الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ أَدْرَكَ مُنْتَهَى سِنِّ الْبُلُوغِ، أَيْ مَنْ أَتَمَّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ آثَارُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا حُكْمًا، يَعْنِي إذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ أَوْ الْبِنْتُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِكَوْنِهِمَا بَالِغَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمَا أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْبُلُوغِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ عَلَامَةِ الْبُلُوغِ فِي هَذِهِ السِّنِّ هُوَ الْغَالِبُ الشَّائِعُ، وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ مَنْ تَظْهَرُ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ يُعَدُّ بَالِغًا بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (985) كَذَلِكَ يُعَدُّ بَالِغًا مَنْ أَدْرَكَ مُنْتَهَى سِنِّ الْبُلُوغِ وَلَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْغَالِبَةَ إحْدَى الْحُجَجِ الشَّرْعِيَّةِ، وَيُسْتَعَادُ حُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، وَهَذِهِ الْمَادَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامَيْنِ، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَإِنَّهُ إذَا أَكْمَلَ الْغُلَامُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَالْبِنْتُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهَا يُعَدَّانِ بَالِغَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِمَا آثَارُ الْبُلُوغِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرَرُ) .
[
(مَادَّةُ 988) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ]
(مَادَّةُ 988) - (الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ) الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يُدْرِكْ مَبْدَأَ سِنِّ الْبُلُوغِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (986) إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ قَالَ غُلَامٌ لَمْ يُكْمِلْ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ إنَّهُ بَالِغٌ، فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ بِنْتٍ لَمْ تُتِمَّ التَّاسِعَةَ بِأَنَّهَا بَالِغَةٌ، كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْخَامِسَةِ مِنْ عُمُرِهَا، وَلَوْ جَاءَهَا الدَّمُ لَا يُعْتَبَرُ حَيْضًا (الطَّحْطَاوِيُّ) ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ يُكَذِّبُهَا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَاتُهُمَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقِسْمَةِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْعِنَايَةُ) .
وَتُطْلَقُ الدَّعْوَى، كَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، عَلَى طَلَبِ الْحَقِّ لَدَى الْحَاكِمِ. لَكِنَّ الدَّعْوَى فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَمْ تَكُنْ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَعَلَيْهِ فَلَوْ بَيَّنَ بُلُوغَهُ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَلَا حُكْمَ لَهُ، وَيَبْقَى مَحْجُورًا كَالْأَوَّلِ.
[
(مَادَّةُ 989) أَقَرَّ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بِبُلُوغِهِ]
(مَادَّةُ 989) - (إذَا أَقَرَّ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ بِبُلُوغِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إقْرَارُهُ إنْ كَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لَهُ بِأَنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ لَا تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، أَمَّا إذَا كَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ غَيْرُ مُكَذِّبٍ لَهُ بِأَنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ مُتَحَمِّلَةً الْبُلُوغَ فَيُصَدَّقُ وَتَكُونُ عُقُودُهُ وَإِقْرَارَتُهُ نَافِذَةً مُعْتَبَرَةً وَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ أَنْ يَفْسَخَ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةِ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ حِينَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ) .
وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَرَدَتْ فِي التَّنْوِيرِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا قَيْدَ (فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ) وَإِنَّمَا الْعِبَارَةُ الْوَارِدَةُ فِي التَّنْوِيرِ هِيَ (إذَا قَالَ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمُرَاهِقَةُ: إنَّنِي بَلَغْتُ وَكَانَتْ جُثَّتُهُ إلَخْ) فَأَصْبَحَتْ عِبَارَةُ (فِي حُضُورِ الْحَاكِمِ)(وَالْإِقْرَارِ) غَيْرَ قَيْدٍ احْتِرَازِيٍّ. وَجَاءَ فِي التَّنْقِيحِ أَيْضًا (أَقَرَّ مُرَاهِقٌ بِصُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ لَهُ بَاغٍ ثُمَّ ادَّعَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَسَادَ الصُّلْحِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِ الْبُلُوغِ)(انْتَهَى بِتَغْيِيرٍ مَا) . 5 فَإِنْ كَانَتْ جُثَّةُ الْمُقِرِّ (وَجُثَّتُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الثَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ شَخْصُ الْإِنْسَانِ) غَيْرَ مُتَحَمِّلَةٍ
لِلْبُلُوغِ وَكَانَ ظَاهِرُ الْحَالِ مُكَذِّبًا لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إقْرَارُهُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يُكَذِّبَهُ ظَاهِرُ الْحَالِ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1577) . مَثَلًا إذَا ادَّعَى غُلَامٌ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ عُمُرِهِ وَلَا يُحْتَمَلُ احْتِلَامُهُ بِسَبَبِ ضَعْفِ جُثَّتِهِ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَلَا تَنْفُذُ عُقُودُهُ وَمُعَامَلَاتُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ، وَإِنْ كَانَتْ جُثَّتُهُ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ فَيُسْأَلُ عَنْ صُورَةِ بُلُوغِهِ، يَعْنِي يُسْأَلُ، هَلْ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْإِحْبَالِ، فَإِذَا بَيَّنَ أَحَدَهُمَا صُدِّقَ؛ لِأَنَّ الْبُلُوغَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا (الْجَوْهَرَةُ) . كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فِي الْحَيْضِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) .
وَلَا يَلْزَمُهُمَا يَمِينٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ عَلَى كَوْنِهِمَا بَلَغَا عَلَى الْوَجْهِ الْفُلَانِيِّ. وَلَوْ ادَّعَيَا الْبُلُوغَ بِالسِّنِّ طُولِبَا بِالْبَيِّنَةِ لِإِمْكَانِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ الْبَدْوِ فَإِنَّهُمَا لَا يُطَالَبَانِ بِالْبَيِّنَةِ لِعَدَمِ التَّأْرِيخِ بَيْنَهُمْ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُوجَدُ لِهَذَا التَّصْدِيقِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ مُدَّعِي الْبُلُوغِ مُرَاهِقًا، أَيْ أَنْ تَكُونَ الْبِنْتُ قَدْ أَكْمَلَتْ السَّنَةَ التَّاسِعَةَ وَالْغُلَامُ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى الْبُلُوغَ غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَلَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَلَا الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يُنْظَرُ إلَى تَحَمُّلِ جُثَّتِهِ الْبُلُوغَ أَوْ عَدَمِ تَحَمُّلِهَا، وَالْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ (988) هُوَ هَذَا.
ثَانِيهَا: كَوْنُ الْجُثَّةِ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ادَّعَى مُرَاهِقٌ لَا يَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ أَنَّهُ بَالِغٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَالْمُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ هَذَا.
ثَالِثُهَا: تَفْسِيرُ الْبُلُوغِ، يَعْنِي بِأَيِّ شَيْءٍ عُلِمَ الْبُلُوغُ، أَيْ يَجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ بِالِاحْتِلَامِ أَوْ بِالْإِحْبَالِ (أَبُو السُّعُودِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، صُرَّةُ الْفَتَاوَى) .
ثُمَّ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمُ سُؤَالُهُ وَالِاسْتِقْصَاءُ عَنْ الشَّخْصِ الَّذِي احْتَلَمَ بِهِ، يَعْنِي هَلْ كَانَ احْتِلَامُهُ بِغُلَامٍ أَوْ بِنْتٍ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ أَحْيَانًا يُقِرُّ بِالْبُلُوغِ كَذِبًا بِتَلْقِينِهِ كَيْفِيَّتِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَنْ فَتَكُونُ أَحْكَامُ هَؤُلَاءِ كَأَحْكَامِ الْبَالِغِينَ وَتُعْتَبَرُ عُقُودُهُمْ كَالْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَتَنْفُذُ إقْرَارَاتُهُمْ (الْهِنْدِيَّةُ) . يَعْنِي أَنَّ عُقُودَهُمْ لَا تَكُونُ مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَلَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُمْ. وَلَوْ أَرَادَ الْعَاقِدُ أَوْ الْمُقِرُّ بَعْدَ تِلْكَ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِمُدَّةٍ أَنْ يَفْسَخَ تَصَرُّفَاتِهِ الْقَوْلِيَّةَ بِأَنْ يَقُولَ: إنِّي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَيْ حِينَ أَقْرَرْت بِالْبُلُوغِ، لَمْ أَكُنْ بَالِغًا وَكَذَبْتُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (100)(الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَغِيرٌ أَكْمَلَ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمُرِهِ، وَجُثَّتُهُ تَتَحَمَّلُ الْبُلُوغَ، بِأَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ أَنْ صَالَحَ عَلَى أَلْفِ قِرْشٍ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَ الصُّلْحِ بَالِغًا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
صَبِيٌّ بَاعَ وَاشْتَرَى، وَقَالَ أَنَا بَالِغٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا غَيْرُ بَالِغٍ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ الْبُلُوغُ فِيهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى جُحُودِهِ بَعْدَ ذَلِكَ (الْجَوْهَرَةُ) وَلَا يُحْكَمُ بِالْبُلُوغِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَةِ الشَّخْصِ مُرَاهِقًا وَمُرَاهِقَةً، أَيْ بِبُلُوغِ مَبْدَأِ سِنِّ الْبُلُوغِ، بَلْ يَجِبُ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَجَلَّةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْبُلُوغَ وَأَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ، مَثَلًا إذَا أَكْمَلَ صَغِيرٌ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُقِرَّ بِبُلُوغِهِ، لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ بِمُجَرَّدِ إكْمَالِهِ سِنَّ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .