الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَسْأَلَةُ - إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: كُنْت وَضَعْت الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلٍّ وَلَا أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعْتهَا وَقَدْ نَسِيت يَضْمَنُ كَمَا لَوْ قَالَ: وَضَعْت الدَّرَاهِمَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِي وَبِوَقْتِهَا فَقَدْتهَا، يَضْمَنُ أَيْضًا.
17 -
مَسْأَلَةُ - إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِجَانِبِهِ وَاتَّكَأَ وَنَامَ فَسُرِقَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُ. مَا لَمْ يُحَصِّلْ هَذَا الْمَالَ فِي السَّفَرِ. فَلَا يَضْمَنُ إذْ ذَاكَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَّكِئْ وَتَنَاوَلَ فِي مَحِلِّهِ وَفُقِدَتْ لَا يَضْمَنُ.
18 -
مَسْأَلَةُ - إذَا نَزَعَ الْمُسْتَوْدَعُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ وَلَمَّا غَطَسَ وَغَابَتْ الْوَدِيعَةُ عَنْ نَظَرِهِ سُرِقَتْ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُهَا كَمَا أَنَّهُ إذَا نَسِيَهَا هُنَاكَ وَفُقِدَتْ يَضْمَنُهَا أَيْضًا.
[
(الْمَادَّةُ 780) حِفْظُ الْمُسْتَوْدَع الْوَدِيعَة]
(الْمَادَّةُ 780) :
يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مِثْلَ مَالِهِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ. وَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ عِنْدَ أَمِينِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا عَلَى الْأَمِينِ.
يَحْفَظُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أُودِعَتْ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ (يَعْنِي لَمْ تُقَيَّدْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ 784) مِثْلَ مَالِهِ يَعْنِي كَمَا أَنَّهُ يَحْفَظُ مَالَهُ بِالذَّاتِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ يَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ أَيْضًا أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ أَيْ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ عَلَى مَالِهِ وَمَنْ هُوَ أَهْلٌ وَمُقْتَدِرٌ عَلَى الْحِفْظِ. وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُودِعُ نَهَى عَنْ إعْطَائِهَا الْأَمِينَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُودِعُ مَجْبُورًا عَلَى ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَتُعْطَى لَهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْبُورًا يُعْتَبَرُ النَّهْيُ وَلَا تُعْطَى. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (784) . وَكَمَا أَنَّ الْأَمِينَ يَحْفَظُهَا بِالذَّاتِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا أَيْضًا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ (الْبَحْرُ) .
فِقْرَةُ (أَوْ) مَعْطُوفَةٌ عَلَى كَلِمَةِ (بِالذَّاتِ) . يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مَالَ نَفْسِهِ بِالذَّاتِ وَبِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ لَهُ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ أَيْضًا بِالذَّاتِ أَوْ بِمَعْرِفَةِ أَمِينِهِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ. فَإِذَا ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ وَهُوَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَكُونُ مَسْئُولًا وَلَا ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ حَفِظَ الْوَدِيعَةَ كَمَا حَفِظَ مَالَ نَفْسِهِ وَجَعَلَ الْوَدِيعَةَ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ شَيْءٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
وَلَكِنَّ تَرْكَ الْحِفْظِ بِلَا عُذْرٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ. وَأَمَّا تَرْكُ الْحِفْظِ بِعُذْرٍ لَا يَسْتَلْزِمُ الضَّمَانَ. كَمَا لَوْ سَلَّمَ شَخْصٌ أَمْتِعَتَهُ وَحِمَارَهُ الْمُحَمَّلَ إلَى رَجُلٍ ذَاهِبٍ إلَى مَحِلٍّ مَعَ بِغَالِهِ وَأَمَرَهُ بِأَنْ يُسَلِّمَهَا لِفُلَانٍ فِي الْمَحِلِّ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَمَا هُوَ سَائِرٌ وَقَعَ بَغْلُهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمَّا كَانَ مَشْغُولًا بِهِ هَرَبَ الْحِمَارُ الْحَامِلُ الْوَدِيعَةَ وَفُقِدَ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ بَغْلَهُ وَأَمْوَالَهُ تَضِيعُ عَلَى تَقْدِيرِ تَرْكِهِ إيَّاهَا وَانْصِرَافِهِ وَرَاءَ الْحِمَارِ الْمَفْقُودِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْحِمَارِ وَالْأَمْتِعَةِ. كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (609) وَشَرْحِهَا وَالْحُكْمُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ.
وَيَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَجَلَّةِ (يَحْفَظُهَا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ) أَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِأَمِينِهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَأَمَّا إذَا طَلَبَهَا الْأَمِينُ كَيْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَعْطَاهُ إيَّاهَا الْمُسْتَوْدَعُ يَضْمَنُهَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
هَلْ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَقَاضَى أُجْرَةً لِأَجْلِ الْحِفْظِ بِلَا مُقَاوَلَةٍ؟ .
لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةَ هَذَا الْحِفْظِ. إلَّا إذَا كَانَتْ مُقَاوَلَةً؛ لِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِمَنْ يَعْمَلُ لِأَجْلِ الْغَيْرِ أَمَانَةً. مَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَنَاظِرًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ أَوْ ضَيَاعِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (777) لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَمِينِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ إذَا تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ فُقِدَتْ بِيَدِ الْأَمِينِ الْمَذْكُورِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّتَيْنِ (91 و 777) .
مَثَلًا إذَا غَسَلَ غَسَّالٌ الثِّيَابَ وَعَلَّقَهَا فِي دُكَّانِهِ ثُمَّ تَرَكَ ابْنَ أَخِيهِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَذَهَبَ فَسُرِقَتْ الثِّيَابُ مِنْ الدُّكَّانِ حِينَمَا نَزَلَ مَثَلًا ابْنُ الْأَخِ إلَى سِرْدَابِ الدُّكَّانِ فَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَخِ أَجِيرَ الْغَسَّالِ وَتِلْمِيذَهُ وَكَانَ بَالِغًا أَوْ صَبِيًّا مَأْذُونًا يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ فِي حَالَةِ أَنَّهَا تُرَى مِنْ السِّرْدَابِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَلَا عَلَى الْغَسَّالِ. وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَسَّالِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ حَفِظَ الثِّيَابَ بِأَمِينِهِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ وَبِأَمِينِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ نَظَرًا لِلْقَوْلِ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ كَمَا أَنَّ عَدَمَ تَرَتُّبِ الضَّمَانِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ نَشَأَ عَنْ أَنَّهُ يَرَى الثِّيَابَ مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ وَلَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ. وَإِذَا كَانَتْ الثِّيَابُ لَا تُرَى مِنْ الْمَحِلِّ الَّذِي نَزَلَ فِيهِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحِفْظَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَسَّالِ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ لَا يُؤَاخَذُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ وَتَضْيِيعِ الْوَدِيعَةِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) وَقَدْ مَرَّ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (776) .
اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمِينِ وَالْقَوْلُ الَّذِي اخْتَارَتْهُ الْمَجَلَّةُ: هَلْ إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ شَرْطُ؟ .
بَيَانِ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ وُجُودَ هَذَا الْأَمِينِ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ شَرْطٌ.
مِثَالٌ عَلَى الِابْنِ فِي عِيَالِ أَبِيهِ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ ابْنِهِ الْأَمِينِ الْبَالِغِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ الْمَوْجُودِ فِي عِيَالِهِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ ابْنَهُ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَالْغَائِبَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ عَيَّنَ الْبَلَدَ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّهُ سَلَّمَهَا إلَى ذَاكَ الشَّخْصِ الْحَاضِرِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ أَعْطَاهَا الِابْنَ الْمَرْقُومَ لِذَاكَ الشَّخْصِ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ.
وَكَأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَجْعَلُ الِابْنَ الْمَرْقُومَ مَحِلَّهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْبَحْرُ) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنَّهُ أَعْطَى الْوَدِيعَةَ أَمِينَهُ ابْنَهُ ذَاكَ الْمَوْجُودَ فِي عِيَالِهِ وَبَعْدَ أَنْ أَنْكَرَ الِابْنُ تُوُفِّيَ وَكَانَ الْأَبُ وَارِثًا لَهُ تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ.
مِثَالٌ عَلَى مَنْزِلَةِ عِيَالٍ: إذَا آجَرَ شَخْصٌ غُرْفَةً مِنْ غُرَفِ بَيْتِهِ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَسَلَّمَ الْوَدِيعَةَ إلَى هَذَا الْمُسْتَأْجِرِ يُنْظَرُ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ مَفَاتِيحُ عَلَى حِدَةٍ وَكَانَ يَدْخُلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَا مَانِعٍ إلَى مَحِلِّ إقَامَةِ الْآخَرِ كَانَ الضَّمَانُ غَيْرَ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ.
وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِفْتَاحٌ عَلَى حِدَةٍ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا فِي مَنْزِلَةِ عِيَالِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَنَظَرًا لِقَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: هَذَا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ لِشَخْصٍ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ عِنْدَ هَلَاكِهَا وَإِنْ كَانَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ أَمِينَهُ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (272) بِخُصُوصِ تَعْرِيفِ الْعِيَالِ.
وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَتَى حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ أَمِينٍ لَهُ يَجُوزُ هَذَا الْحِفْظُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْأَمِينُ فِي عِيَالِهِ وَنَظَرًا لِهَذَا الْقَوْلِ فَلِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ الْأَمِينِ وَشَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا، وَالْحَاصِلُ بِوَاسِطَةِ مَنْ يَأْتَمِنُهُ عَلَى حِفْظِ مَالِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَثَلًا فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ كَحِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا. وَكَمَا أَنَّ الْفَتْوَى هِيَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَبِمَا أَنَّهُ أَفْتَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا فِي الْفَتَاوَى الْمُسَمَّاةِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي يَظْهَرُ مِنْ إتْيَانِ لَفْظِ أَمِينٍ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّ الِاخْتِيَارَ وَقَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا يُسْتَخْرَجُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ عِبَارَةِ (أَوْ لِلشَّخْصِ الَّذِي اعْتَادَ حِفْظَ مَالِ نَفْسِهِ) الْوَارِدَةِ فِي الْمَادَّةِ (874) وَمِنْ قَوْلِهِ:(يَحْفَظُ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ كَخَادِمِهِ أَوْ شَرِيكِهِ أَوْ عِيَالِهِ) فِي الْمَادَّةِ (722) ؛ لِأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لِسَبَبِهِ أَيْضًا. أَمَّا كُلُّ فِعْلٍ لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ لِسَبَبِهِ أَيْضًا. وَلَكِنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا هَلَكَتْ لَا تُضْمَنُ (الزَّيْلَعِيّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَأَمَّا الْمَرْهُونُ إذَا هَلَكَ يُضْمَنُ بِغَيْرِهِ.
الْحِفْظُ بِوَاسِطَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ: نَظَرًا لِلْقَوْلَيْنِ السَّالِفِي الْبَيَانِ يُشْتَرَطُ لِحِفْظِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ عِيَالِهِ أَنْ تَكُونَ الْعِيَالُ أُمَنَاءَ وَأَشَارَتْ الْمَجَلَّةُ إلَى هَذَا بِلَفْظِ أَمِينٍ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ بِوَاسِطَةِ شَخْصٍ غَيْرِ أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ فِي عِيَالِ الْمُسْتَوْدَعِ.
أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْأَمِينِ: الْحَاصِلُ فِي الْأَمِينِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ.
الْمُسْتَوْدَعُ الَّذِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ: (1) إمَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ شَخْصٌ أَمِينٌ.
(2)
أَوْ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ أَلْبَتَّةَ.
(3)
أَوْ يُعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَمِينٍ.
وَلَهُ أَنْ يُودِعَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ.
وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ أَيْضًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الطَّحْطَاوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَعَ إنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِوَاسِطَةِ زَوْجَتِهِ الْأَمِينَةِ السَّاكِنَةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِوَاسِطَةِ زَوْجَتِهِ غَيْرِ الْأَمِينَةِ.
كَمَا أَنَّهُ نَظَرًا لِقَوْلِ الثَّانِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا بِوَاسِطَةِ شَرِيكِهِ مُفَاوَضَةً، وَحَيْثُ إنَّ هَذَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الشَّرِيكِ أَمِينًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْفَظَهَا إنْ كَانَ غَيْرَ أَمِينٍ.
حَتَّى أَنَّهُ إذَا حَفِظَهَا بِوَاسِطَةِ الشَّرِيكِ وَهَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ بِيَدِ الشَّرِيكِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا.
وَبِمَا أَنَّ فَائِدَةَ قَيْدِ (بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ) سَتُفْهَمُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (790) فَلْتُرَاجِعْ.
الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَمِينِ: يَظْهَرُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَشْرُوحِ أَنَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَخَصُّ مُطْلَقًا وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَعَمُّ مُطْلَقًا فَحِينَمَا يَكُونُ إيدَاعُ الْمُسْتَوْدَعِ لِغَيْرِهِ وَحِفْظُهُ بِوَاسِطَتِهِ صَحِيحًا يَكُونُ صَحِيحًا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضًا.
الْحُكْمُ فِي الْحِفْظِ بِوَاسِطَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ، إذَا حَفِظَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ غَيْرِ أَمِينٍ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ الْوَدِيعَةُ فَالْمُودِعُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ ذَلِكَ الشَّخْصَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (790) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَلَا يَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِ