الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا أَوْدَعَهَا الْأَجْنَبِيُّ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ بِإِذْنِ الْمُودِعِ فَالْحُكْمُ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (787) . كَمَا أَنَّ نَظِيرَ هَذَا يَجِيءُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا.
[
(الْمَادَّةُ 790) لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ]
(الْمَادَّةُ 790) :
لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ.
فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ يَضْمَنُ وَإِذَا هَلَكَتْ بِتَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَتَقْصِيرِهِ فَإِنْ شَاءَ الْمُودِعُ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي.
لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ (1) بِلَا عُذْرٍ (2) بِلَا إذْنٍ (3) بِلَا قَصْدٍ (4) عِنْدَ آخَرَ يَعْنِي عِنْدَ شَخْصٍ لَيْسَ بِأَمِينِهِ.
(رَاجِعْ الْمَادَّةَ 96) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَرْضَ بِحِفْظِ غَيْرِ الْمُسْتَوْدَعِ وَالْأَيْدِي تَخْتَلِفُ فِي الْأَمَانَةِ. ثُمَّ لَا يُمْكِنُ لِشَيْءٍ أَنْ يَتَضَمَّنَ مِثْلَهُ. كَمَا لَا يُمْكِنُ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُضَارَبَةِ.
وَتُوجَدُ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ مَالِكُهَا أَنْ يُمَلِّكَهَا لِغَيْرِهِ. أَوَّلُهَا: مَذْكُورٌ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُمَلِّكَ الْحِفْظَ لِآخَرَ وَهُوَ مَالِكٌ لَهُ.
الثَّانِي: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (743) .
الثَّالِثُ: لَيْسَ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي الْبَيْعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1466) .
الرَّابِعُ: لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الشَّيْءِ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِينَ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ لِآخَرَ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 427) .
الْخَامِسُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ الْمُعَارَ الَّذِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِينَ لِآخَرَ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 820) .
السَّادِسُ: لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ أَنْ يُعْطِيَ الْأَرْضَ لِآخَرَ عَلَى طَرِيقِ الْمُزَارَعَةِ.
السَّابِعُ: لَيْسَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ إلَى آخَرَ.
الثَّامِنُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ أَنْ يُبْضِعَ.
التَّاسِعُ: لَيْسَ لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
(1)
" الْوَدِيعَةُ " يَظْهَرُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّ إعْطَاءَ مِفْتَاحِ الْحُجْرَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِيهِ الْوَدِيعَةُ لِآخَرَ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا لِتِلْكَ الْحُجْرَةِ إلَيْهِ وَبِهَذَا لَا تَكُونُ الْوَدِيعَةُ أُودِعَتْ عِنْدَ آخَرَ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُ بِهَذَا الْمِقْدَارِ ضَمَانٌ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ (الْبَحْرُ) .
(2)
" بِلَا عُذْرٍ " لِأَنَّهُ عِنْدَ وُقُوعِ حَرِيقٍ فِي دَارِ الْمُسْتَوْدَعِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (784) لِكَوْنِ الْمُسْتَوْدَعِ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِالذَّاتِ أَوْ بِأَمِينِهِ فَإِذَا وَضَعَهَا فِي دَارِ جَارِهِ وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْوَضْعَ عِنْدَ الْجَارِ مَعْدُودٌ مِنْ الْإِيدَاعِ.
إنَّمَا بَعْدَ حُصُولِ الِاضْطِرَارِ لِلْإِيدَاعِ عِنْدَ الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى أَعْذَارٍ كَهَذِهِ إذَا لَمْ يَسْتَرِدَّهَا فِي حَالَةِ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ نَظَرًا لِبَيَانِ قَاضِي خَانْ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . وَلَكِنْ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَدِيعَةَ مِنْ ذَلِكَ الْآخَرِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ. حَيْثُ إنَّ مَا ثَبَتَ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارِهَا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (22) وَلِكَوْنِ الضَّرُورَةِ تَرْتَفِعُ بَعْدَ زَوَالِ الْحَرِيقِ فَإِذَا لَمْ يَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ يَكُونُ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ ابْتِدَاءً وَبِلَا ضَرُورَةٍ وَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ وَقَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَمَا أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ خَطَرُ غَرَقِ السَّفِينَةِ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا الْمُسْتَوْدَعُ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمَوْجُودِ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى لِعَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ وُجُودِ أَمِينٍ يَسْتَلِمُ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ هُنَاكَ لَا يَضْمَنُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 21)" تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ".
(3)
" بِلَا إذْنٍ "؛ لِأَنَّهُ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ ابْتِدَاءً بَعْدَ إيدَاعِهِ فَإِنْ أَجَازَهُ الْمُودِعُ صَارَ جَائِزًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ الْآتِيَةَ وَشَرْحَهَا) .
وَحِينَمَا يُودِعُ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ يَخْرُجُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ وَيَكُونُ الْآخَرُ مُسْتَوْدَعًا (رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 1452، 1459) الْخُلَاصَةُ ".
حَتَّى لَوْ اسْتَرْجَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْآخَرِ بِلَا إذْنٍ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ بِإِذْنِ الْمُودِعِ وَهَلَكَتْ بِيَدِهِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَكُونُ ضَامِنًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْقَوْلُ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. مَثَلًا لَوْ أَنَّهُ بَعْدَ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ إلَى شَخْصٍ آخَرَ بِإِذْنِ الْمُودِعِ حَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُودِعِ وَبَيْنَ الْمُسْتَوْدَعِ فِيمَا إذَا قَالَ الْمُودِعُ: لَمْ آمُرْ بِإِعْطَائِهَا ذَلِكَ الشَّخْصَ، وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: أَمَرْتَ بِإِعْطَائِهَا ذَلِكَ الشَّخْصَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ فِي أَصْلِ الْإِذْنِ وَلِكَوْنِ الْمُسْتَوْدَعِ أَمِينًا فَقَبُولُ قَوْلِهِ لَازِمٌ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 1774) .
وَلَكِنْ إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنِّي أَعْطَيْتهَا لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ بِأَمْرِك، لَا يَثْبُتُ أَخْذُ ذَلِكَ الشَّخْصِ لَهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا الْكَلَامِ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (78) .
مَثَلًا لَوْ أَمَرَ الْمُودِعُ الْمُسْتَوْدَعَ بِأَنْ يُعْطِيَهَا إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنِّي أَعْطَيْته إيَّاهَا، فَأَنْكَرَ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ وَقَالَ الْمُودِعُ أَيْضًا: لَمْ تُعْطِهِ فَالْقَوْلُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُسْتَوْدَعِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) وَلَكِنْ حَيْثُ إنَّ كَلَامَ الْمُسْتَوْدَعِ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَلْزَمُ مَسْئُولِيَّتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْعَجْزِ عَنْ إثْبَاتِ أَخْذِهِ.
كَمَا لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: إنِّي بَعْدَ أَنْ أَمَرْتُ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ مِنْك نَهَيْته فَأَجَابَ الْمُسْتَوْدَعُ جَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنِّي بِمُوجِبِ أَمْرِك وَأَفَادَ الشَّخْصُ الْمَرْقُومُ أَنَّهُ وَصَلَ عِنْدَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الْوَدِيعَةَ يَبْرَأُ الْمُسْتَوْدَعُ.
(4)
" قَصْدًا "؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ التَّبَعِيَّ جَائِزٌ. مَثَلًا لَوْ دَخَلَ شَخْصٌ حَمَّامًا وَبَعْدَ أَنْ نَزَعَ ثِيَابَهُ وَضَعَهَا مَعَ الْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَهُ أَمَامَ صَاحِبِ الْحَمَّامِ ثُمَّ سُرِقَتْ فَالْأَنْسَبُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أُودِعَتْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَ آخَرَ فَهَذَا الْإِيدَاعُ ضِمْنِيٌّ وَغَيْرُ قَصْدِيٍّ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 54) .
(5)
" عِنْدَ آخَرَ "؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يُودِعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ أَمِينِهِ. " رَاجِعْ الْمَادَّةَ 780 ".
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا كَيْ يُعْطِيَهُ إلَى شَخْصٍ آخَرَ وَبَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْآخَرَ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى رَجُلٍ حَتَّى يُعْطِيَهُ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآخَرِ ضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَمِينَ الْآخَرِ الْمَرْقُومِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخَرِ الْمَذْكُورِ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينَهُ يَضْمَنُ رَدُّ الْمُحْتَارِ ".
وَإِذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنٍ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَلِلْمُسْتَوْدَعِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهَا وَهَلَكَتْ بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَإِذَا كَانَ هَلَاكُهَا حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ تَرَكَ حِفْظَ الْوَدِيعَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
صُورَةُ الضَّمَانِ، هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهَا يَوْمَ وُقُوعِ تَعَدِّي الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (703) .
غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَيْدَانِ وَشَرْطَانِ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ:
الْقَيْدُ الْأَوَّلُ: لُزُومُ الضَّمَانِ بِهَذَا التَّقْدِيرِ كَمَا أُشِيرَ إلَيْهِ شَرْحًا يَكُونُ فِي صُورَةِ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ. وَعَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي نَاشِئٌ عَنْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْمَذْكُورَ قَبَضَ الْمَالَ مِنْ يَدِ الْأَمِينِ وَعَدَمُ لُزُومِهِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ نَشَأَ عَنْ عَدَمِ تَرْكِهِ الْحِفْظَ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَلَمْ يُفَارِقْهُ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَاقِيَةً فِي حِفْظِهِ أَيْضًا وَبَقِيَ رَأْيُهُ حَاضِرًا وَمَوْجُودًا. وَأَمَّا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَحَيْثُ إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تَرَكَ الْحِفْظَ الَّذِي الْتَزَمَهُ يَلْزَمُ الضَّمَانُ. عَلَى مَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (784) .
كَذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ شَخْصٌ لِآخَرَ فِي الْقُدْسِ أَمْتِعَةً وَتَعَهَّدَ ذَلِكَ الْآخَرُ بِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى حَيَوَانِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إلَى حَلَبَ وَبَعْدَ أَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْحَيَوَانِ أَعْطَاهَا لِشَخْصٍ آخَرَ فَهَلَكَتْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ يَضْمَنُهَا الْآخَرُ الْمَذْكُورُ.
كَذَلِكَ إذَا أَعْطَى شَخْصٌ شَخْصًا آخَرَ مَالًا عَلَى أَنْ يُودِعَهُ عِنْدَ فُلَانٍ مِنْ النَّاسِ فَسَلَّمَ الشَّخْصُ الْآخَرُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ إلَى فُلَانٍ قَائِلًا لَهُ: إنَّ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ أَرْسَلَ لَك هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةً وَبَعْدَ أَنْ قَبِلَهُ فُلَانٌ الْمَارُّ الذِّكْرِ أَعَادَهُ إلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ وَهَلَكَ بِيَدِهِ يَضْمَنُ فُلَانٌ الْمَذْكُورُ. وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَئِمَّةُ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَإِلَيْك الْبَيَانُ: إذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنٍ كَمَا أُوضِحَ سَالِفًا وَهَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُشَارِ إلَيْهِ حَيْثُ إنَّ مُسْتَوْدَعَ الْمُسْتَوْدَعِ قَبَضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ يَدِ أَمِينٍ فَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا. وَأَمَّا مُودَعُ الْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّ مُودَعَ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ أَيْضًا (الْبَحْرُ) .
وَأَمَّا الْإِمَامَانِ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَجَعَلُوا الْمُودِعَ مُخَيَّرًا بَيْنَ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَتَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي. وَفِي مَذْهَبِهِمْ فِي صُورَةِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي يَكُونُ لِهَذَا الْأَخِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى الْإِيضَاحَاتِ الْمَسْرُودَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . وَأَمَّا فِي تَقْدِيرِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ أَصْبَحَ مَالِكًا الْوَدِيعَةَ بِضَمَانِهِ فَيَكُونُ أَوْدَعَ مَالَهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (777) . مَا لَمْ يَكُنْ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي بِتَعَدٍّ أَوْ بِتَقْصِيرٍ.
وَنَظَرًا لِقَوْلِهِ فِي الْفِقْرَةِ الْآنِفَةِ فِي الْمَجَلَّةِ (يُضَمِّنُ الْمُسْتَوْدَعَ الْأَوَّلَ) وَعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِإِمْكَانِ تَضْمِينِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي أَيْضًا وَلِأَنَّهُ فِي حَالَةِ حَمْلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ يَكُونُ ذَكَرَ قِسْمًا مِنْهَا وَأَهْمَلَ الْقِسْمَ الْآخَرَ وَمَعَ كَوْنِ الْمَادَّةِ (783) هِيَ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلُ (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ) هُنَاكَ مَبْنِيًّا عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ قَوْلَهُ.
الْقَيْدُ الثَّانِي - لُزُومُ الضَّمَانِ بَعْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْإِيدَاعِ يَكُونُ فِي صُورَةِ هَلَاكِهَا بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي.
وَأَمَّا إذَا اسْتَرَدَّ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَهَا بِلَا إذْنٍ ثُمَّ هَلَكَتْ وَهِيَ بِيَدِهِ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَعَوْدَتِهِ إلَى الْوِفَاقِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (787) .
فَإِذَا ادَّعَى وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْمُودِعُ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي وَطَلَبَ الضَّمَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا وَادَّعَى الْمُسْتَوْدَعُ الْأَوَّلُ هَلَاكَهَا بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا الْمُسْتَوْدَعُ الثَّانِي لَهُ فَلَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مُقِرٌّ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَوْجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَيْ الْإِيدَاعَ عِنْدَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَادِّعَاؤُهُ الْبَرَاءَةَ لَا يُصَدَّقُ بِلَا بَيِّنَةٍ (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّتَيْنِ 787 و 789.
وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَ الْمُودِعُ وَالْمُسْتَوْدَعُ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: إنَّ الْوَدِيعَةَ هَلَكَتْ بِيَدِهِ بَعْدَ أَنْ غُصِبَتْ مِنْهُ وَأُعِيدَتْ إلَيْهِ وَادَّعَى الْمُودِعُ بِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِيَدِ الْغَاصِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ لِكَوْنِهِ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ يَبْقَى أَمِينًا كَمَا كَانَ.
فَالِاخْتِلَافُ السَّالِفُ الذِّكْرُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامَيْنِ هُوَ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي حَقِّ مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عِنْدَ شَخْصٍ وَهَلَكَ بِيَدِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ: إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ - وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. مَا لَمْ يَكُنْ هَلَاكُ الْوَدِيعَةِ بِيَدِهِ حَصَلَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ بِتَقْصِيرِهِ - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ. رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) . وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَالِمًا بِأَنَّ الْمُودِعَ غَاصِبٌ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَلَكِنْ إذَا أَعَادَ مُودَعُ الْغَاصِبِ الْوَدِيعَةَ إلَى مُودِعِهِ يَبْرَأُ. كَمَا كَانَ غَاصِبُ الْغَاصِبِ بَرِيئًا بِرَدِّهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (911) .
وَقَدْ ذَكَرَ وَجَزَمَ فِي الدُّرَرِ وَالْبَحْرِ أَنْ لِلْمُسْتَوْدَعِ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ نَظَرًا لِنَقْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَبَيَانِ الْبَاقَانِيِّ وَالْبُرْجَنْدِيِّ رُجُوعُ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْغَاصِبِ يَكُونُ فِي صُورَةِ عَدَمِ عِلْمِ الْمُسْتَوْدَعِ بِكَوْنِ الْمُودِعِ غَاصِبًا. رَاجِعْ شَرْحَ (777) .
وَإِذَا هَلَكَتْ بِتَعَدِّي وَتَقْصِيرِ الْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي فَالْمُودِعُ مُخَيَّرٌ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهَا الْمُسْتَوْدَعُ. فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الثَّانِي - وَلَيْسَ لِهَذَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ.
كَمَا لَمْ يَكُنْ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (910) - وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِلْمُسْتَوْدَعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى