الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ إتْلَافِ الْمَالِ تَسَبُّبًا]
(مَادَّةُ 922) - (لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ الْآخَرِ وَأَنْقَصَ قِيمَتُهٌ تَسَبُّبًا يَعْنِي: لَوْ كَانَ سَبَبًا مُفْضِيًا لِإِتْلَافِ مَالٍ أَوْ نُقْصَانِ قِيمَتُهٌ يَكُونُ ضَامِنًا. مَثَلًا: إذَا تَمَسَّكَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ وَحَالّ مُجَاذَبَتِهِمَا سَقَطَ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ تَعَيَّبَ يَكُونُ الْمُتَمَسِّكُ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ سَدَّ أَحَدٌ مَاءَ أَرْضٍ لِآخَرَ أَوْ رَوْضَتِهِ فَيَبِسَتْ مَزْرُوعَاتُهُ وَمَغْرُوسَاتُهُ وَتَلِفَتْ أَوْ أَفَاضَ الْمَاءُ زِيَادَةً وَغَرِقَتْ الْمَزْرُوعَاتُ وَتَلِفَتْ يَكُونُ ضَامِنًا. وَكَذَا لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ بَابَ إصْطَبْلٍ لِآخَرَ وَفَرَّتْ حَيَوَانَاتُهُ أَوْ ضَاعَتْ أَوْ فَتَحَ بَابَ قَفَصٍ وَفَرَّ الطَّيْرُ الَّذِي كَانَ فِيهِ يَكُونُ ضَامِنًا) .
وَالْمُرَادُ بِفِعْلِهِ هُوَ فِعْلُهُ الْوَاقِعُ بِالتَّعَدِّي، وَيَكُونُ سَبَبًا مُفْضِيًا لِتَلَفِهِ أَوْ نُقْصَانِ قِيمَتِهِ.
فَعَلَيْهِ: إذَا أَتْلَفَ أَحَدٌ الْمَالَ يَضْمَنُ بَدَلَهُ كَامِلًا.
وَفِي حَالِ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ يَضْمَنُ أَحْيَانًا الْقِيمَةَ كُلَّهَا وَأَحْيَانًا أُخْرَى قِيمَةَ النُّقْصَانِ.
كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي الْمَادَّةِ (900) وَشَرْحِهَا.
وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَذَا عِدَّةُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا تَمَسَّكَ أَحَدٌ بِثِيَابِ آخَرَ أَوْ جِسْمِهِ وَحَالّ مُجَاذَبَتِهِمَا سَقَطَ مِمَّا عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ أَوْ تَعَيَّبَ يَكُونُ الْمُتَمَسِّكُ ضَامِنًا وَيُلْزَمُ الضَّمَانَ فِي صُورَةِ التَّلَفِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَمَّا إذَا ضَاعَ فَيُنْظَرُ، فَإِذَا سَقَطَ فِي قُرْبِ صَاحِبِ الْمَالِ وَرَآهُ صَاحِبُ الْمَالِ وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى أَخْذِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا (الْخَانِيَّةُ) .
الِاخْتِلَافُ فِي الْمِقْدَارِ: إذَا اُخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الشَّيْءِ الَّذِي تَلِفَ أَوْ ضَاعَ؛ فَالْقَوْلُ لِلْمُتْلِفِ أَيْ: لِلشَّخْصِ الْمُتَمَسِّكِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُتَعَلِّقُ السُّقُوطَ وَالتَّلَفَ رَأْسًا؛ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَيَلْزَمُ الْآخَرَ الْإِثْبَاتُ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (28)(التَّنْقِيحُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ ضَرَبَ أَحَدٌ آخَرَ فَتُوُفِّيَ الْمَضْرُوبُ أَوْ سَقَطَ وَهُوَ لَا يَعِي عَلَى نَفْسِهِ فَتَلِفَ مَالٌ أَوْ ثَوْبٌ لَهُ أَوْ ضَاعَ ضَمِنَ الضَّارِبُ ذَلِكَ الْمَالَ أَوْ الثَّوْبَ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لَوْ أَلْقَى أَحَدٌ آخَرَ فِي حَوْضٍ أَوْ جَدْوَلٍ وَسَقَطَ مَا مَعَهُ مِنْ النُّقُودِ فِي الْحَوْضِ أَوْ الْجَدْوَلِ فَإِنْ سَقَطَتْ عِنْدَ الْإِلْقَاءِ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ قَدْ سَقَطَتْ فِي تِلْكَ الْحَالِ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَّا إذَا لَمْ تَسْقُطْ عِنْدَ الْإِلْقَاءِ وَسَقَطَتْ عِنْدَ إخْرَاجِ الْمُلْقَى مِنْ الْمَاءِ فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ حِينَئِذٍ بِفِعْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُلْقَى.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لَوْ أَغْرَى أَحَدٌ كَلْبَهُ بِشَخْصٍ آخَرَ فَمَزَّقَ ثِيَابَهُ يَكُونُ ضَامِنًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْكَلْبُ أَثْنَاءَ ذَلِكَ وَرَاءَ صَاحِبِهِ أَمْ لَمْ يَكُنْ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: كَذَلِكَ لَوْ سَدَّ أَحَدٌ مَاءَ مَزْرَعَةٍ لِآخَرَ أَوْ مَاءَ رَوْضَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَبِسَتْ مَزْرُوعَاتُهُ
وَمَغْرُوسَاتُهُ الْمَوْجُودَةُ فِي تِلْكَ الْمَزْرَعَةِ أَوْ الرَّوْضَةِ أَوْ سَقَى أَرْضَهُ أَوْ رَوْضَتَهُ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ فَأَفَاضَ الْمَاءَ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَزْرَعَةِ آخَرَ فَغَرِقَتْ مَزْرُوعَاتُهُ وَمَغْرُوسَاتُهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمَزْرُوعَاتِ وَالْمَغْرُوسَاتِ الَّتِي تَلِفَتْ فِي زَمَنِ التَّلَفِ.
فَلَوْ قَطَعَ أَحَدٌ الْمَاءَ الْجَارِي بِحَقٍّ عَنْ أَرَاضِي الْأُرْزِ الَّتِي لِآخَرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ الْأُرْزُ الَّذِي فِيهَا أَخْضَرَ وَأَجْرَاهَا فِي أَرْضِهِ فَجَفَّ الْأُرْزُ؛ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْأُرْزَ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ وَضَمِنَ قِيمَةَ الْكُرُومِ وَالْأَشْجَارِ الَّتِي تَجِفُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ (الْأَنْقِرْوِيُّ وَالْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .
وَالْكَيْفِيَّةُ الَّتِي يُقَدَّرُ بِهَا بَدَلُ الضَّمَانِ هِيَ أَنْ تُقَوَّمَ الْمَزْرَعَةُ أَوَّلًا مَزْرُوعَةً أَيْ: تُقَدَّرُ كَمَا لَوْ كَانَ الْأُرْزُ الْمُتْلَفُ مَوْجُودًا فِيهَا وَتُقَوَّمُ مَرَّةً أُخْرَى غَيْرَ مَزْرُوعَةٍ، وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْفَضْلَ وَالتَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
إذَا سَدَّ: فَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ سَقْيَ زَرْعِهِ فَمَنَعَهُ آخَرُ مِنْ ذَلِكَ فَتَلِفَ الزَّرْعُ فَلَا يَضْمَنُ (الْبَزَّازِيَّةُ) 2 - لَوْ أَفَاضَ الْمَاءَ، تَكُونُ الْإِفَاضَةُ بِسَقْيِ الْأَرْضِ زِيَادَةً عَنْ احْتِمَالِهَا وَعَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ.
فَلَوْ سَقَاهَا عَلَى حَسَبِ الْمُعْتَادِ فَحَدَثَ ضَرَرٌ؛ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ.
وَفِي هَذِهِ الْحَالِ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ ضَرَرًا فِي مَزْرَعَةِ جَارِهِ وَهُوَ يَسْقِي مَزْرَعَتَهُ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ سَقْيُ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِمَا تَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ وَعَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ؛ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الشَّخْصَ ضَمَانٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (924) .
كَذَلِكَ لَوْ حَفَرَ أَحَدٌ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا وَتَلِفَ شَيْءٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ، وَإِذَا كَانَ سَقْيُهُ خِلَافَ الْمُعْتَادِ وَزِيَادَةً عَنْ تَحَمُّلِ الْأَرْضِ أَوْ كَانَتْ مَزْرَعَتُهُ مُرْتَفِعَةً وَمَزْرَعَةُ جَارِهِ مُنْخَفِضَةً وَلَمْ يَعْمَلْ مُسَنَّاةً لِمَزْرَعَتِهِ أَوْ انْهَدَمَتْ الْمُسَنَّاةُ أَوْ لَمْ يَغْلِقْ الْخَرْقَ وَهُوَ عَالِمٌ بِكَوْنِهِ مَفْتُوحًا فَتَجَاوَزَ الْمَاءُ إلَى مَزْرَعَةِ جَارِهِ فَأَحْدَثَ ضَرَرًا كَإِفْسَادِهِ الزَّرْعَ؛ كَانَ ضَامِنًا.
كَذَلِكَ لَوْ أَطْلَقَ أَحَدٌ الْمَاءَ إلَى مَجْرَاهُ زِيَادَةً عَنْ الْمُعْتَادِ وَهُوَ يَسْقِي فَفَاضَ الْمَاءُ عَلَى دَارٍ لِآخَرَ مُتَّصِلَةٍ وَمُنْخَفِضَةٍ عَنْهُ فَجَرَفَ حَائِطَهَا وَبَلَّ مَا فِيهَا مِنْ حِنْطَةٍ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا كَانَ ضَامِنًا (الْبَهْجَةُ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشُّرْبِ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: لَوْ هَدَمَ أَحَدٌ دَارِهِ وَكَوَّمَ التُّرَابَ الَّذِي خَرَجَ مِنْهَا فِي عَرْصَتِهِ بِجَانِبِ حَائِطِ جَارِهِ فَحَصَلَ مِنْ جَرَّاءِ ذَلِكَ ضَغْطٌ عَلَى الْحَائِطِ أَوْرَثَهُ وَهْنًا كَانَ ضَامِنًا (الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَزَّازِيَّةُ) .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: لَوْ أَوْقَدَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَارًا لَا يُوقَدُ مِثْلُهَا عَادَةً فَاحْتَرَقَتْ دَارُ جَارِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: لَوْ دَخَلَ فَرَسُ أَحَدٍ مَزْرَعَةً لِآخَرَ فَهَجَمَ عَلَى الْفَرَسِ صَاحِبُ الْمَزْرَعَةِ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَقْفِزَ الْفَرَسُ إلَى سَاحَةِ الدَّارِ فَبَقَرَ بَطْنَهُ عَمُودٌ فَهَلَكَ لَزِمَ الضَّمَانُ (الْبَهْجَةُ) .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: لَوْ فَتَحَ أَحَدٌ إصْطَبْلًا لِآخَرَ مِنْ دُونِ إذْنِهِ فَفَرَّ الْحَيَوَانُ الَّذِي فِيهِ وَضَاعَ أَوْ فَتَحَ بَابَ الْقَفَصِ فَطَارَ الطَّيْرُ الَّذِي فِيهِ؛ يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ سَوَاءٌ أَقَالَ عِنْدَ فَتْحِهِ بَابَ الْإِصْطَبْلِ أَوْ الْقَفَصِ لِلْحَيَوَانِ (هِشْ هِشْ) وَلِلطَّيْرِ (كِشْ كِشْ) أَمْ لَمْ يَقُلْ.
وَوَجْهُ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا أَنَّ فَاتِحَ الْبَابِ وَإِنْ كَانَ