الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَضَمَانَاتِهَا]
عَطْفُ الضَّمَانَاتِ عَلَى الْأَحْكَامِ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
وَلِلْوَدِيعَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ:
1 -
كَوْنُ الْمَالِ أَمَانَةً وَاجِبَةَ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ.
وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (777) .
2 -
لُزُومُ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ. وَهَذَا مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (794) .
3 -
كَوْنُ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ مُسْتَحَبًّا (الْبَحْرُ) . وَلَا ذِكْرَ لِهَذَا الْحُكْمِ فِي الْمَجَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ.
(الْمَادَّةُ 777) الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَقَطْ إذَا أُودِعَتْ بِأُجْرَةٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَهَلَكَتْ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً. مَثَلًا إذَا سَقَطَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ رَجُلٍ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا بِرِجْلِهِ أَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ عَلَيْهَا وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى رَجُلٌ لِآخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ وَحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.
الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ لَازِمَةُ الْحِفْظِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَلْزَمُ مَعْرِفَةُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
الْأَوَّلُ: الْحَافِظُ.
الثَّانِي: عِلَّةُ الْحِفْظِ.
وَالثَّالِثُ: كَيْفِيَّةُ الْحِفْظِ.
فَالْأَوَّلُ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (780) وَالثَّانِي فِي الْمَادَّةِ (781) وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (782) .
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا أَوْ فُقِدَتْ بِدُونِ صُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ كَمَا لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ يَعْنِي أَنَّ خَسَائِرَهَا تَعُودُ عَلَى الْمُودِعِ. اُنْظُرْ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى فِي الْمَادَّةِ (768) ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ الْأَكْرَمَ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ» وَمَعْنَى أَهَلَكْت وَالْإِغْلَالُ الْخِيَانَةُ. ثُمَّ حَيْثُ إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْإِيدَاعِ أُهْلِكَتْ بِنَاءً عَلَى
احْتِيَاجِ النَّاسِ
فَلَوْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَلَزِمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَعْطِيلُ الْمَصَالِحِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَقَعْت الْوَدِيعَةُ مِنِّي أَوْ وَقَعَتْ الْوَدِيعَةُ، فَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ادِّعَاءٌ بِفِقْدَانِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ.
رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (607) .
الْمَسَائِلُ الْعَدِيدَةُ. الْمُتَفَرِّعَةُ عَلَى كَوْنِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً: 1 مَسْأَلَةٌ - إذَا أَعْطَى رَجُلٌ مَالًا لِشَخْصٍ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِهِ الْيَوْمَ لِفُلَانٍ فَقَالَ لَهُ: نَعَمْ، فَلَمْ يُعْطِهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَحَيْثُ إنَّ الشَّخْصَ الْمَرْقُومَ أَيْ الْمُسْتَوْدَعَ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِفُلَانٍ الشَّخْصِ الْآخَرِ بِقَوْلِ (نَعَمْ) وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ وَدِيعَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.
2 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا فُقِدَ الْبَغْلُ الْمُودَعَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَأَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ بَغْلَهُ لِلْمُودِعِ قَائِلًا لَهُ (اسْتَعْمِلْهُ لَبَيْنَمَا أَجِدُ بَغْلَك وَأُعِيدُهُ لَك) وَهَلَكَ هَذَا الْبَغْلُ بِيَدِ الْمُودِعِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ وَجَدَ الْمُسْتَوْدَعُ الْبَغْلَ الْمَفْقُودَ وَأَعَادَهُ فَلَا يَضْمَنُ الْمُودِعُ الْبَغْلَ الْمُسْتَهْلَكَ.
3 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ شَخْصٍ خَمْسِينَ ذَهَبًا قَرْضًا فَأَعْطَاهُ غَلَطًا سِتِّينَ وَعِنْدَ اطِّلَاعِ الْمُسْتَقْرِضِ عَلَى ذَلِكَ أَفْرَزَ الْعَشْرَ ذَهَبَاتٍ وَبَيْنَمَا هُوَ آيِبٌ لِأَجْلِ إعَادَتِهَا وَقَّعَهَا فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهَا بِجِهَةِ أَنَّهَا قَرْضٌ وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ السُّدْسِ الْبَاقِي لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ صِرْفَةٌ. وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
4 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ كُلِّهَا فَكَمَا أَنَّ الْقَوْلَ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) وَإِذَا هَلَكَ قِسْمٌ مِنْهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمِقْدَارِ الْهَالِكِ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَيْضًا. وَلَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ يُعَدُّ هَذَا النُّكُولُ إقْرَارًا بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا. فَبِنَاءً عَلَيْهِ يُجْبَرُ الْمُسْتَوْدَعُ وَيُحْبَسُ إلَى أَنْ يُظْهِرَ الْوَدِيعَةَ أَوْ يُثْبِتَ هَلَاكَهَا وَإِذَا أَقَامَ الطَّرَفَانِ الْبَيِّنَةَ يَعْنِي أَنَّ الْمُودِعَ أَقَامَ بَيِّنَتَهُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ وَالْمُسْتَوْدَعَ عَلَى هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَوْدَعِ.
5 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ إذَا اسْتَهْلَكَهَا شَخْصٌ آخَرُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ أَيْضًا بَلْ الضَّمَانُ يَلْزَمُ الشَّخْصَ الْمَرْقُومَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (912) .
6 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا اخْتَلَفَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمُودَعُ: اسْتَهْلَكْت الْوَدِيعَةَ بِدُونِ إذْنِي، وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَنْتَ اسْتَهْلَكْتهَا أَوْ اسْتَهْلَكَهَا فُلَانٌ بِأَمْرِك فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَوْدَعِ.
7 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ دَرَاهِمَ مِنْ شَخْصٍ لِأَجْلِ كَرْيِ النَّهْرِ يَعْنِي بِسَبَبِ مَشْرُوعٍ كَالْأَسْبَابِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (1321) وَأَوْدَعَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ عِنْدَ شَخْصٍ وَفُقِدَتْ بِيَدِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَوْدَعَهَا بِذَاتِهِ أَوْ بِاسْمِ كَرْيِ النَّهْرِ تَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْعُمُومِ.
وَإِنْ كَانَ أَوْدَعَهَا بِاسْمِ ذَلِكَ الشَّخْصِ تَعُودُ خَسَارَتُهَا عَلَيْهِ خَاصَّةً (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1460) .
8 -
مَسْأَلَةٌ - إذَا كَانَ شَخْصٌ مَدِينًا لِشَخْصٍ آخَرَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فَأَعْطَاهُ أَوَّلًا أَلْفَ قِرْشٍ ثُمَّ أَلْفَ قِرْشٍ ثَانِيَةً أَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْ قِرْشٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَقَالَ لَهُ: امْسِكْ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِك وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ بِقَوْلِهِ هَذِهِ الْأَلْفُ قِرْشٍ مَثَلًا ثُمَّ هَلَكَتْ الْأَلْفَا قِرْشٍ - عِنْدَ الدَّائِنِ فَتَكُونُ هَلَكَتْ أَمَانَةً.
وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ بِقَوْلِهِ: إنَّ مُدَّةَ الْأَلْفِ قِرْشٍ لِأَجْلِ دَيْنِك فَحَسِبَ أَنَّهُ أَخَذَ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ وَتَكُونُ الْأَلْفُ قِرْشٍ الْأُخْرَى هَلَكَتْ أَمَانَةً.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَفَادُ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ مِنْ ذِكْرِ عَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ - وَإِنْ شَرَطَ ضَمَانَ الْوَدِيعَةِ بِصُورَةِ هَلَاكِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 83) .
الْحُكْمُ الثَّانِي - إذَا فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ وَحْدَهَا يَعْنِي بِدُونِ أَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا وَقِيلَ مَثَلًا: لَوْ سُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ لَسُرِقَ مَالُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَهَا فَمَا دَامَ أَنَّ مَالَ الْمُسْتَوْدَعِ لَمْ يُسْرَقْ فَالْوَدِيعَةُ أَيْضًا لَمْ تُسْرَقْ فَلَا يُتَّهَمُ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَا يُحْكَمُ بِالضَّمَانِ بِأَقَاوِيلَ كَهَذِهِ.
الْحُكْمُ الثَّالِثُ - سَوَاءٌ أَهَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ أَوْ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
(اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 608) . (الْبَحْرُ) .
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ فُقِدَتْ وَلَا أَعْلَمُ كَيْفَ فُقِدَتْ، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَمِينٌ. غَيْرَ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: وَضَعْت الْوَدِيعَةَ بِجَانِبِي ثُمَّ نَسِيت وَقُمْت فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ عَلَى التَّقْصِيرِ بِالْمُحَافَظَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
إلَّا أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ مَالًا بِالْأُجْرَةِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ فَفِي صُورَةِ هَلَاكِهِ أَوْ فِقْدَانِهِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ كَالسَّرِقَةِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَلَكِنْ إذَا هَلَكَتْ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُودِعُ - وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَالَ غَيْرِهِ - أُجْرَةً مُقَابِلَ حِفْظِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُسْتَوْدَعِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَ عَلَى الْمُودِعِ إعْطَاءُ تِلْكَ الْأُجْرَةِ وَتَكُونُ مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْآدَمِيِّ.
حَتَّى أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَوْدَعَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَاشْتَرَطَ أُجْرَةً مُقَابِلَ الْحِفْظِ صَحَّ ذَلِكَ وَلَزِمَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ: سُؤَالٌ - ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَأْجَرُ فِيهِ بِيَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَذُكِرَ أَيْضًا أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الضَّمَانِ بِفِقْرَةِ (إذَا حَبَسَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَهَلَكَ الْمَالُ بِيَدِهِ) فِي الْمَادَّةِ (482) هُوَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامَانِ: إنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْفِقْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ فِي الْمَجَلَّةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ قَوْلُهُ: يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَمُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ يَعْنِي يُظَنُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ السَّالِفَ الْبَيَانِ جَارٍ فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجِيرِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ جَرَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي هَذَا أَيْضًا فِي الزَّيْلَعِيّ وَالْهِدَايَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. يَعْنِي ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (607) يَجْرِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ إيدَاعِ مَالٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ وَهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَدَمِ ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ الْمَذْكُورَةَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَكُونُ قَبْلَ مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ اُخْتِيرَ
مَذْهَبَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ.
الْجَوَابُ - أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمُتَعَلِّقَ بِالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ جَارِيًا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْمُسْتَوْدَعُ بِالْأُجْرَةِ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَهْلِكُ بِشَيْءٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمُسْتَوْدَعِ بِالْأَجْرِ هُوَ هَذَا.
وَعِنْدَ الْإِمَامَيْنِ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْعَمَلُ وَحِفْظُ الْمُسْتَأْجَرِ فِيهِ وَاجِبٌ تَبَعًا. وَمَا فِي الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ فَالْحِفْظُ مَقْصُودٌ وَوَاجِبٌ مُقَابِلَ بَدَلٍ. وَلِذَلِكَ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِالْأُجْرَةِ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا بِالِاتِّفَاقِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ رَجُلٌ حَمَّامًا وَتَرَكَ ثِيَابَهُ عِنْدَ النَّاطُورِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ أُجْرَةً لِأَجْلِ الْمُحَافَظَةِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْوَاقِعِ وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الَّذِي دَخَلَ الْحَمَّامَ سَيُعْطِي أُجْرَةً لِصَاحِبِهِ فَهَذِهِ الْأُجْرَةُ فِي مُقَابَلَةِ انْتِفَاعِهِ بِالْحَمَّامِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ مُحَافَظَةِ الثِّيَابِ.
أَمْثِلَةٌ عَلَى عَدَمِ مَضْمُونِيَّةِ الْوَدِيعَةِ:
الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ الْمُودَعَةُ مِنْ يَدِ شَخْصٍ قَضَاءً يَعْنِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَانْكَسَرَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
الْمِثَالُ الثَّانِي: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَقَفَلَ الْمَحِلَّ الْمَذْكُورَ وَأَعْطَى الْمِفْتَاحَ إلَى شَخْصٍ وَبَعْدَ أَنْ ذَهَبَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ لَمْ يَجِدْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ حُضُورِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
يَعْنِي أَنَّ إعْطَاءَ مِفْتَاحِ الْمَحِلِّ الَّذِي حُفِظَتْ الْوَدِيعَةُ فِيهِ إلَى الْغَيْرِ لَا يُعَدُّ تَعَدِّيًا أَوْ تَقْصِيرًا.
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي صُنْدُوقٍ ثُمَّ وَضَعَ عَلَى الصُّنْدُوقِ إنَاءَ مَاءٍ فَتَقَاطَرَ وَأَفْسَدَ الْوَدِيعَةَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِصُنْعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ لَزِمَ الضَّمَانُ. كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (787) . مَثَلًا لَوْ وَطِئَ الْمُسْتَوْدَعُ السَّاعَةَ بِقَدَمِهِ أَوْ وَقَعَ عَلَى السَّاعَةِ شَيْءٌ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حَصَلَ التَّعَدِّي. وَيُسْتَفَادُ مِنْ تَعْبِيرِ وَطِئَ يَعْنِي مِنْ إسْنَادِ فِعْلِ التَّعَدِّي إلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ إيقَاعِ الْمُسْتَوْدَعِ التَّعَدِّيَ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ غَيْرُ الْمُسْتَوْدَعِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتَعَدِّي فَقَطْ وَصُرِّحَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (778) .
وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ - أَنَّ فِقْرَةَ (وَأَمَّا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ. .. إلَخْ) مُحْتَرَزٌ عَنْهَا بِقَيْدِ (بِدُونِ صُنْعِهِ وَتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ) وَمَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْمُحْتَرَزِ عَنْهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (787) .
1 -
سُؤَالٌ - مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَالْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَقَعَتْ السَّاعَةُ قَضَاءً وَانْكَسَرَتْ وَأَمَّا إذَا وَطِئَهَا الْمُسْتَوْدَعُ بِقَدَمِهِ يَلْزَمُهُ فَمَا هُوَ الْفَرْقُ فِي اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَوْدَعُ مَأْذُونٌ بِإِمْسَاكِ السَّاعَةِ وَحِفْظِهَا يَعْنِي أَنَّ الْإِمْسَاكَ حِفْظٌ أَيْضًا وَحَيْثُ إنَّ هَلَاكَ
الْوَدِيعَةِ يَنْتِجُ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ أَيْ عَنْ الْإِمْسَاكِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (91) .
وَأَمَّا الْهَلَاكُ الْمُنْدَرِجُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ فَلَمْ يَنْشَأْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مَأْذُونٌ بِهِ بَلْ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا بِهِ.
2 -
سُؤَالٌ: بَيْنَمَا كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا إذَا وَطِئَ السَّاعَةَ فَلِمَاذَا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا وَطِئَ الْعَارِيَّةُ يَعْنِي كَمَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّمَانُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (813) فِيمَا لَوْ سَقَطَتْ الْمِرْآةُ الْمُسْتَعَارَةُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَعِيرِ قَضَاءً أَوْ زَلَّتْ رِجْلُهُ وَاصْطَدَمَ بِالْمِرْآةِ فَانْكَسَرَتْ.
وَفِيمَا لَوْ سُكِبَ شَيْءٌ عَلَى الْبِسَاطِ وَتَلَوَّثَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْوَدِيعَةِ.
يَعْنِي أَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي الْوَدِيعَةِ وَلَا يُوجِبُهُ فِي الْعَارِيَّةُ فَمَا هَذَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ: الْمُسْتَعِيرُ مَأْذُونٌ بِهَذَا الْعَمَلِ فِي الْعَارِيَّةُ يَعْنِي حَالَ كَوْنِ الْمُسْتَعِيرِ مَأْذُونًا بِفَرْشِ الْبِسَاطِ وَالْمَشْيِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْعَارِيَّةُ مَثَلًا أَمَّا الْمُسْتَوْدَعُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا بِدَوْسِ الْوَدِيعَةِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِمَا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُسْتَلْزِمَ الْهَلَاكَ مَأْذُونٌ فِيهِ فِي الْعَارِيَّةُ فَلَيْسَ مَأْذُونًا فِيهِ فِي الْوَدِيعَةِ (الْأَشْبَاهُ وَشَرْحُهَا وَتَنْوِيرُ الْأَذْهَانِ) . كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ آخَرَ أُجْرَةً لِأَجْلِ إيدَاعِ مَالِهِ وَحِفْظِهِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَقَاوَلَ مَعَهُ عَلَى الْأُجْرَةِ ثُمَّ فُقِدَ ذَلِكَ الْمَالُ بِسَبَبٍ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالسَّرِقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ نَظِيرُ فِقْرَةِ (غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَوْدَعَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِأُجْرَةٍ) .
وَذَكَرَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبٍ غَيْرِ مُمْكِنِ التَّحَرُّزِ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ.
وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بِلَا تَعَدٍّ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ هَذَا الْحُكْمُ (أَيْ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ أَمَانَةً بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ) إنَّمَا يَجْرِي فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَكُونُ الْوَدِيعَةُ مَالَ الْمُودِعِ وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالُ الْغَيْرِ فَكُلٌّ مِنْ الْمُودِعِ وَالْمُسْتَوْدَعِ يَكُونُ مَسْئُولًا. مَثَلًا لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ فَهَلَكَ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْغَاصِبِ وَلَيْسَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ بِصِفَتِهِ مَالِكًا بِالضَّمَانِ وَقْتَ الْغَصْبِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ أَوْدَعَ مَالَهُ وَتَكُونُ الْوَدِيعَةُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (777) أَمَانَةً بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ، مَا لَمْ تَهْلِكْ بِشَيْءٍ أَوْقَعَهُ الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا كَالتَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرِ.
وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَرْجِعُ الْغَاصِبُ أَيْضًا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.
وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ يَرْجِعُ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى الْمُودِعِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ. (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 658) . وَعَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِجَوَازِ رُجُوعِهِ، وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ بِعَدَمِ جَوَازِهِ.
وَيُبْنَى حَقُّ تَضْمِينِهِ الْغَاصِبَ عَلَى الْمَادَّةِ (891) وَتَضْمِينِهِ الْمُسْتَوْدَعَ يَنْجُمُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِهِ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ رِضَا مَالِكِهِ أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.