الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي مَحِلٍّ لَا تُحْفَظُ فِيهَا أَمْثَالُهَا فَهَذَا الْوَضْعُ وَالْحِفْظُ تَقْصِيرٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِرْزِ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ: وَأَمَّا فِي السَّرِقَةِ فَمَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ مِنْ الْمَالِ يَكُونُ حِرْزًا لِنَوْعِ مَالٍ آخَرَ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ سَرَقَ الْأَمْوَالَ الْغَالِيَةَ الثَّمَنِ كَالنُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ مِنْ الْإِصْطَبْلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْحُكْمُ فِي الْحِفْظِ فِي غَيْرِ مِثْلِ الْحِرْزِ وَبَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِ: أَوَّلًا: يُحْفَظُ الْحَيَوَانُ الْمُودَعُ فِي الْإِصْطَبْلِ وَإِذَا فُقِدَ فِيهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا حِفْظُ النُّقُودِ وَالْمُجَوْهَرَاتِ وَالْأَمْوَالِ الْغَالِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا فِي مَحَالَّ مِنْ الْإِصْطَبْلِ مَحِلُّ التِّبْنِ وَالْبُسْتَانِ وَالْعَرْصَةِ فَهُوَ تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ فَإِذَا هَلَكَتْ أَوْ فُقِدَتْ الْأَمْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَمَاكِنَ كَهَذِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ.
ثَانِيًا: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِهِ حَيْثُ يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ أَشْخَاصٌ كَثِيرُونَ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ شَيْئًا يُمْكِنُ حِفْظُهُ فِي حَالَةِ دُخُولِ وَخُرُوجِ أُنَاسٍ كَثِيرِينَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ. وَإِلَّا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
ثَالِثًا: إذَا وَضَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي دَارِ وَتَرَكَ بَابَهَا مَفْتُوحًا وَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ لِعَدَمِ وُجُودِ أَحَدٍ فِي الدَّارِ كَانَ ضَامِنًا.
رَابِعًا: إذَا تَرَكَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ فِي الْحَمَّامِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَغَابَ وَفُقِدَتْ الْوَدِيعَةُ يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
خَامِسًا: إذَا تُرِكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي مَحِلٍّ يَسْكُنُهُ الْفَأْرُ فَأَفْسَدَهُ يُنْظَرُ. فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ أَعْلَمَ الْمُودِعَ بِأَنَّ الْفَأْرَ يَدْخُلُ ذَلِكَ الْمَحِلَّ وَوَضَعَهَا بِأَمْرِهِ وَإِذْنِهِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُخْبِرْ الْمُودِعَ مَعَ عِلْمِهِ بِدُخُولِ الْفَأْرِ وَلَمْ يَسُدَّ الْمَنَافِذَ الَّتِي يَدْخُلُ مِنْهَا وَأَفْسَدَ الْفَأْرُ الْوَدِيعَةَ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ.
الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ بَيْنَمَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ يَحْفَظُهَا كَأَمْثَالِهَا: وَأَمَّا إذَا ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ يَحْفَظُهَا الْمُودَعُ نَظِيرَ أَمْثَالِهَا فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدَعَ الضَّمَانُ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (777) وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَيْضًا فِي هَذَا الْخُصُوصِ مَعَ الْيَمِينِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774)(وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 783) تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا]
(الْمَادَّةُ 783) إذَا تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا يَحْفَظُهَا الْوَاحِدُ بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ يَحْفَظُونَهَا بِالْمُنَاوَبَةِ. وَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ تَصِحُّ قِسْمَتُهَا؛ يُقَسِّمُونَهَا بَيْنَهُمْ بِالتَّسَاوِي وَيَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ حِصَّتَهُ إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ. فَإِنْ فَعَلَ وَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِ الْآخَرِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْآخِذِ.
يُمْكِنُ إيدَاعُ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَخْصٍ أَيْضًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَعَدَّدَ الْمُسْتَوْدَعُ بِأَنْ كَانَ اثْنَيْنِ
أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ تَسُوغُ قِسْمَتُهَا يَعْنِي أَنَّ تَقْسِيمَهَا غَيْرُ مُمْكِنٍ أَلْبَتَّةَ، كَمَا لَوْ كَانَتْ حَيَوَانًا أَوْ إذَا كَانَتْ تَسُوغُ قِسْمَتُهَا وَلَكِنَّهَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا عِنْدَ تَقْسِيمِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ ثَوْبًا. يَحْفَظُهَا أَحَدُهُمْ بِإِذْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْدَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ لِأَشْخَاصٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ فَمَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحِفْظِ لَيْلًا وَنَهَارًا يَكُونُ رَضِيَ بِإِثْبَاتِ يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 772) . وَالْمَادَّةَ (790) وَلَا تُنَافِي هَذَا الْحُكْمَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا سَيُذْكَرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ قُيِّدَ (بِلَا إذْنٍ) وَهُوَ هُنَاكَ مُعْتَبَرٌ فَكَذَا هُنَا الْإِذْنُ مَوْجُودٌ دَلَالَةً أَوْ يَحْفَظُونَهَا بِالْمُنَاوَبَةِ أَيْ بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمُهَايَأَةُ مُهَايَأَةً فِي الْحِفْظِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانِ (الْبَحْرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ: نَظَرًا لِعَطْفِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى بِعِبَارَةِ (أَوْ) يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الْفِقْرَتَيْنِ. وَظَاهِرُ الْفَرْقِ هُوَ: إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ اثْنَيْنِ مَثَلًا فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا أَنْ يَحْفَظَ الْوَدِيعَةَ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ بِمُوجِبِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى.
يَعْنِي أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى هُوَ الْحِفْظُ الدَّائِمِيُّ. وَفِي الْوَاقِعِ أَنَّ الْحَمَوِيُّ قَدْ اشْتَبَهَ فِي جَوَازِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَالَ: إذَا قَرَّرَ الْمُسْتَوْدِعُونَ الْحِفْظَ بِطَرِيقِ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَالِ الَّذِي لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ وَتَرَكَ أَحَدُهُمْ الْوَدِيعَةَ عِنْدَهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى نَوْبَتِهِ فَحُكْمُ هَذَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى النَّظَرِ وَالتَّأَمُّلِ انْتَهَى. لَكِنَّ الْمَجَلَّةَ جَوَّزَتْ هَذِهِ الصُّورَةَ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَحَالَةِ حِفْظِ أَحَدِهِمْ بِإِذْنِ الْآخَرِ بِصُورَةٍ دَائِمَةٍ وَحِفْظِهِمْ بِالْمُنَاوَبَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ يَعْنِي لَا عَلَى الْآخِذِ وَلَا عَلَى الدَّافِعِ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 91) . وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ بِتَعَدٍّ أَوْ بِتَقْصِيرٍ يَضْمَنُ الْمُتَعَدِّي أَوْ الْمُقَصِّرُ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (787) . وَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ عَلَى الْآخَرِ. وَالْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ مُتَّفِقُونَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهَا. كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمِثْلِيَّاتِ السَّائِرَةِ يُقَسِّمُهَا الْمُسْتَوْدِعُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْحِصَّةَ الَّتِي تُصِيبُهُ.
مَثَلًا إذَا أَوْدَعَ الْمُودِعُ ثَلَاثِينَ ذَهَبًا عِنْدَ شَخْصَيْنِ يَحْفَظُ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةَ عَشْرَ ذَهَبًا وَإِذَا أَوْدَعَهَا عِنْدَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ يَحْفَظُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ.
وَلَيْسَ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَدْفَعَ كَامِلَ حِصَّتِهِ أَوَجُزْءًا مِنْهَا إلَى الْمُسْتَوْدَعِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِ الْمُودِعِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ عِنْدَمَا أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَسُوغُ قِسْمَتُهَا لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ رَضِيَ بِحِفْظِ الْمُتَعَدِّدِ وَلَمْ يَرْضَ بِحِفْظِ الْبَعْضِ وَرِضَاهُ بِحِفْظِ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا لَا يَسْتَلْزِمُ رِضَاهُ بِحِفْظِ الْوَاحِدِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُشَارُ إلَيْهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَمْثَالِهَا: (إذَا جُعِلَ فِعْلُ الشَّخْصَيْنِ مُضَافًا إلَى شَيْءٍ قَابِلِ التَّجْزِيءِ يَتَنَاوَلُ الْبَعْضَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ وَبِنَاءً عَلَى هَذَا إذَا سَلَّمَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَرْضَ بِهِ) 0 وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ جَارِيَةٌ أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ الْآتِي ذِكْرُهَا كَمَا أَنَّ فِي الْمُرْتَهِنِ الْمُتَعَدِّدِ وَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ