ: وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَرُدَّهَا. فَإِذَا لَمْ يَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا. وَلِذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَبِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ " لَيْسَ لِي اقْتِدَارٌ أَنْ أُحْضِرُهَا الْآنَ " فَتَرَكَ وَذَهَبَ فَإِنْ كَانَ ذَهَبَ بِرِضَاهُ يَكُونُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ إنْشَاءً مُجَدَّدًا فَإِذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَأَمَّا إذَا ذَهَبَ بِدُونِ رِضَاهُ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا وَإِنَّمَا إذَا كَانَ طَالِبُ الْوَدِيعَةِ وَكِيلَ الْمُودِعِ فَلِعَدَمِ مَأْذُونِيَّةِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بِإِنْشَاءِ عَقْدِ الْوَدِيعَةِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِأَيِّ حَالٍ الْبَحْرُ.
كَمَا لَوْ كَانَتْ الْفَرَسُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ شَخْصَيْنِ بِيَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَطَلَبَهَا الْآخَرُ كَيْ يَنْتَفِعَ بِهَا فِي نَوْبَتِهِ فَلَمْ يُعْطِهَا مَعَ اقْتِدَارِهِ عَلَى ذَلِكَ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ حِصَّتَهُ.
2 -
طَلَبُ وَكِيلِ الْمُودِعِ: فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَدُّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ.
مَثَلًا لَوْ بَعْدَ أَنْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِخَادِمِي، فَطَلَبَهَا الْخَادِمُ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُعْطِهَا وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ يَضْمَنُ.
وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَثْبُتَ وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْتَوْدَعُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِهَا فَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَةٌ
بِالْبَيِّنَةِ وَثَبَتَ بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهَا فَهُوَ بِالْأَوْلَى غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى رَدِّهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَالَةَ الشَّخْصِ الَّذِي يَقُولُ: أَنَا وَكِيلٌ أَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا أَوْ سَكَتَ أَوْ كَذَّبَهَا فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ لَا يَضْمَنُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.
وَالْحَاصِلُ - إذَا جَاءَ شَخْصٌ عِنْدَ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ وَصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى وَكَالَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَا يُؤْمَرُ بِرَدِّهَا إلَى الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ رَدُّ الْمُحْتَارِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى الدَّفْعِ إذَا كَذَّبَ الْوَكَالَةَ أَوْ سَكَتَ.
وَلَكِنْ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ قَائِلًا: إنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْمَدِينُ أَيْضًا عَلَى الْوَكَالَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ يَعْنِي بِجَبْرِ الْمَدِينِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ إقْرَارَ الْمَدِينِ فِي الدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إقْرَارٌ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الْوَدِيعَةِ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَيْسَ صَحِيحًا.
وَلَوْ أَقَرَّ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ الْمَالَ لَا يَصِيرُ خَصْمًا وَلَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَالِ إلَّا أَنْ تَقَعَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمَالِ وَأَنْكَرَ الْوَكَالَةَ لَا يَحْلِفُ الْوَكِيلُ الْمَطْلُوب عَلَى الْعِلْمِ بِوَكَالَتِهِ إذْ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَلَمْ تَصِحَّ إذْ لَمْ تَثْبُتْ وَكَالَتُهُ فَلَمْ يَصِرْ خَصْمًا إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْمَالُ يُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَكِيلَ قَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ عِنْدَهُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ أُرْسِلُهُ مِنْ وُكَلَائِي الثَّلَاثَةِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمْ فَلَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهَا لِلْوَكِيلِ الْآخَرِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى طَلَبَ الْمُودِعُ أَوْ وَكِيلُهُ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَكُونُ لَهُ رِضًا بِإِمْسَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ بَعْدَهُ وَيَكُونُ الطَّلَبُ الْمَذْكُورُ فَسْخًا لِعَقْدِ الْوَدِيعَةِ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ " مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ.
3 -
طَلَبُ رَسُولِ الْمُودِعِ إذَا أَثْبَتَ رِسَالَةَ الرَّسُولِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَزِمَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ رَدُّهَا لَهُ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الرَّسُولِ بِحُجَّةِ أَنَّهُ سَيُعْطِيهِ إيَّاهَا بِذَاتِهِ وَتَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ يَضْمَنُ.
وَأَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ مَنْ قَالَ: أَنَا رَسُولٌ أَوْ أَنْكَرَ رِسَالَةً وَلَمْ يَتَمَكَّنْ هُوَ أَيْضًا مِنْ إثْبَاتِ رِسَالَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ.
كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطِ الْوَدِيعَةَ لِمَنْ يُخْبِرُك بِكَذَا عَلَامَةً، وَجَاءَ شَخْصٌ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَأَخْبَرَهُ بِالْعَلَامَةِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَدِيعَةَ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُخْبِرَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ شَخْصٌ غَيْرُ الرَّسُولِ مَا لَمْ يُثْبِتْ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَنَّ الْعَلَامَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ عَلَامَةُ الْمُودِعِ " تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ ". قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَعْطَيْتُهَا لِلرَّسُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ " جَاءَ رَسُولُك وَأَعْطَيْتُهُ الْوَدِيعَةَ، وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ أَنَّهُ رَسُولٌ فَإِنْ أَثْبَتَ الْمُسْتَوْدَعُ ذَلِكَ فَبِهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْمُودِعُ أَنَّهُ لَيْسَ رَسُولًا فَإِنْ نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ ثَبَتَتْ الرِّسَالَةُ. وَأَمَّا إنْ حَلَفَ يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ. وَاذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ رِسَالَةَ الرَّسُولِ يَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ يَعْنِي يُضَمِّنُهُ لِلرَّسُولِ الْمَرْقُومِ وَالتَّضْمِينُ يَكُونُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ رَغْمَ تَكْذِيبِهِ رِسَالَتَهُ يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهَا مَعَ
بَيَانِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَسُولٍ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْوَدِيعَةَ دُونَ أَنْ يُصَدِّقَهُ أَوْ يُكَذِّبَهُ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا عَلَى الرَّسُولِ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا صَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي مَعَ بَيَانِهِ أَنَّهُ مُرْسَلٌ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ فَإِذَا شَرَطَ تَضْمِينَهُ وَالرُّجُوعَ عَلَيْهِ فِي تَقْدِيرِ إنْكَارِ الْمُودِعِ وَتَضْمِينِهِ الْوَدِيعَةَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الرَّسُولِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَإِيضَاحٌ) .
وَلَكِنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْوَدِيعَةِ إذَا عَجَزَ حِسًّا أَوْ مَعْنًى.
بَيَانُ الْعَجْزِ الْحِسِّيِّ هُوَ كَوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي مَحِلٍّ بَعِيدٍ حِينَ طَلَبِهَا. وَبَيَانُ الْعَجْزِ الْمَعْنَوِيِّ هُوَ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ فِتْنَةٍ وَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ خَائِفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَدْفُونَةً مَعَ مَالِهِ فَإِذَا لَمْ يُعْطِهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِعَجْزِهِ بِعُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ كَانَ الْمُودِعُ ظَالِمًا فِي طَلَبِهِ وَدِيعَتَهُ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهَا. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَيْفًا وَكَانَ قَصْدُ الْمُودِعِ أَخْذَهُ وَضَرْبَ أَحَدٍ بِهِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَائِهِ إيَّاهُ، وَيَسْتَمِرُّ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّ الْمُودِعَ عَدَلَ عَنْ فِكْرَةِ الضَّرْبِ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمُودِعُ وَقَامَ الرَّيْبُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ لِلِانْتِقَامِ أَوْ فِي الْمَسَائِلِ الْمُبَاحَةِ. فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا حَرَّرَتْ امْرَأَةٌ سَنَدًا يَحْتَوِي عَلَى إقْرَارِهَا بِأَخْذِ مَطْلُوبِهَا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا وَأَوْدَعَتْ السَّنَدَ الْمَذْكُورَ أَثْنَاءَ مَرَضِهَا عِنْدَ شَخْصٍ عَلَى أَنْ يُعْطَى إلَى زَوْجِهَا بَعْدَ وَفَاتِهَا ثُمَّ أَبْلَتْ مِنْ مَرَضِهَا وَأَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ السَّنَدَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَةِ السَّنَدِ الْمَارِّ ذِكْرُهُ إلَى الزَّوْجَةِ الْمُودِعَةِ صِيَانَةً لِحُقُوقِ زَوْجِهَا.
تَنَاقُضُ الْمُسْتَوْدَعِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ: مَثَلًا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أُعْطِيكَهَا غَدًا أَوْ خُذْهَا غَدًا.
فَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَيَسْأَلُ الْمُسْتَوْدَعُ عَنْ الْوَقْتِ الَّذِي تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِيهِ. فَأَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بَعْدَ قَوْلِهِ أُعْطِيكَهَا غَدًا لَا يَضْمَنُ إذْ لَا تَنَاقُضَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا أَخْبَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: خُذْهَا غَدًا، إقْرَارٌ بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ أَخِيرًا ضَاعَتْ تَنَاقُضٌ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُودِعِ إيَّاهَا ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ إنْكَارِهِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ أَعَادَهَا يُقْبَلُ مِنْهُ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى رَدِّهَا قَبْلَ الْإِنْكَارِ مُؤَوِّلًا إنْكَارَهُ بِقَوْلِهِ: أَخْطَأْت فِي إنْكَارِي أَوْ نَسِيت، يُقْبَلُ مِنْهُ أَيْضًا.
وَأَمَّا إذَا طَلَبَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ وَأَجَابَهُ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّك لَمْ تُعْطِنِي شَيْئًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ كُنْتَ