الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَسُلِّمَ بِعَقْدٍ آخَرَ مُقَابِلَ دَيْنٍ آخَرَ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. يَعْنِي أَنَّهُ مَتَى أُوفِيَ دَيْنٌ يَسْتَخْلِصُ الْمَالَ الَّذِي فِي مُقَابِلَتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
يُشَارُ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ: أَوَّلًا: ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ (شَيْئَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرْهَنَ نِصْفُ شَيْءٍ مُقَابِلَ مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ وَيُرْهَنَ النِّصْفُ الثَّانِي مُقَابِلَ الْمِقْدَارِ الْبَاقِي. وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (720) .
ثَانِيًا: قِيلَ أَيْضًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ دُونَ أَنْ يَتَعَيَّنَ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ. مَثَلًا إذَا قَصَدَ رَجُلٌ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ الْآخَرِ خَاتَمَيْنِ مُقَابِلَ ثَلَاثِمِائَةِ قِرْشٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَقَالَ: رَهَنْت أَحَدَ الْخَاتَمَيْنِ لِمِائَةٍ وَالْآخَرَ لِمِائَتَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيَّ الْخَاتَمَيْنِ لِمِائَةٍ وَأَيَّهُمَا لِمِائَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْخَاتَمَيْنِ فَمَا يُصِيبُهُ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إذْ ذَاكَ أَيَّ الدَّيْنِ يَسْقُطُ مُقَابِلَ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى النِّزَاعِ بَيْنَهُمَا. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (709) .
[
(الْمَادَّةُ 732) لِصَاحِبِ الرَّهْن الْمُسْتَعَار أَنْ يُؤَاخِذ الرَّاهِن الْمُسْتَعِير لِتَخْلِيصِ الرَّهْن وَتَسْلِيمه إيَّاهُ]
(الْمَادَّةُ 732) - لِصَاحِبِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَنْ يُؤَاخِذَ الرَّاهِنَ الْمُسْتَعِيرَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ وَتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ فَقْرِهِ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَفِيَهُ وَيُخَلِّصَ مَالَهُ.
لِلْمُعِيرِ مَتَى شَاءَ أَنْ يُؤَاخِذَ الْمُسْتَعِيرَ الْحَاضِرَ كَيْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيُخَلِّصَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (825) وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (735) . مَعَ إنَّمَا مَتَى كَانَتْ الْإِعَارَةُ الَّتِي بِقَصْدِ الرَّهْنِ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا أَنْ يُؤَاخِذَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (728) .
يَجُوزُ لِلْمُسْتَعِيرِ تَوْكِيلُ شَخْصٍ آخَرَ أَمِينًا لَهُ لِقَبْضِ الْمَرْهُونِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ هَذَا الْوَكِيلِ لَا يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) .
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمِينَ الْمُسْتَعِيرِ وَتَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ. (الْخَانِيَّةُ) . الْحَمْلُ وَالْمُؤْنَةُ يَعْنِي الْمَصَارِيفَ النَّقْلِيَّةَ. لِإِعَادَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ عَلَى الْمُعِيرِ وَلَيْسَتْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ قِيَاسًا لِلْمَادَّةِ (830)(الْبَزَّازِيَّةُ) . وَأَمَّا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُمْكِنِ لِلْمُعِيرِ مُؤَاخَذَتُهُ يُؤَدِّي الْمُعِيرُ الدَّيْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَسْتَرِدُّ الرَّهْنَ مَثَلًا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ الْمُسْتَعِيرُ غَائِبًا وَادَّعَى شَخْصٌ بِأَنَّ الْمَالَ الْمَرْهُونَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مِلْكُهُ وَاسْتُعِيرَ مِنْ قِبَلِ الْغَائِبِ الْمَرْقُومِ وَرُهِنَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَأَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ كَامِلَ مَطْلُوبِهِ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَرُدُّ الْمَرْهُونَ إلَيْهِ. وَلَكِنْ إذَا أَفَادَ الْمُرْتَهِنُ بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُ الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ (الْهِنْدِيَّةُ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1637) .
وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ لِسَبَبِ فَقْرِهِ عَاجِزًا عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَتَخْلِيصِ الرَّهْنِ يَجُوزُ لِلْمُعِيرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ تَمَامًا لِلْمُرْتَهِنِ وَيَسْتَخْلِصَ مَالَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَيَأْخُذَهُ وَأَنْ يَرْجِعَ بَعْدَهُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِالدَّيْنِ
الَّذِي أَدَّاهُ. وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ قَبَضَ تَمَامَ مَطْلُوبِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ رَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ بِتَقْدِيرِ إثْبَاتِهِ أَنَّهُ مَالٌ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ ذَلِكَ أَيْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
يَعْنِي مَتَى نَقَدَ الْمُعِيرُ الْمُرْتَهِنَ دَيْنَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّهْنَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقُولَ: مَطْلُوبِي لَيْسَ عِنْدَك أَنْتَ لَسْت خَصْمًا لِي، لَا آخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَعْطَيْتنِي إيَّاهَا. وَفِي الْوَاقِعِ مَتَى أَقْدَمَ شَخْصٌ ثَالِثٌ عَلَى إعْطَاءِ مَا لِشَخْصٍ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَقٌّ فِي عَدَمِ أَخْذِهَا فَالْمُرْتَهِنُ مَجْبُورٌ عَلَى قَبُولِ تَأْدِيَةِ الْمُعِيرِ. وَالْفَرْقُ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعٌ وَلَيْسَ سَاعِيًا لِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ سَاعِيًا أَيْضًا لِتَخْلِيصِ الْمِلْكِ وَأَمَّا الْمُعِيرُ فَهُوَ سَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ (الْهِدَايَةُ) .
وَعَلَيْهِ فَمَتَى أَرَادَ الْمُعِيرُ تَخْلِيصَ الْمَرْهُونِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ حَاضِرًا فَإِمَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكُ الْمُعِيرِ أَوْ يُنْكِرَ وَعِنْدَمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ مِلْكَ الْمُعِيرِ فَكَمَا أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَأْخُذَ الرَّهْنَ وَبِتَقْدِيرِ غِيَابِ الْمُسْتَعِيرِ إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِمِلْكِيَّةِ الْمُعِيرِ لِلْمَرْهُونِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ. وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ حَاضِرًا لَا يُؤَثِّرُ عَلَيْهِ هَذَا الْإِقْرَارُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِمِلْكِيَّةِ الْمُعِيرِ لِلْمَرْهُونِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَتَدَاخَلَ فِي الْمَرْهُونِ فِي حَالِ عَدَمِ حُضُورِ الْمُسْتَعِيرِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ.
الْفِقْرَةُ (لِسَبَبِ فَقْرِهِ) الْوَارِدَةُ فِي الْمَجَلَّةِ لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ غَنِيًّا إذَا أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ مَالَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِمُرَاجَعَتِهِ رَأْسًا دُونَ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُسْتَعِيرَ مَتَى كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُقِرًّا بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مِلْكُ الْمُعِيرِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى أَخْذِ كَامِلِ مَطْلُوبِهِ وَرَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْخَانِيَّةُ) . تَعْبِيرُ (مُعِيرٍ) فِي الْمَجَلَّةِ احْتِرَازٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ. مَتَى أَدَّى أَجْنَبِيٌّ مَطْلُوبَ الْمُرْتَهِنِ تَمَامًا وَطَلَبَ إعَادَةَ الْمَرْهُونِ إلَى الْمُعِيرِ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الِامْتِنَاعِ أَيْ لَهُ حَقٌّ أَنْ لَا يَقْبَلَ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَعْطَاهَا ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعِيرِ وَالْأَجْنَبِيِّ هُوَ أَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا وَالْمُعِيرُ فِي هَذِهِ التَّأْدِيَةِ سَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَأَمَّا هَذَا الْأَجْنَبِيُّ فَلَيْسَ بِسَاعٍ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَلَا لِتَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ وَلِذَلِكَ لَا تُوجَدُ خُصُومَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَهِنِ وَالْأَجْنَبِيِّ (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) .
أُشِيرُ بِعِبَارَةِ (ذَلِكَ الدَّيْنُ) فِي الْمَجَلَّةِ إلَى وُجُوبِ أَدَاءِ الدَّيْنِ كَامِلًا يَعْنِي أَنَّ الْمُعِيرَ يُمْكِنُهُ تَخْلِيصَ مَالٍ بِأَدَاءِ كُلِّ الدَّيْنِ وَإِلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَعَارِ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ بِأَدَاءِ مِقْدَارِ الْقِيمَةِ فَقَطْ. مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَلْفَ قِرْشٍ وَرَهَنَهَا الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفَيْ قِرْشٍ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ بِتَأْدِيَةِ أَلْفَيْ قِرْشٍ. وَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْلَاصُهُ بِتَأْدِيَةِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ مَعَ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ مَالًا آخَرَ لَهُ مُقَابِلَ دَيْنٍ بِصُورَةٍ مُوَافِقَةٍ لِقَيْدِ وَشَرْطِ الْمُعِيرِ وَأَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ مَالَهُ لَزِمَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّ الدَّيْنِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ الْمُسْتَعَارَ بِإِعْطَاءِ مَا يُصِيبُ الْمُسْتَعَارُ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ أَبُو السُّعُودِ.
كَمَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَ شَخْصٌ مَالًا مِنْ اثْنَيْنِ وَأَدَّى رَهْنَهُ وَأَدَّى نِصْفَ الدَّيْنِ الَّذِي يُقَابِلُهُ مُعَيِّنًا أَنَّ حِصَّةَ الدَّيْنِ
الَّتِي أَعْطَاهَا هِيَ الدَّيْنُ الَّذِي يُصِيبُ حِصَّةَ الْمَالِ الْعَائِدِ إلَى فُلَانٍ مِنْ ذَيْنِك الشَّخْصَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بَلْ يُعَدُّ الْمَبْلَغُ الْمُعْطَى كَأَنَّهُ أُدِّيَ لِأَجْلِ الِاثْنَيْنِ وَبَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ بَاقِي الدَّيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ يَسْتَخْلِصَانِ مَالَهُمَا. (الْهِنْدِيَّةُ) .
رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الْأَدَاةِ أَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ.
لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الدَّيْنَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ وَيَسْتَخْلِصَهُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ الْمُسْتَعِيرَ صَرَاحَةً بِقَوْلِهِ (اقْضِ دَيْنِي) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تُقَاسُ عَلَى الْمَادَّةِ (1506) ؛ لِأَنَّ الْمُعِيرَ مَجْبُورٌ عَلَى أَدَاءِ دَيْنِ الْمُسْتَعِيرِ لِأَجْلِ اسْتِخْلَاصِ الْمُسْتَعَارِ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي هَذَا الْأَدَاءِ الزَّيْلَعِيّ.
وَلَكِنَّهُ اخْتَلَفَ فِي الْكَمْيَّةِ الَّتِي يُرَاجِعُ فِيهَا الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ: فَنَظَرًا لِمَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرُ وَكَمَا سَيُبَيِّنُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 " عَنْ مِقْدَارِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ يَحِقُّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَذَا الْمِقْدَارِ فَقَطْ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. وَفِي مَا زَادَ عَنْهُ يَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا يَعْنِي لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِأَلْفِ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَبْسُوطِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ شَرْحًا تَحْتَ عِنْوَانِ " ذَلِكَ الدَّيْنِ ". وَلَا يَحِقُّ لَهُ الرُّجُوعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ وَيَكُونُ الْمُعِيرُ مُتَبَرِّعًا فِي تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ لَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ ضَامِنًا قِيمَتَهُ فَقَطْ أَيْ لَوَجَبَ عَلَيْهِ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ إلَى الْمُعِيرِ.
وَلَمَّا كَانَ ضَامِنًا الزِّيَادَةَ عَنْ قِيمَتِهِ فَكَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْهَلَاكِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْحُكْمُ فِي الْفَكِّ أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَالْمُعِيرُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ. (الْكِفَايَةُ وَالْخَانِيَّةُ) .
سُؤَالٌ: مَا دَامَ أَنَّ الْمُعِيرَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى اسْتِخْلَاصِ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ كُلَّهُ وَهُوَ مُضْطَرٌّ وَمَجْبُورٌ عَلَى إيفَاءِ جَمِيعِ الدَّيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا فِي مَا زَادَ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ.
الْجَوَابُ: إنْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ نَشَأَ عَنْ تَأْدِيَةِ دَيْنِهِ بِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ رُجُوعُ الْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ أَيْ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ أَدَاءُ الدَّيْنِ بِهِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي يُمْكِنُ سُقُوطُهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي حَالِ هَلَاكِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ بِالزِّيَادَةِ أَبُو السُّعُودِ. وَالْوَاقِعُ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُعِيرُ بِسَبَبِ أَدَائِهِ مَبْلَغًا زَائِدًا وَلَكِنْ لِكَوْنِهِ لَمْ يُقَيِّدْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ الرَّهْنَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَعَارِ فَالتَّقْصِيرُ حَصَلَ مِنْهُ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا عَلَى إعْطَاءِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ بَلْ مُخْتَارًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْحُكْمُ فِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا سَيَذْكُرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَفِي سُقُوطِ الدَّيْنِ بِنِسْبَةِ الْعَيْبِ الطَّارِئِ عَلَى الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا هُمَا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ وَالْخَانِيَّةُ) .
وَلَوْ لَمْ يَهْلَكْ وَلَكِنَّهُ تَعَيَّبَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَعَلَيْهِ لِلْمُعِيرِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْأَنْقِرْوِيُّ.
وَلَكِنَّهُ نَظَرًا لِبَيَانِ صَاحِبِ الْمُلْتَقَى يَرْجِعُ الْمُعِيرُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي أَدَّاهُ لِلْمُرْتَهِنِ. يَعْنِي يَرْجِعُ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَالزَّيْلَعِيّ أَيْضًا رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ " لَمَّا كَانَ الْمُعِيرُ مَجْبُورًا أَوْ مُضْطَرًّا عَلَى تَأْدِيَةِ جَمِيعِ الدَّيْنِ لِيَسْتَرْجِعَ مَالَهُ فَلَا يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ الزَّائِدِ عَنْ قِيمَةِ