الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ]
ِ وَتُدْرَجُ هُنَا خُلَاصَةُ الْبَابِ الثَّانِي وَالْبَابِ الثَّالِثِ فِي بَعْضِ مَسَائِلَ عَائِدَةٍ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ.
الرَّهْنُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلرَّاهِنِ.
1 -
الرَّاهِنُ الرَّهْنُ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ مُدَّةَ الْخِيَارِ وَفِي حَالِ هَلَاكِهِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الْأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. الرَّهْنُ لَيْسَ عَقْدًا لَازِمًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ إذْ مُجَرَّدُ الْفَسْخِ لَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ الْعَقْدُ بِذَاتِهِ مَازَالَ الْقَبْضُ وَالرَّهْنُ قَائِمَيْنِ مَعًا فَالرَّهْنُ يَكُونُ دَائِمًا مَضْمُونًا. لِلرَّاهِنِ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا أَوْ اثْنَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ شَرْطَانِ 2 الْمُرْتَهِنُ (1) أَنْ يَكُونَ لِلْعَقْدِ وَاحِدًا (2) أَنْ لَا يَكُونَ نَصٌّ فِي التَّبْعِيضِ. وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرْتَهِنُ وَاحِدًا وَالرَّاهِنُ اثْنَيْنِ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ وَاحِدًا. إلَّا أَنَّهُ لِكَيْ يَكُونَ هَذَا الْفَسْخُ مُسْقِطًا لِحَقِّ الْإِمْسَاكِ فِي الرَّهْنِ يَلْزَمُ أَوَّلًا: رَدُّ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ ثَانِيًا: تَأْدِيَةُ الدَّيْنِ. ثَالِثًا: إبْرَاءُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ. رَابِعًا: هِبَةُ الدَّيْنِ لِلرَّاهِنِ.
3 -
الْمَرْهُونُ (1) يَكُونُ الْمَرْهُونُ مَالَ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ يَحْفَظُ الرَّهْنَ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ وَإِذَا هَلَكَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (91) . فَالْفِعْلُ الَّذِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ يُوجِبُ ضَمَانَ الْغَصْبِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ. وَلَدَى عَوْدَتِهِ لِلْوِفَاقِ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ يَبْرَأُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَهَذَا لَيْسَ كَالْإِيجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَخِّرَ فِي الْإِجَارَةِ يَعْمَلُ بِاسْمِهِ وَأَمَّا الْمُرْتَهِنُ فَيَحْفَظُهُ بِاسْمِ الرَّاهِنِ.
وَمَئُونَةُ مُحَافَظَةِ الرَّهْنِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ. فَإِذَا أَنْفَقَ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِلَا أَمْرٍ يَكُونُ
مُتَبَرِّعًا. (اُسْتُثْنِيَ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ فِي الْبَلْدَةِ) . فَالِاتِّفَاقُ لِأَجْلِ بَقَاءِ وَإِصْلَاحِ الرَّهْنِ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ. (وَإِذَا أَنْفَقَ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ وَبِلَا أَمْرٍ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا) .
وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَدْفَعَ هَذِهِ الْمَصَارِيفَ مِنْ نَمَاءِ الرَّهْنِ.
(2)
الْمَرْهُونُ يَكُونُ مُسْتَعَارًا.
إذْنُ صَاحِبِ الْمَالِ.
رَهْنُ الْمُسْتَعَارِ جَائِزٌ وَيَخْتَلِفُ عَنْ الْعَارِيَّةِ إنْ كَانَ مُطْلَقًا يَرْهَنُهُ الْمُسْتَعِيرُ بِكُلِّ وَجْهٍ (الْمَادَّةُ 64) إذَا اُخْتُلِفَ فِي قَيْدِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ إنْ كَانَ مُقَيَّدًا تَلْزَمُ رِعَايَةُ الشَّرْطِ وَالْقَيْدِ إذَا لَمْ يُرَاعِ يَكُونُ الْمُسْتَعِيرُ غَاصِبًا وَالْمُرْتَهِنُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ وَبِحَالِ تَلَفِهِ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَةِ الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ. وَلَيْسَ مِقْدَارَ الدَّيْنِ فَقَطْ.
التَّقْيِيدُ فِي الرَّهْنِ الْمُسْتَعَارِ يَكُونُ عَلَى خَمْسِ صُوَرٍ: (1) مِقْدَارُ الدَّيْنِ (2) جِنْسُ الدَّيْنِ (3) مَكَانُ الرَّهْنِ (4) تَعْيِينُ الْمُرْتَهِنِ (5) التَّوْقِيتُ.
هَذِهِ الشَّرَائِطُ تُفِيدُ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُخَالِفَ هَذَا الشَّرْطَ وَإِذَا خَالَفَهُ يَكُونُ غَاصِبًا وَتَجُوزُ الْمُخَالَفَةُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ.
فَائِدَةُ هَذَا الشَّرْطِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَطْلُبَ الْعَارِيَّةَ قَبْلَ خِتَامِ الْمُدَّةِ.
(الْمَادَّةُ 716)(لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَفْسَخَ الرَّهْنَ وَحْدَهُ) .
الرَّهْنُ لَيْسَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (114) . حَيْثُ إنَّ حَقَّ الْحَبْسِ فِي الرَّهْنِ عَائِدٌ إلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا صَرَّحَ فِي الْمَادَّةِ (729) فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ هَذَا الْحَقِّ وَحْدَهُ.
الْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ: أَوَّلًا - الْمُرْتَهِنُ مَتَى شَاءَ لَهُ أَنَّهُ يَفْسَخَ عَقْدَ الرَّهْنِ وَحْدَهُ كُلِّيًّا أَوْ قِسْمًا صَرَاحَةً أَوْ ضِمْنًا وَأَنْ يُعِيدَ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ. وَمَتَى فَسَخَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ اسْتِنَادًا إلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلَا شَكَّ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (718) تَجْرِي حِينَئِذٍ.
الْفَسْخُ صَرَاحَةً مَذْكُورَةً فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَالْفَسْخُ ضِمْنًا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (818) شَرْطُ إتْمَامِ الْفَسْخِ: يُشْتَرَطُ لِإِتْمَامِ الْفَسْخِ وَبُطْلَانِ الرَّهْنِ إعَادَةُ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ (الْهِدَايَةُ) .
بِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُعَادَ الْمَرْهُونُ إلَى الرَّاهِنِ يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ فَسْخِ الْعَقْدِ. بَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ مَضْمُونًا بَعْدَ الْفَسْخِ أَيْضًا مَا زَالَ الْقَبْضُ وَالدَّيْنُ قَائِمَيْنِ مَعًا (الْخَانِيَّةُ) . وَلَكِنْ إذَا فَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ أُعِيدَ الرَّهْنُ أَوْ الرَّاهِنُ مَثَلًا أَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ مِنْ الدَّيْنِ فَلَا يَبْقَى إذْ ذَاكَ الْمَرْهُونُ رَهْنًا وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ هِيَ أَنَّهُ لَمَّا تَكُونُ عِلَّةٌ مُتَّصِفَةٌ بِوَصْفَيْنِ تَنْعَدِمُ تِلْكَ الْعِلَّةُ بِانْعِدَامِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ. وَالرَّهْنُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ؛ لِأَنَّ لِضَمَانِ الرَّهْنِ عِلَّتَيْنِ: الْأُولَى الدَّيْنُ وَالْأُخْرَى قَبْضُ الرَّهْنِ، فَمَتَى كَانَتْ الْعِلَّتَانِ مَوْجُودَتَيْنِ يَكُونُ الضَّمَانُ مَوْجُودًا إذَا زَالَتْ إحْدَاهُمَا سَقَطَ الضَّمَانُ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ مَتَى أُعِيدَ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَاقِيًا وَإِذَا أَبْرَأَ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ قَبْضِ الرَّهْنِ.
سُؤَالٌ - لَمَّا كَانَ سُقُوطُ الضَّمَانِ لَازِمًا بِفَوَاتِ الدَّيْنِ وَجَبَ عَدَمُ ضَمَانِ الرَّهْنِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ. مَعَ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ مَضْمُونًا وَيَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إعَادَةُ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ إلَى الرَّاهِنِ.
الْجَوَابُ - قَدْ مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (158) أَنَّ الذِّمَّةَ تَبْقَى فِي الْمَدِينِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَيْضًا فَبِنَاءً عَلَيْهِ ضَمَانُ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ لَا يَسْقُطُ وَيَظَلُّ بَاقِيًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا عَلَى هَذَا السُّؤَالِ: حَيْثُ إنَّهُ مِنْ الْمُحْتَمَلِ أَنْ يَظْهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي قَبَضَهُ الدَّائِنُ وَيَضْبِطُ فَمَا دَامَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَظَلُّ احْتِمَالُ حَقِّ حَبْسِهِ مَوْجُودًا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ يُوجِبُ الضَّمَانَ. لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي لَمْ يَنْشَأَ عَنْ دَلِيلٍ لَا يُوجِبُ التَّحْقِيقَ.
قَدْ ذُكِرَ أَنْفًا أَنَّ إتْمَامَ الْفَسْخِ يَحْصُلُ بِرَدِّ الْمَرْهُونِ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ بَاطِلًا وَمُنْفَسِخًا (الْكِفَايَةُ) .
ثَانِيًا - لَا حَاجَةَ لِجَعْلِ شَرْطِ الْخِيَارِ أَثْنَاءَ عَقْدِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَجْلِ الْفَسْخِ حَتَّى إنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ مُقْتَدِرٌ عَلَى فَسْخِ الرَّهْنِ بِدُونِ شَرْطِ الْخِيَارِ. فَلَا يَكُونُ مِنْ فَائِدَةٍ لِلشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَكُونُ فِي الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ وَالْقَابِلَةِ لِلْفَسْخِ كَمَا جَاءَ فِي الشَّرْحِ قُبَيْلَ الْمَادَّةِ (300) .
ثَالِثًا - إذَا أَعَادَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ عَلَى وَجْهِ الْفَسْخِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ فَسَخَ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ عَقْدُ