الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[لَاحِقَةٌ فِي الْهِبَةِ تَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ مَبَاحِثَ]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْعِوَضُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: بَلْ خَمْسَةً، فَالْوَاهِبُ يَكُون مُخَيَّرًا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا وَالْعِوَضُ غَيْرَ مَقْبُوضٍ. إنْ شَاءَ قَبِلَ الْعِوَضَ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ الْهِبَةِ وَأَمَّا فِي حَالَةِ تَلَفِ الْمَوْهُوبِ فَلِلْوَاهِبِ تَضْمِينُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ الْمَوْهُوبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي أَصْلِ الْعِوَضِ يَعْنِي لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: إنَّهُ لَمْ يُشْرَطْ فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمُنْكِرِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مَوْجُودًا. أَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ شَيْءٌ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (871) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: إنَّنِي أَخُوك، أَوْ إنَّنِي أَعْطَيْتُكَ عِوَضًا، أَوْ إنَّ الْمَالَ الَّذِي أَعْطَيْته لِي لَمْ يَكُنْ هِبَةً بَلْ كَانَ صَدَقَةً، فَلَيْسَ لَكَ الرُّجُوعُ حَسَبَ أَحْكَامِ الْمَوَادِّ (866 و 868 و 874) وَأَنْكَرَ الْوَاهِبُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ اسْتِحْسَانًا لِلْوَاهِبِ " أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالًا لِآخَرَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْكَرَ الْهِبَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَاهِبِ فَإِذَا حَلَفَ الْوَاهِبُ الْيَمِينَ أَخَذَ الْمَوْهُوبَ: وَإِذَا تَلِفَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ تَلَفُهُ قَبْلَ دَعْوَى الْهِبَةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى الْهِبَةِ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ضَامِنًا " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ ".
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا لِلْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ " 846 " ثُمَّ أَنْكَرَ الْهِبَةَ وَشَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَشْهَدَا عَلَى رُؤْيَتِهِمَا الْقَبْضَ صَحَّ ذَلِكَ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ " 846 "، كَذَلِكَ
لَوْ أَنْكَرَ الْوَاهِبُ وُجُودَ الْهِبَةِ وَقْتَ الْهِبَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِالْهِبَةِ وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَى رُؤْيَةِ الْقَبْضِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ وَقْتَ الْمُخَاصَمَةِ فِي يَدِ الْوَاهِبِ وَالْوَاهِبُ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ صَحَّ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ 5 و 10 أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ الْوَاهِبُ فَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةٌ " الْهِنْدِيَّةُ ".
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ - لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَدْ وَهَبَهُ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَلَدَى إنْكَارِ الْوَاهِبِ ذَلِكَ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ. أَمَّا لَوْ وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ كَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِرَدِّ الشَّهَادَةِ.
مَثَلًا: لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الشُّهُودِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ وَالْآخَرُ شَهِدَ عَلَى أَنَّ الْوَاهِبَ أَقَرَّ بِالْهِبَةِ وَالتَّسْلِيمِ فَلَا يُقْبَلُ. كَمَا أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشُّهُودِ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ حِينَ الدَّعْوَى فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ الْهِبَةِ ".
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا عَلَى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ مُخَيَّرٌ كَذَا أَيَّامًا وَأَجَازَ الْهِبَةَ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ جَازَتْ أَمَّا لَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَمْ تَجُزْ، أَمَّا إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ كَذَا أَيَّامًا فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْهِبَةُ عَقْدًا غَيْرَ لَازِمٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (864) فَلَا يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي فَصْلِ خِيَارِ الشَّرْطِ مِنْ شَرْحِ كِتَابِ الْبُيُوعِ.
لَكِنْ هَلْ يَصِحُّ شَرْطُ خِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْهِبَةِ اللَّازِمَةِ كَالْهِبَةِ لِمَحْرَمٍ ذِي رَحِمٍ أَوْ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ أَوَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ أَوْ الصَّدَقَةِ؟ وَالْحُكْمُ فِي الْبَرَاءَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. فَلَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ مِنْ حَقِّي الْفُلَانِيِّ عَلَى أَنْ أَكُونَ مُخَيَّرًا فِي ذَلِكَ كَذَا يَوْمًا، كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً وَالْخِيَارُ بَاطِلًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ - مَا تَجُوزُ هِبَتُهُ مُنْفَرِدًا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ. لَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ ثَمَرَ شَجَرَةٍ عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ مِنْهُ كَذَا رِطْلًا وَآذَنَهُ بِجَمْعِهَا مِنْ الشَّجَرَةِ صَحَّ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (219) . لَكِنْ مَا لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ مُنْفَرِدًا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ يَعْنِي يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا وَتَصِحُّ الْهِبَةُ فِيهِ جَمِيعِهِ فَلَوْ وَهَبَ الْوَاهِبُ فَرَسًا عَلَى أَنْ يَبْقَى لِلْوَاهِبِ حَمْلُهَا الَّذِي فِي بَطْنِهَا وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا فَتَكُونُ الْفَرَسُ وَفِلْوُهَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَحِلِّ الَّذِي يُمْكِنُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَرِدُ عَلَى الْحَمْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ مَقْصُودًا فَالِاسْتِثْنَاءُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ الْمُخَالِفِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. وَالشَّرْطُ الْفَاسِدُ لَا يُبْطِلُ الْهِبَةَ (الْعِنَايَةُ) .