الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ الْمَبِيعَ الْمَذْكُورَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ وَالْهِبَةِ، كَانَتْ الْهِبَةُ تَامَّةً (الْحَمَوِيُّ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا.
وَبِمَا أَنَّ - بَيْعَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ غَيْرُ جَائِزٍ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (253) فَتَفْتَرِقُ الْهِبَةُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ عَنْ الْبَيْعِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ هُوَ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَتِمُّ بِالْقَبْضِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (253) كَالْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَاضِ فَلِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ بِالْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ بِذَلِكَ التَّصَرُّفِ وَلَهُ أَنْ يُنِيبَ آخَرَ بِالْقَبْضِ وَيُصْبِحُ بَعْدَ ذَلِكَ النَّائِبُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ وَيُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّ الْهِبَةَ حَصَلَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنَّ هِبَةَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يُسْقِطُ - حَقَّ حَبْسِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ الثَّابِتِ لَهُ بِمُوجَبِ الْمَادَّةِ (278) وَقَدْ فُصِّلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَادَّةِ (253) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) قَبْلَ الْقَبْضِ، فَهُوَ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذْ جَوَازُ الْهِبَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْلَى.
(2)
لِآخِرِ، هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَقَبِلَ الْبَائِعُ الْهِبَةَ فَيَكُونُ ذَلِكَ إقَالَةً لِلْبَيْعِ وَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْإِقَالَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (3) . كَذَلِكَ لَوْ وَهَبَ الْآخَرُ بَدَلَ إيجَارِ الْعَيْنِ لِلْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَقَبِلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ فَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَقَالَ بِذَلِكَ عَقْدَ الْإِيحَارِ فَفِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ قَدْ كَانَتْ الْهِبَةُ إقَالَةً مَجَازًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (61) .
(3)
الْهِبَةُ: إنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ هِيَ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا مِنْ وَجْهٍ لَيْسَتْ احْتِرَازِيَّةً فَكُلُّ تَصَرُّفٍ تَمَامُهُ الْقَبْضُ وَالْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْهِبَةِ. وَمِنْ وَجْهٍ احْتِرَازِيَّةٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ لَيْسَ جَائِزًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (253) .
[
(الْمَادَّةُ 846) وَهَبَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ مَرَّةً أُخْرَى]
(الْمَادَّةُ 846) - (مَنْ وَهَبَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ لَهُ تَتِمُّ الْهِبَةُ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ مَرَّةً أُخْرَى) .
إذَا تَجَانَسَ الْقَبْضَانِ قَامَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرَ. أَمَّا إذَا تَغَايَرَ أَقَامَ الْأَقْوَى مَقَامَ الْأَضْعَفِ لَكِنْ الْأَضْعَفُ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَقْوَى؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ فِي الْأَقْوَى مِثْلُ الْأَدْنَى وَزِيَادَةٌ أَمَّا الْأَدْنَى فَلَيْسَ فِيهِ الْأَقْوَى فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ (الزَّيْلَعِيّ. الطَّحْطَاوِيُّ) .
وَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ مَالَهُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ مَضْمُونًا كَالْوَدِيعَةِ وَالْإِجَارَةِ وَاللُّقَطَةِ أَوْ الْأَمَانَةِ بِصُورَةٍ أُخْرَى وَالْمَقْبُوضُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ بِغَصْبٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ تَتِمُّ الْهِبَةُ وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ: قَبِلْت أَوْ اتَّهَبْت، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَالُ حَاضِرًا وَمَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَلَا حَاجَةَ لِتَمَامِ الْهِبَةِ إلَى تَسْلِيمٍ جَدِيدٍ مِنْ طَرَفِ الْوَاهِبِ وَإِلَى الْقَبْضِ مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ مُرُورِ وَقْتٍ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ يُقْتَدَرُ بِهِ عَلَى الْقَبْضِ (الْعِنَايَةُ) . بِنَاءً عَلَيْهِ تَتِمُّ هَذِهِ الْهِبَةُ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى مُرُورِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْبُلُوغِ إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَوْهُوبُ (الْقُهُسْتَانِيُّ) حَتَّى أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ تَلِفَ عَلَى أَنَّهُ مَالُ الْمَوْهُوبِ لَهُ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فَرَسًا وَهَلَكَ فِي يَدِ
الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ تَجْدِيدِ الْقَبْضِ فَنَفَقَاتُ إلْقَاءِ جِيفَتِهِ فِي الْبَحْرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ (أَبُو السُّعُودِ بِتَغْيِيرٍ مَا) .
يُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّ قَبْضَ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِالْغَصْبِ وَالْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ الَّتِي هِيَ دُونَهُمَا لَكِنْ الْقَبْضَ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ لَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الشِّرَاءِ (الْهِدَايَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَبْضُ الْأَمَانَةِ ضَعِيفًا فَلَا يَقُومُ مَقَامَ قَبْضِ الضَّمَانِ (الْعِنَايَةُ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الْمَالُ.
بِمَا أَنَّ لَفْظَ الْمَالِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الْأَمَانَةَ وَالْمَضْمُونَ وَالْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (64) .
2 -
قَبِلْتُ.
قَدْ أُشِيرَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ إلَى الْقَبُولِ صَرَاحَةً شَرْطٌ وَلَيْسَتْ مَقِيسَةٌ عَلَى الْمَادَّةِ (841) ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَلَا حَاجَةَ لِلْقَبْضِ وَيَلْزَمُ أَنْ يَمْلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَوْهُوبَ بِدُونِ رِضَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُثْبِتَ مِلْكًا لِآخَرَ أَيْ أَنْ يُمَلِّكَ آخَرَ بِدُونِ رِضَاهُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (167) . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَاضِيًا فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ مِلْكٌ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ مَوْجُودٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْمِيرَاثُ فَقَطْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (841) .
3 -
وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَبْضِ. وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي: الْقَبْضُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِقِيمَةِ الْمَقْبُوضِ أَوْ بِمِثْلِهِ كَالْقَبْضِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (891) كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي الْمَالِ الْمَقْبُوضِ بِطَرِيقِ سَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَتِهِ الثَّمَنَ وَالْمَالَ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (298 و 371) .
وَعَلَيْهِ لَوْ بَاعَ صَاحِبُ الْمَالِ الْمَقْبُوضِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مَالَهُ هَذَا مِنْ قَابِضِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَلِكَوْنِ الْقَبْضَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَجْدِيدِ الْقَبْضِ وَيَقُومُ الْقَبْضُ السَّابِقُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ اللَّازِمِ فِي الْبَيْعِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ وَهَبَهُ لِلْقَابِضِ فَيَمْلِكُهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَلَا حَاجَةَ لِقَبْضٍ آخَرَ وَيَبْرَأُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الضَّمَانِ بِقَبُولِهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .
سُؤَالٌ - بِمَا أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ فِي الْمَادَّةِ (366) فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْبَائِعِ هِبَتُهُ لِلْمُشْتَرِي يَعْنِي أَنَّهُ مَا دَامَ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي فَمَا مَعْنَى تَمْلِيكُهُ لِلْمُشْتَرِي مَرَّةً أُخْرَى بِالْهِبَةِ؟ الْجَوَابُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلًا: كَأَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ فَسَخَا الْبَيْعَ الْفَاسِدَ وَبَعْدَ فَسْخِهِ وَهَبَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الْقَابِضِ.
ثَانِيًا: إنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ بِلَا أَمْرِ الْبَائِعِ فَأَصْبَحَ غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ فَوَهَبَ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمَقْبُوضَ لِلْمُشْتَرِي (الْفَتْحُ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَقْبُوضُ بِالْغَصْبِ.
ثَالِثًا: لَيْسَ بَعِيدًا أَنْ تَكُونَ نَفْسُ الْهِبَةِ فَسْخًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ اقْتِضَاءً يَعْنِي إذَا وَهَبَهُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ بِهَذِهِ الْهِبَةِ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ هِبَةً.
وَالْحَاصِلُ: إنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ فِي الْأَمْوَالِ الثَّلَاثَةِ يَعْنِي فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ بِسَوْمِ الشِّرَاءِ مَعَ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ وَفِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ أَيْ إنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ السَّابِقَ أَعْلَى وَأَقْوَى مِنْ الْقَبْضِ اللَّاحِقِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ (الْكِفَايَةُ وَأَبُو السُّعُودِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقَبْضُ الْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ كَقَبْضِ الْمَبِيعِ الْمَضْمُونِ بِالثَّمَنِ وَالرَّهْنِ الْمَضْمُونِ بِالدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (293) مَعَ اللَّاحِقَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) .
وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقَبْضِ قَدْ اخْتَلَفَتْ الْكُتُبُ الْفِقْهِيَّةُ فِي قِيَامِهِ مَقَامَ قَبْضِ الْهِبَةِ وَإِنَّنَا نَنْقُلُ هُنَا الْمَسَائِلَ الَّتِي تُخَالِفُ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَنَتْرُكُ تَرْجِيحَهَا لِأَهْلِ الِاقْتِدَارِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالتَّبْيِينُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مِنْ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْقَابِضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ أَمَّا الْكِفَايَةُ وَجَوَاهِرُ الْفِقْهِ وَالْمُجْتَبَى فَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ الثَّانِيَ مِنْ الْقَبْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضٍ جَدِيدٍ (نُقُولُ الْبَهْجَةِ) ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٌ إلَّا أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ لَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ مَعَ وُجُودِ الْقَبْضِ الْمُوجِبَةِ لَهُ فَلَمْ تَكُنْ الْهِبَةُ بَرَاءَةً وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْهِبَةِ فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَجْدِيدِ قَبْضٍ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْقَبْضُ الْجَدِيدُ عِبَارَةٌ عَنْ مُرُورِ وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بُلُوغَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ (جَوَاهِرُ الْفِقْهِ، الْعِنَايَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (270) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: قَبْضُ الْأَمَانَةِ كَقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّة وَالْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِي مَالِ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (777 و 813) لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَوْهُوبِ عَلَى مَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْمَادَّةِ (871) غَيْرُ مُوجِبٍ لِلضَّمَانِ أَيْضًا وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْضُ أَمَانَةٍ بِنَاءً عَلَيْهِ فَهَذَا الْقِسْمُ الثَّالِثُ أَيْضًا يَقُومُ مَقَامَ الْقَبْضِ فِي الْهِبَةِ (الزَّيْلَعِيّ) .
(س) لَمَّا كَانَ وَضْعُ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ عَلَى الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ فَأَصْبَحَ الْمُسْتَوْدَع نَائِبًا لِلْمُودِعِ فِي يَدِهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَحِفْظِهِ لَهُ وَعَامِلًا لَهَا فَيَجِبُ أَنْ لَا يَقُومَ هَذَا الْقَبْضُ مَقَامَ الْقَبْضِ اللَّازِمِ فِي الْهِبَةِ وَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ قَدْ وُهِبَ وَهُوَ فِي يَدِ الْوَاهِبِ.
الْجَوَابُ: إنَّ الْمُسْتَوْدَعَ وَإِنْ كَانَ عَامِلًا لِلْمُودِعِ وَإِنَّ يَدَ الْمُسْتَوْدَعِ كَيَدِ الْمُودِعِ وَلَكِنْ بَعْدَ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ عَامِلًا لِلْمُودِعِ وَبِمَا أَنَّهُ وَاضِعٌ يَدَهُ بِنَاءً عَلَى الْوَدِيعَةِ حَقِيقَةً يَكُونُ الْمُسْتَوْدَعُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ قَابِضًا (الزَّيْلَعِيّ) .
حَقُّ الرُّجُوعِ بَعْدَ هِبَةِ الْوَدِيعَةِ لِذِي الْيَدِ إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ: