الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَاعِدَةِ (يُزَالُ الضَّرَرُ الْأَشَدُّ بِالضَّرَرِ الْأَخَفِّ) عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجْتَمِعُ فِي هَذَا ضَرَرَانِ: الضَّرَرُ الْأَوَّلُ: هُوَ خُرُوجُ الدَّجَاجَةِ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا بِدُونِ إذْنِهِ وَذَلِكَ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ اللُّؤْلُؤِ لِصَاحِبِ الدَّجَاجَةِ بَدَلَ دَجَاجَتِهِ.
الضَّرَرُ الثَّانِي: ضَرَرُ إخْرَاجِ اللُّؤْلُؤِ مِنْ مِلْكِ صَاحِبِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْعَكْسِ أَيْ بِإِعْطَاءِ صَاحِبِ الدَّجَاجَةِ لِغَاصِبِ اللُّؤْلُؤِ ثَمَنَ اللُّؤْلُؤِ وَالضَّرَرُ الْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّرَرِ الثَّانِي أَخَفُّ. لِأَنَّ قِيمَةَ اللُّؤْلُؤِ أَزْيَدُ مِنْ قِيمَةِ الدَّجَاجَةِ فَعَلَيْهِ لَزِمَ اخْتِيَارُ ذَاكَ. وَلْيُقَسْ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَذَلِكَ لَوْ نَمَتْ شَجَرَةُ الْقَرْعِ النَّابِتَةُ فِي مِلْكِ أَحَدٍ فَدَخَلَتْ قِدْرًا لِآخَرَ أَيْ إنَاءً بَابُهُ ضَيِّقٌ فَأَعْطَتْ يَقْطِينَةً وَكَبُرَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْ الْقِدْرِ بِدُونِ كَسْرِهِ فَلِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ مَالِ الثَّانِي وَيَتَمَلَّكَهُ فَإِنْ أَبَى يُبَاعُ الْقِدْرُ بِمَا فِيهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا.
وَالْحُكْمُ فِي الْأُتْرُجَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي لَوْ دَخَلَتْ أُتْرُجَّةٌ فِي قَارُورَةِ آخَرَ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا يَجْرِي الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ (الْخَانِيَّةُ) وَيَتْبَعُ فِي مَسَائِلَ كَهَذِهِ الْأَقَلُّ فِي الْقِيمَةِ الْأَكْثَرَ فِيهَا. لَكِنْ إذَا تَسَاوَتْ الْقِيمَتَانِ. فَإِذَا اتَّفَقَ الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ كَأَنْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا مَالَ الْآخَرِ أَوْ أَنْ يُبَاعَ الْمَالَانِ مَعًا وَتُقَسَّمَ بَيْنَهُمَا قِيمَتُهُمَا فَبِهَا وَإِنْ تَنَازَعَا يُبَاعُ الْمَالَانِ مَعًا وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ عَلَيْهِمَا (الْخَانِيَّةُ، أَبُو السُّعُودِ، حَاشِيَةُ الْكَنْزِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ صَوَّرَ الْمِثَالُ الْأَخِيرُ بِصُورَةِ ابْتِلَاعِ الدَّجَاجَةِ اللُّؤْلُؤَةَ لِأَنَّهُ إذَا ابْتَلَعَ أَحَدٌ لُؤْلُؤَ الْآخَرِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى خُرُوجِ اللُّؤْلُؤِ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا وَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ الْبَدَلِ كَمَا أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ مُبْتَلِعُ اللُّؤْلُؤِ لَا يُشَقُّ بَطْنُهُ عَلَى قَوْلٍ، لِفَسَادِ اللُّؤْلُؤِ فِي الْمَعِدَةِ وَلِكَوْنِ حُرْمَةِ الْإِنْسَانِ أَعْظَمَ مِنْ الْمَالِ، وَالْفَتْوَى عَلَى ذَلِكَ أَمَّا لَوْ بَلَعَ أَحَدٌ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لِآخَرَ وَتُوُفِّيَ وَكَانَ مِقْدَارُ الْفِضَّةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ يُشَقُّ بَطْنُ الْمَيِّتِ وَيُخْرَجُ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا يَفْسُدَانِ فِي الْمَعِدَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) .
[
(الْمَادَّةُ 903) زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ]
(الْمَادَّةُ 903) - (زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ لِصَاحِبِهِ وَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ يَضْمَنُهَا، مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ لَبَنَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فَلُوَّهُ الْحَاصِلَيْنِ حَالَ وُجُودِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ ثَمَرَ الْبُسْتَانِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي حَصَلَ حِينَ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَهَا حَيْثُ إنَّهَا أَمْوَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ خَلِيَّةَ الْعَسَلِ مَعَ نَحْلِهَا وَاسْتَرَدَّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ أَيْضًا الْعَسَلَ الَّذِي حَصَلَ عِنْدَ الْغَصْبِ) إنَّ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ أَيْ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ الْمُتَّصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ أَوْ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الْغَصْبِ هِيَ لِصَاحِبِهَا يَعْنِي أَنَّهَا مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهَذَا الْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَاجِبَةُ الرَّدِّ. فَكَوْنُهُ مَالَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَاشِئٌ عَنْ كَوْنِهِ نَمَاءَ مَالٍ وَكَوْنُهُ أَمَانَةً هُوَ لِكَوْنِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ حَاصِلَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِإِيجَادِ الْبَارِي تَعَالَى وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِعْلٌ وَصُنْعٌ كَإِزَالَةِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ عِنْدَهُ فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ غَصْبٌ. وَنَظِيرُ هَذَا: لَوْ أَلْقَتْ الرِّيحُ ثِيَابَ أَحَدٍ فِي حِجْرِ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ غَاصِبًا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فِي هَذَا فِعْلٌ وَصُنْعٌ. وَيَلْزَمُ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ لِصَاحِبِهِ فَقَطْ. لَكِنْ لَوْ تَعَدَّى الْغَاصِبُ بِوَجْهٍ
كَأَنْ اسْتَهْلَكَ هَذِهِ الزَّوَائِدَ أَوْ بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا لِآخَرَ أَوْ امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ لَدَى طَلَبِ صَاحِبِهِ إيَّاهُ كَانَ ضَامِنًا (الطَّحْطَاوِيُّ) . إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الزَّوَائِدُ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ الزَّوَائِدِ مُطْلَقًا أَنَّهَا مَالُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مُتَّصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالسَّمْنِ وَالصُّوفِ وَكِبَرِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً كَالْوَلَدِ وَالْبَيْضِ وَثَمَرَةِ الْبُسْتَانِ. يَعْنِي أَنَّ نَوْعَيْ الزَّوَائِدِ هَذِهِ مُتَّحِدَانِ فِي كَوْنِهِمَا مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَوْنُهَا فِي حُكْمِ الْأَمَانَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) .
مَثَلًا: لَوْ كَبُرَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَازْدَادَتْ قِيمَتُهُ أَخَذَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ إعْطَاءُ مَصْرُوفَاتِهِ كَالنَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الْمُحَافَظَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ وَسَقَاهَا كَانَتْ الْمَزْرُوعَاتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْمَصْرُوفَاتِ فِي هَذَا السَّبِيلِ. فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَصْرُوفَاتِهِ فِي سَبِيلِ سَقْيِهِ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ نَخِيلًا فَلَقَّحَهَا وَسَقَاهَا وَصَرَفَ فِي هَذَا الْبَابِ مَصْرُوفَاتٍ فَتَكُونُ الْمَحْصُولَاتُ مِلْكًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَحِقُّ لِلْغَاصِبِ طَلَبُ الْمَصْرُوفَاتِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . 2 - الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ: وَكَوْنُ هَذِهِ الزَّوَائِدِ أَمَانَةً وَمَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ:
الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: الْحُصُولُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ هُنَا الزَّوَائِدُ الْحَاصِلَةُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ. أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمَوْجُودَةُ وَهِيَ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ الزَّوَائِدِ فِي مَبْحَثِ الْغَصْبِ فَلِذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي الزَّوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ الِاخْتِلَافُ الْآتِي وَالزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي مِثَالَيْهَا الْآتِيَيْنِ إلَى ذَلِكَ بِتَقْيِيدِهَا الزَّوَائِدَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ كَرْمًا أُدْرِكَ ثَمَرُهُ وَهُوَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ الْعِنَبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ بَلْ يَكُونُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَلِذَلِكَ لَوْ تَلِفَ الْعِنَبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ مَضْمُونًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ الِاسْتِهْلَاكُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 89) كَمَا أَنَّهُ إذَا غُصِبَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ كَانَتْ مَضْمُونَةً أَيْضًا عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .
الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ وَبَيْنَ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ: تَفْتَرِقُ الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ عَنْ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي الْحُكْمِ الْآتِي. وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا لَزِمَ الضَّمَانُ بِالِاتِّفَاقِ. أَمَّا لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهَا لَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فَيَضْمَنُهَا الْغَاصِبُ وَقَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) إيضَاحُ ذَلِكَ وَسَتُبَيَّنُ آتِيًا الْأَمْثِلَةُ مَعَ أَدِلَّتِهَا.
الْقَيْدُ الثَّانِي: الْمُتَوَلِّدَةُ، يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الزَّوَائِدِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ الزَّوَائِدُ الْمُتَوَلِّدَةُ. وَلَيْسَ الزَّوَائِدَ غَيْرَ الْمُتَوَلِّدَةِ يَعْنِي أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ لَيْسَتْ مَالًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا مَضْمُونَةً.
وَعَدَمُ كَوْنِ مَنَافِعِ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةً مُطْلَقٌ. يَعْنِي أَنَّهُ سَوَاءٌ أَتْلَفَتْ الْمَنَافِعُ الْمَذْكُورَةُ - كَمَا لَوْ اسْتَخْدَمَ الْغَاصِبُ الْفَرَسَ الْمَغْصُوبَ شَهْرًا أَوْ أَجَّرَهُ لِآخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ - أَمْ عَطَّلَهُ بِأَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْغَاصِبُ الْفَرَسَ الْمَغْصُوبَ فِي شُغْلِهِ أَوْ لَمْ يَجْعَلْ أَحَدًا يَسْتَعْمِلُهُ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ شَهْرًا. لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالُ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ فَتَكُونُ مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةً فِي هَذِهِ الصُّوَرِ أَيْضًا. وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ شَرْحًا أَنَّ الْفُقَهَاءَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ اخْتَارُوا مَذْهَبَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذَا (أَبُو السُّعُودِ، الْعَيْنِيُّ، الْعِنَايَةُ، نَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) . وَالْحَاصِلُ، كَمَا أَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (596) لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَبَدَلُ الْمَنَافِعِ أَيْضًا لَيْسَ مَضْمُونًا. إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَلَا تَطِيبُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ وَقَدْ اجْتَهَدَ بِذَلِكَ الطَّرَفَانِ. لَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي تَكُونُ الْأُجْرَةُ الْمَذْكُورَةُ حَلَالًا لِلْغَاصِبِ. وَقَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (47 4) الْخِلَافُ الْوَاقِعُ فِي حَالِ إجَازَةِ صَاحِبِ الْمَالِ الْإِجَارَةَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ مِنْهَا (الدُّرُّ، وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ، أَنَا أَمَرْتُك بِالْإِيجَارِ وَعَلَيْهِ فَالْأُجْرَةُ لِي وَقَالَ لَهُ الْغَاصِبُ لَمْ تَأْمُرْنِي، وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لَكِنْ لَوْ أَجَّرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَبَعْدَ أَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ ادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَائِلًا إنِّي قَدْ أَجَزْت الْإِجَارَةَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ الْغَاصِبُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَعَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ مَوْجُودَةً عَيْنًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً أَوْ مُنْفَصِلَةً فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّهَا مَعَ أَصْلِهَا فَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ مَعَ أَصْلِهَا أَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِالتَّعَدِّي كَانَ ضَامِنًا. وَالضَّمِيرُ فِي " اسْتَهْلَكَهَا " فِي فِقْرَةِ الْمَجَلَّةِ هَذِهِ رَاجِعٌ إلَى الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ حَصْرًا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي إرْجَاعِ الضَّمِيرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ اسْتِخْدَامٌ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَتَرْجِعُ الزَّوَائِدُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلْنُوَضِّحْ الْآنَ هَذَا الْخِلَافَ. تَكُونُ الزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ مَضْمُونَةً فِي صُورَتَيْنِ أُولَاهُمَا: هَلَاكُهَا بِتَعَدِّي الْغَاصِبِ بِاسْتِهْلَاكِهَا أَوْ بِبَيْعِهَا وَتَسْلِيمِهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَكُونُ الزَّوَائِدُ مَضْمُونَةً بِالِاتِّفَاقِ، مَثَلًا لَوْ وَلَدَتْ الْفَرَسُ الْمَغْصُوبَةُ فُلُوًّا فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَانَ الْمَالِكُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَعَدِّي الْمُشْتَرِي إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ بِدُونِ تَسْلِيمٍ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْوَدِيعَةِ حَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ إيَّاهَا بَلْ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالَةِ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُشْتَرِي. سُؤَالٌ، بِمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي بَيْعِ الزِّيَادَةِ وَتَسْلِيمِهَا تَفْوِيتٌ لِيَدِ الْمَالِكِ تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَفَمَا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ؟ جَوَابٌ: لَمَّا كَانَ فِي إمْكَانِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْ يَدِ الْغَاصِبِ وَقَدْ زَالَ تَمَكُّنُهُ هَذَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ أَصْبَحَ ذَلِكَ تَفْوِيتًا لِيَدِ الْمَالِك (الْكِفَايَةُ) .
ثَانِيهَا) ، يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَالَةِ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ. فَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ مِنْ الْغَاصِبِ وَمَنَعَهَا الْغَاصِبُ أَيْ لَمْ يُعْطِهَا بَعْدَ الطَّلَبِ وَتَلِفَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ (الْكَنْزُ) . أَمَّا الزَّوَائِدُ الْمُتَّصِلَةُ فَلَيْسَ اسْتِهْلَاكُهَا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ هُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ. وَقَدْ بُيِّنَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) . وَتَفْصِيلُ بَيْعِ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ وَتَسْلِيمِهَا لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مَعَ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَإِنْ كَانَا مَوْجُودَيْنِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ وَالزِّيَادَةَ مَعًا وَإِنْ تَلِفَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا. إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ وَقْتَ الْغَصْبِ. وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَقْتَ قَبْضِهِ إيَّاهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ الزَّائِدَةَ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ. لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يُقَابِلُ الْوَصْفَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ وَارِدًا عَلَى الزِّيَادَةِ وَلَيْسَتْ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ مَضْمُونَةً. أَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ مَقْصُودَةً فِي الْبَيْعِ فَلَهَا حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، وَفِيهِ دَلِيلٌ آخَرُ فَلْيُرَاجَعْ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ الزَّائِدَةَ بِالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورَيْنِ. لِأَنَّ بَيْعَ الْغَاصِبِ وَتَسْلِيمَهُ قَدْ فَوَّتَ قُدْرَةَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى اسْتِرْدَادِ الْمَغْصُوبِ وَزِيَادَتِهِ فَكَانَ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا وَيَكُونُ ضَامِنًا لِلزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ وَالْمُتَّصِلَةِ أَيْضًا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
وَلَوْ طَلَبَ الْمَالِكُ زَوَائِدَ الْمَغْصُوبِ الْمُتَّصِلَةَ وَحْدَهَا فَقَطْ كَالسَّمْنِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْغَاصِبُ إيَّاهَا وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَسَمْنِ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ لَا يُعَدُّ الْغَاصِبُ مَانِعًا وَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُ ذَلِكَ السَّمْنِ وَحْدَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَتَسْلِيمُهُ إيَّاهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الزَّوَائِدَ الْمَذْكُورَةَ وَحْدَهَا وَطَلَبَهَا مَعَ أَصْلِ الْمَغْصُوبِ فَبِمَا أَنَّ رَدَّهَا مَعَ أَصْلِ الْمَغْصُوبِ مُمْكِنٌ فَلَوْ تَلِفَتْ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يَعْنِي لَوْ هَزَلَ الْحَيَوَانُ الْمَغْصُوبُ الَّذِي سَمِنَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْمَنْعِ لَزِمَ الضَّمَانُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ والْجَوْهَرَةُ) . مَثَلًا إذَا اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ لَبَنَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ أَوْ فَلُوَّهُ الْحَاصِلَيْنِ حَالٍ كَوْنِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ أَوْ ثَمَرَ الْبُسْتَانِ أَوْ الْكَرْمَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي حَصَلَ حَالٍ كَوْنِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ يَضْمَنُهُ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِ اسْتِهْلَاكِ زَوَائِدِ الْمَغْصُوبِ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ فِي هَذَا الْمِثَالِ مُطْلَقًا أَنَّ الزَّوَائِدَ مُسْتَلْزِمَةٌ لِلضَّمَانِ سَوَاءٌ أَحَصَلَ غَيْرُهَا أَمْ لَمْ يَحْصُلْ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةً فَنَمَا صُوفُهَا وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ غَصَبَ رَوْضَةً فَنَبَتَتْ أَغْصَانُ شَجَرِهَا فِي يَدِهِ فَقَصَّ الْغَاصِبُ الصُّوفَ وَقَطَّعَ الْأَغْصَانَ وَاسْتَهْلَكَهَا فَنَمَا الصُّوفُ وَنَبَتَتْ الْأَغْصَانُ مَرَّةً أُخْرَى ضَمِنَ الصُّوفَ الَّذِي قَصَّهُ وَالْأَغْصَانَ الَّتِي قَطَّعَهَا فِي الْأَوَّلِ (الْهِدَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْعِنَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَلَا
شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّاةِ وَالْعَرْصَةِ عَلَى حِدَةٍ. كَذَلِكَ إذَا أَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَقَرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُمَا تَغَلُّبًا وَأَخَذَ لَبَنَهَا مُسْتَقِلًّا وَنَتَجَتْ الْبَقَرُ وَهِيَ فِي يَدِهِ فَلِلشَّرِيكِ الثَّانِي أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الْبَقَرِ وَمَنْ نَتَائِجِهَا كَمَا أَنَّ لَهُ تَضْمِينَ حِصَّتِهِ مِنْ اللَّبَنِ أَيْضًا (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) . وَتَعْبِيرُ الِاسْتِهْلَاكِ فِي الْمِثَالِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّلَفِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَمِنْ دُونِ مَنْعٍ بَعْدَ طَلَبٍ.
فَإِذَا تَلِفَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ. يَعْنِي تَكُونُ الزَّوَائِدُ الْمَذْكُورَةُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْغَصْبَ هُوَ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِصُورَةٍ تُزِيلُ يَدَ الْمَالِكِ وَبِمَا أَنَّ يَدَ الْمَالِكِ لَمْ تَثْبُتْ عَلَى الزَّوَائِدِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ فِي إمْكَانِ الْغَاصِبِ إزَالَتُهَا (الْهِدَايَةُ، الْبَهْجَةُ) . سُؤَالٌ، وَمَعَ أَنَّ مُفَادَ هَذَا الدَّلِيلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَتْ الْفَرَسُ وَقْتَ الْغَصْبِ حَامِلًا، لِأَنَّ يَدَ الْمَالِكِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْحَمْلِ، فَمَا السَّبَبُ فِي عَدِّهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ؟ الْجَوَابُ، لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مَالًا فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ (الْعَيْنِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَزَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مَضْمُونَةٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُتَّصِلَةً أَمْ مُنْفَصِلَةً. لِأَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَ هَذَا الْإِمَامِ عِبَارَةٌ عَنْ إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ. وَالْخِلَافُ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَاشِئٌ عَنْ اخْتِلَافِهِمَا فِي تَعْرِيفِ الْغَصْبِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (881) وَشَرْحَهَا (الْكِفَايَةُ، وَالْهِدَايَةُ) . كَذَا لَوْ أَعَارَ الْحَيَوَانَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ لِأَحَدٍ لِيَرْكَبَهُ فَرَكِبَهُ وَوَضَعَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ حَمْلَهُ قَبْلَ وَقْتِ الْوَضْعِ وَنَقَصَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَلِفَ الْفَلُوُّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَيَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْحَيَوَانِ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ تَضْمِينُ قِيمَةِ الْفَلُوِّ لِشَرِيكِهِ مَا لَمْ يَكُنْ تَلَفُهُ بِتَعَدِّي الشَّرِيكِ أَوْ حَصَلَ امْتِنَاعٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ بِمَدِّ الطَّلَبِ (التَّنْقِيحُ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ اغْتَصَبَ أَحَدٌ خَلِيَّةَ نَحْلٍ مَعَ نَحْلِهَا وَاسْتَرَدَّهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَأْخُذُ أَيْضًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (890) الْعَسَلَ الَّذِي حَصَلَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَيَكُونُ لَهُ الْحَقُّ فِي اسْتِرْدَادِ الْخَلِيَّةِ مَعَ نَحْلِهَا. لِأَنَّ النَّحْلَ وَالْخَلِيَّةَ الْمَذْكُورَيْنِ هُمَا مَالٌ لِمَنْ أَحْرَزَهُمَا وَحَتَّى أَنَّ لَهُ بَيْعَهُمَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ: هُوَ أَنَّ النَّحْلَ وَالْعَسَلَ كِلَاهُمَا مُحْرَزَانِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَمَّا فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ فَلَيْسَ النَّحْلُ مُحْرَزًا وَلَا مَمْلُوكًا بِخِلَافِ الْعَسَلِ فَهُوَ مُحْرَزٌ وَمَمْلُوكٌ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعٌ لِلْمَادَّةِ (890) لَكِنَّ ذِكْرَهَا هُنَا إنَّمَا هُوَ لِلْإِشْعَارِ بِكَوْنِ النَّحْلِ مُحْرَزًا وَمَمْلُوكًا. إذْ إنَّهُ لَوْ وَضَعَ شَخْصٌ خَلِيَّةً فِي مَحِلٍّ لِيَجْتَمِعَ فِيهَا النَّحْلُ فَاجْتَمَعَ فِي الْخَلِيَّةِ نَحْلٌ فَالنَّحْلُ لِصَاحِبِ الْخَلِيَّةِ (الْفَيْضِيَّةُ) . وَقَدْ جُعِلَ لِلْمَغْصُوبِ فِيهَا حَقُّ أَخْذِ الْعَسَلِ الَّذِي يَحْصُلُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْعَسَلَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1306) هُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ النَّحْلِ وَإِنَّ هَذَا الْمِثَالَ هُوَ الْمِثَالُ الْحَقِيقِيُّ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ.