الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَخْتَلِفُ هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ بِصِبَاغٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِصِبَاغٍ مَغْصُوبٍ مِنْ آخَرَ فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْقُمَاشَ مِنْ زَيْدٍ وَالصِّبَاغَ مِنْ عَمْرٍو وَصَبَغَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ بِالصِّبَاغِ الْمَغْصُوبِ ضَمِنَ الصِّبَاغَ لِصَاحِبِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَجْرِي أَحْكَامُ هَذِهِ الْمَادَّةِ فِي ذَلِكَ كَأَنَّمَا صَبَغَهُ بِصِبَاغِهِ (الْعَيْنِيُّ) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ اتَّفَقَ صَاحِبُ الثَّوْبِ وَصَاحِبُ الصِّبَاغِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الثَّوْبِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ أَيْضًا وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِسَبَبِ الصِّبَاغِ وَيَضْمَنُ صَاحِبُ الصِّبَاغِ بَدَلَ الصِّبَاغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
4 -
مُخَيَّرٌ وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ التَّخْيِيرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصِّبَاغِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْقُمَاشِ يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. وَالْأَقَلُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (902) 5 - قِيمَتُهُ الْمُعْتَبَرُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ وَإِلَّا فَلَيْسَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ اتِّصَالِهِ بِالْقُمَاشِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ أَيْ يُؤَدِّي الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِ الصِّبَاغِ لِلْغَاصِبِ نُقُودًا وَمَعَ أَنَّ الْغَاصِبَ يُخَيَّرُ فِي الْمَادَّةِ (902) عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ فَلَا يُجْبَرُ الْغَاصِبُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ عَلَى تَفْرِيقِ صِبَاغِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَفْرِيقُ الصِّبَاغِ عَنْ الْقُمَاشِ مُتَعَذِّرًا فَلَوْ فُرِّقَ عَنْهُ بِالْغَسْلِ لَاخْتَلَطَ الصِّبَاغُ بِالْمَاءِ وَذَهَبَ ضَيَاعًا أَمَّا الْبِنَاءُ فَلَهُ وُجُودٌ بَعْدَ النَّقْضِ أَبُو السُّعُودِ الِاخْتِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ: لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّهُ قَدْ صَبَغَ الْقُمَاشَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ لَهُ أَخْذَ بَدَلِ الزِّيَادَةِ بِمُقْتَضَى حُكْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ غُصِبَ وَهُوَ مَصْبُوغٌ فَالْقَوْلُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ رَجَحَتْ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ (الْبَزَّازِيَّةُ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مَشَاعٍ مَوْضُوعٍ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ فِي آجُرٍّ مَوْضُوعٍ أَوْ فِي بَابٍ مَوْضُوعٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي تَغَيُّرُ الذَّاتِ وَالتَّفْصِيلَاتُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ
[
(الْمَادَّةُ 899) إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ]
(الْمَادَّةُ 899) - (إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ يَكُونُ ضَامِنًا وَيَبْقَى الْمَالُ الْمَغْصُوبُ لَهُ. مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ حِنْطَةً وَجَعَلَهَا الْغَاصِبُ بِالطَّحْنِ دَقِيقًا يَضْمَنُ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَيَكُونُ الدَّقِيقُ لَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ غَصَبَ حِنْطَةَ غَيْرِهِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضِهِ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْحِنْطَةِ وَيَكُونُ الْمَحْصُولُ لَهُ) بِمَا أَنَّ حَقَّ الْمَالِكِ وَمِلْكَهُ يَزُولَانِ عَنْ الْمَغْصُوبِ وَيَنْقَطِعَانِ وَيُصْبِحُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ مَالِكًا لَهُ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَنْ يَضْمَنَ بَدَلَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَأْخُذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ مُتَغَيِّرٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ
لِأَنَّ تَبَدُّلَ الِاسْمِ يَدُلُّ عَلَى تَبَدُّلِ الْعَيْنِ وَتُعْتَبَرُ عَيْنُ الْمَغْصُوبِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً وَلَا مَوْجُودَةً فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْغَاصِبِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ بِتَبْدِيلِ الْمَغْصُوبِ وَتَغْيِيرِهِ أَبُو السُّعُودِ. الْأَصْلُ: يُوجَدُ أَصْلَانِ فِي مَسَائِلِ الْغَصْبِ.
الْأَصْلُ الْأَوَّلُ: يُسْتَبْدَلُ بِتَبَدُّلِ الِاسْمِ عَلَى انْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ. وَهَذَا الْأَصْلُ يَشْمَلُ عَامَّةَ مَسَائِلِ الْغَصْبِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ طَحَنَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ خَبَزَ الدَّقِيقَ الْمَغْصُوبَ أَوْ عَمِلَ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ قَمِيصًا أَوْ نَسَجَ الْخُيُوطَ الْمَغْصُوبَةَ قُمَاشًا أَوْ الْخُوصَ الْمَغْصُوبَ زِنْبِيلًا أَوْ الْخَشَبَ الْمَغْصُوبَ بَابًا أَوْ الْحَدِيدَ الْمَغْصُوبَ سَيْفًا أَوْ جَزَّ الصُّوفَ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ وَجَعَلَهُ لُبُودًا أَوْ عَصَرَ السِّمْسِمَ الْمَغْصُوبَ زَيْتًا أَوْ عَمِلَ التُّرَابَ الْمَغْصُوبَ لَبِنًا لِلْمَبَانِي أَوْ قِرْمِيدًا أَوْ خَلَّلَ عَصِيرَ الْعِنَبِ الْمَغْصُوبِ فَيَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ وَيَكُونُ قَدْ انْقَطَعَ مِنْهُ حَقُّ الْمَالِكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَفِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ، الْكِفَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ عَمِلَ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ دَقِيقًا فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى الِاسْتِهْلَاكِ هُوَ مَا يَأْتِي: أَنَّ الْحِنْطَةَ قَبْلَ الطَّحْنِ تَكُونُ حَبَّةً مَشْقُوقَةَ الْبَطْنِ وَبَعْدَ الطَّحْنِ لَا تَبْقَى تِلْكَ الصُّورَةُ وَزَوَالُهَا مَعْنًى هُوَ أَنَّ الْحِنْطَةَ تَكُونُ قَبْلَ الطَّحْنِ قَابِلَةً لِلزَّرْعِ وَالْقَلْيِ لِأَنَّهَا تُطْبَخُ هَرِيسَةً وَلَا تَصْلُحُ بَعْدَ الطَّحْنِ كَذَلِكَ وَبِثُبُوتِ هَذَا التَّغَايُرِ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ فِي الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ يُصْبِحُ الدَّقِيقُ جِنْسًا آخَرَ عَنْ الْحِنْطَةِ وَيَنْقَطِعُ عَنْهَا حَقُّ الْمَالِكِ فَلَا يَبْقَى لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقٌّ فِي أَخْذِ الدَّقِيقِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
كَمَا أَنَّهُ يَزُولُ اسْمُ الْحِنْطَةِ بَعْدَ الطَّحْنِ تُصْبِحُ صُورَتُهَا وَمَعْنَاهَا زَائِلَيْنِ أَيْضًا فَزَوَالُ الِاسْمِ يَثْبُتُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: مَعَ أَنَّ اسْمَهَا قَبْلَ الطَّحْنِ حِنْطَةٌ فَيُصْبِحُ دَقِيقًا بَعْدَ الطَّحْنِ. أَمَّا زَوَالُ الصُّورَةِ فَيَثْبُتُ أَيْضًا كَمَا يَلِي: فَعَلَيْهِ لَوْ أَخَذَ أَحَدٌ تُرَابَ عَرْصَةِ آخَرَ مَمْلُوكَةٍ فَيَعْمَلُ مِنْهَا قِرْمِيدًا فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُدَاخَلَةٌ فِي الْقِرْمِيدِ وَيُضَمِّنَهُ بَدَلَ التُّرَابِ فِي مَحِلِّهِ.
وَقَدْ بُنِيَتْ الْمَادَّةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ مِنْ قَانُونِ الْأَرَاضِي عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قِيمَةٌ لِلتُّرَابِ فِي مَحِلِّهِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ شَيْءٌ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 1 88) . وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا بَأْسَ فِي انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ بِالْقِرْمِيدِ الْمَذْكُورِ (الْكِفَايَةُ الْعَيْنِيُّ، الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) كَذَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ شَاةَ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ ذَبَحَهَا وَطَبَخَهَا قَالَ مَالِكُهَا لَا آخُذُ قِيمَةَ شَاتِي وَإِنِّي آخُذُهَا مَطْبُوخَةً فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ مِنْ ذَلِكَ اللَّحْمِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فُلُوسَ آخَرَ فَعَمِلَ مِنْهَا إنَاءً كَانَ الْغَاصِبُ ضَامِنًا الْفُلُوسَ. لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا عَنْ كَوْنِهَا ثَمَنًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ بَذْرَ دُودِ الْقَزِّ أَيْ دُودِ الْحَرِيرِ فَرَبَّاهُ فَأَصْبَحَ دُودًا فَيُصْبِحُ لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ بِطِّيخَةً وَقَسَّمَهَا إلَى عِدَّةِ قِطَعٍ انْقَطَعَ مِنْهَا حَقُّ الْمَالِكِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) .
الْأَصْلُ الثَّانِي - يُسْتَدَلُّ مِنْ بَقَاءِ الِاسْمِ عَلَى عَدَمِ انْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ وَهَذَا الْأَصْلُ أَيْضًا شَامِلٌ لِعَامَّةِ مَسَائِلِ الْغَصْبِ كَقَطْعِ قِطْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْبِطِّيخَةِ الْمَغْصُوبَةِ وَغَصْبِ الْأُرْزِ وَتَقْشِيرِهِ وَدَرْسِ الْحِنْطَةِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَطْ وَغَصْبِ الْحَطَبِ وَقَطْعِهِ وَسَيُوَضَّحُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ قَرِيبًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) إيضَاحُ الْقُيُودِ 1 - الْغَاصِبُ: وَقَدْ أُشِيرَ بِإِسْنَادِ التَّغْيِيرِ إلَى الْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، إذَا غَيَّرَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ وَيَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ اسْتَرَدَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (792) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ عَشْرَ كَيْلَاتٍ حِنْطَةً ثُمَّ أَعْطَاهُ إيَّاهَا قَائِلًا لَهُ اطْحَنْهَا لِي فَطَحَنَهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا مَالُهُ فَلَهُ إمْسَاكُ الدَّقِيقِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ خُيُوطًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَعْطَاهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَائِلًا انْسِجْهَا لِي قُمَاشًا فَنَسَجَهَا وَبَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا لَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ عَنْ تَسْلِيمِ الْقُمَاشِ لِلْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ)
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا غَيَّرَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ بِإِذْنِ وَأَمْرِ ذَلِكَ الْآخَرِ فَيَكُونُ الْمُغَيِّرُ لَصَاحِبَ الْمَالِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (95) فَلَوْ غَزَلَ أَحَدٌ قُطْنَ آخَرَ بِإِذْنِهِ فَالْخُيُوطُ الْمَغْزُولَةُ لِذَلِكَ الْآخَرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ غَزَلْته بِأَمْرِي فَالْخُيُوطُ لِي وَقَالَ الْآخَرُ غَزَلْته بِلَا أَمْرٍ فَقَدْ انْقَطَعَ حَقُّك مِنْهُ وَاخْتَلَفَا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِ الْقُطْنِ وَمَعَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ عَدَمُ الْإِذْنِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (9) وَمَقْصُودُ ذَلِكَ الشَّخْصِ مِنْ هَذِهِ اسْتِحْقَاقُ مِلْكِ الْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (الْخَانِيَّةُ) وَقَدْ وَرَدَ فِي الْخَانِيَّةِ تَفْصِيلَاتٌ فِي مَسْأَلَةِ غَزْلِ الْمَرْأَةِ قُطْنَ زَوْجِهَا 2 - بِحَيْثُ يَتَغَيَّرُ اسْمُهُ: وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِحَيْثُ لَا يُبَدَّلُ اسْمُهُ فَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ وَلْنُوَضِّحْ هَذِهِ بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثٍ أَوَّلًا ذَبْحُ الْغَاصِبِ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ فَقَطْ.
ثَانِيًا: كَسْرُ الْغَاصِبِ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ.
ثَالِثًا: ضَرْبُ السَّبِيكَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمَغْصُوبَةِ نُقُودًا أَوْ عَمَلِهَا إنَاءً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّغْيِيرَاتِ فَلَا تُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: إيضَاحُ ذَبْحِ الشَّاةِ: لَوْ ذَبَحَ الْغَاصِبُ الشَّاةَ الْمَغْصُوبَةَ أَوْ ذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا وَقَطَّعَهَا لَا يَتَغَيَّرُ اسْمُهَا لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ شَاةً مَذْبُوحَةً (الْكِفَايَةُ) إلَّا أَنَّ ذَبْحَ الْغَاصِبِ الشَّاةَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ مِمَّا يَفُوتُ بِهِ أَعْظَمُ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَعْدَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ أَقَطَّعَهَا الْغَاصِبُ أَمْ لَمْ يُقَطِّعْهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَذْبُوحَةً وَضَمِنَ الْغَاصِبُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْغَاصِبِ وَأَخَذَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ تَكُونُ قَدْ فَاتَتْ بَعْضُ مَنَافِعِهَا كَالنَّسْلِ وَبَقِيَتْ مَنَافِعُهَا الْأُخْرَى كَاللَّحْمِيَّةِ فَتَكُونُ مِنْ وَجْهٍ فِي
حُكْمِ التَّالِفَةِ وَمَنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي حُكْمِ الْبَاقِيَةِ وَالْمَوْجُودَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ إنَّ ذَبْحَ الشَّاةِ هُوَ نُقْصَانٌ فِيهَا بِاعْتِبَارِ فَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ وَفَوَاتِ بَعْضِ الْأَغْرَاضِ الْكِفَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَيَوَانُ الْمَذْكُورُ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ أَوْ كَانَ مُعَدًّا لِيَكُونَ قِنْيَةً. وَلِلْحِفْظِ وَلُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلذَّبْحِ هُوَ: لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِصَاحِبِ الْمَالِ بَعْضُ الْمَقَاصِدِ كَتَرْبِيَتِهِ إيَّاهُ مُدَّةً وَتَسْمِينِهِ أَوْ كَانْتِظَارِهِ وَقْتًا مُنَاسِبًا لِذَبْحِهِ فَقَدْ عُدَّتْ إزَالَةُ حَيَاةِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ عَيْبًا (الْهِدَايَةُ) وَقَطْعُ رِجْلَيْ الْحَيَوَانِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ الْأَمَامِيَّتَيْنِ أَوْ الْخَلْفِيَّتَيْنِ فِي حُكْمِ ذَبْحِهِ.
فَعَلَيْهِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ قَطْعِ رِجْلَيْهِ كَتَخْيِيرِهِ فِي حَالِ ذَبْحِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا لَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ غَيْرَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ أَوْ قَطَعَ رِجْلَهُ أَوْ رِجْلَيْهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا لَمْ تَبْقَ لَهُ مَنْفَعَةٌ مَا بَعْدَ أَنْ قُطِّعَ أَوْ ذُبِحَ فَيَكُونُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الْمَالِ. فَلَوْ قَتَلَ الْحِمَارَ قَتْلًا مِنْ غَيْرِ ذَبْحٍ فَلَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِجِلْدِهِ قَبْلَ الدِّبَاغَةِ فَذَبْحُ الْحِمَارِ مَثَلًا لَمَّا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدِّبَاغَةِ وَيَكُونُ لِجِلْدِ الْحِمَارِ قِيمَةٌ فَلِصَاحِبِ الْحِمَارِ أَخْذُهُ مَذْبُوحًا أَوْ مَقْطُوعًا وَتَضْمِينُ الْغَاصِبِ الذَّابِحِ قِيمَةَ النُّقْصَانِ إذْ بَقِيَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ وَقِيمَةٌ بَعْدَ الْقَطْعِ وَالذَّبْحِ (الْكِفَايَةُ) . وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
كَذَلِكَ لَوْ رَكِبَ أَحَدٌ عَلَى فَرَسِ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ فَكُسِرَتْ رِجْلُ الْفَرَسِ وَهُوَ يَمْشِي فَتَعَطَّلَتْ فَلِصَاحِبِ الْفَرَسِ تَرْكُهُ لِلْغَاصِبِ وَتَضْمِينُهُ قِيمَتَهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَهْجَةُ) . وَالتَّفْصِيلَاتُ الَّتِي فِي هَذَا الشَّأْنِ سَتُبَيَّنُ تَحْتَ عِنْوَانِ الْخَاتِمَةِ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْكِتَابِ. كَسْرُ الْغَاصِبِ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ: لَوْ كَسَرَ الْغَاصِبُ الْحَطَبَ الْمَغْصُوبَ بِصُورَةٍ فَاحِشَةٍ فَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَوْ ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ اسْمُهُ وَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، الطَّحْطَاوِيُّ) .
ضَرَبَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ الْمَغْصُوبَيْنِ نُقُودًا أَوْ صَنَعَهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا: لَوْ ضَرَبَ الْغَاصِبُ سَبِيكَةَ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ نُقُودًا أَوْ عَمِلَ مِنْهُمَا إنَاءً أَوْ كَأْسًا فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ فِيهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَيَأْخُذُهُمَا الْمَالِكُ مَجَّانًا لِأَنَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ بَاقِيَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إذْ إنَّ جِسْمَهَا بَاقٍ وَوَزْنُهَا وَثَمَنُهَا اللَّذَانِ هُمَا مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ بَاقِيَانِ أَيْضًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَتَسْقُطُ صَلَاحِيَّةُ اسْتِرْدَادِهِ إيَّاهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) أَمَّا إذَا اتَّخَذَ مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ الْمَغْصُوبَةِ صَفَائِحَ مُطَوَّلَةً أَوْ مُدَوَّرَةً أَوْ مُرَبَّعَةً فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالْإِجْمَاعِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي ذَلِكَ الْمَحِلِّ) .
وَهَلْ يَلْزَمُ ضَمُّ عِبَارَةِ (فَوَاتُ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ) إلَى فِقْرَةِ (تَبَدَّلَ اسْمُهُ) ؟ قَدْ جَاءَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ وَتَزُولُ أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ إلَخْ) وَجَاءَ فِي بَعْضِهَا (تَغْيِيرُهُ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ إلَخْ) فَقَطْ. وَإِنْ يَكُنْ الْقُهُسْتَانِيُّ قَالَ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ زَوَالَ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ زَوَالَ الِاسْمِ يُوجِبُ زَوَالَ أَعْظَمِ
مَنَافِعِهِ فَلَا لُزُومَ لِإِضَافَةِ (إذَا زَالَ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ) مَثَلًا الْحِنْطَةُ فَكَمَا أَنَّهَا تَكُونُ بَذْرًا تُعْمَلُ هَرِيسَةً وَكِشْكًا وَنِشَاءً أَمَّا إذَا عُمِلَتْ دَقِيقًا فَكَمَا يَتَبَدَّلُ اسْمُهَا فَتَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا حِنْطَةً فَلَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ بَذْرًا أَوْ أَنْ يُعْمَلَ مِنْهَا هَرِيسَةٌ وَنِشَاءٌ وَهُنَا قَدْ بُيِّنَ أَنَّهُ يَزُولُ أَعْظَمُ الْمَنَافِعِ بِتَبْدِيلِ الِاسْمِ وَقَدْ قَبِلَتْ الْمَجَلَّةُ ذَلِكَ أَيْضًا. 3 - إذَا غَيَّرَ: أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِدُونِ فِعْلِ الْغَاصِبِ كَصَيْرُورَةِ الْعِنَبِ زَبِيبًا وَالْخَمْرِ خَلًّا وَالرُّطَبِ تَمْرًا، فَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (897) . وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لِلْغَاصِبِ يَعْنِي يَكُونُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ. لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِيهِ صِفَةً مُتَقَوِّمَةً صَارَ حَقُّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَبِتَغَيُّرِ اسْمِهِ وَبِفَوْتِ أَعْظَمِ مَنَافِعِهِ يَبْقَى حَقُّ الْغَاصِبِ بِالصِّفَةِ بَاقِيًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُرَجَّحُ الْحَقُّ الْبَاقِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْحَقِّ الْهَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (الْهِدَايَةُ) . وَصَيْرُورَةُ الصِّفَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا الْغَاصِبُ مُتَقَوِّمَةً نَاشِئَةٌ عَمَّا يَأْتِي: طَبْخُ الشَّاةِ مَثَلًا أَوْ جَعْلُهَا شِوَاءً وَطَحْنُ الْحِنْطَةِ مَا يَزِيدُ قِيمَتَهَا. وَالسَّبَبُ فِي صَيْرُورَةِ حَقِّ الْمَالِكِ هَالِكًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ هُوَ: أَنَّ الْعِلْمَ بِقِيَامِ الشَّيْءِ إنَّمَا يَكُونُ بِصُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَقَطْ وَالصُّورَةُ قَدْ زَالَتْ (الْعَيْنِيُّ) . وَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَنْقَطِعُ حَقُّ صَاحِبِ الْمَالِ بَعْدَ تَغْيِيرِ الْغَاصِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَهَلْ صَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لِلْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَشْرُوطَةٌ بِالضَّمَانِ وَإِلَّا فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ قَبْلَ الضَّمَانِ؟ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي، الْبَابِ الثَّامِنِ) .
فَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْغَاصِبَ يَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ تَغْيِيرِهِ الْمَغْصُوبَ لِأَنَّهُ مَعَ انْقِطَاعِ حَقِّ مِلْكِيَّةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْغَاصِبُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا بِلَا مَالِكٍ. لَكِنْ لَا يَحِلُّ لِلْغَاصِبِ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ أَيْ أَنَّ فِيهِ حُكْمَيْنِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: انْقِطَاعُ مِلْكِيَّةِ الْغَاصِبِ مِنْهُ مِنْ الْمَغْصُوبِ وَصَيْرُورَةُ الْغَاصِبِ مَالِكًا لَهُ. وَهَذَا الْحُكْمُ يَحْصُلُ بِتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الضَّمَانِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ (الْبَزَّازِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ الْهِدَايَةِ) .
وَالْحُكْمُ الثَّانِي: تَحْلِيلُ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ بِالْمَغْصُوبِ الْمُتَغَيِّرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَهَذَا الْحُكْمُ مَوْقُوفٌ اسْتِحْسَانًا عَلَى رِضَا الْمَالِكِ وَيَكُونُ رِضَى الْمَالِكِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ: أَوَّلًا، أَدَاءُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الضَّمَانِ. ثَانِيًا، حُكْمُ الْحَاكِمِ بِبَدَلِ الضَّمَانِ وَقَضَاؤُهُ بِهِ. لِوُجُودِ الرِّضَى مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ إلَّا بِطَلَبِهِ (الْجَوْهَرَةُ) . ثَالِثًا، تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ عَلَى بَدَلٍ مُعَيَّنٍ. رَابِعًا، إبْرَاءُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْغَاصِبَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْطُ الطِّيبِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ بِالْبَدَلِ وَعِنْدَهُمَا أَدَاءُ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُمَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ (الْخَانِيَّةُ) وَعَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى قَوْلِهِمَا الْفَتْوَى الْقُهُسْتَانِيُّ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ شَاةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَذَبَحَهَا أَوْ طَبَخَهَا أَوْ شَوَاهَا كَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَا يَرْضَى أَنْ يُضَمِّنَهُ لَمْ يُسَغْ لِلَّذِي ذَبَحَهَا أَوْ شَوَاهَا أَنْ يَأْكُلَهَا وَيُطْعِمَ مِنْهَا أَحَدًا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْهُ حَتَّى يَضْمَنَ لِلَّذِي
صَنَعَ بِهَا ذَلِكَ قِيمَتَهَا بِقَضَاءِ قَاضٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ وَيَسَعُهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ أَنْ يُطْعِمَ مَنْ أَحَبَّ إذَا أَدَّى الْقِيمَةَ أَوْ كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْقِيمَةَ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ اللَّحْمَ وَهُوَ مَطْبُوخٌ أَوْ مَشْوِيٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .
أَمَّا الْقِيَاسُ فَحَلَّ الِانْتِفَاعُ بِدُونِ الرِّضَا كَذَلِكَ قَدْ وَرَدَ هَذَا الْوَجْهُ عَلَى رِوَايَةٍ. لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُجَوَّزَ بِتَصَرُّفِ الْغَاصِبِ ثَابِتٌ وَيَجُوزُ بَيْعُ وَهْبَةِ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ الضَّمَانِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ قَبْلَ الضَّمَانِ نُفِّذَ مَعَ الْحُرْمَةِ (الْهِدَايَةُ، الْبَزَّازِيَّةُ، جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) . وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ يَكُونُ بَلْعُهُ إيَّاهُ حَلَالًا (الْهِدَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْخَانِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ: هُوَ الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْقَائِلُ فِي الشَّاةِ الْمَغْصُوبَةِ الْمَذْبُوحَةِ الْمَشْوِيَّةِ «أَطْعِمُوهَا الْأُسَارَى» . وَهَذَا الْأَمْرُ الْعَالِي يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ حِلِّ انْتِفَاعِ الْغَاصِبِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ عِنْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ. فَأَمْرُهُ بِالتَّصَدُّقِ مَعَ كَوْنِ الْمَالِكِ مَعْلُومًا يُبَيِّنُ أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ مَلَكَهَا إذْ مَالُ الْغَيْرِ يُحْفَظُ عَنْهُ إذَا أَمْكَنَ وَثَمَنُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمَّا أَمَرَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَلَكَهَا وَعَلَى حُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ الْإِرْضَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ حِلُّ الِانْتِفَاعِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَقَبْلَ الْإِرْضَاءِ مُوجِبًا لِفَتْحِ بَابِ الْغَصْبِ فَقَدْ كَانَ الِانْتِفَاعُ حَرَامًا قَبْلَ الْإِرْضَاءِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ (الْهِدَايَةُ) . وَعِنْدَ بَعْضِ عُلَمَاءِ آخَرِينَ لَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ بِمُجَرَّدِ التَّغْيِيرِ. بَلْ يَحْصُلُ الْمِلْكُ بِأَمْرٍ مِنْ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ يَعْنِي يَكُونُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ أَوْ بِالْحُكْمِ بِالضَّمَانِ أَوْ بِتَرَاضِي الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الضَّمَانِ. وَعَلَيْهِ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ طَعَامًا وَمَضَغَهُ وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَلَعَهُ فَيَكُونُ بَلَعَ حَرَامًا وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ أَنَّ الرَّأْيَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ هُوَ هَذَا (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) . كُلُّ مَوْضِعٍ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ سَائِرِ غُرَمَاءِ الْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إلَّا أَنَّ هَذِهِ الْأَحَقِّيَّةَ مَعَ ذَلِكَ لَمْ تَبْلُغْ دَرَجَةَ الرَّهْنِ فَلَوْ ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ يَضِيعُ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
مِثَالٌ أَوَّلُ: لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حِنْطَةً وَطَحَنَهَا الْغَاصِبُ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا وَكَانَ الدَّقِيقُ لَهُ كَمَا إذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَأَحْرَقَهُ فَصَارَ رَمَادًا فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ بِالِاسْتِهْلَاكِ فَكَذَا هَذَا (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيَتَفَرَّعُ عَنْ كَوْنِ الدَّقِيقِ لِلْغَاصِبِ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ: أَوَّلًا - إذَا امْتَنَعَ الْمَالِكُ عَنْ أَخْذِ الْبَدَلِ وَأَرَادَ أَخْذَ الدَّقِيقِ عَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ (الْعَيْنِيُّ) . ثَانِيًا - لَوْ عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الدَّقِيقِ الْمَذْكُورِ خُبْزًا وَأَطْعَمَهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا يَحْصُلُ الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَخْلُصُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (79) . ثَالِثًا - لَوْ ظَهَرَ لِذَلِكَ الدَّقِيقِ مُسْتَحِقٌّ
وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ بَعْدَ الِادِّعَاءِ وَالْإِثْبَاتِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْحِنْطَةَ أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ خَاطَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ قَمِيصًا لَهُ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ الْقَمِيصِ وَضَبَطَهُ مِنْ يَدِهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ بَدَلَ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعَ عَشَرَ) أَمَّا لَوْ ضُبِطَتْ الْحِنْطَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ أَنْ تُطْحَنَ وَالْقُمَاشُ قَبْلَ أَنْ يُخَاطَ قَمِيصًا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (891) كَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ أَحَدٌ مِنْشَارًا وَانْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ النَّشْرِ مِنْ وَسَطِهِ وَوَصَلَهُ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ انْقَطَعَ حَقُّ الْمَالِكِ وَضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ الْمِنْشَارِ مُنْكَسِرًا (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ الطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّ الْمِنْشَارَ إذَا انْقَطَعَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْشَارًا وَالْمِنْشَارُ وَإِنْ كَانَ وَهُوَ مُنْكَسِرٌ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَهُ الْمُسْتَعِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ قَدْ غَيَّرَهُ بِصُورَةٍ يَتَبَدَّلُ فِيهَا اسْمُهُ وَمِلْكُهُ وَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ. مِثَالٌ ثَانٍ - لَوْ وَضَعَ الْبَيْضَ الَّذِي غَصَبَهُ تَحْتَ دَجَاجَتِهِ فَفَرَّخَتْ كَانَتْ الْفِرَاخُ مَالَهُ وَضَمِنَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيْضَ (الْبَزَّازِيَّةُ) . مِثَالٌ ثَالِثٌ - لَوْ عَجَنَ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ صَنَعَ الصُّفْرَ الْمَغْصُوبَ أَوَانِيَ أَوْ الْجِلْدَ فَرْوًا أَوْ جِرَابًا فَبِمَا أَنَّهُ يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهَا لِتَبَدُّلِهَا اسْمًا وَمَعْنًى بِفِعْلِ الْغَاصِبِ فَتَبْقَى لِلْغَاصِبِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ الدَّقِيقَ أَوْ الصُّفْرَ أَوْ الْجِلْدَ إذَا كَانَ جِلْدَ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ (الْهِنْدِيَّةُ، الْعَيْنِيُّ، أَبُو السُّعُودِ) .
وَقَدْ بُيِّنَتْ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى أَيْضًا فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ. كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ حِنْطَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا فِي مَزْرَعَتِهِ ضَمِنَ حِنْطَتَهُ وَكَانَ الْمَحْصُولُ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دَخْلٌ فِي الْمَحْصُولِ الْمَذْكُورِ (الْبَهْجَةُ) . وَلَمَّا كَانَ لَا يُوجَدُ تَغْيِيرٌ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ بِحَيْثُ يَتَبَدَّلُ اسْمُهُ فَلَا تُعَدُّ هَذِهِ الْفِقْرَةُ مِنْ فَرَوْعَاتِ هَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ إنَّ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ اُسْتُهْلِكَتْ بِالزَّرْعِ فَلُزُومُ الضَّمَانِ فِيهَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمِ الْمَادَّةِ (1 89) حَتَّى أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا فِيمَا إذَا لَمْ يَزْرَعْ الْغَاصِبُ الْحِنْطَةَ الْمَغْصُوبَةَ فِي أَرْضِهِ وَزَرَعَهَا فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ مِنْ الْغَيْرِ أَوْ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ وَإِنْ تَبَدَّلَ اسْمُ الْحِنْطَةِ إذَا زُرِعَتْ فَنَبَتَتْ وَاخْضَرَّتْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي لُزُومِ ضَمَانِ الْحِنْطَةِ الْمَزْرُوعَةِ أَنْ تَنْبُتَ وَتَخْضَرَّ وَيَتَغَيَّرَ اسْمُهَا بَلْ يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِيهَا إذَا زُرِعَتْ حَتَّى لَوْ لَمْ تَنْبُتْ مُطْلَقًا وَقَدْ وَصَفَتْ الْهِدَايَةُ صُورَةَ الزَّرْعِ بِالِاسْتِهْلَاكِ إذْ قَالَتْ فِي ذَلِكَ لِوُجُودِ الِاسْتِهْلَاكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ لَيْسَتْ مِثَالًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ بَلْ هِيَ نَظِيرٌ وَشَبِيهٌ لَهَا فِي لُزُومِ الضَّمَانِ نَظِيرَ آخَرَ: لَوْ أَدْخَلَ الْغَاصِبُ الْحَجَرَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ الْآجُرَّ أَوْ الْكِلْسَ الْمَغْصُوبَ فِي بِنَائِهِ يَعْنِي لَوْ أَدْخَلَهُ فِي إنْشَاءِ بِنَائِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ كَانَ ضَامِنًا.
وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ الْأَبْنِيَةِ وَاسْتِرْدَادُهُ عَيْنًا عَلِيٌّ أَفَنْدِي. لِأَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِي الْبِنَاءِ يَسْتَلْزِمُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِوَاحِدٍ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْغَاصِبِ هُوَ تَخْرِيبُ بِنَائِهِ وَإِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ هُوَ تَضْيِيعُ حَقِّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَإِنَّ