الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْمَبْحَثُ الثَّالِثُ فِي الرَّهْنِ مُقَابِلِ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ]
يُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الرَّهْنِ الْوَاقِعِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ.
يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالرَّهْنَ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ كِلَاهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالِاخْتِلَافُ فِي التَّعْبِيرِ فَقَطْ.
(الدُّرُّ الْمُخْتَارُ فِي أَوَائِلِ الرَّهْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
مَسْأَلَةٌ (8) : يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ 0 يَعْنِي إذَا أَعْطَى رَجُلٌ آخَرَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَهُ بِإِقْرَاضِهِ إيَّاهُ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَوْعُودَ جُعِلَ كَالْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَكَمَا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْجُودِ صَحِيحٌ فَقَدْ جُوِّزَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ أَيْضًا (زَيْلَعِيٌّ) .
سُؤَالٌ: كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ تَجْوِيزُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الدَّرْكِ بِجَعْلِ الْمَعْدُومِ مَوْجُودًا بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ أَيْضًا هُنَا.
وَإِذَا كَانَ مِقْدَارُ الْقَرْضِ الْمَوْعُودِ غَيْرَ مَعْلُومٍ - كَرَهْنِ شَخْصٍ مَالَهُ الْمَعْلُومَ عِنْدَ آخَرَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ كَمْ قِرْشٍ - فَالرِّوَايَةُ فِي هَذَا مُخْتَلِفَةٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ هَذَا الرَّهْنُ لَيْسَ مَضْمُونًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَشَارِحُهُ: إنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ هِيَ الْأَصَحُّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى. الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى إقْرَاضِ الرَّاهِنِ مِقْدَارَ الشَّيْءِ الَّذِي يُرِيدُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ حَيْثُ إنَّهُ اسْتَوْفَى مِقْدَارَ شَيْءٍ مِنْ الرَّهْنِ فَيَعُودُ بَيَانُ مِقْدَارِ هَذَا الشَّيْءِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ.
كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي أَقْدَارِ الْمَجْهُولِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1579)(الزَّيْلَعِيّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
يُجْعَلُ الْمَعْدُومُ كَالْمَوْجُودِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَعْدُومُ عَلَى شَرَفِ الْوُجُودِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْإِنْسَانِ أَنْ يُنْجِزَ وَعْدَهُ أَمَّا فِي الدَّرْكِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ إذْ إنَّ الشَّخْصَ الْعَاقِلَ لَا يَقْدُمُ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ وَالظَّاهِرُ فِيهِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (الْعِنَايَةُ) أَمَّا حُكْمُ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ فَهُوَ إذَا تَلِفَ الدَّيْنُ الْمَوْعُودُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ قَبْلَ إعْطَائِهِ لِلرَّاهِنِ يُنْظَرُ إذَا كَانَ مِقْدَارُ الْمَوْعُودِ مَعْلُومًا وَكَانَ مُسَاوِيًا لِقِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مَجْبُورًا بِأَدَاءِ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ لِلرَّاهِنِ أَيْ الْمَبْلَغِ الَّذِي وَعَدَ بِأَدَائِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَدَاءُ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ وَالِامْتِنَاعُ عَنْ إعْطَاءِ الْمِقْدَارِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِسَوْمِ الرَّهْنِ هُوَ كَالْمَقْبُولِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَمَّا كَانَ الْمَقْبُوضُ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونًا فِيمَا إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ضَمَانُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) .
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الَّذِي قُبِضَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ الْمَجْهُولِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَعَلَى
رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ أَدَاءُ قِيمَةِ الرَّهْنِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَدْفَعَ مِقْدَارَ دِرْهَمِ فِضَّةٍ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي رُهِنَ سُلِّمَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ هَالِكًا قَبْلَ الْإِقْرَاضِ فَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إعْطَاءِ الرَّهْنِ الدَّيْنَ الْمَوْعُودَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. بَلْ يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ عَدَمِ هَلَاكِ الرَّهْنِ فَالْمُرْتَهِنُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا. وَلَا إكْرَاهَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ.
(الْحَمَوِيُّ شَرْحُ الْأَشْبَاهِ فِي الرَّهْنِ مُنْيَةُ الْمُفْتِي وَالزَّيْلَعِيّ وَالْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ (9) : إذَا أَعْطَى الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مِقْدَارًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَامْتَنَعَ عَنْ إعْطَاءِ الْبَاقِي فَكَمَا ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى إعْطَاءِ الْبَاقِي.
فَيَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَرْهُونًا مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْمُعْطَى وَلَيْسَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَوْعُودِ كُلِّهِ (عَبْدُ الْحَمِيدِ وَالْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
الْمَسْأَلَةُ (10) : إذَا كَانَ عَلَى أَحَدٍ دَيْنٌ لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: خُذْ هَذَا الثَّوْبَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْبَعْضِ مِنْ مَطْلُوبِك، وَأَخَذَهُ الدَّائِنُ فَيَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رَهْنًا مَوْقُوفًا.
حَتَّى إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ عَدَّهُ هَلَكَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ شَاءَ اعْتَبَرَهُ هَلَكَ بِبَعْضِ الدَّيْنِ وَطَلَبَ الْبَاقِيَ مِنْ الرَّاهِنِ (الْخَانِيَّةُ) .
فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخَذَ الرَّهْنَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهَلَكَ يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ) قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ (الْخَانِيَّةُ) .