الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَبْقَى الضَّمَانُ الْوَاقِعُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ مَا لَمْ يُؤْخَذْ وَيُقْبَضْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مَدِينٌ بِبَدَلِ الضَّمَانِ فَتَأْدِيَتُهُ لَا تَصِحُّ قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ يَدِهِ وَيُقْبَضَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّخْصِ الْوَاحِدِ أَنْ يَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلدَّيْنِ وَقَابِضًا لَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ. (الشَّارِحُ) .
عَوْدَةُ الْمُرْتَهِنِ إلَى الْوِفَاقِ بَعْدَ مُخَالَفَتِهِ: قَوْلُهُ - (إذَا أَتْلَفَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ عَيَّبَ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الرَّاهِنِ وَعَمِلَ شَيْئًا يُوجِبُ الضَّمَانَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ قَبْلَ أَنْ يَلْحَقَ نَقْصٌ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَنَّ تَعْبِيرَ (يَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنْ الضَّمَانِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَإِلَّا فَكَمَا سَيَذْكُرُ فِي اللَّاحِقَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَكُونُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِسَبَبِ هَلَاكِ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
[لَاحِقَة فِي بَيَان الْمَسَائِل الْعَائِدَة لِسُقُوطِ الدِّين بِهَلَاكِ الرَّهْن فِي يَد المرتهن أَوْ الْعَدْل]
لَاحِقَةٌ.
فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْعَائِدَةِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ وَإِنْ تَكُنْ سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ إلَى الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ إجْمَالًا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 0 4) فَقَدْ شُرِّعَ بِتَفْصِيلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بِنَاءً عَلَى الْمُنَاسَبَةِ الْمَوْقِعِيَّةِ: مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ وَلَكِنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ بِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ كُلًّا أَوْ قِسْمًا عِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَسَرَدَ مَا يَأْتِي فِي مَقَامِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ (إنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الرَّهْنِ كَانَتْ لِأَجْلِ الطُّمَأْنِينَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَيْ لِأَجْلِ تَأْمِينِ اسْتِيفَائِهِ فَإِذَا كَانَ مَضْمُونًا وَكَانَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِهَلَاكِهِ فَيَكُونُ مَعْنَى التَّوْثِيقِ قَدْ فَاتَ) .
وَاجْتِهَادُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رحمه الله مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُ الْبَاجُورِيِّ وَهُوَ مِنْ مُحَقِّقِي الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ فِي مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ مُطَابِقٌ لِلْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ. فَعِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مُتَعَدِّيًا سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ أَمْ قَبْلَهَا. وَعَدَمُ إعْطَاءِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فِي حَالِ طَلَبِ الرَّاهِنِ وَاسْتِعْمَالُ الرَّهْنِ تَعَدٍّ. (انْتَهَى) .
وَرَغْمًا عَنْ أَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ مِنْ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْعُمُومِيَّةِ وَمِنْ الْمُهِمِّ فِيهَا فَلَمْ يُكْتَبُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ شَيْءٌ عَنْهَا لَا صَرَاحَةً وَلَا إشَارَةً بَلْ إنَّهُ قَدْ صَرَّحَ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَادَّةِ (1108) .
أَدِلَّةُ الْحَنَفِيَّةِ - اسْتَدَلَّ الْأَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ بِالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِالدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ السُّنَّةُ: الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ الْمَرْوِيُّ عَنْ الرَّسُولِ وَهُوَ «أَنَّ رَجُلًا ارْتَهَنَ فَرَسًا فَمَاتَ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَهَبَ حَقُّك» فَهَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الدَّيْنِ بِضَيَاعِ الرَّهْنِ شِبْلِيٌّ
إجْمَاعُ الْأُمَّةِ: حَيْثُ إنَّ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَاقِعٌ عَلَى مَضْمُونِيَّةِ الرَّهْنِ فَفِي الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَمَانَةٌ خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ (الْعِنَايَةُ) .
الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ - الرَّهْنُ مَقْبُوضٌ لِأَجْلِ الدَّيْنِ. فَعِنْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ يَكُونُ مَضْمُونًا وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَقَعُ التَّقَاضِي بَيْنَ الدَّائِنِ وَالْمَدِينِ.
لَمَّا كَانَ قَبْضُ الدَّيْنِ مَضْمُونًا فَالرَّهْنُ الْمَقْبُوضُ أَيْضًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ يَكُونُ مُلْحَقًا بِالدَّيْنِ وَلِذَلِكَ يَكُونُ هُوَ أَيْضًا مَضْمُونًا. كَمَا جُعِلَ الْمَالُ الَّذِي قُبِضَ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونًا وَكَالْمَالِ الَّذِي قُبِضَ بَعْدَ الْبَيْعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ مَالِكِ الْعَيْنِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ
أَنْوَاعُ الضَّمَانِ - أَنْوَاعُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ - ضَمَانُ الْغَصْبِ ضَمَانُ الْغَصْبِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِقِيمَتِهِ وَبِبَدَلِهِ وَتَفْصِيلُهُ يَرِدُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ.
الثَّانِي - ضَمَانُ الْمَبِيعِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِالثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ الثَّمَنُ الْمَذْكُورُ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلًا وَهَذَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.
الثَّالِثُ - ضَمَانُ الرَّهْنِ ضَمَانُ الرَّهْنِ هُوَ الشَّيْءُ الْمَضْمُونُ بِقِيمَةِ الْمَرْهُونِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) وَهَا نَحْنُ نُبَاشِرُ بِتَفْصِيلِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: فِي الرَّهْنِ اعْتِبَارَانِ:
الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ: عَيْنُ الرَّهْنِ. عَيْنُ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَالْوَدِيعَةِ. وَالْمَسَائِلُ الْمُتَفَرِّعَةُ عَنْ هَذَا أَنْوَاعٌ هِيَ كَمَا يَأْتِي أَوَّلًا: كُلُّ فِعْلٍ إذَا أَوْقَعَهُ - الْمُسْتَوْدَعُ فِي الْوَدِيعَةِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِذَا أَوْقَعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَثَلًا إذَا حَفِظَ الْمُرْتَهِنُ الْخَاتَمَ الْمَرْهُونَ فِي جَيْبِهِ وَهَلَكَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ عِبَارَةٌ عَنْ مُحَافَظَةٍ وَخُصُوصًا الْمُرْتَهِنُ مَأْمُورٌ بِالْمُحَافَظَةِ. كَمَا لَوْ كَانَ الْمَرْهُونُ قَمِيصًا وَعَلَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى كَتِفِهِ وَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حِفْظٌ وَلَيْسَ اسْتِعْمَالًا (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (722) .
ثَانِيًا: نَفَقَةُ الرَّهْنِ عَائِدَةٌ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا تَبَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (724) . كَمَا أَنَّ نَفَقَةَ الْوَدِيعَةِ عَائِدَةٌ لِلْمُودِعِ.
ثَالِثًا: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ وَهُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ. حَتَّى إنَّهُ مَتَى هَلَكَ الْحَيَوَانُ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَمَصَارِيفُ رَمْيِهِ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا تَعُودُ عَلَى الرَّاهِنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
رَابِعًا: لَا يَقُومُ قَبْضُ الرَّهْنِ مَقَامَ قَبْضِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حَيْثُ إنَّهُ أَمَانَةٌ فَالْقَبْضُ فِيهِ أَمَانَةٌ أَيْضًا وَقَبْضُ الْأَمَانَةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (262) .
خَامِسًا: كُلُّ فِعْلٍ بِتَقْدِيرِ إيقَاعِهِ مِنْ الْمُسْتَوْدَعِ - فِي الْوَدِيعَةِ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ مِنْ أَجْلِهِ. إذَا أَوْقَعَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا ضَمَانُ الْغَصْبِ. مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إعَارَةُ الْوَدِيعَةِ مَعَ إيجَارِهَا وَتَرْهِينِهَا لِلْغَيْرِ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا إعَارَةُ الرَّهْنِ وَإِيجَارُهُ وَتَرْهِينُهُ لِلْغَيْرِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا أَعَارَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَجَّرَهُ أَوْ رَهَنَهُ آخَرَ - أَوْ اسْتَعْمَلَهُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ لِكَوْنِهِ قَدْ تَعَدَّى فِي حَالِ هَلَاكِهِ يَكُونُ ضَامِنًا بِضَمَانِ الْغَصْبِ (التَّنْقِيحُ) .
سَادِسًا: إذَا تُوُفِّيَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا فَكَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (801) يَلْزَمُ ضَمَانُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ زَائِدَةً عَنْ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَتُؤَدَّى الزِّيَادَةُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُرْتَهِنِ إلَى الرَّاهِنِ (التَّنْقِيحُ) .
سَابِعًا: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ رَهَنَ عِنْدَ هَذَا الرَّجُلِ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَيْ قِرْشٍ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنَهُ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْإِنْكَارِ فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ مَا فَعَلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِالرَّهْنِ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ. وَبِنَاءً عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجْرِي حِسَابُ أَلْفِ قِرْشٍ وَتَلْزَمُ إعَادَةُ الْأَلْفِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ ضَمَانًا إلَى الرَّاهِنِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (901) .
الِاعْتِبَارُ الثَّانِي: مَالِيَّةُ الرَّهْنِ. مَالِيَّةُ الرَّهْنِ مَضْمُونَةٌ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ شَيْءٌ عِنْدَ هَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَقْصِيرٍ وَلَا تَعَدٍّ فَعِنْدَ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ - يَجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ الرَّهْنِ. وَهَاكَ بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَنْ هَذَا الِاعْتِبَارِ.
أَوَّلًا: إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ فَيُعَدُّ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى يَوْمَ قَبْضِ الرَّهْنِ، يَعْنِي يُعْتَبَرُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِطَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ. وَيُطْلَقُ عَلَى هَذَا الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . وَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُطَالِبَ الرَّاهِنَ بِشَيْءٍ وَلَا الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ (التَّنْوِيرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (399) . فَإِذَا فُقِدَ الْمَرْهُونُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ أَدَاءِ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ يَلْزَمُ عَلَى الدَّائِنِ أَنْ يَرُدَّ لِلْمَدِينِ الدَّيْنَ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ حِينَمَا قَبَضَ الرَّهْنَ. فَبِنَاءً عَلَيْهِ حَيْثُ إنَّ أَخْذَهُ مَطْلُوبَهُ ثَانِيَ مَرَّةٍ يَكُونُ اسْتِيفَاءً بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي قَبَّضَهُ إلَى الرَّاهِنِ التَّنْقِيحُ وَالزَّيْلَعِيّ.
وَإِذَا رَهَنَ الرَّاهِنُ سَاعَةً بِعَشْرِ ذَهَبَاتٍ مُقَابِلَ عَشْرِ ذَهَبَاتِ دَيْنٍ ثُمَّ أَوْفَى سِتَّ ذَهَبَاتٍ مِنْ الدَّيْنِ وَقَالَ: فَلِتَبْقَ السَّاعَةَ رَهْنًا مُقَابِلَ الْأَرْبَعِ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةِ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَتْ السَّاعَةُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا اعْتِبَارَ لِهَذَا الْقَوْلِ فَتَهْلَكُ بِكَامِلِ الدَّيْنِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ رَدُّ السِّتِّ ذَهَبَاتٍ إلَى الرَّاهِنِ الْأَنْقِرْوِيُّ.
ثَانِيًا: إذَا أَوْفَى رَجُلٌ دَيْنَ آخَرَ تَبَرُّعًا وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ إلَى الرَّاهِنِ مُلِّكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَنَظَرًا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ يَرُدُّ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّجُلِ الْمَطْلُوبِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ يُرْجِعُهَا الْمُرْتَهِنُ الْمُتَبَرِّعُ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايِنَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الدَّيْنُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُتَبَرِّعَ أَوْفَى دِينًا غَيْرَ وَاجِبِ الْأَدَاءِ. وَعَلَيْهِ وَجَبَتْ إعَادَتُهُ إلَى الْمُتَبَرِّعِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) . رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَفَّلَ إنْسَانًا بِإِذْنِ الدَّائِنِ فَأَعْطَى الْمَدِينَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ رَهْنًا بِذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ قَضَى الْكَفِيلُ دَيْنَ الطَّالِبِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الطَّالِبِ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الطَّالِبِ وَيَرْجِعُ الْمَطْلُوبُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ (الْخَانِيَّةُ) .
ثَالِثًا: إذَا رَهَنَ الْمَدِينُ مَالَهُ الْبَالِغَ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ حَوَّلَ دَايِنَهُ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مِنْ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ بِالْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّاهِنُ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي يَدِ الدَّائِنِ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ مُطْلَقٌ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ أَيْضًا. بِنَاءً عَلَيْهِ يَأْخُذُ الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ الَّذِي عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (الْبَزَّازِيَّةُ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .
رَابِعًا: إذَا هَلَكَ بَعْضُ الرَّهْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ مَثَلًا إذَا هَلَكَ مِقْدَارٌ مِنْ الْمَرْهُونِ فِي يَدِ
الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ مِقْدَارٌ مِنْ الدَّيْنِ بِنِسْبَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زَائِدَةً عَنْهُ. مَثَلًا إذَا رَهَنَ رَجُلٌ خَاتَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُمَا ثُمَّ هَلَكَ خَاتَمٌ مِنْهُمَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ مَا يُصِيبُ ذَلِكَ الْخَاتَمَ، أَيْ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ أَلْفَيْنِ فَيَبْقَى الثُّلُثَانِ مِنْ الدَّيْنِ يَعْنِي مِنْ الْأَلْفِ قِرْشٍ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي وَإِلَّا فَكَوْنُ قِيمَةِ الْخَاتَمِ الْهَالِكِ أَلْفَ قِرْشٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطُ الدَّيْنِ كَامِلًا.
خَامِسًا: إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مُقَابِلَ دَيْنٍ مِائَةَ قِرْشٍ فَرْوًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ ثُمَّ أَفْسَدَتْ الْعُثَّةُ الْفَرْوَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَنَزَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ فَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ فَقَطْ وَيُؤَدِّي الْمَدِينُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ قِرْشًا إلَى الدَّائِنِ وَيَسْتَرِدُّ الْفَرْوَ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعٍ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ (التَّنْقِيحُ) .
سَادِسًا - إذَا رُهِنَتْ دَارٌ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ وَخَرِبَتْ بِدَرَجَةِ أَنْ صَارَتْ عَرْصَةً صِرْفَةً يُقَسَّمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْعَرْصَةِ يَوْمَ قَبَضَهُمَا فَيَسْقُطُ الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْبِنَاءَ وَيَبْقَى الْمِقْدَارُ الَّذِي يُصِيبُ الْعَرْصَةَ. وَلَوْ رَهَنَ شَيْئَيْنِ يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ ظَهَرَ حُرًّا يَهْلَكُ الْآخَرُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) .
سَابِعًا - إذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ الْكَفِيلِ رَهْنًا كَمَا أَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ وَهَلَكَ الرَّهْنَانِ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَافِيًا لِلدَّيْنِ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْ الْأَصِيلِ وَالْكَفِيلِ مُطَالَبٌ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ نَظَرًا لِكَوْنِ الرَّهْنِ الثَّانِي عُدَّ زِيَادَةٍ فِي الرَّهْنِ، أَيُّهُمَا هَلَكَ يَهْلَكُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيَمِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً هَلَكَ الْمَرْهُونُ بِنِصْفِ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (713) .
الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ الْأَجْنَبِيِّ: الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ هِيَ عَلَى مَا ذُكِرَ أَعْلَاهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لَيْسَتْ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ. إذْ إنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (713) إذَا زِيدَ فِي الرَّهْنِ فَكَمَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ يَكُونُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ فَقِيمَةُ الزِّيَادَةِ أَيْضًا يَوْمَ قَبْضِهِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ بِحُكْمِ الزِّيَادَةِ وَإِلَيْك بَيَانُ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا - إذَا رَهَنَ رَجُلٌ مَالَهُ الَّذِي تَبْلُغُ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ دَيْنِهِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَعَادَهُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ وَبَعْدَ مُدَّةٍ اسْتَرَدَّهُ وَقَبَضَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ الْمَذْكُورِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ وَهَلَكَ بَعْدَئِذٍ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلَكُ بِأَلْفِ قِرْشٍ. بِخِلَافِ الْغَصْبِ إذَا تَكَرَّرَ بَعْدَ الرَّدِّ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ الْمُوجِبُ لَا الْأَوَّلُ لِانْتِسَاخِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ) .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ الْمُعْتَبَرِ هُوَ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا رَهَنَ مَالَهُ بِقِيمَةِ أَلْفِ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَ وَتَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ إلَى سِتِّمِائَةِ قِرْشٍ بِسَبَبِ تَرَاجُعِ السِّعْرِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ)(2 91) . وَحَيْثُ إنَّ الْأَرْبَعَمِائَةِ قِرْشٍ الَّتِي هِيَ زِيَادَةُ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ مَضْمُونَةٌ بِضَمَانِ الرَّهْنِ بِالنَّظَرِ إلَى الْمُرْتَهِنِ فَعِنْدَمَا يَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ الْأَجْنَبِيِّ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ يَكُونُ كَأَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ دَيْنِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْخَانِيَّةُ) .
ثَانِيًا - إذَا رَهَنَ رَجُلٌ مَالًا عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ مُقَابِلَ دَيْنٍ وَظَهَرَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مَعِيبًا ثُمَّ هَلَكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ يَوْمَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَعِيبًا كَافِيَةً لِلدَّيْنِ يَسْقُطُ أَيْضًا كُلَّ الدَّيْنِ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ السَّابِقَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
ثَالِثًا - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَالٍ كَوْنِ قِيمَتُهٌ يَوْمَ قَبْضِهِ نَاقِصَةً عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ. وَيَطْلُبُ الْمُرْتَهِنُ الْبَقِيَّةَ مِنْ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِيَّةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (400) . مَثَلًا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ مَالًا بِخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَلْفَ قِرْشٍ وَهَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِالْخَمْسِمِائَةِ قِرْشٍ الْبَاقِيَةِ (الدُّرَرُ) .
رَابِعًا - إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ حَالٍ كَوْنِ قِيمَتِهِ زَائِدَةً عَنْ الرَّهْنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ كُلُّهُ وَأَمَّا مَا زَادَ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُ الرَّهْنِ بِتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ فَبِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (741) يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ مَا زَادَ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (701) بِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ بَدَلَ مَا زَادَ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ أَيْضًا نَظَرًا لِيَوْمِ إتْلَافِهِ وَتَعَدِّيهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) .
وَإِذَا كَانَ هَلَاكُهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَبِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (768) لَا يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنُ أَدَاءَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ. سَوَاءٌ أَكَانَ ثُبُوتُ هَلَاكِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ وَيَمِينِهِ يَعْنِي يَكُونُ الْمَضْمُونُ مَرْهُونًا عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَالْقِيمَةِ (أَبُو السُّعُودِ) ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ، وَالضَّمَانُ بِالْمِقْدَارِ الْمُسْتَوْفَى مَثَلًا لَوْ كَانَ دَيْنُ أَحَدٍ عَشْرَ ذَهَبَاتٍ فَقَطْ وَأَعْطَى دَايِنَهُ كِيسًا يَحْتَوِي عَلَى عِشْرِينَ ذَهَبًا وَهَلَكَتْ كُلُّهَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَحَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ مِقْدَارَ الدَّيْنِ يَكُونُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَدْ أَوْفَى ذَلِكَ الدَّيْنَ، وَالْعَشْرُ ذَهَبَاتٍ الْبَاقِيَةُ تَكُونُ هَلَكَتْ أَمَانَةً عِنْدَ الدَّائِنِ.
رَهْنُ الْمِقْدَارِ الزَّائِدِ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَبْسُ الْمَرْهُونِ بِدُونِ الزِّيَادَةِ. وَبِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (22) مَا ثَبَتَ لِضَرُورَةٍ يُقَدَّرُ بِمِقْدَارِ تِلْكَ الضَّرُورَةِ. يَعْنِي أَنَّ الضَّرُورَةَ تَثْبُتُ فِي مَرْهُونِيَّةٍ وَمَحْبُوسِيَّةٍ الرَّهْنِ فَقَطْ. وَإِلَّا لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةٍ فِي مَضْمُونِيَّةِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ كَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ مُمْكِنٌ. كَمَا هِيَ الْحَالَةُ فِي اسْتِعَارَةِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ. فَفِي حَالَةِ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ مَا زَالَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الِاسْتِعَارَةِ مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ الْعِنَايَةُ، الْفَتْحُ، الْهِنْدِيَّةُ وَالْكَفَالَةُ ".
مَثَلًا إذَا هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ سُرِقَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ التَّنْقِيحُ ". وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ زِيَادَةِ الْمَرْهُونِ عَنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ.
وَأَمَّا إذَا ذَبَحَ الْمُرْتَهِنُ النَّعْجَةَ الْمَرْهُونَةَ وَاسْتَهْلَكَهَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ أَيْضًا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ زَائِدَةً عَنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَتْ ذُبِحَتْ تِلْكَ النَّعْجَةُ لِمَرَضِهَا وَلِخَوْفٍ مِنْ هَلَاكِهَا الْبَزَّازِيَّةُ.
وَكَذَلِكَ إذَا رُهِنَتْ أَمْتِعَةٌ بِأَلْفَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِ أَلْفِ قِرْشٍ وَهَلَكَ مِنْهَا بِتَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ قِسْمٌ قِيمَتُهُ أَلْفَ قِرْشٍ فَحَيْثُ إنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ تَمَامًا يَسْتَرِدُّ الرَّاهِنُ بَاقِيَ أَمْتِعَتِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْفَيْضِيَّةُ " اُنْظُرْ الْحُكْمَ الثَّالِثَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ " 741 ".
وَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ ثَوْبًا بِقِيمَةِ عِشْرِينَ قِرْشًا مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْبَالِغِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَهُ تَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِرْشًا لِاسْتِعْمَالِ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ مُدَّةً بِإِذْنِ الرَّاهِنِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ بِلَا إذْنٍ وَطَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نَقْصُ أَرْبَعَةِ قُرُوشٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ وَهُوَ بِقِيمَةِ عَشَرَةِ قُرُوشٍ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الرَّاهِنِ قِرْشًا وَاحِدًا فَقَطْ مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ وَتَسْقُطُ التِّسْعَةُ قُرُوشٍ الْبَاقِيَةُ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الثَّوْبِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ أَمَانَةٌ وَحَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ اسْتَعْمَلَهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ وَلَمَّا كَانَ اسْتِعْمَالُ الْمُرْتَهِنِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ كَاسْتِعْمَالِ الرَّاهِنِ نَفْسَهُ وَكَانَ النَّقْصُ الطَّارِئُ بِسَبَبِهِ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النُّقْصَانَ الَّذِي هُوَ فِي هَذَا الْمِثَالِ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ فَقَطْ (الْبَزَّازِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ أَرْبَعَةُ قُرُوشٍ يَصِيرُ قِصَاصًا بِقَدْرِهَا مِنْ الدَّيْنِ فَإِذَا هَلَكَ الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ النُّقْصَانِ عَشْرَةٌ يَكُونُ نِصْفُهَا مَضْمُونًا وَنِصْفُهَا أَمَانَةً فَبِقَدْرِ الْمَضْمُونِ يَصِيرُ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا دَيْنَهُ وَبَقِيَ قِرْشٌ وَاحِدٌ فَلِهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِرْشٍ وَاحِدٍ (الْخَانِيَّةُ) .
مَعْنَى هَلَاكِ الرَّهْنِ - هَلَاكُ الرَّهْنِ صَيْرُورَتُهُ فِي حَالَةٍ لَا يَصْلُحُ الِانْتِفَاعُ مَعَهَا بِهِ. مَثَلًا كَمَوْتِ النَّعْجَةِ الْمَرْهُونَةِ. وَكَذَلِكَ إذَا صَارَتْ الْأَرْضُ الْمَرْهُونَةُ بُحَيْرَةً بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ عَلَيْهَا فَهَذِهِ الْحَالَةُ أَيْضًا بِحُكْمِ الْهَلَاكِ فَسَقَطَ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ. وَلَكِنْ إذَا انْسَحَبَتْ الْمِيَاهُ أَخِيرًا تَعُودُ كَمَا كَانَتْ رَهْنًا. أَمَّا إذَا طَرَأَ عَلَى الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ نُقْصَانٌ بِسَبَبِ طُغْيَانِ الْمِيَاهِ ثُمَّ انْسِحَابِهَا فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ الْمَذْكُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَإِذَا فَرَّ الْحَيَوَانُ الْمَرْهُونُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ مُعْتَبِرًا الدَّائِنَ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْحَيَوَانُ تَرْجِعُ رَهِينَتُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ إنَّمَا يَكُونُ اسْتِيفَاءَ حَقِيقَةٍ إذَا هَلَكَ وَلَمَّا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَهْلَكْ بَقِيَ مَحْبُوسًا عَلَى الرَّهِينَةِ لَا مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْخَانِيَّةُ) وَالْفَرَسُ الْمَغْصُوبُ إذَا فَرَّ وَقَضَى الْقَاضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ قَيْدَ الْفِرَارِ فَإِنَّهُ يَعُودُ عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ.
وَإِذَا اُغْتُصِبَ الْمَرْهُونُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ بِحُكْمِ الْهَالِكِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ (0 75) بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمَرْهُونِ وَغُصِبَ مِنْهُ أَثْنَاءَ الِانْتِفَاعِ فَفِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَصِيرُ عَارِيَّةً فَلَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَإِذَا لَمْ يَطْرَأْ عَلَى الرَّهْنِ خَلَلٌ بِالِاغْتِصَابِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ.
الرَّهْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ: قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 1 7) أَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا. فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَيْنُ الْمَضْمُونَةُ بِنَفْسٍ وَالْمُقَابِلَةُ الرَّهْنُ مَوْجُودَةٌ عَيْنًا فِي يَدِ الرَّاهِنِ يَقْبِضُ الْمُرْتَهِنُ الْعَيْنَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا وَيُسَلِّمُهَا وَيَضْمَنُ الْأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَرْهُونِ الْعَيْنِ الَّتِي فِي مُقَابِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ حَيْثُ إنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فَحَيْثُمَا تَصِلُ إلَى يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَلْزَمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعْطِيَ مِقْدَارَهَا الْمَضْمُونَ إلَى الرَّاهِنِ، وَمَا زَادَ عَنْهُ فَهُوَ أَمَانَةٌ وَأَمَّا إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ الْمَرْهُونَةُ وَبَقِيَ الرَّهْنُ فَيَصِيرُ الرَّهْنُ مَرْهُونًا فِي مُقَابَلَةِ بَدَلِ الْعَيْنِ وَقِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْعَيْنِ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ بَدَلِهَا وَبَدَلُ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَهُ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ) .
وَبَعْدَ هَذَا
إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَكُونُ هَذَا الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الْمَذْكُورِ وَبَدَلِ تِلْكَ الْعَيْنِ وَقِيمَتِهَا حَتَّى إنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الرَّاهِنِ. وَبِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ الرَّهْنِ أَمَانَةٌ كَمَا إذَا كَانَ مَرْهُونًا بِالدَّيْنِ وَفِيهِ فَضْلٌ الزَّيْلَعِيّ.
الرَّهْنُ مُقَابِلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ: أَخْذُ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْضًا صَحِيحٌ. وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ عَقْدُ السَّلَمِ تَامًّا وَالرَّهْنُ عِوَضًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ الْخَانِيَّةُ " كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ فَسْخِ عَقْدِ السَّلَمِ وَقَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ يَهْلَكُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ رَدُّ وَإِعَادَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الدُّرَرُ ".
الرَّهْنُ مُقَابِلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ: إذَا أَخَذَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ رَهْنًا لِأَجْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ جَازَ ذَلِكَ وَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ يُعَدُّ الْمُرْتَهِنُ اسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ وَيَبْقَى السَّلَمُ صَحِيحًا. وَإِذَا لَمْ يَهْلَكْ الرَّهْنُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَهَلَكَ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَيُرَدُّ الرَّهْنُ إلَى الرَّاهِنِ وَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ مُقَابِلُ الْبَدَلِ الصَّرْفِ أَيْضًا هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْخَانِيَّةُ،.
الشَّرْطُ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الرَّهْنِ إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ تَعَيَّبَ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ وَلَوْ اُشْتُرِطَ عَدَمُ سُقُوطِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ فَالرَّهْنُ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. " اُنْظُرْ الْمَادَّةُ 83 وَشَرْحَهَا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ: إنِّي آخُذُ مِنْك الرَّهْنَ بِشَرْطِ عَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ وَهَلَاكُ الْمَرْهُونِ بِلَا شَيْءٍ عِنْدَ هَلَاكِهِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: فَلِيَكُنْ ذَلِكَ فَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ وَالشَّرْطَ بَاطِلَانِ فَإِذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي يُقَابِلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَبَقَ تَفْصِيلُهُ الْخَانِيَّةُ ".
حُكْمُ الْحُكْمِ فِي تَنَاقُصِ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ بِتَرَاجُعِ الْأَسْعَارِ: إذَا تَنَاقَصَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ وَالْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ سُقُوطُ الدَّيْنِ (الْخَانِيَّةُ) . مَثَلًا إذَا رُهِنَ مَالٌ بِمِائَتَيْ قِرْشٍ مُقَابِلَ مِائَتَيْ قِرْشٍ دَيْنٍ وَسُلِّمَ ثُمَّ تَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ بِسَبَبِ تَنَزُّلِ الْأَسْعَارِ فَلَا يَسْقُطُ نِصْفُ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَمَا هِيَ الْحَالَةُ فِي الْغَصْبِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 0 900) حَتَّى إنَّهُ لَوْ أَمَرَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَنْ يَبِيعَ هَذَا الْمَالَ وَبَاعَ الْمُرْتَهِنُ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَبَعْدَ أَنْ يَحْسِبَ الْمِائَةَ قِرْشٍ مُقَابِلَ دَيْنِهِ يَأْخُذُ الْمِائَةَ قِرْشٍ الْبَاقِيَةَ أَيْضًا مِنْ الرَّاهِنِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ سُقُوطِ الدَّيْنِ بِتَرَاجُعِ الْأَسْعَارِ بَقَاءُ الرَّهْنِ. حَتَّى إنَّهُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ وَلَيْسَ بِقِيمَتِهِ بَعْدَ التَّرَاجُعِ.
الِاخْتِلَافُ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهَلَاكِ: إذَا ادَّعَى الرَّاهِنُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ مِلْكٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ فَسَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْقَبْضِ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ: إنَّ الْمَرْهُونَ بَيْعٌ بِنَاءً عَلَى الصَّلَاحِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (760) بَعْدَ تَرَاجُعِ السِّعْرِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ بَقِيَ فَضْلُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى دَيْنًا (فَبِحُصُولِ الِاخْتِلَافِ) عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ بَيْنَهُمْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ (الدُّرَرُ رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
الرَّهْنُ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ مَضْمُونٌ وَبَعْدَ إبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ غَيْرُ مَضْمُونٍ يَعْنِي بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ قِبَلِ الرَّاهِنِ يَبْقَى الرَّهْنُ مَرْهُونًا وَمَضْمُونًا كَالْأَوَّلِ مَا لَمْ يُسْتَرَدَّ الرَّهْنُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) .
بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَى هَذَا: أَوَّلًا إذَا اسْتَقْرَضَ شَخْصٌ مِنْ آخَرَ خَمْسَ كَيْلَاتِ قَمْحٍ وَقَبَضَهَا وَبَعْدَ أَنْ رَهَنَ مُقَابِلَهَا مَالًا وَسَلَّمَهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْقَمْحَ الَّذِي بِذِمَّتِهِ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَدَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَسَلَّمَهُ وَبَعْدَ ذَلِكَ هَلَكَ ذَلِكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَمَّا كَانَ بَدَلُ ذَلِكَ الْمَالِ يُعَادِلُ خَمْسَ كَيْلَاتِ قَمْحٍ يَكُونُ قَدْ هَلَكَ بِخَمْسِ كَيْلَاتِ قَمْحٍ وَعَلَيْهِ يُعِيدُ الْمُرْتَهِنُ إلَى الرَّاهِنِ الْمِائَةَ قِرْشٍ الَّتِي أَخَذَهَا.
ثَانِيًا إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا بِأَلْفِ قِرْشٍ عِنْدَ دَائِنِهِ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ أَدَّى شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ تَبَرُّعًا هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَلْزَمُ الدَّائِنَ أَنْ يُعِيدَ إلَى الشَّخْصِ الْأَجْنَبِيِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُعِيدَ مَا قَبَضَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ.
ثَالِثًا إذَا أَدَّى الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ الدَّيْنَ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمَدِينُ إلَى الدَّائِنِ فِي يَدِ الدَّائِنِ سَقَطَ الدَّيْنُ. وَفِي هَذَا الْحَالِ يَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِالْأَمْرِ إلَى الْمَدِينِ وَهَذَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّائِنِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَمْرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الدَّائِنِ رَأْسًا.
رَابِعًا: إذَا حَوَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِدَيْنِهِ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَكُونُ الرَّهْنُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ وَالْحَوَالَةُ مُنْفَسِخَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِطَرِيقِ الْأَدَاءِ بَرَاءَةٌ خِلَافَ الْحَوَالَةِ بِطَرِيقِ الْإِسْقَاطِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَرَاءَةً الْهِنْدِيَّةُ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى الْخَانِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ. إنَّمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِمَا زَادَ (أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالدُّرُّ وَالْهِدَايَةُ) .
خَامِسًا: إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي رَهْنًا مُقَابِلَ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ إيَّاهُ وَبَعْدَ أَنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْبَائِعِ ضُبِطَ ذَلِكَ الْمَالُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْمُرْتَهِنِ ضَامِنًا لِلْمَرْهُونِ.
سَادِسًا: إذَا اشْتَرَى الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ مَالًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِهِ أَوْ صَالَحَ الرَّاهِنُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَتْ قِيمَةُ الْمَرْهُونِ وَلَا يَبْطُلُ الشِّرَاءُ وَالصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَالصُّلْحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَلَا يَبْطُلُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
سَابِعًا: إذَا أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ بِبَرَاءَةِ الْإِسْقَاطِ أَوْ وَهَبَهُ مَطْلُوبَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ كَانَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْمَنْعِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَمْتَنِعَ الْمَرْءُ عَنْ إعَادَةِ الرَّهْنِ بِنَاءً عَلَى طَلَبِ الرَّاهِنِ - لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لِلرَّهْنِ. وَيَهْلَكُ مَجَّانًا (الْخَانِيَّةُ) ؛ لِأَنَّهُ بِسُقُوطِ الدَّيْنِ لَا يَبْقَ رَهِينَةً وَيَكُونُ قَبْضُ الْمُرْتَهِنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ سُقُوطِ الدَّيْنِ قَبْضَ أَمَانَةٍ لَا قَبْضَ اسْتِيفَاءٍ شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالزَّيْلَعِيّ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الرَّهْنِ بِأَمْرَيْنِ بِالْقَبْضِ وَالدَّيْنِ فَإِذَا فَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْقَ رَهْنًا الزَّيْلَعِيّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَأَمَّا إذَا هَلَكَ بَعْدَ الْمَنْعِ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ غَاصِبًا لِلرَّهْنِ (الْبَزَّازِيَّةُ) مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَعَيْنِيٌّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ - أَيْ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَإِبْرَاءِ الْإِسْقَاطِ - هُوَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يُسْقِطُ الدَّيْنَ أَصْلًا وَأَمَّا الِاسْتِيفَاءُ لَا يُسْقِطُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَوْجُودٌ وَالِاسْتِيفَاءَ مُتَعَذِّرٌ فَقَطْ أَبُو السُّعُودِ رَاجِعْ
شَرْحَ الْمَادَّةِ (158) .
نُقْصَانُ الْعَيْنِ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ. يَعْنِي نُقْصَانَ الرَّهْنِ مِنْ حَيْثُ الْعَيْنِ يُوجِبُ سُقُوطَ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِهِ (الْخَانِيَّةُ) كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَلَكٍ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِأَنْ كَانَ قَلْبًا فَانْكَسَرَ وَانْتَقَصَتْ قِيمَتُهُ يَذْهَبُ قَدْرُ النُّقْصَانِ مِنْ الدَّيْنِ عِنْدَ الْكُلِّ (الْخَانِيَّةُ) .
لِذَلِكَ إذَا رَهَنَ فَرْوًا بِأَرْبَعِمِائَةِ قِرْشٍ مُقَابِلَ مِائَةِ قِرْشٍ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَ أَكَلَتْ الْعُثَّةُ الْفَرْوَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَتَنَازَلَتْ قِيمَتُهُ إلَى مِائَةِ قِرْشٍ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ أَيْ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ قِرْشًا وَعِنْدَ أَدَاءِ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا يَسْتَخْلِصُ الْفَرْوَ (الْبَزَّازِيَّةُ الْوَاقِعَاتُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَرْهُونُ حَيَوَانًا وَعَمِيَتْ إحْدَى عَيْنَيْهِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْحَيَوَانِ مُسَاوِيَةً لِلدَّيْنِ أَوْ زِيَادَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْحَيَوَانِ يَكُونُ بِأَرْبَعَةِ أَعْيُنٍ عَيْنَيْنِ لِلْحَيَوَانِ وَعَيْنَيْنِ لِلَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَرَدَّهُ مَعِيبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ وَقَالَ: كَذَلِكَ قَبَضَتْهُ وَقِيمَتُهُ سَلِيمًا عَشْرَةٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى لِسَانُ الْحُكَّامِ. وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا فَعَوِرَتْ عَيْنَيْهِ فَقَالَ الرَّاهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَلْفًا ذَهَبَتْ بِالْعَوَارِ خَمْسُمِائَةٍ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرَّهْنِ خَمْسَمِائَةٍ وَذَهَبَ بِالْعَوَارِ رُبْعُ الدَّيْنِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يُرْهَنُ بِالْآلَافِ إلَّا مَا يُسَاوِي أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ وَالْبَيِّنَةُ أَيْضًا بَيِّنَتُهُ (الْخَانِيَّةُ) .
رَهْنُ الْمِثْلِيَّاتِ إذَا رُهِنَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مُقَابِلَ خِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا تُرْهَنُ الْمِثْلِيَّاتُ مِنْ سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ يَعْنِي مَثَلًا لَوْ رُهِنَ الذَّهَبُ مُقَابِلَ الْحَيَوَانِ الْمَغْصُوبِ وَهَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلَكُ بِقِيمَتِهِ وَتَجْرِي التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي ذُكِرَتْ آنِفًا.
وَأَمَّا إذَا رُهِنَتْ الْمِثْلِيَّاتُ الْمَذْكُورَةُ مُقَابِلَ جِنْسِهَا وَهَلَكَ الرَّهْنُ فَيَهْلَكُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا وَكِيلًا وَيَسْقُطُ قَدْرُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْجَوْدَةُ وَالْقِيمَةُ. مَثَلًا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً مُقَابِلَ خَمْسِينَ كَيْلَةً حِنْطَةً وَتَلِفَ الرَّهْنُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى جَوْدَةِ الدَّيْنِ أَوْ الرَّهْنِ وَإِلَى رَدَاءَةِ الْآخَرِ. يَعْنِي لَا يُبْحَثُ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ كَيْلَةً فَيَسْقُطُ الْخَمْسُونَ وَيَأْخُذُ الْمُرْتَهِنُ الْبَاقِيَ مِنْ الرَّاهِنِ. وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ خَمْسَةً وَخَمْسِينَ كَيْلَةً يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَتَبْقَى الْخَمْسُ كَيْلَاتٍ أَمَانَةً وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْأَمَانَةِ.
إثْبَاتُ هَلَاكِ الرَّهْنِ هَلَاكُ الرَّهْنِ بِلَا تَعَدٍّ يَثْبُتُ بِالشُّهُودِ وَبِيَمِينِ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا. يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَلَاكِ الرَّهْنِ فِيهَا وَإِلَّا يَحْلِفُ الْيَمِينَ عَلَى هَلَاكِهِ. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) . سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَرْهُونُ مَنْقُولًا كَالْحَيَوَانِ وَالْمَتَاعِ وَالْحُلِيِّ أَوْ كَانَ عَقَارًا.
وَلَا يُقَالُ: حَيْثُ إنَّ الْمُرْتَهِنَ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَرْهُونِ وَلَمْ يَدَّعِ هَلَاكَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ مَالِهِ فَادِّعَاؤُهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ لَا يُسْمَعُ، وَعِنْدَ إثْبَاتِ هَلَاكِ الرَّهْنِ بِهَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِمُوجَبِ التَّفْصِيلَاتِ الَّتِي مَرَّتْ وَلَا
يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا لِلزِّيَادَةِ عَلَى تَقْدِيرِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) .
الِاخْتِلَافُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ - إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الرَّاهِنِ تُثْبِتُ زِيَادَةَ الضَّمَانِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (2 76 1) .
مَثَلًا لَوْ اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قِيمَةِ الْمَالِ الْمَرْهُونِ مُقَابِلَ دَيْنٍ أَلْفِ قِرْشٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: إنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ قِرْشٍ فَسَقَطَ الدَّيْنُ كَامِلًا، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: إنَّ قِيمَتَهُ خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ فَبَقِيَ لِي بِذِمَّتِك خَمْسُمِائَةِ قِرْشٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَالْبَيِّنَةُ لِلرَّاهِنِ. وَأَمَّا إذَا أَفَادَ الطَّرَفَانِ أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ فَقَطْ. يَعْنِي بَعْدَ أَنْ أَدَّى الدَّيْنَ فَقَطْ.
وَأَفَادَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ قَوْلٌ صَرَاحَةً بِخُصُوصِ مَا يَجِبُ عَمَلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ مُحَقَّقًا أَنَّ الرَّهْنَ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ مَعَ جَهَالَةِ قِيمَتِهِ.
الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ فِيهَا الْبَيْعُ بِالْوَفَاءِ وَالرَّهْنِ:
1 -
الْمَبِيعُ فَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي يُقَابِلُهُ يَسْقُطُ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ الْعَادِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الَّذِي فِي مُقَابَلَتِهِ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَوَادَّ 399، 400، 1 0 4.
2 -
كَمَا أَنَّ لَيْسَ لِلْبَائِعِ بِالْوَفَاءِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ أَوْ يَرْهَنَهُ لِآخَرَ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ لِآخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (756) .
3 -
إذَا اشْتَرَطَ أَنْ تَعُودَ بَعْضُ مَنَافِعِ الْبَيْعِ وَفَاءً لِلْمُشْتَرِي فَكَمَا أَنَّهُ يَصِحُّ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُكْمِ الْمَادَّةِ (398) إذَا أُبِيحَتْ مَنَافِعُ الْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ جَازَ ذَلِكَ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (0 75) .
4 -
كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَبِيعِ وَفَاءً فَالْمُرْتَهِنُ أَيْضًا أَحَقُّ فِي الْمَرْهُونِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ. رَاجِعْ الْمَادَّتَيْنِ 3 0 4 و 729.
5 -
إذَا اُدُّعِيَ الْمَرْهُونُ مِنْ قِبَلِ آخَرَ فَكَمَا إنَّهُ يُشْتَرَطُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ 637 1 حُضُورُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَثْنَاءَ الْمُحَاكِمَةِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اُدُّعِيَ الْمَبِيعُ وَفَاءً مِنْ طَرَفِ آخَرَ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى.
6 -
إذَا تُوُفِّيَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ كِلَاهُمَا فِي الْمَبِيعِ وَفَاءً فَكَمَا أَنَّ وَرَثَةَ الْمُتَوَفَّى تَقُومُ مَقَامَهُ فَالْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ أَيْضًا مِثْلُهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّتَيْنِ 733 و 737.
7 -
كَمَا أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَفَاءً لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ الْمَرْهُونِ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1 2 0 1) .
8 -
إذَا بِيعَ عَقَارٌ مُجَاوِرٌ لِلْعَقَارِ الْمَبِيعِ وَفَاءً تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ وَفَاءً وَلَا تَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي وَفَاءً كَمَا أَنَّهُ إذَا بِيعَ عَقَارٌ مُتَّصِلٌ بِالْعَقَارِ الْمَرْهُونِ، فَالشُّفْعَةُ فِي هَذَا الْعَقَارِ الْمَبِيعِ لِلرَّاهِنِ وَلَيْسَتْ لِلْمُرْتَهِنِ.
9 -
كَمَا أَنَّ تَعْمِيرَ الْمَرْهُونِ عَائِدٌ عَلَى الرَّاهِنِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (724) فَتَعْمِيرُ الْمَبِيعِ وَفَاءً عَائِدٌ أَيْضًا عَلَى الْبَائِعِ (الفصولية) .
0 -
1 - كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي إتْمَامِ الرَّهْنِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ.
(607)
فَالْقَبْضُ شَرْطٌ أَيْضًا فِي إتْمَامِ الْبَيْعِ بِالْوَفَاءِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي رَاجِعْ الْمَادَّةَ (6 70) .