الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَكَيْفِيَّةِ طَلَبِهَا]
تَكُونُ الشُّفْعَةُ وَاجِبَةً بِالْعَقْدِ وَالْجِوَارِ وَتَتَأَكَّدُ بِطَلَبِ الْإِشْهَادِ، كَمَا أَنَّ الْمَشْفُوعَ يَتَمَلَّكُ بِالْأَخْذِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
(مَادَّةُ 1028) -، (يَلْزَمُ فِي الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةُ طَلَبَاتٍ وَهِيَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ وَطَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ) . عَلَى الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ ثَلَاثَةُ طَلَبَاتٍ. أَوَّلُهَا: طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ. ثَانِيهَا: طَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ. ثَالِثُهَا: طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ. وَصُورَةُ إجْرَاءِ هَذِهِ الطَّلَبَاتِ سَتُوَضَّحُ فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ، (التَّنْقِيحُ) وَبِمَا أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ الطَّلَبَاتِ مُؤَقَّتٌ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ فِي الشُّفْعَةِ فَإِذَا فَاتَ ذَلِكَ الْوَقْتُ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ فَطَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ يَجْرِي فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَجِنْسِ الثَّمَنِ، وَمِقْدَارِهِ، وَطَلَبُ التَّقْرِيرِ وَالْإِشْهَادِ يَكُونُ فِي الْحَالِ، أَيْ بِلَا تَأْخِيرٍ، مَتَى تَمَكَّنَ الشَّفِيعُ مِنْ إجْرَائِهِمَا. أَمَّا طَلَبُ الْخُصُومَةِ وَالتَّمَلُّكِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُبَاشِرَ فِيهِ فِي ظَرْفِ شَهْرٍ، وَإِذَا مَرَّتْ الْمُدَّةُ بِلَا طَلَبٍ سَقَطَتْ الشُّفْعَةُ. وَسَيَأْتِي فِي الْمَوَادِّ الْآتِيَةِ تَفْصِيلُ ذَلِكَ.
[
(مَادَّةُ 1029) وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَجْلِسِ]
(مَادَّةُ 1029) -، (وَيَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ كَقَوْلِهِ أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ أَوْ أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ) . عَلَى الشَّفِيعِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَعَلِمَ بِالْمُشْتَرِي وَالثَّمَنِ أَنْ يَقُولَ كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ الشُّفْعَةِ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَهُ فَوْرًا أَيْ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ بِدُونِ أَنْ يَمُرَّ زَمَنٌ بِالسُّكُوتِ كَقَوْلِهِ أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ أَوْ أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ إنَّنِي أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ إنَّنِي أَطْلُبُهُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ طَلَبْتُهُ بِالشُّفْعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ.
1 -
عَقْدُ الْبَيْعِ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا، فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ
الَّتِي هِيَ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ كَالْإِقَالَةِ، وَالسَّلَمِ، وَبَعْضِ أَنْوَاعِ الصُّلْحِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ، (1021) كَذَلِكَ الرَّدُّ بِخِيَارِ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ، كَالْبَيْعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.
2 -
سَمِعَ فِيهِ: يَعْنِي يُشْتَرَطُ لِلُزُومِ الشَّفِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ سَمَاعُهُ عَقْدَ الْبَيْعِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَأَسْبَابُ الْعِلْمِ فِي هَذَا سَبْعَةٌ، سِتَّةٌ مِنْهَا اتِّفَاقِيَّةٌ وَوَاحِدٌ خِلَافِيٌّ. أَوَّلُهَا: سَمَاعُ الشَّفِيعِ بِالذَّاتِ أَيْ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ. ثَانِيهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ، بِالِاتِّفَاقِ بِإِخْبَارِ مَنْ كَانَ حَائِزًا أَحَدَ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ، شَطْرُ الشَّهَادَةِ:
أَحَدُهُمَا، الْعَدَدُ، يَعْنِي رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ.
ثَانِيهِمَا الْعَدَالَةُ، وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِخَبَرِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ يَحْصُلُ الْعِلْمُ أَيْضًا بِإِخْبَارِهِ وَيَلْزَمُ فِي الْحَالِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ وَلَا يُعْفَى الشَّفِيعُ مِنْ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَوْرًا بِقَوْلِهِ إنَّنِي لَمْ أُصَدِّقْ كَلَامَ هَؤُلَاءِ.
ثَالِثُهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ بِالْإِجْمَاعِ لَوْ أَخْبَرَ رَجُلٌ غَيْرُ عَادِلٍ وَصَدَّقَهُ الشَّفِيعُ.
رَابِعُهَا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ إجْمَاعًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ أَوْ الْمُشْتَرِي، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي عَادِلًا أَمْ غَيْرَ عَادِلٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ خَصْمُ الشَّفِيعِ وَلَا تُطْلَبُ فِي الْخَصْمِ الْعَدَالَةُ.
خَامِسًا: يَحْصُلُ الْعِلْمُ أَيْضًا بِخَبَرِ الرَّسُولِ، يَعْنِي لَوْ جَاءَ شَخْصٌ مِنْ طَرَفِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ لِإِخْبَارِهِ بِالشِّرَاءِ وَأَخْبَرَهُ بِهِ ثَبَتَ الْعِلْمُ، (أَبُو السُّعُودِ، وَالْعَيْنِيُّ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
سَادِسُهَا: الْكِتَابُ مَثَلًا لَوْ أَخْبَرَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ بِشِرَائِهِ بِكِتَابٍ حَصَلَ الْعِلْمُ.
سَابِعُهَا: يَثْبُتُ الْعِلْمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ بِإِخْبَارِ شَخْصٍ وَاحِدٍ غَيْرِ عَدْلٍ. يَعْنِي لَوْ أَخْبَرَ شَخْصٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ عَدْلًا أَمْ فَاسِقًا، حُرًّا أَمْ عَبْدًا، مَأْذُونًا بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا، رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً، يَحْصُلُ الْعِلْمُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ لِعَدَمِ تَصْدِيقِهِ الْمُخْبِرَ ثُمَّ يُفْهَمُ مُؤَخَّرًا أَنَّ الْمُخْبِرَ صَادِقٌ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لَيْسَتْ بِبَاطِلَةٍ فِي الصُّورَةِ السَّابِعَةِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ، وَالْجَوْهَرَةُ) 3 - وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَحَدٍ: يَلْزَمُ الشَّفِيعَ أَنْ يَقُومَ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ عَقْدَ الْبَيْعِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ. حَتَّى لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ دِيَانَةً. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (1746) ، يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ الشُّفْعَةَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعَ فِيهِ الْبَيْعَ، (أَبُو السُّعُودِ) .
وَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ بِاللِّسَانِ وَلَا يَكْفِي الطَّلَبُ الْقَلْبِيُّ إلَّا فِي قَوْلِ حَسَنِ بْنِ زِيَادٍ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ، (الطَّحْطَاوِيُّ) .
4 -
الْعِلْمُ بِالْمُشْتَرَى وَالثَّمَنِ: تَوْضِيحُ هَذَا مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (1024) فَيَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا لِمَعْرِفَتِهِ، (التَّنْقِيحُ) .
5 -
أَنَا شَفِيعُ الْمَبِيعِ إلَخْ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَنْ يَطْلُبَ الْمُوَاثَبَةَ فِي كُلِّ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ فِي طَلَبِ التَّقْرِيرِ
وَالْإِشْهَادِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا - وَإِلَّا لَوْ كَانَ الشُّفَعَاءُ لِلْمَبِيعِ اثْنَيْنِ فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُوَاثَبَةَ أَوْ طَلَبَ التَّقْرِيرَ وَالْإِشْهَادَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ لِكَوْنِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ النِّصْفَ فَقَطْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ فِي الْكُلِّ، سَوَاءٌ أَكَانَ كِلَاهُمَا حَاضِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَاضِرًا وَالثَّانِي غَائِبًا.
مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَسَمِعَ شَرِيكَا الْبَيْعِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الشُّفْعَةَ فِي نِصْفِ الْمَبِيعِ كَانَتْ شُفْعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بَاطِلَةً؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (1041) ، (التَّنْقِيحُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
6 -
فَوْرًا: قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ فَبَعْضُهُمْ قَالَ بِلُزُومِ كَوْنِهَا فَوْرًا يَعْنِي يَلْزَمُ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ بِدُونِ تَأْخِيرٍ وَسُكُوتِ لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْحِينِ الَّذِي يَسْمَعُ فِيهِ الشَّفِيعُ عَقْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ سَمِعَهُ وَكَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَمَّا كَانَتْ حَقْلًا ضَعِيفًا فَتَسْقُطُ بِالْأَحْوَالِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ كَالسُّكُوتِ، (الْهِدَايَةُ بِإِيضَاحٍ) .
حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ بِكِتَابٍ وَكَانَ الْخَبَرُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ فِي أَوْسَطِهِ وَطَلَبَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ انْتِهَائِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ فَلَا يَصِحُّ الطَّلَبُ، (فَتْحُ الْمُعِينِ عَلَى الْكَنْزِ) .
وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا بَلَغَهُ خَبَرُ الْبَيْعِ مَنْ اشْتَرَاهُ وَبِكَمْ بِيعَتْ ثُمَّ طَلَبَهَا فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، (الْجَوْهَرَةُ) وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرِّوَايَةُ الْأَصْلِيَّةُ، كَمَا أَنَّهُ قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِ بُخَارَى وَبَعْضُ مَشَايِخِ إلَخْ. وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ إنَّهُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. كَمَا أَنَّ مُفْتِي الثِّقْلَيْنِ قَدْ أَفْتَى بِهِ وَأَجَابَ عَلَى سُؤَالٍ بِأَنَّ دَعْوَى الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ غَيْرُ مُمْكِنَةٍ، وَعَلَى الشَّفِيعِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ بِالْبَيْعِ أَنْ يُجْرِيَهَا بِلَا تَأْخِيرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ، (إذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ عَلَى الْفَوْرِ سَاعَتَئِذٍ، وَإِذَا سَكَتَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا) ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ، (فِي الْحَالِ) أَنَّهَا اخْتَارَتْ هَذَا الْقَوْلَ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَمْتَدُّ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ إلَى نِهَايَةِ الْمَجْلِسِ كَامْتِدَادِ خِيَارِ الْقَبُولِ إلَى نِهَايَةِ مَجْلِسِ الْبَيْعِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (182) ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ لَيْسَ فَوْرِيًّا كَالْمُخَيَّرِ فِي خِيَارِ الْقَبُولِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ، (182) ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ يَحْتَاجُ إلَى التَّرَوِّي وَالتَّأَمُّلِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْكَرْخِيُّ وَبَعْضُ مَشَايِخِ بَلْخٍ إلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا اخْتَارَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْمُلْتَقَى عَلَى رِوَايَةِ صَاحِبَيْ الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَمَجْمَعِ الْأَنْهُرِ، وَقَبِلَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ذَلِكَ أَيْضًا إذْ قَالَ: يُبْطِلُهَا تَرْكُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَتَرْكُهُ بِأَنْ لَا يَطْلُبَ فِي مَجْلِسٍ أَخْبَرَ فِيهِ بِالْبَيْعِ: ابْنُ كَمَالٍ، وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُهُ انْتَهَى، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ إلَى نِهَايَةِ مَجْلِسِ اسْتِمَاعِهِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِي الْمَجْلِسِ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، مَهْمَا طَالَتْ الْمُدَّةُ مِنْ أَوَّلِ الْمَجْلِسِ إلَى آخِرِهِ فَيَصِحُّ وَيَجُوزُ طَلَبُهُ الشُّفْعَةَ. وَجَاءَ فِي الْمَادَّةِ، (1032) مِنْ الْمَجَلَّةِ، (مَثَلًا لَوْ وُجِدَ فِي حَالٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ عَقْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِأَنْ اشْتَغَلَ بِأَمْرٍ آخَرَ أَوْ اشْتَغَلَ بِالْبَحْثِ عَنْ صَدَدٍ آخَرَ أَوْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِسِ دُونَ أَنْ يَطْلُبَ الشُّفْعَةَ يَسْقُطُ حَقُّ شُفْعَتِهِ) فَيُسْتَدَلُّ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّهَا تُرَجِّحُ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي بِحَسَبِ الظَّاهِرِ.
وَلَيْسَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلٌ فِي إحْدَى الْمَادَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَبْحَثَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَنْ يُقْبَلَ فِي الْأُخْرَى قَوْلٌ آخَرُ، بَلْ يَجِبُ أَنْ تُطَبَّقَ هَاتَانِ الْمَادَّتَانِ وَتُؤَوَّلَ إمَّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي. وَبِمَا أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، هُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَمُرَجَّحٌ، كَمَا بُيِّنَ آنِفًا، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ فَيَجِبُ أَنْ تَبْقَى هَذِهِ الْمَادَّةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَيَجِبُ تَأَمُّلُ الْمَادَّةِ، (1032) وَحَمْلُهَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ الرِّوَايَةُ مُطَابِقَةً لِرِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَمُوَافِقَةً لِلْفَتْوَى، وَسَتُؤَوَّلُ الْمَادَّةُ، (1320) أَثْنَاءَ شَرْحِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْمَادَّةُ، (1032) مُتَمِّمَةً لِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَدْ كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ وُرُودُهَا هُنَا. إنَّ لُزُومَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مَشْرُوطٌ بِسَمَاعِ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَعَلَيْهِ فَمَتَى سَمِعَ الْعَقْدَ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ أَسَمِعَهُ عِنْدَ وُقُوعِهِ أَمْ بَعْدَ مُرُورِ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ، (الدُّرَرُ، عَبْدُ الْحَلِيمِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
لَكِنْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يَلْزَمُ إجْرَاءُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ عِنْدَ سَمَاعِ عَقْدِ الْبَيْعِ، بَلْ يَلْزَمُ إجْرَاؤُهُ وَقْتَ انْقِطَاعِ حَقِّ الْفَسْخِ، وَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ، (1026) وَيَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ الَّذِي فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ يَجِبُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ وَقْتَ الْإِجَازَةِ. وَيَلْزَمُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ فِي الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَعَلَى رِوَايَةِ وَقْتِ الْعَقْدِ، (الْهِدَايَةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
7 -
طَلَبُ الشُّفْعَةِ كَقَوْلِهِ أَنَا: إنَّ أَلْفَاظَ الطَّلَبِ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ، فَكُلُّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ يَصِحُّ طَلَبُ الشُّفْعَةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي، بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ، (3) ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ بِأَيِّ لَفْظٍ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ جَازَ، (الْهِنْدِيَّةُ) كَطَلَبْتُ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ فِي الْعُرْفِ يُرَادُ بِهَا الطَّلَبُ فِي الْحَالِ لَا الْإِخْبَارُ عَنْ مَاضٍ أَوْ مُسْتَقْبَلٍ، وَقِيلَ يَقُولُ اُطْلُبْ الشُّفْعَةَ وَآخُذَهَا وَلَا يَقُولُ طَلَبْتُهَا وَأَخَذْتُهَا فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ مَحْضٌ وَالْجَوَابُ مَا قُلْنَا، (الطَّحْطَاوِيُّ) وَصِيغَةُ هَذَا الطَّلَبِ تَكُونُ بِالْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَبِقَوْلِهِ الشُّفْعَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةُ. وَيُقَالُ لِهَذَا طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ. وَالْمُوَاثَبَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوُثُوبِ عَلَى وَزْنِ مُفَاعَلَةٍ، وَفِي هَذَا اسْتِعَارَةٌ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ مَعَ الْوُثُوبِ يَكُونُ أَسْرَعَ فِي قَطْعِ الْمَسَافَةِ، سُمِّيَ بِهِ لِيَدُلَّ عَلَى غَايَةِ التَّعْجِيلِ، (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِلَفْظِ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» . أَيْ طَلَبَهَا عَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ وَالْمُبَادَرَةِ، (أَبُو السُّعُود) .
قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: تَبَرُّكًا بِلَفْظِهِ صلى الله عليه وسلم «الشُّفْعَةُ لِمَنْ وَاثَبَهَا» . لَا يُشْتَرَطُ فِي طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ الْإِشْهَادُ. يَعْنِي لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ الْإِشْهَادُ، أَيْ حُضُورُ شُهُودٍ وَعَلَيْهِ فَلَوْ صَدَّقَ الْمُشْتَرِي عَلَى إجْرَاءِ الشَّفِيعِ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ كَانَ الطَّلَبُ الْمَذْكُورُ مَقْبُولًا وَمُعْتَبَرًا، (التَّنْقِيحُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
يَعْنِي أَنَّ عَدَمَ الْإِشْهَادِ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَلَوْ أَمْكَنَ الْإِشْهَادُ، لَا يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورِ إلَّا