الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذْ وُهِبَتْ الْوَدِيعَةُ لِذِي الْيَدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا يَعْنِي لِلْمُسْتَوْدَعِ وَظَهَرَ بَعْدَ تَلَفِهَا فِي يَدِهِ مُسْتَحِقٌّ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُخَيَّرًا.
إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْوَاهِبِ وَإِنْ شَاءَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَوْهُوبَ لَهُ يُنْظَرُ فِيمَا إذَا جَدَّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ بَعْد الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ تَضْمِينِ الْمُسْتَحِقِّ الْوَاهِبَ الْمُودِعَ فَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 861) أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ قَبْضَهُ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَاهِبِ بِمَا ضَمَّنَهُ وَالْفَرْقُ هُوَ إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْقَبْضَ لَا يُنْتَقَضُ عَقْدُ الْوَدِيعَةِ بِالْهِبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَرُورًا فِي عَقْدٍ عَائِدٍ نَفْعُهُ لِلدَّافِعِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) الذَّخِيرَةُ فَصْلٌ " 13 "، فَعَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ بِمَالِ وَهَبَهُ الْأَبُ لِطِفْلِهِ الصَّغِيرِ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فَضَمَّنَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَبَ فَلَيْسَ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَّا إذَا ضَمَّنَ الصَّغِيرَ الْمَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ يُنْظَرُ فَإِذَا جَدَّدَ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْبُلُوغِ الْقَبْضَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ "" اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 658 ".
[
(الْمَادَّةُ 847) وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ]
(الْمَادَّةُ 847) - (إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِلْمَدْيُونِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمَدْيُونُ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ) .
لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَكِنْ يُرَدُّ بِرَدِّهِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الدَّيْنِ هُمَا مِنْ وَجْهٍ تَمْلِيكٌ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ إسْقَاطٌ. فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إسْقَاطٌ يَصِحُّ بِلَا قَبُولٍ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَمْلِيكٌ فَيُرَدُّ بِرَدِّهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . كَمَا تُرَدُّ التَّمْلِيكَاتُ الَّتِي كَالْبَيْعِ بَعْدَ الْإِيجَابِ بِرَدِّ الطَّرَفِ الْآخَرِ إيَّاهَا وَعَلَيْهِ فَقَدْ صَارَتْ هِبَةُ الدَّيْنِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْهُ تَمْلِيكًا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ أَيْ مَالًا وَبِاعْتِبَارِ الْآتِي حَتَّى تَجِبَ الزَّكَاةُ فِيهِ كَمَا يَصِحُّ اشْتِرَاءُ الدَّائِنِ مَتَاعًا مِنْ الْمَدْيُونِ فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ أَمَّا الْبَيْعُ فَهُوَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ. وَقَدْ صَارَ مِنْ وَجْهٍ إسْقَاطًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ وَصْفٌ شَرْعِيٌّ حَتَّى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَحَلَفَ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَنْ لَا مَالَ لَهُ لَا يَحْنَثُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ مَالًا مِنْ عَمْرٍو بِمَا لَهُ عَلَى زَيْدٍ مِنْ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ يُرَدُّ التَّمْلِيكُ بِالرَّدِّ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ مَالًا أَمَّا بِاعْتِبَارِهِ وَصْفًا فَيَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَ يَتِمُّ بِوُجُودِ الْمُسْقِطِ وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ (الزَّيْلَعِيّ فِي الْإِجَارَةِ مَعَ الْإِيضَاحِ) .
بَعْضُ مَسَائِلَ مُتَفَرِّعَةٍ عَنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ: - الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَهَبَ أَحَدٌ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ أَوْ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ أَوْ أَبَاحَهُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَرُدَّ الْآخَرُ الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ أَوْ الْإِبَاحَةَ تَصِحُّ الْهِبَةُ أَوْ الْإِبْرَاءُ أَوْ الْإِبَاحَةُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الدَّيْنُ فِي الْحَالِ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبُولِ الْمَدْيُونِ وَتَكُونُ الْهِبَةُ بِمَعْنَى الْإِبْرَاءِ مَجَازًا وَبِمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الْهِبَةِ الْقَبُولُ دُونَ الْإِبْرَاءِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (837) فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ عَنْ الْإِبْرَاءِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِمَدْيُونِهِ: تَرَكْت لَك دَيْنِي، أَوْ قَالَ " حَقّ خويش بتوماندم أَوْ ترابحل كردم " فَيَكُونُ قَدْ أَبْرَأَهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ دَيْنَهُ الْمَذْكُورَ مِنْهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ (همه غر بِمَا نرامجل كردم) بَرِئَ
مَدْيُونُو ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْهِنْدِيَّةُ وَوَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَبَاحَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ الدَّيْنَ عِنْدَمَا بَلَغَتْهُ وَفَاةٌ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَثَبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَدْيُونَ حَيٌّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ دَيْنِهِ بَعْدُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (51)(الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الدَّائِنِينَ حِصَّتَهُ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِلْمَدْيُونِ صَحَّتْ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَوَهَبَ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلْمَدْيُونِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي حِصَّتِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ إذَا كَانَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ أَرْبَعُمِائَةِ قِرْشٍ مُنَاصَفَةً وَوَهَبَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ يَعْنِي لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك بَرِئَ زَيْدٌ مِنْ مِائَتَيْ قِرْشٍ وَإِذَا قَالَ: وَهَبْتُك نِصْفَهُ، نَفَذَ فِي رُبْعِهِ وَبَقِيَ فِي الرُّبْعِ الثَّانِي مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ الشَّرِيكِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858)(الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) . كَمَا فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ (الْخَانِيَّةُ قُبَيْلَ " فَصْلٌ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ ") .
وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ صَاحِبَيْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً نِصْفَ ذَلِكَ الْمَالِ يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى حِصَّتِهِ لَكِنْ لَوْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ نِصْفَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَأَجَازَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَفَذَ فِي رُبْعِ الْمَالِ فَقَطْ (الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ) وَقَدْ مَرَّ فِي هَذَا الشَّأْنِ بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي الْبُيُوعِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا لَمْ يُرَدَّ، أَنَّهُ لَا حَاجَةَ أَنْ يَقُولَ الْمَدْيُونُ: قَبِلْت الْهِبَةَ أَوْ الْإِبْرَاءَ لِتَمَامِهِمَا، حَتَّى أَنَّهُ تُوُفِّيَ الْمَدْيُونُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَزِمَتْ الْهِبَةُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ، الْهِنْدِيَّةُ) .
فَائِدَةٌ: إذَا كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ دَيْنِ الدَّائِنِ قِسْمًا مِنْ هَذَا الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ وَانْصَرَفَتْ الْهِبَةُ إلَى الْمُعَجَّلِ وَالْمُؤَجَّلِ مُنَاصَفَةً؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِصَرْفِهِ إلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِلدَّائِنِ عَلَى مَدْيُونِهِ أَلْفُ قِرْشٍ مُعَجَّلَةٌ وَأَلْفٌ أُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ، وَقَالَ الدَّائِنُ لِلْمَدْيُونِ بِدُونِ تَعْيِينٍ: وَهَبْتُك خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَتَسْقُطُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُعَجَّلِ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ) .
إيضَاحُ قُيُودِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى:
1 -
مَدْيُونُهُ، هَذَا التَّعْبِيرُ بِاعْتِبَارٍ احْتِرَازِيٌّ فَخَرَجَتْ الْهِبَةُ بِغَيْرِ الْمَدْيُونِ وَسَيُبَيَّنُ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَبِاعْتِبَارٍ آخَرَ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَلَوْ وَهَبَ دَائِنُ الْمُتَوَفَّى دَيْنَهُ لِوَرَثَتِهِ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَوْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ وَإِذَا رَدَّ الْوَارِثُ هَذِهِ الْهِبَةَ رُدَّتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا تُرَدُّ بِرَدِّ الْوَارِثِ (التَّتَارْ خَانَيِّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) الْمَدْيُونُ يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ هَذَا التَّعْبِيرِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْمَدِينِ صَحِيحَةٌ وَلَوْ كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى الْمُتَوَفَّى لَهُ كَانَتْ صَحِيحَةً وَإِذَا رُدَّ لِوَارِثِ هَذِهِ الْهِبَةِ يَجْرِي الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ آنِفًا، كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الدَّائِنُ دَيْنَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً أَيْضًا وَتَكُونُ كَالْهِبَةِ لِلْمُتَوَفَّى بِنَاءً عَلَيْهِ يَسْتَفِيدُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مِنْهُ وَيُرَدُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بِرَدِّهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ:
أَوَّلُهَا لِلدَّائِنِ، أَنْ يَهَبَ دَيْنَهُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ.
ثَانِيهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِمَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى.
ثَالِثُهَا لِلدَّائِنِ أَنْ يَهَبَهُ لِبَعْضِ وَرَثَةِ مَدْيُونِهِ الْمُتَوَفَّى أَوْ لِكُلِّهِمْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
2 -
الْهِبَةُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ كَوْنِ الْهِبَةِ صَحِيحَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ لَيْسَ شَرْطًا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَلَّا يَكُونَ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَبْرَأَ الدَّائِنُ مَدْيُونَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِ مِنْهُ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ كَانَ صَحِيحًا فَلَوْ قَالَ الدَّائِنُ بَعْدَمَا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ مَدْيُونِهِ (وامي كه مرا بوده است بتوبخشيدم) كَانَ صَحِيحًا. وَيَسْتَرِدُّ الْمَدْيُونُ مَا أَعْطَاهُ لِدَائِنِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدٌ ذَلِكَ الدَّيْنَ لِلدَّائِنِ تَبَرُّعًا وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْكَلَامَ الْمَذْكُورَ كَانَ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا أَيْضًا وَيَسْتَرِدُّ الْمُتَبَرِّعُ مَا أَعْطَاهُ لِلدَّائِنِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ) .
3 -
الْإِبْرَاءُ، يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِهِ مُطْلَقًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي يَبْرَأُ مِنْهُ مَعْلُومًا. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اجْعَلْنِي فِي حِلٍّ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لَك عَلَيَّ وَأَحَلَّهُ الْآخَرُ) فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَالِمًا بِمَا لَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ بَرِئَ حُكْمًا وَدِيَانَةً. أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَيَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمًا وَدِيَانَةً أَيْضًا وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ السَّاقِطِ لَيْسَ مَانِعًا لِصِحَّةِ الْإِسْقَاطِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَيَبْرَأُ حُكْمًا وَلَا يَبْرَأُ دِيَانَةً (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
لَكِنْ إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ فَيَلْزَمُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ. وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْإِبْرَاءُ صَحِيحًا وَالدَّيْنُ سَاقِطًا.
وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِزَوْجَتِهِ: لَا أَهَبُك هَذَا الْمَالَ حَتَّى تُبْرِئِينِي مِنْ مَهْرِكِ فَأَبْرَأَتْهُ الزَّوْجَةُ فَامْتَنَعَ عَنْ أَنْ يَهَبَهَا الْمَالَ الْمَذْكُورَ بَقِيَ مَهْرُ الزَّوْجَةِ كَمَا كَانَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (855)" الْبَزَّازِيَّةُ ".
كَذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (834) عَدَمُ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ أَيْضًا بِطَرِيقِ الرِّشْوَةِ.
بَعْضُ مَسَائِلَ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ يُسْتَثْنَى مِنْ ضَابِطِ: لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ وَإِبْرَائِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: (1) الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ الصَّرْفِ.
(2)
الْإِبْرَاءُ مِنْ بَدَلِ السَّلَمِ.
وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَدَلَ صَرْفٍ أَوْ بَدَلَ سَلَمٍ فَبِمَا أَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ هَذَا الدَّيْنِ مُوجِبٌ لِانْفِسَاخِ عَقْدِ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَحْدَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ اللَّازِمِ فَيَلْزَمُ الْقَبُولُ فِي هِبَتِهِ وَإِبْرَائِهِ. وَلَا يَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِدُونِ الْقَبُولِ.
وَتُوُفِّيَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ الْوَارِثَ يَكُونُ مُنْكِرًا لُزُومَ الْهِبَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حَسَبَ الْمَادَّةِ (76) سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَيْنُ الْمَوْهُوبَةُ فِي يَدِ الْوَارِثِ أَمْ كَانَتْ فِي يَدِ مُدَّعِي الْهِبَةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْمِنَحُ) .
قَوْلُهُ: وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الْوَارِثِ، هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَك وَالِدِي هَذَا الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْته فِي حَيَاتِهِ وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ قَدْ عُلِمَ السَّاعَةَ وَالْمِيرَاثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْقَبْضَ (الطَّحْطَاوِيُّ) .