الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجَوَابُ: هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ " ابْنِ فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَإِنِّي لَتَارِكُهَا فِي يَدِك لِلْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ وَإِذَا لَمْ أَتْرُكْهَا فَإِنِّي ضَامِنٌ لِبِنَائِك.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا ضُبِطَتْ الْأَرْضُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى الْقَلْعِ. فَلَوْ رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا فَلَوْ ضُبِطَتْ الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ بِالِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَأَصْبَحَ الْمُسْتَعِيرُ مُجْبَرًا عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ آنِفًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُؤَقَّتَةً فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ عَلَى كِلْتَا الْحَالَتَيْنِ هَذَا مَا قَالَتْهُ الْهِنْدِيَّةُ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْقَبَتْهُ بِقَوْلِهَا وَقَدْ قَالَ الْخَصَّافُ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ الضَّمَانُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) .
لَوْ غَرَّرَ أَحَدٌ آخَرَ فِي الْعَقْدِ الَّذِي نَفْعُهُ لِلْقَابِضِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ وَالْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ بِلُزُومِ الضَّمَانِ.
مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ مَقْلُوعَةً حِينَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهَا لَوْ بَقِيَتْ إلَى انْتِهَاءِ وَقْتِ الْإِعَارَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا وَطَلَبَ الْمُعِيرُ قَلْعَهَا لَزِمَ أَنْ يُعْطِيَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ ثَمَانِيَةَ دَنَانِيرَ مِقْدَارَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ. وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ قِيمَتُهَا وَقْتَ الِاسْتِرْدَادِ يَعْنِي يُعْتَبَرُ بَدَلُ الْأَرْضِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي يَسْتَرِدُّهَا فِيهِ الْمُعِيرُ (الْبَحْرُ) لِأَنَّ قِيمَةَ وَقْتِ الِاسْتِرْدَادِ أَسْهَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَلْزَمُ الْقِيمَةُ وَقْتَ مُرُورِ الْمُدَّةِ وَلَكِنْ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ.
مِثَالٌ آخَرُ: لَوْ أَعَارَ أَحَدٌ أَرْضَهُ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ سَنَتَيْنِ وَبَعْدَ مُرُورِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى غَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ بِنَائِهِ فِي الْأَرْضِ رَجَعَ الْمُعِيرُ عَنْ الْإِعَارَةِ وَأَمَرَ بِالْقَلْعِ وَتَحَقَّقَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَنَّ قِيمَةَ الْبِنَاءِ أَوْ الْأَشْجَارِ إذَا بَقِيَتْ سَنَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ أَلْفُ قِرْشٍ وَقِيمَتَهَا فِي الْحَالِ مَقْلُوعَةً مِائَةُ قِرْشٍ ضَمِنَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 832) اسْتِرْدَاد الْمُسْتَعِير الْأَرْض الْمُعَارَّة قَبْل وَقْت الْحَصَاد]
(الْمَادَّةُ 832) - (لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ اسْتِرْدَادُ الْأَرْضِ الَّتِي أُعِيرَتْ لِلزَّرْعِ إذَا رَجَعَ عَنْ إعَارَتِهِ قَبْلَ وَقْتِ الْحَصَادِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْإِعَارَةُ مُؤَقَّتَةً أَمْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ) .
قَدْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الْمَادَّةُ اسْتِحْسَانًا. وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُوَ: أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَمْ يَكُنْ فِي زِرَاعَتِهِ الْأَرْضَ مُبْطِلًا وَغَيْرَ مُحِقٍّ وَإِنَّمَا هُوَ مَغْرُورٌ بِإِعْطَاءِ الْمُعِيرِ إيَّاهُ إذْنًا بِالزِّرَاعَةِ بِنَاءً عَلَيْهِ يَلْزَمُ تَرْكُ الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، وَبَعْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ تَنْقَلِبُ الْإِعَارَةُ إلَى إجَارَةٍ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19) تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ. وَلَمْ يُجِزْ الرُّجُوعَ وَالِاسْتِرْدَادَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلزَّرْعِ مَعَ كَوْنِهِ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ الْمُعَارَةِ لِلْبِنَاءِ وَلِغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَتَوْضِيحُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَقَدْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَادَّةِ (831) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ وَإِبْقَاءُ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ وَلَوْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ مِمَّا يَضُرُّ بِالْمُعِيرِ فَلِأَجْلِ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ أَيْ الْمُعِيرِ قُلِعَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ فَلِلزَّرْعِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْقَى الْأَرْضُ الْمُسْتَعَارَةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ
بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ الَّذِي هُوَ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ جَوَّزَ إبْقَاءَ الْأَرَاضِي فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ وَيَأْخُذُ الْمُعِيرُ أَجْرَ مِثْلِ الْمُدَّةِ الَّتِي تَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ أَرَاضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ يَصِيرُ إبْقَاءُ الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 526) وَشَرْحَهَا (الْبَحْرُ) .
وَلِإِبْقَاءِ الزَّرْعِ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مُوجَبِ هَذِهِ الْمَادَّةِ عِلَّتَانِ: أُولَاهُمَا - أَنَّ قَلْعَ الزَّرْعِ مُضِرٌّ بِالْمُسْتَعِيرِ كَمَا أَنَّ إبْقَاءَهُ بِلَا بَدَلٍ مُضِرٌّ بِالْمُعِيرِ أَيْضًا فَيُدْفَعُ ضَرَرُ الطَّرَفَيْنِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (31) .
وَبِذَلِكَ رُوعِيَ حَقُّ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الزَّرْعِ قَدْ غَرَّرَ بِهِ الْمُعِيرُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
ثَانِيهِمَا - أَنَّهُ يُوجَدُ فِي قَلْعِ الزَّرْعِ أَبْطَالٌ لِمِلْكِ الْمُسْتَعِيرِ وَفِي تَرْكِهِ تَأْخِيرُ حَقٍّ لِلْمُعِيرِ أَيْ تَأْخِيرُ تَصَرُّفِهِ وَبِمَا أَنَّ الْقَرَارَ الْأَوَّلَ أَشَدُّ مِنْ الثَّانِي فَيَجِبُ أَنْ يُعَارَ إلَى الثَّانِي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (29) .
اخْتِلَاف الْفُقَهَاءِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ: يَلْزَمُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ عَقْدُ الْإِيجَارِ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُعِيرُ الْأَرْضَ لِلْمُسْتَعِيرِ بَعْدَ الرُّجُوعِ.
لَكِنْ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ الطَّرَفَانِ عَلَى عَقْدِ الْإِجَارَةِ يُؤَجِّرُ الْحَاكِمُ وَيُقَدِّرُ الْأُجْرَةَ بِإِخْبَارِ أَهْلِ الْوُقُوفِ. أَمَّا إذَا لَمْ يُؤَجِّرْ الْمُعِيرُ وَالْحَاكِمُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) . وَعِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ يَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الرُّجُوعِ وَلَوْ لَمْ تُعْقَدْ إجَارَةٌ.
مَعْنَى عَدَمِ الِاسْتِرْدَادِ هُنَا: وَيُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمَجَلَّةِ (لَيْسَ لِلْمُعِيرِ) هُوَ مُتَعَلِّقٌ وَمُرْتَبِطٌ بِنَفْيِ الِاسْتِرْدَادِ حَصْرًا وَلَيْسَ لِنَفْيِ الرُّجُوعِ وَالِاسْتِرْدَادِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (806) أَنَّ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِعَارَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ، وَلَوْ كَانَ فِي رُجُوعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ فَبِنَاءً عَلَيْهِ تَبْطُلُ الْإِعَارَةُ بِالرُّجُوعِ الْوَارِدُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَتَبْقَى الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ بُطْلَانِ الْإِعَارَةِ بِالرُّجُوعِ وَبَيْنَ إبْقَائِهَا فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ.
وَالْمُعِيرُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ لَوْ قَالَ: إنَّنِي أَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ بِعَطَاءِ الْمُسْتَعِيرِ مِثْلَ الْبِذَارِ وَمَصَارِيفِهِ وَيُسَلِّمُنِي الْمُسْتَعِيرُ أَرْضًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبِذَارُ نَابِتًا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ الْبِذَارَ قَبْلَ النَّبَاتِ مُسْتَهْلَكٌ وَمَعْدُومٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (205) إذَا كَانَ نَابِتًا وَكَانَ الْمُسْتَعِيرُ رَاضِيًا بِذَلِكَ جَازَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ. أَمَّا إذَا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى ذَلِكَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
مَسْأَلَةٌ أُخْرَى لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِيهَا اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ.
لَيْسَ لِلْمُعِيرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ اسْتِرْدَادُ الْمُسْتَعَارِ بِالرُّجُوعِ عَنْ الْإِعَارَةِ. فَلَوْ أَعَارَ الْمُعِيرُ زِقًّا لِوَضْعِ