الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْمَادَّةُ 710) شَرْطُ كون مُقَابِل الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا]
الْمَادَّةُ 710) :
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا فَيَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ مَالٍ هُوَ أَمَانَةٌ.
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا وَمَضْمُونًا بِنَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ جَامِعًا صِفَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ مَالًا، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ مَالًا مَضْمُونًا بِنَفْسِهِ.
فَكُلُّ حَقٍّ وُجِدَتْ فِيهِ هَاتَانِ الصِّفَتَانِ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ فِيهِ الصِّفَتَانِ أَوْ فُقِدَتْ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَالرَّهْنُ الَّذِي مُقَابِلُهُ لَا يَصِحُّ.
وَيُسْتَفَادُ حُكْمَانِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ مُقَابِلُ الْمَرْهُونِ مَالًا مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالثَّمَنِ الصَّرْفِ، وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالدِّيَةِ وَالْأَرْشِ وَبَدَلَ الْإِجَارَةِ، كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِأَجْلِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِمِثْلِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا مِثْلَ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ (الدُّرَرُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْعَيْنِيُّ، وَالزَّيْلَعِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بِنَفْسِهِ كَمَا وَرَدَ بَيَانُهُ فِي الْمَادَّتَيْنِ (890 و 891) يَعْنِي يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَتَلْزَمُ قِيمَتُهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهِ وَهَاكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ.
فَحُكْمُ الرَّهْنِ مُقَابِلُ الدَّيْنِ ذُكِرَ إجْمَالًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (709) وَيُفَصَّلُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) أَيْضًا وَوَرَدَ بَعْضُ التَّفْصِيلَاتِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) بِخُصُوصِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ وَذُكِرَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مُقَابِلَ بَدَلِ الْإِيجَارِ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَأْخُوذُ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَمْ بَعْدَهُ فَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ فَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْمُسْلَمَ فِيهِ هَذَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ كَافِيًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ السَّلَمُ تَامًّا.
(الزَّيْلَعِيُّ، وَشِبْلِيٌّ، وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ) .
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ - إنَّ الرَّهْنَ الْمَأْخُوذَ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ إذَا هَلَكَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ يُعَدُّ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى الْبَدَلَ الصِّرْفَ وَرَأْسَ مَالِ السَّلَمِ.
هَذَا إذَا كَانَ بَدَلُ الْمَرْهُونِ كَافِيًا لِلْبَدَلِ الصِّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْمَجْلِسِ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَكُونُ الصَّرْفُ وَالسَّلَمُ بَاطِلَيْنِ إذْ لَا يَكُونُ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ وَبَدَلُ الصَّرْفِ قَبْضًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ حَقِيقَةً كَمَا هُوَ مَشْرُوطٌ وَلَا يَكُونَانِ قَبْضًا أَيْضًا حُكْمًا.
اسْتِثْنَاءٌ - لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ رَهْنٍ مُقَابِلَ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَقِيَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدُ وَلِلْمُشْتَرِي حَقٌّ فِي اسْتِرْدَادِ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ.
مَثَلًا إذَا بَاعَ شَخْصٌ لِآخَرَ حِصَانًا مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمُشْتَرِي رَهَنَ مُقَابِلَ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ سَاعَةً بِقِيمَةِ عَشْرِ ذَهَبَاتٍ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَلِفَتْ السَّاعَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ مُتَسَاوِيَةً كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ تُضْمَنُ بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ (الْخَانِيَّةُ) .
الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُ الرَّهْنِ مَالًا مَضْمُونًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ فَيَكُونُ إمَّا بَاطِلًا وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ مَجَّانًا لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُفِيدُ حُكْمًا أَلْبَتَّةَ (أَوْ فَاسِدًا) وَتَفْصِيلُهُ يَأْتِي قَرِيبًا وَالْفِقْرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْ الْمَادَّةِ (لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ لِأَجْلِ مَالٍ هُوَ أَمَانَةٌ) تَتَفَرَّعُ عَنْ الْحُكْمِ الثَّانِي.
وَلَا يَصِحُّ أَخْذَ الرَّهْنِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالِ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْعَيْبِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَبِيعِ وَالنَّقْدِ الْمُزَيَّفِ الْمَوْجُودِ بَيْنَ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ الدَّائِنُ وَالْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ أَيْضًا لِإِنْسَانٍ حُرٍّ وَثَمَنِ الْجِيفَةِ وَالْقِمَارِ وَالرِّشْوَةِ فَإِذَا رُهِنَ مَالٌ مُقَابِلَ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَبَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (210) يَكُونُ الْبَيْعُ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَاطِلًا وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالرَّهْنُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ أَيْضًا بَاطِلًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
كَمَا أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ النَّائِحَةُ وَالْمُغَنِّيَةُ وَأُعْطِيَ رَهْنٌ مُقَابِلَ أُجْرَتِهَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ (الْفَيْضِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَلِنُفَصِّلَ الْآنَ أَحْكَامَهَا.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ إذَا رَهَنَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ مَالًا عِنْدَ الْمَكْفُولِ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ نَفْسَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لِزَيْدٍ لِحَدِّ سَنَةٍ مِنْ الزَّمَانِ يَكُونُ ضَامِنًا دَيْنَهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ أُعْطِيَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ رَهْنًا مُقَابِلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ بَعْدُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ دَيْنٌ.
وَكَذَا إذَا قَالَ: إنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّكَ فَهُوَ عَلَيَّ ثُمَّ أَعْطَاهُ عَمْرٌو رَهْنًا لَمْ يَجُزْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّرْكِ - ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ الدَّرْكِ بَاطِلٌ.
الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَفَالَةِ بِالدَّرْكِ وَالرَّهْنِ بِالدَّرْكِ: قَدْ مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (638) أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالدَّرْكِ صَحِيحَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ بِالدَّرْكِ غَيْرُ صَحِيحٍ صَارَ مِنْ الْمُقْتَضَى إظْهَارُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا. فَالْفَرْقُ هُوَ هَذَا: جَعْلُ الرَّهْنِ مَشْرُوعًا لِأَجْلِ الِاسْتِيفَاءِ.
وَلَا يَكُونُ اسْتِيفَاءٌ قَبْلَ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ قِسْمًا مِنْ ضَمَانِ الدَّرْكِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَمَانِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ. مَعَ أَنَّ الضَّمَانَ الْمَذْكُورَ لِكَوْنِهِ مُضَافًا لِوُجُوبِ الدَّيْنِ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ. وَأَمَّا الْكَفَالَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ وَلَيْسَتْ عَنْ الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَعَلَيْهِ الْإِضَافَةُ فِيهَا جَائِزَةٌ وَلِهَذَا إنَّ الْكَفَالَةَ لِمَا سَيَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ جَائِزَةٌ وَالرَّهْنُ لَا يَجُوزُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي سَيَثْبُتُ عِنْدَ فُلَانٍ (الْكِفَايَةُ وَالزَّيْلَعِيُّ) وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي
هِيَ أَمَانَةٌ صِرْفَةٌ وَغَيْرُ مَضْمُونَةٍ بِنَفْسِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْمَأْجُورِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ فَإِذَا أَخَذَ الرَّهْنَ لِأَجْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ بَاطِلًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، وَالضَّمَانُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (416) هُوَ رَدُّ بَدَلِ الْهَالِكِ مِثْلًا إنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَرَدُّ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ الْقِيمَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمَانَةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَ رَدُّهَا عَيْنًا وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مُقَابِلَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا حَتَّى يُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَأَمَّا إذَا اُسْتُهْلِكَتْ الْأَمَانَاتُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ أُتْلِفَتْ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ لَا تَبْقَى أَمَانَةٌ وَتَصِيرُ مَضْمُونَةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكِفَايَةُ) مَعَ أَنَّ الرَّهْنَ الْوَاقِعَ هُوَ مُقَابِلُ الْأَمَانَةِ وَلَيْسَ مُقَابِلَ الْمَضْمُونِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ صَحِيحًا بَعْدَهُ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ: إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مِنْ آخَرَ سَاعَةً وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَعْطَاهُ الْبَائِعُ مُقَابِلَهَا رَهْنًا فَلَا يَصِحُّ وَحَسَبَ بَيَانِ الزَّيْلَعِيّ وَصَاحِبِ الْكِفَايَةِ الرَّهْنُ بَاطِلٌ. وَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي يَكُونُ قَدْ تَلِفَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْءٌ (الشِّبْلِيُّ) وَلَكِنْ الِاخْتِيَارُ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالْخَانِيَّةُ ذَكَرُوا أَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ فَاسِدٌ عَلَى هَذَا الْفَتْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ سَيْفًا وَأَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا بِالسَّيْفِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ كَانَ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَمِنْ قِيمَةِ السَّيْفِ (الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا عُدَّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَاسِدًا وَحَيْثُ إنَّ أَحْكَامَ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَجْرِي فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ أَيْ الْمَبِيعِ (أَبُو السُّعُودِ) .
وَهَذَا الْوَجْهُ مُحَرَّرٌ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْوَدِيعَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ: إذَا أَخَذَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ رَهْنًا لِأَجْلِ الْمَبْلَغِ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ فَهَذَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ. (فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) حَتَّى إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا لَمْ يَحْبِسْ رَهْنًا كَهَذَا وَلَمْ يَأْخُذْ الْأَمَانَةَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَهُ تَمَسُّكًا بِالْمَادَّةِ (729) يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ عِنْدَ الطَّلَبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) وَشَرْحَهَا. وَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ وَتَلِفَ بِيَدِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُرْتَهِنِ اسْتِنَادًا لِلْمَادَّةِ (901) . وَإِذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الطَّلَبِ يَكُونُ هَلَكَ أَمَانَةً وَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ وَالرَّهْنُ الْبَاطِلُ لَا حُكْمَ لَهُ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْعَارِيَّةِ: مَثَلًا إذَا اشْتَرَطَ وَاقِفُ الْكُتُبِ عَدَمَ إخْرَاجِهَا مِنْ الْمَكْتَبَةِ بِدُونِ رَهْنٍ فَهَذَا الشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكُتُبَ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ مَنْ أَخْرَجَهَا وَبِتَقْدِيرِ هَلَاكِهَا لَا تُسْتَوْفَى مِنْ الرَّهْنِ. وَلَكِنْ نَظَرًا لِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ الرَّهْنُ هُنَا عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّذَكُّرِ أَيْ أَنْ يَتَذَكَّرَ خَازِنُ الْكُتُبِ لُزُومَ وَضْعِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ فِي الْمَكْتَبَةِ وَيُطَالِبُ بِهِ الْمُسْتَعِيرَ بِالْكِتَابِ الْمَرْهُونِ بِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ وَفِي الرَّهْنِ) .
إيضَاحَاتٌ - ذُكِرَ شَرْحًا (لِأَجْلِ نَفْسِ الْأَمَانَةِ) ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مُقَابِلَ الْعَارِيَّةِ
الَّتِي يَحْتَاجُ رَدُّهَا إلَى حَمْلٍ وَمُؤْنَةٍ إلَى الْمُعِيرِ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ أَخْذُ رَهْنٍ لِأَجْلِ رَدِّ الْمُسْتَعِيرِ بِذَاتِهِ. وَالْحُكْمُ فِي الْخَيَّاطَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ.
وَالْحَاصِلُ إذَا اُسْتُؤْجِرَ أَجِيرٌ لِأَجْلِ الْخَيَّاطَةِ وَنَقْلِ الْحُمُولَةِ فَإِنْ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ وَاقِعًا عَلَى مُطْلَقِ الْخَيَّاطَةِ وَمُطْلَقِ نَقْلِ الْحُمُولَةِ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِ ذَلِكَ مِنْ الْأَجِيرِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عُقِدَتْ عَلَى أَنْ يَخِيطَ بِذَاتِهِ وَيَنْقُلَ الْحِمَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ لِأَجْلِهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا.
الْخُلَاصَةُ: كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (631) أَنَّ الْأَعْيَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ.
الْأَوَّلُ: الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسِهَا.
الثَّانِي: الْأَعْيَانُ الْمَضْمُونَةُ بِغَيْرِهَا.
الثَّالِثُ: الْأَعْيَانُ غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ.
فَالرَّهْنُ مُقَابِلُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ وَالرَّهْنُ مُقَابِلُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ بَاطِلٌ، وَإِذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِهَلَاكِهِ وَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ الْمَنْعِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ بَدَلِهِ بِضَمَانِ الْغَصْبِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (891) . (الْخَانِيَّةُ) .