الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِهَذَا الْقَبْضِ. وَعِنْدَ وَفَاةِ الْمُحِيلِ لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَضْبِطَ مَالَهُ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، بَلْ يُقَسَّمَ عَلَى غُرَمَائِهِ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ؛ لِأَنَّ الْمُحِيلَ صَارَ بَرِيئًا مِنْ دَيْنِهِ عَلَى مَا أُوضِحَ فِي الْمَادَّةِ (690) مَتْنًا وَشَرْحًا. وَإِذَا أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالَ لِلْمُحَالِ لَهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ يَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ضَامِنًا (النَّتِيجَةُ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 692) يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ]
(الْمَادَّةُ 692) يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَإِذَا أَعْطَاهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَيَرْجِعُ بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا تُوُفِّيَ الْمُحِيلُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَدُيُونُهُ أَكْثَرُ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَيْسَ لِسَائِرِ دَائِنِيهِ حَقُّ الْمُدَاخَلَةِ فِي الْمُحَالِ بِهِ. الْحُكْمُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ لِلْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ هُوَ هَذَا: يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمُحَالِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ إنَّ الْحَوَالَةَ تَقَيَّدَتْ بِالْمَالِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ فِي يَدِهِ فَحَقُّ اسْتِيفَاءِ الطَّالِبِ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمَالِ الْمَذْكُورِ تَعَلَّقَ بِهِ أَيْضًا، كَمَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ
وَحَيْثُ إنَّ أَخْذَ الْمُحِيلِ هَذَا الْمَالَ يُبْطِلُ حَقَّ الطَّالِبِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ، وَعَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 677 وَاسْتُنْبِطَ مِنْ الْمَادَّةِ 688 فَالْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ فِي الْمَجَلَّةِ لِأَجْلِ الْمُحَالِ بِهِ هُوَ الْمَالُ الَّذِي أُحِيلَ أَيْ الْمَالُ الَّذِي هُوَ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلَيْسَ الْمَالُ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَحَيْثُ إنَّ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ الْمُحَالِ بِهِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ الْحَوَالَةِ أَوْ بَعْدَهَا لَيْسَ لِلْمُحِيلِ بَلْ لِلْمُحَالِ لَهُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ اُسْتُعْمِلَ فِي الْمَجَلَّةِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي ذُكِرَ آنِفًا فَلَا يَكُونُ تَعْبِيرُ (يَنْقَطِعُ حَقُّ مُطَالَبَتِهِ) صَحِيحًا، فَبِنَاءً عَلَيْهِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْعِبَارَةُ هَكَذَا، يَنْقَطِعُ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ حَقُّ مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ (لَا يَمْلِكُ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالْعَيْنِ الْمُحَالِ بِهِ وَالدَّيْنِ) ، وَأُطْلِقَ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا (مُحَالٌ بِهِ) وَبِنَاءً عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ عِبَارَةَ (مُحَالٌ بِهِ) هُنَا لَيْسَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (677)، وَبَعْدَ هَذَا تُوَضَّحُ الْمَادَّةُ كَمَا يَأْتِي: لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ، حَتَّى إنَّهُ إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ ذَلِكَ الْمَالَ أَيْ مَالَ الْمُحِيلِ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ صَحَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا لِلْمُحَالِ لَهُ حَقُّ أَنْ يَتَمَلَّكَ ذَلِكَ الْمَالَ فَلَهُ الْحَقُّ أَيْضًا بِتَمْلِيكِهِ لِغَيْرِهِ (الْبَحْرُ) ، كَذَلِكَ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَائِنَهُ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ بَالِغٍ أَلْفَ قِرْشٍ عَلَى مَدِينٍ لَهُ بِدَيْنٍ مُعَجَّلٍ قَدْرُهُ
أَلْفُ قِرْشٍ أَيْضًا وَبَعْدَ ذَلِكَ أَمْهَلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَدِينِ: أَعْطِنِي الْآنَ الْأَلْفَ قِرْشٍ عَلَى أَنْ أُعْطِيَكَ إيَّاهُ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
وَإِذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ يَسْتَرِدُّهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَيْ أَنْ يُعْطِيَ الْمَالَ الْمَارَّ الذِّكْرِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ، وَبَعْدَ إجْرَاءِ الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا غَابَ الْمُحَالُ لَهُ فَأَرَادَ الْمُحِيلُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِادِّعَائِهِ أَنْ لَيْسَ لِلْمُحَالِ لَهُ بِذِمَّتِهِ دَيْنٌ، وَإِحَالَتُهُ إيَّاهُ كَانَتْ بِصُورَةِ وَكَالَةٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فَفِي رِوَايَةٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَحُكِمَ يَكُونُ حُكْمٌ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يُقْبَلُ قَوْلُهُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ هُوَ لِلْمُحِيلِ وَهُوَ يُنْكِرُ سُقُوطَ حَقِّهِ بِالْحَوَالَةِ، كَمَا أَنَّهُ نَظَرًا لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا نَهَى الْمُحِيلُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَائِلًا: لَا تُعْطِ هَذَا الْمَبْلَغَ لِلْمُحَالِ لَهُ فَإِنَّ نَهْيَهُ مُعْتَبَرٌ وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ لَهُ غَائِبًا (الْبَحْرُ) . وَالْبَاجُورِيُّ يَقُولُ: إنَّهُ إذَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِيمَا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ: وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي لِي بِذِمَّةِ فُلَانٍ، وَقَالَ الدَّائِنُ: أَحَلْتَنِي بِمَطْلُوبِي الَّذِي عِنْدَكَ، أَوْ قَالَ الْمَدِينُ: قَصَدْت الْوَكَالَةَ، وَقَالَ الدَّائِنُ لَكَ: أُحِلْتَ، فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ وَقْتَ الْحَوَالَةِ مُحْتَمِلًا لِلْوَكَالَةِ يُصَدَّقُ مُنْكِرُ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْحَقِّ، وَالْمَدِينُ أَعْلَمُ بِمَقْصُودِ ذَاتِهِ مِنْ سِوَاهُ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْتَمِلًا لِلْوَكَالَةِ فَلَا يُصَدَّقُ الْمَدِينُ بِادِّعَائِهِ أَنَّهُ قَصَدَ الْوَكَالَةَ، مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ: إنِّي أَحَلْتُكَ بِالْعَشْرِ ذَهَبَاتٍ الَّتِي لَك عِنْدِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ فَحَيْثُ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ فَالِادِّعَاءُ بِأَنَّهُ كَانَ وَكَالَةً لَا يُقْبَلُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ الْمَدِينُ لَدَايَنَهُ: إنِّي أَحَلْتُكَ عَلَى مَدِينِي فُلَانٍ فَقَالَ لَهُ الدَّائِنُ: إنَّك وَكَّلْتَنِي بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ إنَّك قَصَدْت مِنْ لَفْظِ الْحَوَالَةِ الْوَكَالَةَ يُصَدَّقُ الدَّائِنُ بِقَوْلِهِ مَعَ الْيَمِينِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّ الدَّائِنِ عِنْدَ الْمَدِينِ.
أَمَّا إذَا كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لِلْوَكَالَةِ فَلَا يُصَدَّقُ الدَّائِنُ فِي قَوْلِهِ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (698) . وَإِذَا أَعْطَاهُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحِيلِ لَا يَطْرَأُ خَلَلٌ عَلَى صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، وَيَكُونُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ ضَامِنًا لِأَنَّهُ يَكُونُ اسْتَهْلَكَ مَالًا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُحَالِ لَهُ، كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَ رَجُلٌ الرَّهْنَ الَّذِي بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ بَدَلَهُ لِلْمُرْتَهِنِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) ، وَيَرْجِعُ بَعْدَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُحِيلِ، يَعْنِي إذَا أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُحِيلُ مَالَهُ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ قَبِلَ الْحَوَالَةَ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ (الذَّخِيرَةُ) . تَعْبِيرُ (إذَا أَعْطَى) الْوَارِدُ فِي الْمَجَلَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَى بِرِضَاهُ وَأَمَّا، إذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ ذَلِكَ الدَّيْنَ أَوْ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كُرْهًا وَجَبْرًا فَاللَّائِقُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .