الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنَّمَا لَمَّا كَانَ رِضَا وَقَبُولُ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ لَازِمَيْنِ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يُسْتَفَادُ أَنَّ الْحَوَالَةَ بِإِكْرَاهِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا مَعًا لَا تَكُونُ صَحِيحَةً، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1006) ، وَحَيْثُ إنَّ الْمَسْأَلَةَ ذُكِرَتْ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ ثُمَّ أُوضِحَتْ بِالْأَمْثِلَةِ فَلَوْ كُتِبَ عُنْوَانُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى (الْوَجْهُ الْمَشْرُوحُ) حَتَّى لَجَاءَ ذَلِكَ أَنْسَبَ لِلسِّيَاقِ وَمُوَافِقًا لِلْمُعْتَادِ وَأَوْضَحَ لِإِفَادَةِ الْمَرَامِ.
[
(الْمَادَّةُ 681) يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ]
(الْمَادَّةُ 681) يَجُوزُ عَقْدُ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ فَقَطْ، مَثَلًا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ دَيْنِي الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا عِنْدَ فُلَانٍ، وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ " قَبِلْتُ "، أَوْ قَالَ لَهُ: أَقْبَلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَكَ عِنْدَ فُلَانٍ بِكَذَا قِرْشًا حَوَالَةً عَلَيَّ، وَقَبِلَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ تَكُونُ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً حَتَّى لَوْ نَدِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُجْدِيهِ نَدَامَتُهُ نَفْعًا، وَهَذِهِ الْحَوَالَةُ تَكُونُ نَافِذَةً، وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْمُحِيلِ الْحَوَالَةَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ عَلَى انْضِمَامِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّهُ وَإِنْ يَكُنْ فِي الْوَاقِعِ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّ أَرْبَابَ الْحَيْثِيَّةِ وَالْمُرُوءَةِ لَا يَرْضَوْنَ بِأَنْ يَتَحَمَّلَ الْغَيْرُ دُيُونَهُمْ إلَّا أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَجَلَّةَ لَمْ تَقْبَلْ هَذِهِ النَّظَرِيَّةَ، مَثَلًا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ: خُذْ عَلَيْكَ حَوَالَةَ دَيْنِي الَّذِي عِنْدَ فُلَانٍ الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا وَقَبِلَ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ مِنْ جَانِبِ الْمُحَالِ لَهُ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ إذَا قَالَ شَخْصٌ، لِآخَرَ أَقْبَلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ الْبَالِغِ كَذَا قِرْشًا حَوَالَةً عَلَيَّ وَقَبِلَ الْآخَرُ يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْإِيجَابُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْقَبُولُ مِنْ الْمُحَالِ لَهُ فَالْحَوَالَةُ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ وَإِذَا نَدِمَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَنَدَامَتُهُ لَا تُفِيدُهُ وَلَا تُخِلُّ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَنْعَقِدُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنْ جِهَةٍ وَبِصِيغَةِ الْمَاضِي مِنْ جِهَةٍ الْمُتَوَفَّى، وَتَفْتَرِقُ الْحَوَالَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ وَأَمْرَهُ لَيْسَا بِشَرْطٍ فِي انْعِقَادِ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ خَلَلٌ مَا حَقُّ الْمُحِيلِ فِي حَوَالَةٍ كَهَذِهِ، بَلْ إنَّهُ بِالْعَكْسِ يَسْتَفِيدُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ لِلْمُحَالِ لَهُ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ بِدُونِ أَمْرِ وَرِضَا الْمُحِيلِ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْرِيَ خَصْمَ حِسَابِهِ مِنْهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ)، بِنَاءً عَلَى مَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ 698. وَنَظِيرُ هَذِهِ (الْكَفَالَةُ) لِأَنَّ الْكَفَالَةَ بِدُونِ رِضَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ صَحِيحَةٌ. وَاشْتِرَاطُ رِضَا الْمُحِيلِ هُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ قَالُوا: لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ إيفَاءَ مَا عَلَيْهِ
مِنْ أَيْ جِهَةٍ شَاءَ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْجِهَاتِ قَهْرًا (الْفَتْحُ) وَقَدْ ذَهَبَ الْأَئِمَّةُ الْمُشَارُ إلَيْهِمْ إلَى أَنَّ رِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ لِأَنَّ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَفِيَ دَيْنَهُ بِالصُّورَةِ الَّتِي يَشَاؤُهَا يَعْنِي إنْ شَاءَ أَدَّاهُ بِذَاتِهِ وَإِنْ شَاءَ بِوَاسِطَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، وَإِنَّ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ وَبِلُزُومِ هَذِهِ الْحَوَالَةِ بِدُونِ رِضَا الْمُحِيلِ تَكُونُ الصَّلَاحِيَّةُ الثَّابِتَةُ لَهُ قَدْ ضَاقَتْ (الْفَتْحُ وَالْبَاجُورِيُّ) . اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنْ إذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَعُقِدَتْ الْحَوَالَةُ بَيْنَ الْمُحَالِ لَهُ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مُقَيَّدَةً عَلَى أَنْ تُعْطَى مِنْ الْمَطْلُوبِ الْمَذْكُورِ، فَرِضَا الْمُحِيلِ فِي هَذِهِ أَيْضًا شَرْطٌ لِأَنَّ الْمُحِيلَ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي عُقِدَتْ بِهَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ إنَّهُ سَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ فَرِضَاهُ لَازِمٌ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ)، فَلْنَذْكُرْ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: إذَا قَالَ رَجُلٌ لِشَخْصٍ: إنَّ فُلَانًا أَحَالَنِي عَلَيْك بِأَلْفِ قِرْشٍ فَأَعْطِنِي إيَّاهَا وَإِذَا أَنْكَرَ أَنَّهُ أَحَالَ خُذْ الْمَبْلَغَ مِنِّي، وَأَقَرَّ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلرَّجُلِ الْمَرْقُومِ بِأَلْفِ قِرْشٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا عَلَى وَجْهِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ صَادَقَ فُلَانٌ الْمَارُّ الذِّكْرُ عَلَى الْحَوَالَةِ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الرَّجُلِ الْمَرْقُومِ، كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ أَوْ فُقِدَ وَلَمْ يَعُدْ مُمْكِنًا مَعْرِفَةُ مَا إذَا كَانَ يُصَادِقُ عَلَى الْحَوَالَةِ أَمْ لَا فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَارِّ الذِّكْرُ اسْتِرْدَادُ الْمَبْلَغِ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَلَكِنْ إذَا أَنْكَرَ فُلَانٌ الْحَوَالَةَ فَحَيْثُ إنَّهُ لَا يَكُونُ لِإِقْرَارِ الشَّخْصِ الْمَرْقُومِ وَتَصْدِيقِهِ بِحَقِّهِ حُكْمٌ مَا يَسْتَرِدُّ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ مِنْ الرَّجُلِ الْآنِفِ الذِّكْرِ مَا كَانَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ (التَّنْقِيحُ قُبَيْلَ كِتَابِ الْقَضَاءِ) .
تَفْصِيلُ الِاخْتِلَافِ: اُخْتُلِفَ فِي شَرْطِ رِضَا الْمُحِيلِ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ - رِوَايَةُ الْإِمَامِ الْقُدُورِيُّ، وَنَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ: وَاخْتُلِفَ
فِي مَعْنَى هَذَا الشَّرْطِ أَيْضًا، فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ هَذَا الشَّرْطُ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ ذَوِي الْمُرُوءَةِ وَأَصْحَابَ النَّامُوسِ مِنْ النَّاسِ يَأْنَفُونَ أَنْ يُتَحَمَّلَ دَيْنُهُمْ مِنْ جَانِبِ الْغَيْرِ فَرِضَا الْمُحِيلِ شَرْطٌ، وَعِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِأَجْلِ إمْكَانِ رُجُوعِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُحِيلَ، وَلَيْسَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْحَوَالَةِ، يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ، وَبِرِضَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ.
" وَإِنْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ صَحِيحَةً "، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ (691 وَ 698) . وَبَعْضُ عُلَمَاء أُخَرَ قَالُوا: هَذَا الشَّرْطُ يَكُونُ فِي الْحَوَالَةِ الْوَاقِعَةِ بِشَرْطِ أَنْ تُؤَدَّى مِنْ الْمَطْلُوبِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ: وَحَيْثُ إنَّ مُطَالَبَةَ الْمُحِيلِ بِمَطْلُوبِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ سَتَنْقَطِعُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (692) فَرِضَاهُ شَرْطٌ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَى هَذَا الشَّكْلِ فَقَطْ.
الْقَوْلُ الثَّانِي، رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ (رِضَا الْمُحِيلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ) لِأَنَّ الْتِزَامَ الْمُحَالِ