الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيَاسَ الضَّرَرِ هُوَ أَنْ يُرَى أَنَّ ضَرَرَ الْمَالِكِ عِبَارَةٌ عَنْ نَقْلِ الْمَالِيَّةِ فِي مَالِهِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ وَجَبْرِ ضَرَرِهِ الْوَاقِعِ بِالْقِيمَةِ أَمَّا ضَرَرُ الْغَاصِبِ فَيَكُونُ قَدْ هُدِرَ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ الضَّرَرُ الْمَجْبُورُ بِالْقِيمَةِ أَدْنَى مِنْ الضَّرَرِ الْمَحْضِ فَكَانَ قَطْعُ حَقِّ الْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ حَقِّ الْغَاصِبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 27) وَكَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ تَغْيِيرٌ بِإِدْخَالِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْبِنَاءِ. لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ إدْخَالِهَا فِي الْبِنَاءِ كَانَتْ مَنْقُولَةً فَأَصْبَحَتْ بَعْدَ الْإِدْخَالِ عَقَارًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَهِيَ مِنْ وَجْهٍ هَالِكَةٌ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَغَيِّرَةٌ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا أَنَّ التَّغْيِيرَ مُوجِبٌ لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَنَتَائِجُ الْأَفْكَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 900) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ]
(الْمَادَّةُ 900) إذَا تَنَاقَضَ سِعْرُ الْمَغْصُوبِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ وَأَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَتِهِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ وَلَكِنْ طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. مَثَلًا إذَا ضَعُفَ الْحَيَوَانُ الَّذِي غُصِبَ وَرَدَّهُ الْغَاصِبُ إلَى صَاحِبِهِ يَلْزَمُ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ كَذَلِكَ إذَا شُقَّ الثَّوْبُ الَّذِي غُصِبَ وَطَرَأَ بِذَلِكَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ فَإِنْ كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا يَعْنِي لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَعَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانُ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا أَعْنِي إنْ كَانَ النُّقْصَانُ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَتِهِ أَوْ أَزْيَدَ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ مِنْهُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. النُّقْصَانُ الْعَارِضُ لِلْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْقُهُسْتَانِيُّ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: النُّقْصَانُ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ بِدُونِ تَغَيُّرٍ فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. وَهَذَا النُّقْصَانُ لَيْسَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ أَصْلًا إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَعَلَيْهِ لَوْ نَقَصَ سِعْرُ وَقِيمَةُ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْغَصْبِ أَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ الِامْتِنَاعُ عَنْ أَخْذِهِ وَالْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ فِي زَمَانِ الْغَصْبِ يَعْنِي لَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ بِمُجَرَّدِ تَغَيُّرِ الْأَسْعَارِ وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَغْصُوبُ قِيَمِيًّا أَوْ مِثْلِيًّا لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ يَكُونُ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ لَا بِفَوَاتِ جُزْءٍ فِي الْمَغْصُوبِ (الدُّرَرُ) أَمَّا فُتُورُ الرَّغَبَاتِ فَهُوَ شَيْءٌ يُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ لَمَّا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ وَقَائِمَةً كَمَا فِي السَّابِقِ فَلَا يُوجِبُ هَذَا الْحَالُ تَغَيُّرَ الْأَحْكَامِ (الْعَيْنِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . فَعَلَيْهِ لَا يَكُنْ تَغَيُّرُ السِّعْرِ مَضْمُونًا (الْبَزَّازِيَّةُ) لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ رِشْوَةً ثُمَّ كَسَدَتْ الدَّرَاهِمُ وَأَرَادَ الْمُرْتَشِي إعَادَةَ الدَّرَاهِمِ عَيْنًا إلَى صَاحِبِهَا لِبَقَائِهَا فِي يَدِهِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّرَاهِمِ النُّحَاسِيَّةِ أَنْ يَطْلُبَ بَدَلًا عَنْ دَرَاهِمِهِ الْكَاسِدَةِ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا (الْفَيْضِيَّةُ) .
وَلَا يُسْأَلُ الْغَاصِبُ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ عَنْ هُبُوطِ سِعْرِهِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّهُ وَيُسَلِّمْهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِنْ
شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 89) لِأَنَّ النُّقْصَانَ حَدَثَ مِنْ قِبَلِ الْغَاصِبِ بِنَقْلِهِ إيَّاهُ إلَى هَذَا الْمَكَانِ فَكَانَ مُلْزَمًا بِالضَّرَرِ مُطَالَبًا بِالْقِيمَةِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ (الْعَيْنِيُّ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي: النُّقْصَانُ بِفَوَاتِ بَعْضِ الْجُزْءِ. هَذَا النُّقْصَانُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي كُلِّ حَالٍ وَيُقَسَّمُ إلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ وَالنُّقْصَانِ الْيَسِيرِ. وَتَعْرِيفُهُمَا وَحُكْمُهُمَا يُبَيَّنَانِ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي الْآتِي. وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مِنْ النُّقْصَانِ مَضْمُونَانِ أَيْضًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: التَّقْسِيمُ بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ وَهَذَا مُنْقَسِمٌ إلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَالنُّقْصَانُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَضْمُونٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ. الصُّورَةُ الْأُولَى: النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فِي الْمَغْصُوبِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ. فَعَلَيْهِ إذَا طَرَأَ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ نُقْصَانٌ بِفَوَاتِ جُزْئِهِ وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْغَاصِبِ لَهُ أَوْ عَلَى أَيِّ فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ رَدُّ الْمَغْصُوبِ وَضَمَانُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ الْحَاصِلَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ يَحْصُلُ بِتَلَفِ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ. لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ دَاخِلٌ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ ضَمَانُ قِيمَةِ جُزْئِهِ الْمُتَعَذَّرِ رَدُّهُ وَإِعَادَتُهُ (الْهِدَايَةُ، وَالْعَيْنِيُّ مُلَخَّصًا) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُقَوَّمُ الْمَغْصُوبُ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ وَيُقَوَّمُ أَيْضًا عَلَى الْحَالِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَمَا كَانَ مِنْ فَرْقٍ وَتَفَاوُتٍ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ تَكُونُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْجَوْهَرَةُ) . أَمَّا فِي الرِّبَوِيِّ فَلَا يُمْكِنُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا (الْجَوْهَرَةُ) .
وَلَمَّا كَانَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّابِقَةِ هُوَ فِي مُقَابِلِ النُّقْصَانِ فَعَلَيْهِ إذَا زَالَ ذَلِكَ النُّقْصَانُ مُؤَخَّرًا بِنَفْسِهِ فَيَسْتَرِدُّ الْغَاصِبُ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ النُّقْصَانِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا فَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الطَّارِئِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ زَالَ الْمَرَضُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِنَفْسِهِ فَيَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ رَدُّ قِيمَةِ النُّقْصَانِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 9) .
كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ الْحِمَارَ الَّذِي غَصَبَهُ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ لِصَاحِبِهِ النُّقْصَانَ حَسْبَ هَذِهِ الْمَادَّةِ ثُمَّ زَالَ ذَلِكَ الْعَيْبُ فَلِلْغَاصِبِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي ضَمِنَهُ التَّنْقِيحُ وَلَيْسَ لَفْظُ الِاسْتِعْمَالِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ هُوَ قَيْدٌ وُقُوعِيٌّ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي الْمِثَالِ فَعَلَيْهِ كَمَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ فِيمَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَتِهِ كَذَلِكَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِفِعْلِ شَخْصٍ ثَالِثٍ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَمَا سَيَتَّضِحُ ذَلِكَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآتِيَةِ سُؤَالٌ: إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ النُّقْصَانَ الْمَذْكُورَ وَصْفٌ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي قَبِلَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ وَالْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ تَكُونُ مَضْمُونَةً لِذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إيجَادُ الْفَرْقِ مَثَلًا لَوْ غَصَبَ
حَيَوَانًا قِيمَتُهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ فِي عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ فَانْحَطَّتْ قِيمَتُهُ إلَى تِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ ضَمِنَ الْغَاصِبُ مِائَةَ قِرْشٍ. وَالْحَالُ لَوْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي حَيَوَانًا بِأَلْفِ قِرْشٍ فَطَرَأَتْ عِلَّةٌ عَلَى عَيْنِهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْبَائِعِ نَقَصَتْ بِهَا قِيمَتُهُ مِائَةَ قِرْشٍ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي تَنْزِيلُ مِائَةِ قِرْشٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَتْرُكَهُ. جَوَابٌ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ: أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ ضَمَانُ عَقْدٍ. وَالْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرِدُ عَلَى الْأَعْيَانِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْأَوْصَافِ. لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَابِعَةٌ وَلَا يُعْطَى حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ لِلتَّابِعِ أَمَّا ضَمَانُ الْمَغْصُوبِ فَضَمَانُ قَبْضٍ وَأَمَّا الْقَبْضُ فَيَرِدُ عَلَى الذَّاتِ الَّتِي تُلَابِسُ جَمِيعَ أَجْزَائِهِ وَصْفًا فَعَلَيْهِ الْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْفِعْلِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ الَّذِي غَصَبَهُ الْمَغْصُوبُ وَقْتَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِفُتُورِ الرَّغَبَاتِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ الْحَيَوَانِ عَلَى أَخْذِهِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ مِنْ الْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ هَزَلَ الْحَيَوَانُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَتَحْمِيلِهِ إيَّاهُ حِمْلًا ضَمِنَ عِنْدَ رَدِّهِ إلَى صَاحِبِهِ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ. وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ صَحِيحًا أَيْ فِي الْحَالِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْغَصْبِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقِيمَتُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ فَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْحَيَوَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ ضَمَانِ دِينَارَيْنِ (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ بَقَرَةَ آخَرَ فَوَقَعَتْ فَبَاعَهَا صَاحِبُهَا خَوْفًا مِنْ تَلَفِهَا إلَى الْقَصَّابِ وَذُبِحَتْ لَزِمَ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانُ النُّقْصَانِ (التَّنْقِيحُ) . كَذَا لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابًا مِنْ عَرْصَةِ آخَرَ فَإِنْ كَانَ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا. سَوَاءٌ أَعَرَضَ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْأَخْذِ نُقْصَانٌ لِلْعَرْصَةِ أَمْ لَمْ يَعْرِضْ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلتُّرَابِ قِيمَةٌ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَنْظُرُ فَإِذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ الْقِيمَةِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نُقْصَانٌ فَيُؤْمَرُ بِإِمْلَاءِ الْحُفْرَةِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يُؤْمَرُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْآخَرِينَ (الْخَانِيَّةُ) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، النُّقْصَانُ الَّذِي يَحْصُلُ بِفِعْلِ آخَرَ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَعَلَيْهِ إذَا وُجِدَ نُقْصَانٌ بِفِعْلِ آخَرَ غَيْرِ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَصَاحِبُهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَلَيْسَ لِهَذَا الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 1 9)(الطَّحْطَاوِيُّ) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: النُّقْصَانُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ حَيَوَانًا وَمَرِضَ وَهُوَ فِي يَدِهِ وَرَدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَمَاتَ فِي يَدِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ الَّذِي أَوْرَثَهُ إيَّاهُ الْمَرَضُ. وَلَا يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. لِأَنَّ الْأَلَمَ يَحْصُلُ فِي الْمَرَضِ جُزْءًا فَجُزْءًا وَتَأْثِيرُ مَجْمُوعِ الْآلَامِ يَكُونُ سَبَبًا لِلْوَفَاةِ (الْجَوْهَرَةُ) . لِذَلِكَ لَوْ حَصَلَ لِلْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ قُرْحَةٌ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَصَارَ أَعْرَجَ فَإِذَا كَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مَعَ الْعَرَجِ فَيَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَةِ النُّقْصَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى السَّيْرِ مُطْلَقًا لَزِمَ ضَمَانُ كُلِّ قِيمَتِهِ (التَّنْقِيحُ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ التَّفْصِيلَاتِ أَنَّهُ مَعَ كَوْنِ الْغَاصِبِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ مَسْئُولًا عَنْ
نُقْصَانِ الْقِيمَةِ.
وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ الشَّخْصُ الثَّالِثُ مَسْئُولًا عَنْهُ أَيْضًا كَذَلِكَ إذَا طَرَأَ نُقْصَانٌ بِتَمْزِيقِ أَحَدِ الثِّيَابِ الَّتِي غَصَبَهَا فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمُتَرَتِّبُ يَسِيرًا يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ بَالِغًا رُبْعَ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْغَاصِبُ يُعِيدُ الثِّيَابَ الْمَغْصُوبَةَ مُمَزَّقَةً وَيَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَتْرُكَ الثِّيَابَ وَلَا يُطَالِبَ بِكُلِّ قِيمَتِهَا. لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ تُعَدُّ مَوْجُودَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا الْغَاصِبُ قَدْ عَيَّبَهَا. وَالثِّيَابُ كَمَا تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُلْبَسُ كَالْقَمِيصِ والقنباز وَالْمِعْطَفِ كَذَلِكَ تَشْمَلُ الْأَشْيَاءَ الَّتِي لَا تُلْبَسُ، كَالْقُمَاشِ وَالْجُوخِ وَالطَّيْلَسَانِ وَمَا يُشْبِهُهَا (الطَّحْطَاوِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) . إذَا خَرَقَ رَجُلٌ طَيْلَسَانَ رَجُلٍ ثُمَّ رَفَاهُ يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَمَرْفُوًّا وَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ نُقْصَانًا فَاحِشًا يَعْنِي إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِرُبْعِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ رُبْعِ قِيمَتِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ. إنْ شَاءَ ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ وَأَخَذَ الثِّيَابَ (الْبَهْجَةُ، الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ تَامَّةً لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُسْتَهْلَكٌ وَغَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْ وَجْهٍ، حَيْثُ إنَّ تِلْكَ الثِّيَابَ لَا تَصْلُحُ بَعْدَ الْخَرْقِ لِجَمِيعِ مَا كَانَتْ تَصْلُحُ لَهُ قَبْلَ الْخَرْقِ. وَمَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. لِأَنَّ الثِّيَابَ قَائِمَةٌ حَقِيقَةً وَبَعْضُ مَنَافِعِهَا مَوْجُودَةٌ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُسْتَهْلِكًا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَضَمِنَ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَغْصُوبِ مَوْجُودًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الْعَيْنِيُّ) .
وَإِذَا ضَمِنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثِّيَابِ تَامَّةً كَانَتْ الثِّيَابُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ صَاحِبَهُ لَمَّا مَلَكَ الْقِيمَةَ مَلَكَ الْغَاصِبُ بَدَلَهَا حَتَّى لَا يَجْتَمِعَ فِي مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَدَلَانِ (الْجَوْهَرَةُ) .
إيضَاحُ قُيُودِ هَذَا الْمِثَالِ:
1 -
الثِّيَابُ: هَذَا التَّعْبِيرُ قَدْ وَرَدَ عَلَى طَرِيقِ الْمِثَالِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الْمُبَيِّنُ فِي هَذَا الْمِثَالِ فِي كُلِّ عَيْنٍ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ (الطَّحْطَاوِيُّ) كَالشَّجَرِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالسِّكِّينِ، وَالْعَصَا. الشَّجَرُ - لَوْ قَطَعَ أَحَدٌ مِنْ شَجَرِ الْآخَرِ أَغْصَانًا يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْحَاصِلُ فَاحِشًا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ فَاحِشًا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَقَطْ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . الْحَيَوَانُ - لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ حَيَوَانَهُ فَقَطَعَ أُذُنَهُ أَوْ أُذُنَيْهِ الِاثْنَتَيْنِ كَانَ ضَامِنًا نُقْصَانَ قِيمَتِهِ أَمَّا لَوْ قَطَعَ الْغَاصِبُ يَدَيْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ اللَّحْمِ وَرِجْلَيْهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْحَيَوَانَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَتَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ قَطْعَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ إتْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَفُوتُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ بَعْضُ الْأَغْرَاضِ وَالْمَقَاصِدِ كَالْحَمْلِ وَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ (الزَّيْلَعِيّ، أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ لَيْسَ بِإِتْلَافٍ بَلْ تَعْيِيبٌ بِسَبَبِ وُجُودِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ كَالِانْتِفَاعِ بِاللَّحْمِيَّةِ وَالْجِلْدِ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 899) .
السِّكِّينُ - لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ سِكِّينَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ وَانْكَسَرَتْ وَهِيَ فِي يَدِهِ وَطَرَأَ نُقْصَانٌ فَاحِشٌ عَلَى قِيمَتِهَا كَانَ مَالِكُهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ السِّكِّينَ مَكْسُورَةً وَضَمِنَ الْغَاصِبُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ السِّكِّينَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .
الْعَصَا - إذَا كَسَرَ أَحَدٌ عَصَا آخَرَ وَأَصْبَحَتْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا بِصِفَةِ عَصَا بَلْ يَنْتَفِعُ بِهَا بِصِفَةِ حَطَبٍ أَوْ وَتَدٍ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الطَّارِئُ فَاحِشًا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
لَكِنَّ حُكْمَ هَذَا الْمِثَالِ يَعْنِي الْأَحْكَامَ الْمُبَيَّنَةَ هُنَا فِي الثِّيَابِ لَا تَجْرِي فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ. وَقَدْ أَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذَا لِقَوْلِهَا الثِّيَابُ فَعَلَيْهِ لَوْ عَيَّبَ الْغَصْبُ مَالًا مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ وَأَوْرَثَ قِيمَتَهُ نُقْصَانًا كَانَ صَاحِبُهَا مُخَيَّرًا سَوَاءٌ أَكَانَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ فَاحِشًا أَوْ يَسِيرًا فَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ تَامًّا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ بِدُونِ أَنْ يَضْمَنَ الْغَاصِبَ شَيْئًا بِاسْمِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَضْمِينُ النُّقْصَانِ فِي هَذَا مُؤَدِّيًا إلَى الرِّبَا فَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) مَثَلًا لَوْ كَسَرَ أَحَدٌ لِآخَرَ دِينَارًا أَوْ رِيَالًا فِضِّيًّا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ عِنْدَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَكْسُورَ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَكْسُورَ لِلْكَاسِرِ وَضَمَّنَهُ مِثْلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
2 -
بِتَمْزِيقِهَا: الْمَقْصُودُ مِنْ التَّمْزِيقِ. فِيمَا إذَا لَمْ يَحْدُثُ فِيهِ صِفَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ وَعَلَيْهِ فَقَصُّ الثِّيَابِ الْمَغْصُوبَةِ وَتَفْصِيلُهَا أَوْ لِبْسُهَا حَتَّى عَتُقَتْ أَوْ بَلِيَتْ أَوْ أَصْفَرَّتْ أَوْ بَاخَتْ كَالتَّمْزِيقِ. مَثَلًا لَوْ فَصَّلَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ يَعْنِي لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ ثَوْبَ قُمَاشٍ وَقَطَّعَهُ وَلَمْ تُورِثْهُ هَذِهِ الْحَالُ عَيْبًا فَاحِشًا ضَمِنَ صَاحِبُ الثَّوْبِ الْغَاصِبَ نُقْصَانَ الْقَطْعِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُ ذَلِكَ الثَّوْبِ وَتَضْمِينُهُ كُلَّ قِيمَتِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِلْعَيْبِ الْفَاحِشِ كَانَ صَاحِبُهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الطَّحْطَاوِيُّ مَعَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ بَلِيَتْ الثِّيَابُ الْمَغْصُوبَةُ وَاصْفَرَّتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهَا نُقْصَانٌ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ الْمَذْكُورُ يَسِيرًا ضَمِنَ نُقْصَانَ قِيمَتِهَا وَأَخَذَ الثِّيَابَ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا خُيِّرَ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ عَلَى وَجْهِ هَذِهِ الْمَادَّةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
أَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً فَيُقْطَعُ حِينَئِذٍ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. مَثَلًا لَوْ فَصَّلَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ وَخَاطَهُ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ وَلَزِمَ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ وَقْتَ الْغَصْبِ. فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ التَّدَخُّلِ فِي الثِّيَابِ الْمُخَاطَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
3 -
النُّقْصَانُ: قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِ النُّقْصَانِ الْفَاحِشِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ رُبْعُ الْقِيمَةِ وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ نِصْفُهَا وَقَالَ الْبَعْضُ الْآخَرُ إنَّهُ النُّقْصَانُ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الثِّيَابُ فِيهِ لَأَنْ تَكُونَ ثِيَابًا مَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثِيَابًا وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ (أَبُو السُّعُودِ، الْبَزَّازِيَّةُ) .
وَالْحَاصِلُ - هَذَا النُّقْصَانُ الَّذِي هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ أَوَّلُهُمَا - النُّقْصَانُ الْيَسِيرُ وَحُكْمُ هَذَا هُوَ اسْتِرْدَادُ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ تَرْكُ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ وَطَلَبُ تَمَامِ الْبَدَلِ ثَانِيهُمَا - النُّقْصَانُ الْفَاحِشُ، وَحُكْمُ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ وَضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ.