الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّدَقَةُ لَفْظًا فَقَطْ كَإِعْطَاءِ الْغَنِيِّ مَالًا بِلَفْظِ الصَّدَقَةِ.
وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ فِي نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْغَنِيِّ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الَّتِي تُعْطَى لِلْغَنِيِّ يُقْصَدُ بِهَا الثَّوَابُ أَحْيَانَا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْعِيَالِ (أَبُو السُّعُودِ) .
وَنَظَرًا؛ لِأَنَّ التَّصَدُّقَ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (835) وَالرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ مُمْكِنٌ فَعَدَمُ الرُّجُوعِ فِي ذَلِكَ اسْتِحْسَانِيٌّ. أَمَّا عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ الَّتِي تُعْطَى لِلْفَقِيرِ وَالْمُحْتَاجِ فَبِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مَالًا بِنِيَّةِ الصَّدَقَةِ وَأَعَادَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الدَّافِعِ لَهُ ظَانًّا أَنَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً فَلَا يَحِلُّ لِلدَّافِعِ أَخْذُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (72) فَإِذَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِلْمُحْتَاجِ أَوْ لِسَائِلٍ عَلَى وَجْهِ الْحَاجَةِ مَالًا بِدُونِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِهِ صَدَقَةً فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ صَدَقَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِيَ عَشَرَ) .
وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ مَعًا فِي مَالٍ يُرْجَعُ عَنْ الْهِبَةِ أَمَّا عَنْ الصَّدَقَةِ فَلَا يُرْجَعُ فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ نِصْفَ دَارٍ لِآخَرَ وَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الصَّدَقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَتَعْبِيرُ بَعْدَ الْقَبْضِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَادَّةِ (837) .
الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِ الْمَالِ الْمُعْطَى هِبَةً أَوْ صَدَقَةً:
إذَا اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فِي الْمَوْهُوبِ فَقَالَ الْوَاهِبُ قَدْ كَانَ هِبَةً فَلِي حَقُّ الرُّجُوعِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَدْ كَانَ صَدَقَةً فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي التَّعْوِيضِ أَوْ الْقَرَابَةِ الْمَانِعَةِ لِلرُّجُوعِ أَوْ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ فِي الْمَوْهُوبِ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ اسْتِحْسَانًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) .
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِإِعْطَاءٍ صَدَقَةً لِشَخْصٍ تِلْكَ الصَّدَقَةُ لِشَخْصٍ آخَرَ فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا عِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصَّدَقَةِ اسْتِحْصَالُ رِضَاءِ الْبَارِي تَعَالَى فَيَحْصُلُ هَذَا الْمَقْصِدُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ أُعْطِيت الصَّدَقَةُ لِفَقِيرٍ آخَرَ (الْهِنْدِيَّةُ)
[
(الْمَادَّةُ 875) أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا مِنْ مَطْعُومَاتِهِ فَأَخَذَهُ]
(الْمَادَّةُ 875) إذَا أَبَاحَ أَحَدٌ لِآخَرَ شَيْئًا مِنْ مَطْعُومَاتِهِ فَأَخَذَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَلَكِنْ لَهُ الْأَكْلُ وَالتَّنَاوُلُ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَبَعْدَ هَذَا لَيْسَ لِصَاحِبِهِ مُطَالَبَةُ قِيمَتِهِ مَثَلًا إذَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ كَرْمِ آخَرَ بِإِذْنِهِ وَإِبَاحَتِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْعِنَبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ مُطَالَبَةُ ثَمَنِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
إذَا أَبَاحَ أَحَدٌ مِنْ مَطْعُومَاتِهِ أَيْ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَأَخَذَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْكُلْ فَلَا يَزُولُ مِنْهُ مِلْكُ الْمُبِيحِ.
وَلِلْمُبِيحِ أَنْ يَنْهَاهُ قَبْلَ الْأَكْلِ وَيَرْجِعُ عَنْ إبَاحَتِهِ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا لَيْسَ جَائِزًا.
(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 96) كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لَا يُمْكِنُ التَّصَرُّفُ فِيهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
إلَّا أَنَّهُ لَوْ أَوْلَمَ أَحَدٌ وَلِيمَةً وَقَسَّمَ ضُيُوفَهُ عَلَى عِدَّةِ أَخْوِنَةٍ فَلَوْ أَعْطَى الْجَالِسَ عَلَى خِوَانٍ لِلضَّيْفِ الَّذِي
عَلَى خِوَانِهِ أَوْ لِلْخَادِمِ شَيْئًا جَازَ كَمَا يَجُوزُ لَوْ أَعْطَى مَنْ كَانَ عَلَى الْخِوَانِ الْآخَرِ. أَمَّا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَجُوزُ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ (الدُّرَرُ، الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ الْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ الْهِبَةِ) .
لَكِنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْكُلَ وَيَتَنَاوَلَ مِنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَمَعْنَى التَّنَاوُلِ إعْطَاءُ الطَّعَامِ أَوْ الْإِحْسَانُ وَلَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ هُنَا الْمَعْنَى الثَّانِي. وَمَعَ أَنَّ الْأَكْلَ مَخْصُوصٌ بِالْمَأْكُولَاتِ فَالتَّنَاوُلُ يَشْمَلُ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ مَعًا وَعَلَيْهِ فَعَطْفُ التَّنَاوُلِ عَلَى الْأَكْلِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمَأْكُولِ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَمِثْلِهِ إذَا كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ.
مَثَلًا، إذَا أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ كَرْمِ آخَرَ بِإِذْنِهِ وَإِبَاحَتِهِ مِقْدَارًا مِنْ الْعِنَبِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ مُطَالَبَةُ ثَمَنِهِ أَوْ مِثْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدٌ: لِآخَرَ اُدْخُلْ، كَرْمِي وَاقْطِفْ عِنَبًا فَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَقْطِفَ مِنْ الْعِنَبِ مَا يُشْبِعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ إذْنٌ بِقَطْفِ الْمِقْدَارِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ الْمُخَاطَبُ فِي الْحَالِ (الْخَانِيَّةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ لِلْمُخَاطَبِ قَطْفَ عُنْقُودٍ وَاحِدٍ فَقَطْ بِهَذَا الْإِذْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَكَلَتْ امْرَأَةٌ مَالَهَا مَعَ زَوْجِهَا يَعْنِي لَوْ صَرَفَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مَالَهَا بِيَدِهَا وَأَكَلَتْهُ مَعَ زَوْجِهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تَضْمِينُ الزَّوْجِ حِصَّتَهُمْ فِيمَا صَرَفَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) .
أَمَّا لَوْ أَعْطَتْهُ لِزَوْجِهَا وَصَرَفَهُ الزَّوْجُ فَحُكْمُ ذَلِكَ قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (838) .
وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِبَاحَةِ كَمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ لِلْمُبِيحِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ إبَاحَتِهِ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1226) .
وَلَا يَمْنَعُ الشُّيُوعُ صِحَّةَ الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْلُومِيَّةُ الْمَالِ الَّذِي أُبِيحَ وَالشَّخْصُ الَّذِي أُبِيحَ لَهُ الْمَالُ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (832) وَيُشْتَرَطُ وُقُوفُ الْمُبَاحِ لَهُ بِإِبَاحَةِ الْمُبِيحِ؟ لِنُوَضِّح ذَلِكَ وَقَدْ حَصَلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فَمُقْتَضَى بَيَانِ الْقُنْيَةِ لَيْسَ ذَلِكَ شَرْطًا فَعَلَيْهِ لَوْ أَكَلَ الْمُبَاحُ لَهُ الشَّيْءَ الْمُبَاحَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ بِإِبَاحَةِ الْمُبِيحِ فَلَا يُلْزَمَا الضَّمَانَ، (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدْيُونِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى) وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْبَحْرِ والولوالجية.
فَعَلَيْهِ إذَا قَالَ أَحَدٌ: قَدْ أَذِنْت النَّاسَ جَمِيعًا وَأَبَحْت لَهُمْ أَكْلَ الْعِنَبِ مِنْ كَرْمِي وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ عِنَبًا مِنْ كَرْمِي فَهُوَ لَهُ فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ هَذَا الْكَلَامَ وَجْهًا أَوْ غِيَابًا فَلَهُ الْأَخْذُ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَمِعْ هَذَا الْقَوْلَ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ فَإِنْ تَنَاوَلَ فُلَانٌ مِنْ ذَلِكَ بِالْجَهْلِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ حَرَامًا وَلَا يَسَعُهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِطْلَاقِ وَالْإِطْلَاقُ كَالْوَكَالَةِ فَهُوَ لَا حُكْمَ لَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا رَبَطَ أَحَدٌ حَيَوَانَهُ فِي إصْطَبْلٍ عَامٍّ وَذَهَبَ فَلِكُلٍّ أَنْ يَأْخُذَ الزِّبْلَ الْحَاصِلَ مِنْ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ وَلَا يَكُونُ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ (الْهِنْدِيَّةُ) .