الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَطْرَافُ الْبِئْرِ بِأَخْشَابٍ وَأَنْ يُوضَعَ عَلَيْهَا قِنْدِيلٌ فِي اللَّيْلِ فَعَلَى الْحَاضِرِ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِذَا خَلَفَهُ يُعَدُّ حَافِرًا بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالِ التَّلَفِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
[
(الْمَادَّةُ 928) سَقَطَ حَائِطُ أَحَدٍ وَأَوْرَثَ غَيْرَهُ ضَرَرًا]
(الْمَادَّةُ 928) لَوْ سَقَطَ حَائِطُ أَحَدٍ وَأَوْرَثَ غَيْرَهُ ضَرَرًا لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ قَبْلًا وَكَانَ قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ أَحَدٌ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ لِقَوْلِهِ اهْدِمْ حَائِطَكَ وَكَانَ قَدْ مَضَى وَقْتٌ يُمْكِنُ هَدْمُ الْحَائِطِ فِيهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُنَبِّهُ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ التَّقَدُّمِ وَالتَّنْبِيهِ أَيْ: إذَا كَانَ الْحَائِطُ سَقَطَ عَلَى دَارِ الْجِيرَانِ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلتَّنْبِيهِ مِنْ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ لَا يُفِيدُ تَقَدُّمُ أَحَدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَتَنَبُّهُهُ وَإِذَا كَانَ قَدْ انْهَدَمَ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُنَبِّهُ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ وَإِنْ كَانَ الِانْهِدَامُ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ التَّنْبِيهِ.
لَوْ انْهَدَمَ حَائِطٌ مَائِلٌ أَوْ صَحِيحٌ لِأَحَدٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ الْخَاصِّ أَوْ عَلَى مِلْكِ أَحَدٍ فَأَوْرَثَ آخَرَ ضَرَرًا كَمَا لَوْ أَتْلَفَ حَيَوَانًا لِآخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ جِنَايَةٌ مَا فِي هَذَا إذْ لَمْ يَكُنْ مُبَاشِرًا وَلَا مُتَسَبِّبًا مُتَعَدِّيًا.
مُسْتَثْنًى: إلَّا أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَائِطًا بِنَاءً غَيْرَ قَوِيٍّ كَأَنْ بَنَاهُ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ وَمُخَالِفًا لِقَوَاعِدِ الْبِنَاءِ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ وَضَرَّ بِأَحَدٍ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ دُونِ حَاجَةٍ إلَى التَّقَدُّمِ وَالْإِشْهَادِ الَّذِي سَيُبَيِّنُ لِأَنَّهُ تَعَدٍّ ابْتِدَاءً.
لَكِنْ يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ضَمَانُ مَا أَحْدَثَهُ حَائِطُهُ مِنْ الضَّرَرِ إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ السِّتَّةُ الْآتِيَةُ:
أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ قَبْلَ انْهِدَامِهِ قَدْ عُمِلَ صَحِيحًا.
ثَانِيهَا: أَنْ يُصْبِحَ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ بِمُرُورِ الزَّمَانِ أَوْ بِبَعْضِ أَسْبَابٍ حَادِثَةٍ.
وَثَالِثُهَا: أَنْ يُنَبِّهَ شَخْصٌ آخَرُ صَاحِبَ الْحَائِطِ وَيَتَقَدَّمَ إلَيْهِ قَائِلًا اهْدِمْ حَائِطَكَ فَهُوَ مَخُوفٌ لِئَلَّا يَنْهَدِمَ وَيُحْدِثَ ضَرَرًا.
رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ مَضَى وَقْتٌ يُمْكِنُ هَدْمُ الْحَائِطِ وَلَمْ يَهْدِمْهُ وَيُورِثُ مَالَ آخَرَ كَإِتْلَافِهِ إيَّاهُ بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَاسِطَةِ.
فَبِمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَكُونُ جَانِيًا بِسَبَبِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ اسْتِحْسَانًا.
وَكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِي إحْدَاثِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَيْلُ الْحَائِطِ بِفِعْلِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُهُ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الطَّابَقُ الْعُلْوِيُّ مَثَلًا فِي دَارٍ لِآخَرَ.
فَوَهَنَ الْبِنَاءُ جَمِيعُهُ وَمَالَ إلَى الِانْهِدَامِ وَلَمْ يُهْدَمْ مَعَ حُصُولِ التَّقَدُّمِ بِالتَّنْبِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتْلَفَ حَيَوَانًا لِأَحَدٍ ضَمِنَ صَاحِبُ الْعُلْوِيِّ الْحَيَوَانَ الْمَذْكُورَ كَذَلِكَ لَوْ انْهَدَمَ حَائِطٌ مَائِلٌ لِانْهِدَامٍ لِأَحَدٍ قَبْلَ الْإِشْهَادِ وَكَانَ انْهِدَامُهُ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ ثُمَّ تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِ الْأَنْقَاضِ لِيَرْفَعَ تِلْكَ الْأَنْقَاضَ فَلَمْ يَرْفَعْهَا فَعَثَرَ بِهَا حَيَوَانٌ لِأَحَدٍ وَتَلِفَ كَانَ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) .
2 -
لَهُ: إشَارَةٌ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَالصَّاحِبُ حَقِيقَةً أَعَمُّ مِنْ الصَّاحِبِ حُكْمًا.
وَالتَّعْرِيفُ الشَّامِلُ كِلَا الصَّاحِبَيْنِ هُوَ: كُلُّ مَنْ يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ وَهَدْمِهِ.
فَالرَّاهِنُ وَالْمُؤَجِّرُ صَاحِبَانِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْهَدْمِ بِفَكِّ الرَّهْنِ وَالْمُؤَجِّرَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الْهَدْمِ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْأَعْذَارِ فَالتَّقَدُّمُ لَهُمَا صَحِيحٌ.
كَذَلِكَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ صَاحِبٌ حَقِيقَةً.
فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا سَوَاءٌ كَانَ بِالْإِرْثِ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَالتَّقَدُّمُ إلَى حَدِّ الشَّرِيكَيْنِ صَحِيحٌ فِي حِصَّةِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) ؛ لِأَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُرَاجِعَ الْقَاضِيَ وَيَطْلُبَ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ هَدْمَ الْحَائِطِ وَأَنْ يَحْصُلَ عَلَى الْحُكْمِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ وُقُوعِ التَّقَدُّمِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا ضَمِنَ الْمُتَقَدِّمُ مِقْدَارَ الضَّرَرِ الَّذِي حَصَلَ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْحَائِطِ أَيْ: إذَا كَانَ يَمْلِكُ نِصْفَ الْحَائِطِ ضَمِنَ نِصْفَ الضَّرَرِ أَيْضًا.
وَيَقْتَضِي أَنْ يَتَقَدَّمَ لِلْوَارِثِ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الَّذِي كَانَ آيِلًا لِلِانْهِدَامِ فِي حَيَاةِ مُورِثِهِ.
وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَلَمْ يَبْقَ لِلْوَارِثِ لِسَبَبٍ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حِصَّتُهُ الْإِرْثِيَّةُ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) وَالْوَاقِفُ وَالْقَيِّمُ وَالصَّغِيرُ وَوَلِيُّ الْمَجْنُونِ أَصْحَابٌ حُكْمًا.
مَثَلًا: إذَا مَالَتْ حَائِطٌ مِنْ الْمُسْقَفَاتِ ذَاتِ الْإِجَارَتَيْنِ وَالْمُسْتَغِلَّات الْمَوْقُوفَةِ يَلْزَمُ التَّقَدُّمُ إلَى مُتَوَلِّي ذَلِكَ الْوَقْفِ.
وَلَا فَائِدَةَ مِنْ التَّقَدُّمِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْإِجَارَتَيْنِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ أَبْنِيَةُ الْوَقْفِ مِلْكًا وَعَرْصَةً محكرة مِنْ الْوَقْفِ لَزِمَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ التَّقَدُّمُ إلَى صَاحِبِ الْأَبْنِيَةِ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ التَّقَدُّمِ إلَى مُتَوَلِّي عَرْصَةِ الْوَقْفِ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ وَقْفًا وَبَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْقَيِّمِ أَيْ: مُتَوَلِّي مُتَوَقِّفٍ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ ضَمَانُ الضَّرَرِ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَالِ الْمُتَوَلِّي كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لِلْوَقْفِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَائِطُ لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَوَقَعَ التَّقَدُّمُ إلَى وَلِيِّهِ أَيْ: إلَى مَنْ يَقْتَدِرُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 974) كَانَ صَحِيحًا.
وَإِذَا انْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ هَذَا التَّقَدُّمِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ ضَمَانُ ذَلِكَ الضَّرَرِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ أَوْ الْوَصِيِّ.
سَوَاءٌ قَصَّرُوا فِي نَقْضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ وَفِي إصْلَاحِهِ أَوْ لَمْ يُقَصِّرُوا (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
3 -
اهْدِمْهُ: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ أَنَّ التَّقَدُّمَ وَالتَّنْبِيهَ يَحْصُلَانِ بِطَلَبِ إصْلَاحِ ذَلِكَ الْحَائِطِ.
وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ إذَا كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ أَنْ يَقُولَ وَاحِدٌ مِنْ النَّاسِ: إنَّ حَائِطَكَ هَذَا مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ أَوْ مَخُوفٌ أَوْ مُتَصَدِّعٌ فَاهْدِمْهُ وَإِنْ كَانَ مَائِلًا إلَى مَالِ الْغَيْرِ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ صَاحِبُ الدَّارِ (الْخَانِيَّةُ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ) .
وَلَا يَحْصُلُ بِالتَّقَدُّمِ بِكَلَامٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَشُورَةِ وَالنَّصِيحَةِ كَقَوْلِهِ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ: اللَّائِقُ بِكَ هَدْمُ هَذَا الْحَائِطِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
4 -
الْإِتْلَافُ بِالذَّاتِ: مِثَالٌ لِهَذَا: لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ فَهَدَمَهُ كَانَ مُخَيَّرًا عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ (918) إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ حَائِطِهِ مَبْنِيًّا وَتَرَكَ لَهُ أَنْقَاضَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَنْقَاضَهُ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ.
وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إنْشَاءِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَوَّلِ.
(جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) .
كَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَى صَاحِبِهِ فَسَقَطَ عَلَى شَخْصٍ فَأَتْلَفَهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ فَتَلِفَ ثُمَّ عَثَرَ إنْسَانٌ آخَرُ بِذَلِكَ الْقَتِيلِ فَتَلِفَ أَيْضًا ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ دِيَةَ الرَّجُلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ.
لَا تُضْمَنُ دِيَةُ الرَّجُلِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ النَّقْضِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَعُودُ عَلَيْهِ رَيْعُ الْقَتِيلِ بَلْ يَعُودُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
5 -
الْإِتْلَافُ بِالْوَاسِطَةِ: مِثَالٌ لِهَذَا: لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الصَّحِيحِ السَّالِمِ وَهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطَ السَّالِمَ وَأَتْلَفَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ مَالَ أَحَدٍ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأَوَّلِ أَيْ: الْحَائِطِ إلَى ذَلِكَ الْمَالِ (الْبَهْجَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ وَتَلِفَ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دَيْنَهُ لَكِنْ لَوْ عَثَرَ أَحَدٌ بِأَنْقَاضِ الْحَائِطِ الثَّانِي وَتَلِفَ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا؛ لِأَنَّ أَنْقَاضَ الْحَائِطِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ؛ فَلَيْسَ صَاحِبُهَا هَذَا مُقْتَدِرًا عَلَى دَفْعِهَا.
لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَائِطُ الثَّانِي مِلْكًا لِصَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ دِيَةَ الرَّجُلِ الَّذِي تَلِفَ بِعُثُورِهِ بِأَنْقَاضِ ذَلِكَ الْحَائِطِ الثَّانِي أَمَّا إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ هَكَذَا بِالذَّاتِ أَوْ بِالْوَاسِطَةِ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ إلَى الِانْهِدَامِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ فَأَجْفَلَ حَيَوَانًا فَفَرَّ الْحَيَوَانُ لِخَوْفِهِ وَأَضَرَّ بِأَحَدٍ فَلَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ هَذَا الضَّرَرَ (الْخَانِيَّةُ) إيضَاحُ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ: لَمَّا كَانَتْ أَرْبَعَةٌ مِنْ هَذِهِ قَدْ ذُكِرَتْ آنِفًا مُجْمَلَةً سَنَذْكُرُ أَحَدَهَا فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَحَيْثُ إنَّ الشَّرْطَ السَّادِسَ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْجُمْلَةِ مُطْلَقًا لَزِمَ تَفْصِيلُ وَإِيضَاحُ هَذِهِ الشُّرُوطِ.
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: كَوْنُ الْحَائِطِ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ التَّقَدُّمُ وَالْإِشْهَادُ قَبْلَ صَيْرُورَةِ الْحَائِطِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ فَلَوْ انْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ وُجُودِ التَّعَدِّي ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً كَذَلِكَ لَوْ كَانَ حَائِطٌ فِي أَحَدِهِمَا مَائِلٌ لِلِانْهِدَامِ وَالْآخَرُ غَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَوَقَعَ التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ لِلِانْهِدَامِ فَقَطْ فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ الْغَيْرَ مَائِلٍ لِلِانْهِدَامِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ كَذَلِكَ لَوْ مَالَ جُزْءٌ مِنْ حَائِطٍ إلَى الِانْهِدَامِ فَقَطْ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ وَالْإِشْهَادِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ طَوِيلًا فَإِنَّمَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ مِنْ الْجُزْءِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ مِنْ الْحَائِطِ فَقَطْ.
وَلَا يَلْزَمُ ضَمَانُ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ فِي الْجِهَةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ إذَا كَانَ طَوِيلًا وَكَانَ بِدَرَجَةٍ لَا يَكُونُ مَيْلُ بَعْضِهِ إلَى الِانْهِدَامِ سَبَبًا فِي انْهِدَامِ بَاقِيهِ يَكُونُ فِي حُكْمِ حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا وَاهٍ وَغَيْرُ صَحِيحٍ وَالثَّانِي صَحِيحٌ، وَالْإِشْهَادُ وَالتَّقَدُّمُ فِي الصَّحِيحِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (الْخَانِيَّةُ) .
وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إلَيْهِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ فِي حُضُورِ الْمُحَاكِمِ فَالتَّقَدُّمُ الَّذِي يَقَعُ فِي حُضُورِ غَيْرِ الْمُحَاكِمِ مُعْتَبَرٌ أَيْضًا (عَلِيٌّ أَفَنْدِي)
الشَّرْطُ الثَّانِي: حُصُولُ التَّقَدُّمِ، لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ التَّقَدُّمِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَقَدْ بُيِّنَ هَذَا الْحُكْمُ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ.
وَالْإِشْهَادُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِتَمَامِ التَّقَدُّمِ وَلَكِنْ يَجِبُ التَّقَدُّمُ بِحُضُورِ شَاهِدَيْنِ مُعْتَبَرَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ حَتَّى لَا يَبْقَى مَحَلٌّ لِلْإِنْكَارِ بَعْدَئِذٍ وَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ صَاحِبُ الْحَائِطِ بِالتَّقَدُّمِ الْوَاقِعِ بِالْإِشْهَادِ لَزِمَ الضَّمَانُ وَيَلْزَمُ فِي حَالِ الْإِنْكَارِ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ نِصَابَ الشَّهَادَةِ.
وَيُمْكِنُ إثْبَاتُ التَّقَدُّمِ بِكِتَابِ الْقَاضِي أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ) .
تَأْجِيلُ التَّقَدُّمِ وَالْإِبْرَاءُ مِنْهُ.
دَفْعُ الضَّرَرِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ عَاجِلًا حَقٌّ عَامٌّ.
فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِلضَّرَرِ الَّذِي مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْعَائِدِ لِلْعُمُومِ أَنْ يُؤَجِّلَ أَوْ يُبَرِّئَ مِنْهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) إنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَقَدِّمِ ذَلِكَ أَيْضًا.
وَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ بَعْدَ هَذَا التَّأْجِيلِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَكَمَا أَنَّ صَاحِبَ الْحَائِطِ يَضْمَنُ ضَرَرَ الْمُتَضَرِّرِ يَكُونُ ضَامِنًا أَيْضًا إذَا لَحِقَ الضَّرَرُ الْمَذْكُورُ الْمُؤَجِّلَ وَالْمُبَرِّئَ؛ إذْ تَأْخِيرُهُ لَمْ يَقَعْ مَوْقِعَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ الْخَاصَّةِ لَا الْعَامَّةِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
مَثَلًا: لَوْ مَالَ حَائِطُ أَحَدٍ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَوْقِعَ الْمُتَقَدِّمِ إلَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ الشَّخْصُ الْمُتَقَدِّمُ فِي نَقْضِ الْحَائِطِ زِيَادَةً عَنْ الْمُدَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الشَّرْطِ الرَّابِعِ فَلَا يَصِحُّ إمْهَالُهُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ مَرَّتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ فِيهَا نَقْضُ الْحَائِطِ وَانْهَدَمَ قَبْلَ مُرُورِ تِلْكَ الْمُهْلَةِ عَلَى أَحَدٍ مَارٍّ فِي الطَّرِيقِ فَأَتْلَفَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ وَلَا يَخْلُصُ مِنْ الضَّمَانِ إذْ أَنَّ الْإِمْهَالَ وَالتَّأْجِيلَ غَيْرُ صَحِيحَيْنِ وَغَيْرُ مُعْتَبَرَيْنِ شَرْعًا.
أَمَّا الْإِمْهَالُ وَالتَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَصَحِيحٌ مِنْ قِبَلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ مَثَلًا: إذَا مَالَ الْحَائِطُ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ وَأَمْهَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ صَاحِبَهُ مُدَّةً بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ لِيَهْدِمَهُ وَانْهَدَمَ ذَلِكَ الْحَائِطُ عَلَى تِلْكَ الدَّارِ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُهْلَةِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ ضَمَانٌ.
أَمَّا لَوْ أَبْرَأَ هَذَا الْمُتَقَدِّمُ صَاحِبَ الْحَائِطِ مِنْ التَّقَدُّمِ كَانَ صَحِيحًا وَإِذَا انْهَدَمَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لَا يَضْمَنُ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ يَكُونُ تَأْجِيلُ الْحَاكِمِ وَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحَيْنِ وَيَكُونُ لَهُمَا حُكْمٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُتَقَدَّمِ لَهُ اقْتِدَارٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْحَائِطِ وَهَدْمِهَا.
؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ إلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى هَدْمِ وَإِصْلَاحِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ سَفَهِيٌّ فَلَا حُكْمَ لَهُ (النَّتِيجَةُ) فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ لِمُرْتَهِنِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الِانْهِدَامِ أَوْ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَمُسْتَعِيرِهِ وَمُسْتَوْدِعِهِ.
مَثَلًا: مَالَ حَائِطُ دَارِ إلَى الِانْهِدَامِ وَتَقَدَّمَ إلَى سَاكِنِ الدَّارِ إجَارَةً أَوْ اسْتِعَارَةً وَلِوَاضِعِ الْيَدِ عَلَيْهَا ارْتِهَانًا أَوْ اسْتِيدَاعًا ثُمَّ انْهَدَمَتْ أَضَرَّتْ بِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَلَا الْمَالِكَ ضَمَانٌ وَيَنْشَأُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَعَنْ عَدَمِ اقْتِدَارِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا يَشَاءُ عَدَمُ لُزُومِ الضَّمَانِ لِصَاحِبِ الْمَالِ وَعَنْ كَوْنِ التَّقَدُّمِ يَحْصُلُ إلَيْهِ.
أَمَّا التَّقَدُّمُ لِلرَّهْنِ مَثَلًا فَصَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ مُقْتَدِرٌ بِإِصْلَاحِهِ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِرْدَادِ
الرَّهْنِ (الْخَانِيَّةُ) .
كَذَلِكَ التَّقَدُّمُ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْعَائِدِ لِلْقَاصِرِينَ لِأَوْلِيَائِهِمْ صَحِيحٌ كَمَا قَدْ أَوْضَحَ آنِفًا؛ لِأَنَّهُمْ مُقْتَدِرُونَ عَلَى إصْلَاحِهَا (الْخَانِيَّةُ) .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ: مُرُورُ وَقْتٍ يُمْكِنُ الْهَدْمُ فِيهِ بَعْدَ التَّقَدُّمِ. فَعَلَيْهِ لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَضَرَّ بِأَحَدٍ بَيْنَمَا كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ذَاهِبًا بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِتَدَارُكِ الْعَمَلَةِ لِلْهَدْمِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ اللَّازِمَةَ لِتَدَارُكِ الْعَمَلَةِ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَسْتَمِرَّ اقْتِدَارُ الشَّخْصِ الْمُتَقَدَّمِ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ إلَى أَنْ يَنْهَدِمَ الْحَائِطُ الْمَذْكُورُ.
فَعَلَيْهِ لَوْ تَقَدَّمَ لِأَجْلِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْمُتَقَدَّمِ لَهُ وَزَالَ تَصَرُّفُهُ مِنْهُ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ الْأَوَّلَ وَلَا مَالِكَهُ الثَّانِيَ ضَمَانٌ مَثَلًا: لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِأَحَدٍ لِأَجْلِ حَائِطٍ فَوَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْحَائِطَ الْمَذْكُورَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ أَوْ بَاعَهُ مِنْهُ ثُمَّ انْهَدَمَ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ.
حَتَّى لَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى هَدْمِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) .
لَكِنْ لَوْ بَاعَ مَا أَشْرَعَهُ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ أَوْ مَا وَضَعَهُ فِيهِ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَنْ آجَرَ وَأَحْدَثَتْ ضَرَرًا لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَالْوَاضِعِ وَلَا يَخْلُصُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ بِالْبَيْعِ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إحْدَاثِ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ جِنَايَةٌ وَلَا يَبْطُلُ ذَلِكَ بِالْبَيْعِ وَلَا يَزُولُ أَثَرُ فِعْلِهِ (الْخَانِيَّةُ فِي فَصْلِ جِنَايَةِ الْحَائِطِ) .
وَلَا يَعُودُ التَّقَدُّمُ بَعْدَ الْبُطْلَانِ: أَيْ: لَوْ عَادَ الْمِلْكُ لِلْمُتَقَدَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ بُطْلَانِ التَّقَدُّمِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ كَالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْبَيْعِ فَلَا يَعُودُ حُكْمُ التَّقَدُّمِ الْبَاطِلِ.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 51) .
مَثَلًا: لَوْ بَاعَ الْمُتَقَدَّمُ لَهُ ذَلِكَ الْحَائِطَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ رُدَّ إلَيْهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ رُدَّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي خِيَارُ شَرْطٍ فَرَدَّهُ بِهِ أَوْ رَدَّهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ التَّقَدُّمِ السَّابِقِ.
أَمَّا إذَا كَانَ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَأَضَرَّ لَزِمَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ لَا يُزِيلُ اقْتِدَارَهُ عَلَى إصْلَاحِ ذَلِكَ الْحَائِطِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 308) لَكِنْ لَوْ سَقَطَ الْبَائِعُ خِيَارُهُ فَأَصْبَحَ الْبَيْعُ لَازِمًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 20) ؛ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ كَذَا لَوْ جُنَّ الْمُتَقَدَّمُ لَهُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ جُنُونًا مُطْبِقًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا يَبْطُلُ التَّقَدُّمُ الْمَذْكُورُ بِسَبَبِ زَوَالِ حَقِّ الْمَجْنُونِ فِي التَّصَرُّفِ وَاقْتِدَارِهِ عَلَى هَدْمِهِ بِمُقْتَضَى مَادَّتَيْ (957 و 979) .
وَلَا يَعُودُ التَّقَدُّمُ الْبَاطِلُ بَعْدَ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ وَعَوْدَةِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَائِطِ (الْخَانِيَّةُ بِتَصَرُّفٍ) .
كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ وَصِيِّهِ لِأَجْلٍ حَائِطٍ لِلصَّبِيِّ مَائِلٍ إلَى الِانْهِدَامِ فَبَلَغَ الصَّبِيُّ أَوَمَاتَ الْوَلِيُّ أَوْ الْوَصِيُّ الْمَذْكُورُ وَانْهَدَمَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَحَدًا؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ تَزُولُ بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ أَوْ بِوَفَاةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ)
كَذَلِكَ لَوْ وَقَعَ التَّقَدُّمُ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَتُوُفِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ أَوْ عُزِلَ فَلَا يَبْقَى حُكْمٌ لِلتَّقَدُّمِ، تَجْدِيدُ التَّقَدُّمِ بَعْدَ بُطْلَانِهِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ عَلَى طُولِهِ تَكْرَارًا بَعْدَ بُطْلَانِ التَّقَدُّمِ بِأَخْذِ الْأَسْبَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا لَوْ حَصَلَ التَّقَدُّمُ تَكْرَارًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ لِلْمُتَوَلِّي اللَّاحِقِ وَانْهَدَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا؛ لَزِمَ الضَّمَانُ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) .
الشَّرْطُ السَّادِسُ: كَوْنُ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ أَصْحَابِ حَقِّ التَّقَدُّمِ.
هَذَا الشَّرْطُ يُوَضَّحُ بِالْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ: وَتَخْتَلِفُ أَصْحَابُ حَقِّ التَّقَدُّمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّرَرِ الَّذِي يُورِثُهُ ذَلِكَ الْحَائِطُ.
وَيَكُونُ الْحَائِطُ مَائِلًا إمَّا إلَى دَارِ أَحَدٍ أَوْ إلَى طَرِيقٍ عَامٍّ أَوْ طَرِيقٍ خَاصٍّ.
وَعَلَيْهِ إذَا انْهَدَمَ عَلَى دَارِ جَارِهِ أَوْ دُكَّانِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ سُكَّانِ تِلْكَ الدَّارِ أَوْ تِلْكَ الدُّكَّانِ.
وَيَدُلُّ تَعْبِيرٌ مِنْ سُكَّانِهَا عَلَى أَنَّ لِلسَّاكِنِ فِي تِلْكَ الدَّارِ أَوْ الدُّكَّانِ التَّقَدُّمَ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبَهَا أَوْ مُسْتَأْجِرًا لَهَا أَوْ مُسْتَعِيرًا يَجُوزُ لَهُ التَّقَدُّمُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْحَادِثَ بِالِانْهِدَامِ عَائِدٌ وَرَاجِعٌ إلَيْهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
وَإِذَا تَعَدَّدَ سُكَّانُهَا فَكَمَا أَنْ تَنْهَدِمَ جُمْلَةً صَحِيحٌ فَتَقَدُّمُ أَحَدِهِمْ فَقَطْ صَحِيحٌ أَيْضًا.
فَعَلَيْهِ إذَا مَالَ حَائِطٌ إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَانْهَدَمَ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْجَمَاعَةُ أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدٌ لِصَاحِبِهِ فَأَمَرَ بِمَالِ لِتِلْكَ الْجَمَاعَةِ أَوْ بِمَالِ لِغَيْرِهِمْ كَانَ صَاحِبُهُ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَتَقَدَّمَ أَحَدٌ مِنْ الْخَارِجِ وَتَبَيَّنَ غَيْرُ مُفِيدٍ يَعْنِي: لَيْسَ لِلْجَارِ حَقُّ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَائِطِ بِتَقَدُّمِ أَحَدٍ مِنْ الْخَارِجِ.
وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ حِمْلٌ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَلَمْ يُوجَدْ لِلْآخَرِ حِمْلٌ وَمَالَ الْحَائِطُ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ الَّذِي لَيْسَ لِصَاحِبِهِ حِمْلٌ عَلَى الْحَائِطِ وَتَقَدَّمَ هَذَا الشَّرِيكُ إلَى صَاحِبِ الْحِمْلِ وَنَبَّهَهُ كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِلْمُتَقَدِّمِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْحُمُولَةِ نِصْفَ الضَّرَرِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَالْخَانِيَّةُ فِي الْحِيطَانِ) .
وَإِذَا هُدِمَ عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.
وَيَكْفِي التَّقَدُّمُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَوْ وَقَعَ مِنْ أَحَدِهِمْ لَكَفَى.
وَإِذَا انْهَدَمَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلِكُلِّ أَحَدٍ حَقُّ التَّقَدُّمِ سَوَاءٌ أَكَانَ عَاقِلًا بَالِغًا أَمْ صَبِيًّا مَأْذُونًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ.
(رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَانِيَّةُ) وَتَقَدُّمُ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ كَافِيًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَأْذُونًا.
مَثَلًا: إذَا كَانَ حَائِطُ أَحَدٍ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى مِلْكٍ لِآخَرَ وَلَمْ يَكُنْ مَائِلًا لِلِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَلَا مَخُوفًا وَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ ثُمَّ انْهَدَمَ بَعْدَئِذٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا لِأَحَدٍ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
اجْتِمَاعُ ضَرَرَيْنِ: قَدْ يَجْتَمِعُ ضَرَرَانِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَنْشَأُ عَنْ الِانْهِدَامِ. مَثَلًا: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْحَائِطِ الْوَاحِدِ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ وَبَعْضُهُ مَائِلًا إلَى الِانْهِدَامِ عَلَى دَارِ أَحَدٍ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ انْهَدَمَ الْقِسْمُ الْمَائِلُ إلَى الدَّارِ عَلَيْهَا فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَائِطَ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَدَ الْعَامَّةِ فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ مُتَقَدِّمُهُ
وَتَنْبِيهُهُ صَحِيحَانِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَتَنَدَّمْ صَاحِبُ الدَّارِ بِهِ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ مِنْ الْعَامَّةِ كَانَ صَحِيحًا فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَلَيْهِ فِي أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَقَدُّمُهُ فِي الْقِسْمِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ صَحِيحًا فَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْكُلِّ أَيْضًا (الْخَانِيَّةُ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ) .
الْفُرُوقُ بَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَبَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ: الْخُلَاصَةُ، يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ وَبَيْنَ الْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ فِي حُكْمَيْنِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّقَدُّمَ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الْمِلْكِ.
وَلَا حُكْمَ لِلتَّقَدُّمِ مِنْ آخَرَ الْحُكْمُ الثَّانِي، أَنَّ التَّأْجِيلَ وَالْإِبْرَاءَ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى مِلْكِ إنْسَانٍ بَعْدَ تَقَدُّمٍ صَحِيحَانِ.
أَمَّا التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ، بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِلْحَائِطِ الْمَائِلِ إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَا يَصِحَّانِ مِنْ أَحَدٍ.