الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(مَادَّةُ 911) رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ]
(مَادَّةُ 911) - (إذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ وَحْدَهُ وَإِذَا رَدَّهُ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَبْرَأُ هُوَ وَالْأَوَّلُ) .
أَيْ: إذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ أَيْ: الْغَاصِبُ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَيْنًا أَوْ بَدَلًا يَبْرَأُ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ يَكُونُ بِرَدِّهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ قَدْ فَسَخَ فِعْلَهُ، وَلَا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُخَيَّرًا حَسَبَ الْمَادَّةِ السَّابِقَةِ وَلَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ حَصْرًا (الْبَهْجَةُ) .
لَكِنْ لَا يَثْبُتُ هَذَا الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ.
بَلْ يَلْزَمُ تَحْقِيقُهُ عَلَى الْوُجُوهِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا بِالشُّهُودِ الَّذِينَ يُقِيمُهُمْ هَذَا.
ثَانِيًا: بِنُكُولِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَنْ الْيَمِينِ.
مَثَلًا: لَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ عِنْدَ آخَرَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مِنْ الْوَدِيعِ وَتُوُفِّيَ الْغَاصِبُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ لِصَاحِبِهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَطْلُبَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ وَرَثَةِ الْغَاصِبِ.
وَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْوَدِيعِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ ثَوْرًا مِنْ آخَرَ وَقَبَضَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لِلْبَائِعِ لِظُهُورِ عَيْبٍ فِيهِ فَظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ؛ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَذْكُورِ تَضْمِينُ الْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ.
وَيَلْزَمُ تَضْمِينُ الْبَائِعِ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْغَصْبِ) .
تَقْسِيمُ الرَّدِّ: الرَّدُّ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: يَكُونُ بَدَلًا أَوْ عَيْنًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَكُونُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً.
1 -
الرَّدُّ عَيْنًا، إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ عَيْنًا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ كَمَا قَدْ ذَكَرْتُ أَمْثِلَتَهُ.
2 -
الرَّدُّ بَدَلًا، إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَرَدَّ الْغَاصِبُ الْمَذْكُورُ بَدَلَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يَبْرَأُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.
وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُؤَاخَذَةُ الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْعَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى فِي الْبَهْجَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْبَزَّازِيَّةُ) وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عَلَى رِوَايَةِ إذَا رَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي بَدَلَ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُصُ مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ تِجَاهَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) مَا لَمْ يَكُنْ رَدُّ غَاصِبِ الْغَاصِبِ الْبَدَلَ وَإِعْطَاؤُهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي (الْبَزَّازِيَّةُ) أَمَّا إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا وَبَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَهُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ أَخَذَ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي نُقُودًا بِرِضَاهُ فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ الثَّانِي مِنْ الْمَسْئُولِيَّةِ وَالضَّمَانِ تِجَاهَ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَيْعٍ حَالَ كَوْنِهِ لَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ غَيْرُ أَخْذِ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ بَدَلِهِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
3 -
الرَّدُّ رِضَاءً، وَهَذَا الرَّدُّ ظَاهِرٌ.
4 -
الرَّدُّ قَضَاءً، لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَنْ يَطْلُبَ تَضْمِينَ الْغَاصِبِ الثَّانِي الْمَالَ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَضْمِينَ بَدَلِهِ فِي وَقْتِ غَصْبِ الْغَاصِبِ الثَّانِي إيَّاهُ إذَا كَانَ تَالِفًا؛ لِأَنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ قَدْ تَعَدَّى بِصُورَةِ قَطْعِ يَدِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَبَقِيَ تَحْتَ الْمَسْئُولِيَّةِ لِضَمَانِ الْبَدَلِ إلَّا إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَوْنِ الطَّالِبِ وَالْمُدَّعِي غَاصِبًا لَا يُجْبِرُ غَاصِبُ الْغَاصِبِ عَلَى رَدِّ بَدَلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا يَضَعُ بَدَلَ
الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ عَدْلٍ وَيُحَافِظُ عَلَيْهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
أَمَّا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَقَبِلَ الْقِيمَةَ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَضَمَّنَ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ قِيمَتَهُ فِي زَمَانِ غَصْبِهِ إيَّاهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّجُوعُ عَلَى غَاصِبِ الْغَاصِبِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي عَشَرَ، الْبَزَّازِيَّةُ) .
شَرْطُ بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِالرَّدِّ إلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ: إنَّ بَرَاءَةَ الْغَاصِبِ الثَّانِي بِرَدِّهِ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ أَوْ بَدَلَهُ مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَبْضُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ وَاسْتِرْدَادُهُ مَعْرُوفَيْنِ.
وَيَثْبُتُ كَوْنُ قَبْضِهِ مَعْرُوفًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِتَصْدِيقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَوْ بِحُكْمِ الْقَاضِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
أَمَّا إقْرَارُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ قَبْضِهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَحَقِّ الْغَاصِبِ الثَّانِي أَيْ: بِشَأْنِ عَدَمِ مُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الْحَقَّ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِقَبْضِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَبِدَعْوَى الرَّدِّ بِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْهُ لَا يُصَدَّقُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ مُخَيَّرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (910) وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي مُسْتَوْدَعِ الْغَاصِبِ (الْخَانِيَّةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ) .
وَعَلَيْهِ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ رَجَعَ الْآخَرُ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِالشَّيْءِ الْمَقْبُوضِ بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ، وَإِذَا ضَمَّنَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ الْأَوَّلَ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ الْأَوَّلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَاصِبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ أَوَّلًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) إلَّا أَنَّ غَاصِبَ الْمُسْتَوْدَعِ مُخَالِفٌ فِي هَذَا الْحُكْمِ لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ.
فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ وَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ قَدْ أَعَادَهَا إلَيْهِ تَثْبُتُ بَرَاءَةُ الْغَاصِبِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
وَإِذَا رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَرِئَ الِاثْنَانِ.
وَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ شَخْصَيْنِ مَرَّتَيْنِ.
مَثَلًا: لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ آخَرَ وَغَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الْفَرَسَ آخَرُ أَيْضًا ثُمَّ سَرَقَ صَاحِبُ الْفَرَسِ فَرَسَهُ مِنْ الْغَاصِبِ الثَّانِي ثُمَّ اسْتَرَدَّ الْغَاصِبُ الثَّانِي تِلْكَ الْفَرَسَ جَبْرًا وَغَلَبَةً مِنْهُ وَبَقِيَ الْمَالِكُ عَاجِزًا عَنْ مُخَاصَمَتِهِ؛ فَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُخَاصَمَةُ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .