الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: الْهِبَةُ لِلْوَلَدِ الْكَبِيرِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ فِي عِيَالٍ وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى قَبْضَ مَا وَهَبَ لِعَبْدِهِ الْمَحْجُورِ (انْتَهَى) .
[
(الْمَادَّةُ 851) يَمْلِكُ الصَّغِيرُ الْمَالَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ وَصِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ]
(الْمَادَّةُ 851) - (يَمْلِكُ الصَّغِيرُ الْمَالَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ وَصِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ يَعْنِي مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمْ كَانَ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَاهِبِ: وَهَبْت، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ) .
يَمْلِكُ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ الْمَالَ الْمَعْلُومَ الَّذِي وَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ وَلِيُّهُ كَأَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الصَّغِيرُ أَوْ الصَّغِيرَةُ فِي عِيَالِهِمَا أَيْ فِي حِجْرِهِمَا وَتَرْبِيَتِهِمَا أَوْ مُرَبِّيهِمَا يَعْنِي مَنْ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَقْرِبَاءَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ كَأَخِيهِمَا وَعَمِّهِمَا وَخَالِهِمَا أَمْ مِنْ الْأَجَانِبِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمْ كَانَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً عِنْدَ غَيْرِهِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ أَيْ بِقَوْلِ الْوَاهِبِ: وَهَبْت وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ وَكَلِمَةُ يَعْنِي الْوَارِدَةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ هِيَ تَفْسِيرُ الْمُرَبِّي وَلَيْسَتْ تَفْسِيرَ الْوَصِيِّ كَمَا أُشِيرَ ذَلِكَ آنِفًا وَسَيُفَصَّلُ ذَلِكَ آتِيًا.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الصَّغِيرُ: إنَّ الْحُكْمَ الَّذِي فِي حَقِّ الصَّغِيرِ هُوَ فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَشْرُوحٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَلَوْ قِيلَ " الطِّفْلُ " بَدَلًا مِنْ " الصَّغِيرِ " لَكَانَ يَعُمُّ وَيَشْمَلُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
لَكِنْ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ فِي مَسَائِلَ كَهَذِهِ عَلَى الذُّكُورِ لَيْسَ مَعْنَاهُ تَرْكَ الْإِنَاثِ خَارِجَاتٍ عَنْهُ بَلْ هُوَ لِتَغْلِيبِ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ يَعْنِي أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ اعْتِبَارِ بَيَانِ أَحْكَامِ الذُّكُورِ بَيَانًا أَيْضًا لِأَحْكَامِ الْإِنَاثِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ أَنَّ خِطَابَ الشَّرْعِ هُوَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (الْفَتْحُ) .
وَحُكْمُ الْمَجْنُونِ جُنُونًا مُطْبِقًا فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ الصَّغِيرِ (النَّتِيجَةُ) .
2 -
وَصِيُّهُ: بِمَا أَنَّهُ يَشْتَمِلُ هَذَا الْحُكْمُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَلَوْ قَالَتْ الْمَجَلَّةُ: وَلِيَّهُ أَوْ وَصِيَّهُ، أَوْ قَالَتْ: وَلِيَّهُ بَدَلًا عَنْ وَصِيِّهِ وَاشْتَمَلَتْ الْوَصِيَّ بِالْحُكْمِ لَكَانَ أَوْلَى، وَالْمَقْصُودُ بِالْوَلِيِّ فِي هَذَا الْأَبُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مَوْجُودًا فَالْجَدُّ. وَإِلَيْك التَّرْتِيبُ الْآتِي: أَوَّلًا: الْأَبُ، ثَانِيًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْأَبُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ أَيْ عِنْدَ وَفَاتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غِيبَةً مُتَقَطِّعَةً أَوْ وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ.
ثَالِثًا: الْجَدُّ الصَّحِيحُ أَيْ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصِيِّ لِلْأَبِ الْمُتَوَفَّى أَوْ الْغَائِبِ.
رَابِعًا: الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ عِنْدَ وَفَاةِ الْجَدِّ أَوْ غِيَابِهِ غَيْبَةً مُتَقَطِّعَةً أَوْ وَصِيُّ هَذَا الْوَصِيِّ.
خَامِسًا: الْوَصِيُّ الَّذِي يُعَيِّنُهُ الْحَاكِمُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (974)(وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ عِبَارَةِ الْمَجَلَّةِ (وَصِيُّهُ) أَعَمُّ مِنْ الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ وَالْوَصِيِّ الْمَنْصُوبِ.
وَهِبَةُ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَهُ أَوْ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ لِلصَّغِيرِ أَيْ الطِّفْلِ صَحِيحَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ فِي حِجْرِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَتَرْبِيَتِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ.
أَوْ مُرَبِّيهِ: قَدْ اُسْتُعْمِلَتْ كَلِمَةُ الْمُرَبِّي فِي الْمَادَّةِ (852) بِمَعْنًى مُقَابِلٍ لِلْوَلِيِّ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ هُنَا فِي مَعْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا وَلَا وَصِيًّا وَعَلَيْهِ فَهِبَةُ الْمُرَبِّي صَحِيحَةٌ بِلَا قَبْضٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الطِّفْلُ فِي حِجْرِ ذَلِكَ الْمُرَبِّي وَتَرْبِيَتِهِ حِجْرٌ تُقْرَأُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا جَمْعُهَا حُجُورٌ وَيُطْلَقُ الْحِجْرُ عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ أَيْ الْبُكُورِ فَمَعْنَى فِي حِجْرِهِ أَيْ فِي تَرْبِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ (فِي تَرْبِيَتِهِ) أَيْضًا إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ بِعِطْفٍ تَفْسِيرِيٍّ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْمَجَلَّةِ فِي عِبَارَةِ (فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ) .
وَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي الْمُرَبِّي سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ ذَوِي قُرْبَى الطِّفْلِ كَالْأَخِ وَالْأُمِّ وَالْخَالِ أَمْ كَانَ أَجْنَبِيًّا كَالْمُلْتَقِطِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ أَقْرِبَاءَ الصَّغِيرِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَكُنْ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ لِلصَّغِيرِ مَالًا لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ الصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكُ الصَّغِيرُ ذَلِكَ الْمَالَ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَيَلْزَمُ الْقَبُولُ وَالْقَبْضُ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: يَجِبُ أَلَّا يَكُونَ وَلِيٌّ لِلصَّغِيرِ أَوْ وَصِيٌّ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُودِ وِلَايَةٍ لِهَؤُلَاءِ الْمُرَبِّينَ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَوُجُودِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَانِعَانِ لِثُبُوتِ حَقِّ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ. إنَّ وِلَايَةَ الْقَبْضِ لِهَؤُلَاءِ تَثْبُتُ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَهُمْ الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ بَعْدَ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ فَأَمَّا مَعَ وُجُودِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلَا سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْقَابِضِ أَمْ لَمْ يَكُنْ وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا (الْفَتْحُ) وَإِنْ قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: الِاخْتِلَافُ الْمُبَيَّنُ الظَّاهِرُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (852) يَجْرِي هُنَا أَيْضًا فَلَمْ أَرَ غَيْرَهُ مَنْ قَالَ بِهَذَا.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا فِي يَدِهِ وَأَبُوهُ حَيٌّ لَزِمَ قَبُولُ الْأَبِ وَقَبْضُهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِحَفِيدِهِ أَيْ ابْنِ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ شَيْئًا لَكِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهُ وَأَبُوهُ مَوْجُودٌ فَلَا حُكْمَ لِتِلْكَ الْهِبَةِ (النَّتِيجَةُ، وَالْمُلْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْعِنَايَةُ) .
وَالْمَقْصِدُ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ الْوَلِيِّ وَفَاتُهُ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا بِغَيْبَتِهِ غِيبَةً مُنْقَطِعَةً أَيْ أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا (الْكُتُبُ السَّابِقَةُ) .
4 -
سَوَاءٌ أَكَانَ فِي يَدِهِ أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ، هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُسْتَعَارِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا إعَارَةً لِآخَرَ. فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْوَدِيعَةِ. فَلَوْ وَهَبَ الْمُعِيرُ لِلطِّفْلِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ وَتَرْبِيَتِهِ مَالًا قَدْ أَعَارَهُ لِأَحَدٍ مَلَكَهُ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ وَلَا حَاجَةَ لِتَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ لَيْسَتْ عَقْدًا لَازِمًا (الْبَزَّازِيَّةُ) .
وَالْحَاصِلُ: تَتِمُّ هِبَةُ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ: أَوَّلُهَا: مَا كَانَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ. ثَانِيهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِ الْوَاهِبِ. ثَالِثُهَا: مَا كَانَ عِنْدَ مُسْتَعِيرِ الْوَاهِبِ.
وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَيُحْتَرَزُ بِالتَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ عَنْ سِتَّةِ أَنْوَاعٍ مِنْ الْأَمْوَالِ: أَوَّلُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي الْمُشْتَرِي شِرَاءً بِبَيْعٍ فَاسِدٍ.
يَعْنِي لَوْ بَاعَ أَحَدُ مَالًا لَهُ مِنْ آخَرَ بَيْعًا فَاسِدًا
وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ وَهَبَ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ فِي يَدِهِ إلَى طِفْلِهِ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) يَعْنِي لَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْمُتَارَكَةِ. وَإِلَّا فَكَيْفَ يَهَبُ مَالَ الْمُشْتَرِي. وَقَدْ ذُكِرَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (846) .
ثَانِيهَا: كَذَلِكَ لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ إذَا وَهَبَ الْبَائِعُ نِصْفَ مَالِهِ الَّذِي بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَشَرَطَ فِيهِ خِيَارَ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي.
ثَالِثُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْغَاصِبِ. مَثَلًا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَابَّةَ آخَرَ وَوَهَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ تِلْكَ الدَّابَّةَ لِطِفْلِهِ وَهِيَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْغَاصِبِ وَالضَّمَانُ بِمَا أَنَّهُ يَكُونُ بِتَفْوِيتِ الْيَدِ فَقَطْ فَتِلْكَ الدَّابَّةُ كَمَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً فَلَيْسَتْ فِي يَدِهِ حُكْمًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
رَابِعُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَوْ رَهَنَ أَحَدٌ مَالَهُ عِنْدَ آخَرَ فِي مُقَابِلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَوَهَبَ طِفْلَهُ ذَلِكَ الْمَالَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ فَكَّ الْمَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَمْلِكُ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ الْمَالَ الْمَذْكُورَ بِتِلْكَ الْهِبَةِ.
خَامِسُهَا: الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَوَهَبَ تِلْكَ الدَّارَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ لِطِفْلِهِ وَتُوُفِّيَ كَانَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يُدْخِلُوا الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ فِي مِيرَاثِهِ أَمَّا لَوْ وَهَبَهُ أَيَّامًا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ الْهِبَةُ تَامَّةً (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . كَذَلِكَ لَوْ آجَرَ أَحَدٌ مَزْرَعَتَهُ لِآخَرَ وَوَهَبَهَا لِطِفْلِهِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) .
سَادِسُهَا: الْمُتَّهَبُ يَعْنِي الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ لِطِفْلِهِ بَعْدَ أَنْ وَهَبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِلَا عِوَضٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اسْتَرَدَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْفَسْخِ الْأَوَّلِ فَلَا يَمْلِكُ الطِّفْلُ أَيْضًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ تَمَامِ الْهِبَةِ فِي مَذِّهِ الْأَنْوَاعِ السِّتَّةِ هُوَ: - أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْمُشْتَرِي مَعَ قَبْضِ الْآخَرِينَ لِأَنْفُسِهِمْ فَلَا يُوجَدُ فِيهِمْ الْقَبْضُ الَّذِي تَتِمُّ فِيهِ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، الْهِنْدِيَّةُ) . وَإِنْ يَكُنْ الْمُسْتَعَارُ قَدْ قُبِضَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فِي صُورَةٍ أُخْرَى. فَالْإِجَارَةُ عَقْدٌ لَازِمٌ أَمَّا عَقْدُ الْعَارِيَّةِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ.
5 -
مَالُهُ. يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ حَائِزًا عَلَى شَرْطَيْنِ: أَوَّلُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا. فَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (858) ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الْمَجْهُولِ غَيْرُ صَحِيحٍ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (213، 449) مَثَلًا لَوْ قَالَ: وَهَبْتُك شَيْئًا مِنْ مَالِي فَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ " أَبُو السُّعُودِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ ".
ثَانِيهِمَا: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ نَافِعًا لِلصَّغِيرِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
6 -
الْهِبَةُ، الصَّدَقَة فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ كَالْهِبَةِ. فَلَوْ تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِمَالِهِ الْمُودَعِ عِنْدَ آخَرَ عَلَى طِفْلٍ أَوْ تَصَدَّقَ الْأَبُ بِمَنْزِلِهِ السَّاكِنِ فِيهِ عَلَى طِفْلِهِ جَازَتْ " الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ ". كَذَلِكَ لَوْ تَصَدَّقَ الْأَبُ بِأَرْضِهِ الْمَمْلُوكَةِ وَالْمَشْغُولَةِ بِزَرْعِهِ عَلَى طِفْلِهِ جَازَتْ أَيْضًا أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ لَهُ وَكَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَلَا تَصِحُّ
الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْهِبَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ ثَمَّةَ مَانِعٌ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
7 -
بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ، وَفِي هَذَا حُكْمَانِ:
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: عَدَمُ لُزُومِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَتَوَلَّى طَرَفَاهُ شَخْصٌ وَاحِدٌ أَيْ يَتَوَلَّى فِيهِ طَرَفٌ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مَعًا يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
هَذَا إذَا كَانَ عَاقِدُ الْعَقْدِ يُوجِبُ الْعَقْدَ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَ تَعْبِيرًا يَدُلُّ عَلَى الْإِيجَابِ بِالْأَصَالَةِ لِذَلِكَ.
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ شَيْئًا فِي يَدِهِ أَوْ عِنْدَ مُسْتَوْدَعِهِ أَوْ مُسْتَعِيرِهِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: وَهَبْت، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَبُولِ لِتَمَامِ الْهِبَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الطِّفْلُ الْمَذْكُورُ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَمْ لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ لَمَّا كَانَ فِي قَبْضِ الْأَبِ نَابَ مَنَابَ قَبْضِ الصَّغِيرِ.
إذْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ قَبْضُ أَبِي الصَّغِيرِ لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ (الزَّيْلَعِيّ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْأَبُ: إنَّ دُكَّانِي الْفُلَانِيَّةَ الْمَمْلُوكَةَ هِيَ لِابْنِي الصَّغِيرِ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً فَإِذَا كَانَتْ الدُّكَّانُ الْمَذْكُورَةُ فِي يَدِ الْأَبِ تَمَّتْ الْهِبَةُ كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَنْزِلَهُ الَّذِي فِي دِيَارٍ أُخْرَى لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَشْهَدَ الْحَاضِرِينَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى ذَلِكَ تَمَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ (الْقُنْيَةِ وَفَتْوَى يَحْيَى أَفَنْدِي) .
وَعَلَيْهِ لَوْ اسْتَصْنَعَ أَحَدٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَثْوَابًا فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَهَبَهَا بِآخَرَ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ (الْبَزَّازِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْعُرْفُ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ قَصْدُ الصِّلَةِ وَالْإِحْسَانِ وَمَعَ ذَلِكَ فَبِمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَارِيَّةً، فَلَوْ بَيَّنَ وَقْتَ صُنْعِهَا أَنَّهَا عَارِيَّةٌ كَانَتْ عَارِيَّةً وَإِلَّا كَانَتْ هِبَةً (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 36) وَشَرْحَهَا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: أَخَذْت هَذَا الْمَالَ لِوَلَدِي الصَّغِيرِ فَكَمَا أَنَّ الصَّغِيرَ يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَخَذَ لَهُ دَسْتًا مِنْ الثِّيَابِ وَفَصَّلَهَا لَهُ تَمَّتْ الْهِبَةُ (الْقَرَوِيُّ) وَلَا يَمْنَعُ تَمَامُ الْهِبَةِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَوْنَ الْمَوْهُوبِ مَشْغُولًا أَوْ مُشَاعًا. فَلَوْ وَهَبَ أَحَدٌ دَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا لِطِفْلِهِ أَوْ الَّتِي وَضَعَ فِيهَا أَمْتِعَتَهُ أَوْ الَّتِي يَسْكُنُهَا آخَرُ بِلَا أُجْرَةٍ أَيْ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ أَوْ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ إعَارَةً أَوْ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ فِي الْمِلْكِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ أَوْ بُسْتَانِهِ الَّذِي فِي أَرْضٍ أَمِيرِيٍّ أَوْ كُرُومَهُ مَلَكَ الطِّفْلُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ إيجَابِهِ، لِأَنَّ الْبُسْتَانَ وَالْأَرْضَ لَمَّا كَانَا فِي قَبْضِ الْأَبِ فَهُمَا فِي حُكْمِ قَبْضِ الطِّفْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْهِبَةِ وُجُودُ أَمْتِعَةِ الطِّفْلِ فِي الدَّارِ بَلْ يُقَرِّرُهَا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الزَّيْلَعِيّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ) .
رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارِ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا جَازَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (الْهِنْدِيَّةُ بِاخْتِصَارِ) .
الْحُكْمُ الثَّانِي: إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ وَدِيعَةً فِي يَدِ آخَرَ فَلَا حَاجَةَ فِي ذَلِكَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُهِبَ شَيْءٌ لِطِفْلٍ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ هَؤُلَاءِ إيَّاهُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (842) وَبِمَا أَنَّهُ يَكْفِي كَوْنُ الْمَوْهُوبِ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (846) وَلَا يَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْقَبْضِ فَلَا لُزُومَ لِقَبْضٍ آخَرَ (الْهِدَايَةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْإِنْسَانِ مَالَهُ بِمَا أَنَّهُ قَبْضٌ وَبِمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ