الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي سَلَكَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَبْعَدَ مِنْ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ أَوْ كَانَ أَخْوَفَ أَيْ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَغَيْرَ مَسْلُوكٍ أَيْ خِلَافَ الْمُعْتَادِ لَزِمَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَالَفَةٌ إلَى شَرٍّ وَالْإِذْنُ لِشَيْءٍ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِذْنَ بِمَا فَوْقَهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (أَبْعَدَ) أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَوْ سَلَكَ طَرِيقًا مُسَاوِيًا لِلطَّرِيقِ الَّذِي عَيَّنَهُ الْمُعِيرُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ فَرْطٌ فِي الطُّولِ وَالسُّهُولَةِ وَمَا أَشْبَهَ مِنْ الْخُصُوصَاتِ أَوْ لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي سَلَكَهُ أَسْهَلَ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ إلَى خَيْرٍ أَوْ إلَى الْمِثْلِ لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ بِشَيْءٍ إذْنٌ بِمَا يُسَاوِيهِ أَوْ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْإِعَارَةِ وَالْإِجَارَةِ يَعْنِي قَدْ مَرَّتْ فِي الْمَادَّةِ (547) بِعَيْنِهَا.
[
(الْمَادَّةُ 833) امْرَأَةٌ أَعَارَتْ شَيْءٌ مِلْك لِزَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَ]
(الْمَادَّةُ 833) - (إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ إعَارَةَ شَيْءٍ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا فَأَعَارَتْهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ فَضَاعَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ وَفِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَادَةً لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الزَّوْجَةُ أَيْضًا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي يَدِ النِّسَاءِ كَالْفَرَسِ فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِزَوْجَتِهِ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ لِلْمُسْتَعِيرِ) .
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْمَالِ الَّذِي أَعَارَهُ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (815) يَعْنِي إذَا كَانَ مَالِكًا لَهُ كَانَتْ الْإِعَارَةُ صَحِيحَةً.
وَعَلَيْهِ إذَا طَلَبَ شَخْصٌ مِنْ امْرَأَةٍ إعَارَةَ شَيْءٍ هُوَ مِلْكُ زَوْجِهَا أَعَارَتْهُ إيَّاهُ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ ضَاعَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتُهٌ نُقْصَانٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ وَفِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَادَةً جَازَتْ الْإِعَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُسْتَعِيرَةٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَلِلْمُسْتَعِيرِ إعَارَةُ الْمُسْتَعَارِ لِآخَرَ كَمَا مَرَّ فِي الْمَادَّةِ (820) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الزَّوْجَةُ أَيْضًا اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (91 و 813) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعِيرُ مَالِكًا لِمَنْفَعَةِ الْمُعَارِ فَلَا تَصِحُّ الْإِعَارَةُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) .
وَعَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَارُ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُوجَدُ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ عَلَى جَرْيِ الْعَادَةِ كَالْفَرَسِ وَالثَّوْرِ فَلَا تَجُوزُ هَذِهِ الْإِعَارَةُ فَتَكُونُ الزَّوْجَةُ غَاصِبَةً وَالْمُسْتَعِيرُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ وَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ زَوْجَتَهُ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (910)(الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَفِي حَالَةِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلْعَارِيَّةِ كَمَا بَيَّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (813) فَإِذَا ضَمِنَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالضَّمَانِ عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ تَضْمِينَ الزَّوْجَةِ بِمَا أَنَّهَا مَالِكَةٌ لِلْمَالِ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَتَكُونُ قَدْ أَعَارَتْ مَالَهَا. وَالْعَارِيَّةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ. وَإِذَا صَارَ تَضْمِينَ الْمُسْتَعِيرِ فَبِمَا أَنَّ نَفْعَ عَقْدِ الْعَارِيَّةِ عَائِدٌ إلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعِيرِ.
[
(الْمَادَّةُ 823) لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ]
(الْمَادَّةُ 823) - (لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ وَإِذَا اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَإِذَا رَهَنَهُ فَهَلَكَ لَزِمَهُ الضَّمَانُ) .
لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْعَارِيَّةَ وَلَا أَنْ يَرْهَنَهَا بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِعَارَةُ مِنْ الْعُقُودِ غَيْرِ اللَّازِمَةِ فَهِيَ دُونَ الرَّهْنِ وَالْإِيجَارِ وَبِمَا أَنَّ الرَّهْنَ وَالْإِيجَارَ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْإِعَارَةِ فَلَا يَتَضَمَّنُ الشَّيْءُ مَا فَوْقَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (406) وَنَظَرًا لِكَوْنِ الْعَارِيَّةِ غَيْرَ لَازِمَةٍ فَلِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ حَسَبَ الْمَادَّةِ (806) فَلَوْ جَوَّزْنَا إجَارَةَ الْمُسْتَعَارِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ أَلَّا يَكُونَ لِلْمُعِيرِ حَقُّ الرُّجُوعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَأَنْ يَنْتَظِرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ وَبِهَذَا يَتَضَرَّرُ الْمُعِيرُ. أَوْ أَنَّنَا نَقُولُ فِي مَقَامِ الْإِثْبَاتِ: لَوْ كَانَتْ إجَارَةُ الْعَارِيَّةِ جَائِزَةً لَوَجَبَ أَنْ نَقُولَ بِلُزُومِ مَا لَمْ يَلْزَمْ (كَالْعَارِيَّةِ) فَلَوْ جَازَتْ إجَارَةُ الْعَارِيَّةِ لَاقْتَضَى ذَلِكَ لُزُومَ الْعَارِيَّةِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاسْتِرْدَادِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعَاتِ الْعَارِيَّةِ أَوْ نَقُولُ بِعَدَمِ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ كَالْإِجَارَةِ، وَعَدَمُ لُزُومِ الْإِجَارَةِ مُخَالِفٌ لِمَوْضُوعَاتِهَا (الْبَحْرُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَيَثْبُتُ عَدَمُ جَوَازِ الرَّهْنِ فِي الْعَارِيَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَكُونُ عَقْدًا لَازِمًا مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَهُوَ كَعَقْدِ الْإِجَارَةِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ جَازَ الرَّهْنُ فَإِمَّا أَنْ يُوجِبَ ذَلِكَ لُزُومَ مَا لَا يَلْزَمُ وَهُوَ الْعَارِيَّةُ أَوْ يُوجِبَ عَدَمَ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ وَهُوَ الرَّهْنُ.
وَيَثْبُتُ ذَلِكَ أَيْضًا بِصُورَةٍ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ هُوَ إيفَاءٌ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُوفِيَ دَيْنَهُ بِمَالِ الْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ إيجَارَ وَرَهْنَ الْعَارِيَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ أَمْ لَا تَخْتَلِفُ وَقَدْ ظَهَرَتْ الْأَسْبَابُ الَّتِي جَوَّزَتْ إعَارَةَ الْمُسْتَعِيرِ لِلْعَارِيَّةِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَعْمِلِينَ وَعَدَمَ جَوَازِ الْإِجَارَةِ فِيهَا.
وَيُسْتَفَادُ أَيْضًا مِنْ تَعْبِيرِ الْمَادَّةِ هَذِهِ (بِلَا إذْنٍ) أَنَّ لِلْمُسْتَعِيرِ إيجَارَ الْعَارِيَّةِ وَرَهْنَهَا بِإِذْنِ الْمُعِيرِ.
وَقَدْ ذُكِرَتْ مَسْأَلَةُ الْإِيجَارِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (765) كَمَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الرَّهْنِ أَيْضًا قَدْ ذُكِرَتْ فِي مَتْنِ وَشَرْحِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ مُفَصَّلَةً فَلْتُرَاجِعْ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ عَلَى دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَهَذِهِ الْفِقْرَةُ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا أَكْثَرَ مِمَّا تُفِيدُ الْمَادَّةُ (728) الْقَائِلَةُ: إذَا كَانَ إذْنُ صَاحِبِ الْمَالِ مُقَيَّدًا بِأَنْ يَرْهَنَهُ فِي مُقَابَلَةِ كَذَا دَرَاهِمَ أَوْ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ جِنْسُهُ كَذَا أَوْ عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي الْبَلْدَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْهَنَهُ إلَّا عَلَى وَفْقِ قَيْدِهِ وَشَرْطِهِ إلَّا أَنَّهَا كُرِّرَتْ هُنَا تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا لِلْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ.
وَإِنْ فَعَلَ أَيْ لَوْ آجَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ مِنْ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ أَوْ إذَا اسْتَعَارَ مَالًا لِيَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فِي بَلْدَةٍ فَرَهَنَهُ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ آخَرَ عَلَيْهِ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَتَلِفَتْ الْعَارِيَّةُ أَوْ ضَاعَتْ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ مَعَ الْمُسْتَعِيرِ الثَّانِي أَوْ الْمُرْتَهِنِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ يَلْزَمُ ضَمَانُ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَسْلِيمِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يُعْتَبَرُ مُتَعَدِّيًا بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا الْإِيجَارُ وَالرَّهْنُ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ قَبِيلِ الْغَصْبِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتْلَفْ فَلِلْمُعِيرِ حَقٌّ فِي اسْتِرْدَادِهِ.
إيضَاحُ الْإِيجَارِ: لَوْ آجَرَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ الْمُعِيرِ كَانَتْ هَذِهِ الْإِجَارَةُ فُضُولِيَّةً وَيَجْرِي فِيهَا حُكْمُ الْمَادَّةِ (447) مِنْ الْمَجَلَّةِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ
تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَاصِلَةً مِنْ سَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ اسْتِعْمَالُ مَالِ الْغَيْرِ فَلَا تَحِلُّ لَهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا (الشِّبْلِيُّ) .
إيضَاحُ الضَّمَانِ: وَلَوْ آجَرَ الْمُسْتَعَارَ لِآخَرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَعِيرَ الَّذِي هُوَ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ فِي زَمَنِ تَسْلِيمِهِ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَغَاصِبًا وَقْتَ التَّسْلِيمِ أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمُسْتَعَارَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّلَفُ بِتَعَدٍّ وَتَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهِ يَمْلِكُ الْمُسْتَعَارَ بِالضَّمَانِ فَإِنَّهُ يَكُونُ قَدْ آجَرَ مَالَهُ وَالْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَمَانَةٌ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (600) . لَكِنْ لَوْ تَلِفَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعَدِّيهِ وَتَقْصِيرِهِ فَلِلْمُسْتَعِيرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا يَضْمَنُهُ لِلْمُعِيرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (602) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَأْجِرَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمَّا كَانَ قَدْ أَخَذَ وَقَبَضَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنِهِ فَيَكُونُ فِي حُكْمِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْغَاصِبِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ عَالِمًا بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ الْمُسْتَعِيرُ الَّذِي هُوَ مُؤَجِّرُهُ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرَ الْغَرُورِ الْمَادَّةُ (658)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ يَعْلَمُ بِكَوْنِ عَيْنِ الْمَأْجُورِ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُؤَجِّرِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ قَدْ غَرَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذْ يَكُونُ هَذَا الْمُسْتَأْجِرُ كَالشَّخْصِ الَّذِي يَسْتَأْجِرُ مَالًا فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَغْصُوبٌ (الْبَحْرُ وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ) .
إيضَاحُ رَهْنٍ وَتَسْلِيمِ الْمُسْتَعَارِ بِلَا إذْنٍ: لَوْ رَهَنَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُسْتَعَارَ عِنْدَ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمُعِيرِ فَالْمُسْتَعِيرُ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ وَالْمُرْتَهِنُ فِي حُكْمِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَلِفَ الْمُسْتَعَارُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُعِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ أَيْ الْمُسْتَعِيرَ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمَّا كَانَ الرَّاهِنُ أَيْ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكًا لَهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَلَى مَا جَاءَ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ أَخَذَ مَالَ الْمُعِيرِ بِلَا إذْنٍ فَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنُ فَيَكُونُ الْمَرْهُونَ تَلِفَ عَلَى كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ فَلِذَلِكَ لِلْمُرْتَهِنِ طَلَبُ دَيْنِهِ مِنْ الرَّاهِنِ إذْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الدَّيْنِ رَهْنٌ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالشَّيْءِ الَّذِي ضَمَّنَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ عَالِمًا بِأَنَّ الرَّهْنَ مُسْتَعِيرٌ أَمْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (658) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ.
لَكِنْ لَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ الَّذِي فِي يَدِهِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ عِنْدَ مُرْتَهِنٍ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَصَاحِبُ الْمَالِ الرَّاهِنُ الْأَوَّلُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ الثَّانِيَ الَّذِي هُوَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ وَإِذَا ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ الثَّانِيَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) . كَمَا صَارَ تَفْصِيلُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (743) .