الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَدِينِ كَيْ يُتَاجِرَ وَيَرْبَحَ وَيُعْطِيَ دَايِنَهُ، فَبِوَفَاتِهِ لَا يَبْقَى إمْكَانٌ لِلِاتِّجَارِ وَالرِّبْحِ، وَإِنَّمَا إذَا عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ بِوَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (690) فَيُعَدُّ أَجَلُ الْمُحِيلِ بَاقِيًا كَمَا كَانَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ جِهَةٍ الْمُتَوَفَّى كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ سَقَطَ حُكْمًا لِلْحَوَالَةِ وَقَدْ انْتَقَضَتْ بِالتَّوَى فَيَنْتَقِضُ مَا فِي ضِمْنِهَا، كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَرَسًا مِنْ الطَّالِبِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْفَرَسَ عَادَ الْأَجَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِتَغَيُّرٍ مَا) . وَحَيْثُ إنَّ الْحَوَالَةَ الْمُبْهَمَةَ لَمْ تُعَرَّفْ فِي مُقَدِّمَةِ هَذَا الْكِتَابِ فِي مَتْنِ الْمَجَلَّةِ حَسَبَ الْمُعْتَادِ وَرَدَ تَعْرِيفُهَا هُنَا بِعِبَارَةِ (أَيْ فِي الْحَوَالَةِ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا تَعْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ.) .
وَأَمَّا فِي الْحَوَالَةِ غَيْرِ الْمُبْهَمَةِ فَيُطَالَبُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِلْوَصْفِ الَّذِي قُيِّدَتْ بِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْحَوَالَةِ) . كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (653) . وَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي سُرِدَتْ شَرْحًا نَظِيرَةٌ لِلْمَادَّةِ (653) فَكَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ أَنْ تُورَدَ مَتْنًا عَقِبَ الْمَادَّةِ (697) . وَلْيَكُنْ مَعْلُومًا كَمَا أَنَّ حَوَالَةَ الدَّيْنِ مُؤَجَّلَةٌ بِالْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا بِهَا كَانَ صَحِيحَةً فَحَوَالَتُهُ بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) وَالْحُكْمُ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا هَكَذَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (654) . وَكَمَا أَنَّ حَوَالَةَ الدَّيْنِ الْمُعَجَّلِ جَائِزَةٌ فَحَوَالَتُهُ مُؤَجَّلًا جَائِزَةٌ أَيْضًا، مَثَلًا لَوْ أَحَالَ شَخْصٌ دَيْنَهُ النَّاشِئَ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ عَلَى آخَرَ مُؤَجَّلًا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْأَجَلُ بِحَقِّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُعْتَبَرًا، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا عَادَ الدَّيْنُ إلَى الْمُحِيلِ لِسَبَبِ وَفَاةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بِنَاءً عَلَى التَّفْصِيلَاتِ الْوَارِدَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (69) يَعُودُ بِصِفَتِهِ الْأُولَى (مُعَجَّلًا) ، إنَّمَا إحَالَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ دَيْنَ الصَّبِيِّ الْمُعَجَّلِ مُؤَجَّلًا غَيْرُ صَحِيحَةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58) . وَلَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ عَقْدِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِحَالَتُهُ مُؤَجَّلًا تَجُوزُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (685) . وَإِنْ كَانَ الْعِلْمُ بِالْأَجَلِ فِي الْحَوَالَةِ لَازِمًا كَمَا هِيَ فِي الْكَفَالَةِ فَجَهَالَتُهُ جَهَالَةً يَسِيرَةً جَائِزَةٌ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (625) . تَأْجِيلُ عَقْدِ الْحَوَالَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّ تَأْجِيلَ عَقْدِ الْحَوَالَةِ غَيْرُ جَائِزٍ بَلْ الصَّحِيحُ كَمَا ذُكِرَ سَابِقًا هُوَ تَأْجِيلُ الْمُحَالِ بِهِ فِي عَقْدِ الْحَوَالَةِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ بِهِ قَرْضًا (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
[
(الْمَادَّةُ 698) لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ]
(الْمَادَّةُ 698) :
لَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ. وَإِذَا رَجَعَ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْمُحَالِ بِهِ يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ الْجِنْسَ الَّذِي
أَجَّلَ عَلَيْهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالْمُؤَدَّى، مَثَلًا لَوْ أُحِيلَ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فِضَّةٌ وَأَعْطَى ذَهَبًا يَأْخُذُ فِضَّةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَدَّى أَمْوَالًا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ يَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أُحِيلَتْ. لَا يَحِقُّ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ شَخْصًا بَعْدَ أَنْ قَبِلَ مِنْ آخَرَ عَلَى نَفْسِهِ حَوَالَةً مُؤَجَّلَةً بِمُدَّةٍ أَحَالَهَا عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مُؤَجَّلَةً بِمُدَّةٍ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ فَلَيْسَ لِلشَّخْصِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الشَّخْصِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ. وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (691) أَنَّهُ إذَا ضُويِقَ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ لَهُ يُضَايَقُ هُوَ أَيْضًا الْمُحِيلَ وَإِذَا احْتَالَ رَجُلٌ بِالْمَالِ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَحَالَهُ عَلَى آخَرَ إلَى أَجَلٍ مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْأَصِيلِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الطَّالِبُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ كَانَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ.
وَسَبَبُ الرُّجُوعِ هُوَ: أَنَّهُ أَدَّى دَيْنَ الْمُحِيلِ بِأَمْرِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (657) وَشَرْحَهَا، مَثَلًا لَوْ أُحِيلَ مِنْ قِبَلِ الْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ فِضِّيَّةٌ. أَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بِطَرِيقَةِ بَيْعِ الصَّرْفِ ذَهَبًا يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ فِضَّةً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالذَّهَبِ، وَبِالْعَكْسِ إذَا أُحِيلَ دَرَاهِمُ ذَهَبِيَّةٌ وَأَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ فِضَّةً يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ ذَهَبًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْفِضَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُحِيلَ مَسْكُوكَةٌ خَالِصَةٌ وَأَعْطَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَغْشُوشَةً يَأْخُذُ مِنْ الْمُحِيلِ خَالِصَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ صُلْحًا مِنْ الْمُحَالِ بِهِ بِإِعْطَائِهِ أَمْوَالًا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أُحِيلَتْ وَإِلَّا لَا يَأْخُذُ قِيمَةَ الْأَمْوَالِ وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي أُعْطِيت بِصِفَةِ بَدَلِ الصُّلْحِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ أَزْيَدَ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ أَمْ أَنْقَصَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ مُصَالَحَةِ الْمُحَالِ لَهُ مَعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّيْنِ وَأَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَيَرْجِعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ الَّذِي أَعْطَاهُ، وَلَيْسَ بِمَجْمُوعِ الدَّيْنِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (657) وَشَرْحِهَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. وَسَبَبُ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُؤَدَّى هُوَ: أَنَّهُ حِينَمَا يُعْطِي الْمُحَالُ عَلَيْهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ دَرَاهِمَ أَوْ أَمْوَالًا مِنْ غَيْرِ جِنْسٍ فَقَبُولُ الْمُحَالِ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ إنَّمَا هُوَ عَقْدُ مُعَارَضَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَيْنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ لَهُ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْعَقْدِ حُكْمٌ أَوْ تَأْثِيرٌ بِحَقِّ الْمُحِيلِ الَّذِي هُوَ شَخْصٌ ثَالِثٌ وَيَكُونُ نَفْعُهُ وَضَرَرُهُ عَائِدَيْنِ عَلَى الْعَاقِدِينَ. جَاءَ فِي الشَّرْحِ (بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ وَرِضَاهُ يَكُونُ الْمُحَالُ
عَلَيْهِ مُتَبَرِّعًا بِتَأْدِيَةِ الدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمُحِيلِ مَطْلُوبٌ عِنْدَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَتَقَاصَّ مَا أَعْطَاهُ إلَى الْمُحَالِ لَهُ بِدَيْنِهِ الَّذِي لِلْمُحِيلِ، حَتَّى إنَّهُ بَعْدَ أَنْ تُجْرَى الْحَوَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُحِيلِ لَوْ تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَصَارَ الْمُحِيلُ وَارِثًا لَهُ يَأْخُذُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ حَسَبَ الْوِرَاثَةِ، وَلَكِنْ إذَا أُجْرِيَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمُحِيلُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَحَيْثُ إنَّهُ سَيَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى أَمْرِ الْمُحِيلِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ (الذَّخِيرَةُ) . كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ هُوَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 657) .
الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ وَالتَّصَدُّقِ وَالْوِرَاثَةِ - يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يُؤَدِّي الدَّيْنَ إلَى الْمُحَالِ لَهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ، لَكِنَّ تَعْبِيرَ (تَأْدِيَةٌ) هُنَا لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالتَّصَدُّقَ حُكْمًا كَالتَّأْدِيَةِ.
وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا وَهَبَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَقَبِلَ هَذَا الْأَخِيرُ أَيْضًا يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدِينًا لِلْمُحِيلِ بِعَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ بِالدَّيْنِ حَتَّى إنَّهُ لَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يَأْخُذَ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالدَّيْنِ (الدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَمِثْلُهُ فِي (الذَّخِيرَةِ فِي الْكَفَالَةِ) ، كَمَا لَوْ قَالَ الْمُحَالُ لَهُ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (تَرَكْتُ لَكَ الْمُحَالَ بِهِ) يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَيَسْتَفِيدُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَقَطْ مِنْ هَذَا التَّرْكِ. الْوِرَاثَةُ لِلْمُحَالِ لَهُ كَالْهِبَةِ إذَا تُوُفِّيَ الْمُحَالُ لَهُ وَبَرِئَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ وَارِثًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (700) يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ لِلْمُحِيلِ مِنْ عَيْنِ الْجِنْسِ يَتَقَاصَّانِ (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالذَّخِيرَةُ) . لَا رُجُوعَ فِي الْإِبْرَاءِ - وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَقَبِلَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَإِذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ مَثَلًا يَأْخُذُ الْمُحِيلُ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْحَوَالَةُ بِأَمْرِهِ. كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْكَفَالَةِ أَيْضًا كَانَ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ، (رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 657)(رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْخُلَاصَةُ فِي هَذَا أُمُورٌ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ - التَّأْدِيَةُ.
الثَّانِي - الْهِبَةُ.
الثَّالِثُ - التَّصَدُّقُ.
الرَّابِعُ - الْوِرَاثَةُ.
وَالْخَامِسُ - الْإِبْرَاءُ.
وَذُكِرَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ كُلُّهَا وَفُصِّلَتْ آنِفًا.
إذَا أَدَّى أَجْنَبِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ فَحَقُّ الرُّجُوعِ مَوْجُودٌ أَيْضًا - ذُكِرَ فِي الْمَجَلَّةِ أَنَّهُ إذَا أَدَّى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ، بَلْ أَدَّاهُ فُضُولِيٌّ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَيْضًا عَلَى الْمُحِيلِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ: إذَا أَدَّى فُضُولِيٌّ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ قِبَلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ. وَأَمَّا إذَا أَدَّاهُ تَبَرُّعًا مِنْ طَرَفِ الْمُحِيلِ
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ لَيْسَ مَدِينًا لَهُ بِمُوجَبِ (676) ثُمَّ أَدَّى فُضُولِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ لَهُ يَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، وَبِالْعَكْسِ إذَا أَحَالَ شَخْصٌ دَايَنَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ مَدِينٍ لَهُ بِأَلْفِ قِرْشٍ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً، وَبَعْدَ ذَلِكَ أَدَّى فُضُولِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْمُحِيلِ الْمُحَالَ بِهِ يَأْخُذُ الْمُحِيلُ مَطْلُوبَهُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى حِدَةٍ، إذْ الْفُضُولِيُّ الْمَرْقُومُ مُتَبَرِّعٌ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي أَدَّاهُ، وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْفُضُولِيُّ عِنْدَ التَّأْدِيَةِ الْجِهَةَ الَّتِي تَبَرَّعَ عَلَى حِسَابِهَا وَحَصَلَ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْمُحِيلِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِأَنَّ ادَّعَى الْمُحِيلُ أَنَّ التَّبَرُّعَ كَانَ لِحِسَابِهِ وَادَّعَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ الْعَكْسَ أَيْ أَنَّ التَّبَرُّعَ كَانَ مِنْ طَرَفِهِ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُرَاجَعُ الْفُضُولِيُّ، وَيُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فَصْلًا عَنْ الْجِهَةِ الَّتِي دَفَعَ عَنْهَا وَإِذَا تُوُفِّيَ الْفُضُولِيُّ أَوْ غَابَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ يُعَدُّ مُتَبَرِّعًا مِنْ جِهَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ خِلَافُهُ بِإِقْرَارٍ حَصَلَ سَابِقًا مِنْ الْمُتَوَفَّى وَالْغَائِبِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةُ وَالْبَحْرُ) .
وَإِذَا أَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمُحَالَ بِهِ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَادَّعَى الْمُحِيلُ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَالُ رِشْوَةٍ أَوْ مَالُ قِمَارٍ وَأَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا شُهُودُهُ، بَلْ يُقَالُ لَهُ أَدِّ الْمُحَالَ بِهِ إلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ تَرَافَعْ مَعَ الْمُحَالِ لَهُ بِهَذَا الْخُصُوصِ، فَإِذَا تَرَافَعَ الْمُحِيلُ مَعَ الْمُحَالِ لَهُ وَأَثْبَتَ بِمُوَاجَهَتِهِ أَنَّ الْمُحَالَ بِهِ مَالُ قِمَارٍ مَثَلًا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَعْطَى الْمُحَالَ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُحِيلِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُحَالِ لَهُ (الْبَزَّازِيَّةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ)
كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحَالَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ قَالَ الْمُحِيلُ لِلْمُحَالِ لَهُ: (لَمْ يَكُنْ لَك دَيْنٌ عِنْدِي إنَّمَا وَكَّلْتُكَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ رُدَّ لِي الْمُحَالَ بِهِ الَّذِي قَبَضْته) وَقَدَّمَ دَعْوَى بِذَلِكَ وَادَّعَى الْمُحَالُ لَهُ أَنَّ لَهُ بِذِمَّةِ الْمُحِيلِ دَيْنًا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُحِيلِ، إذْ إقْرَارُ الْمُحِيلِ بِالْحَوَالَةِ أَوْ مُبَاشَرَتُهُ الْحَوَالَةَ لَا يُعَدُّ إقْرَارًا مِنْهُ بِالدَّيْنِ لِلْمُحَالِ لَهُ. وَالْمُحَالُ لَهُ مَجْبُورٌ عَلَى رَدِّ مَا قَبَضَهُ إلَى الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ تُسْتَعْمَلُ أَحْيَانَا فِي الْوَكَالَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالدُّرَرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) ، رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (692) .
قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ الْمُحَالَ لَهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَلَفْظُ الْحَوَالَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوَكَالَةِ مَجَازًا لِمَا فِي التَّوْكِيلِ مِنْ نَقْلِ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الْوَكِيلِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ قِيلَ: قُلْتُمْ إنَّ الْمُحِيلَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ الْحَوَالَةِ فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْمُحَالُ مُسْتَحَقًّا لَمَلَكَ الْمُحِيلُ إبْطَالَهَا؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ، قُلْنَا الْحَوَالَةُ قَدْ صُمَّتْ، وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ بِمَالٍ هُوَ دَيْنٌ عَلَى الْمُحِيلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُ الْحَوَالَةِ بِالِاحْتِمَالِ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، فِي الْمُحِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحِيلُ قَالَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ: اضْمَنْ عَنِّي هَذَا الْمَالَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ " اضْمَنْ عَنِّي " لَا يَحْتَمِلُ الْوَكَالَةَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ ضَامِنًا عَنْهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُحِيلِ دَيْنٌ فَكَانَ إقْرَارًا هُنَا بِالْمَالِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. إذَا أَرَادَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَأْدِيَةِ الدَّيْنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (698) فَقَالَ الْمُحِيلُ: كَانَ لِي عِنْدَك مَطْلُوبٌ كَذَا قِرْشًا وَأَنْكَرَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ، رَاجِعْ الْمَادَّةَ (8)(الدُّرَرُ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَعَزْمِي زَادَهْ) وَبِمَا أَنَّ الْحَوَالَةَ عَلَى مُوجَبِ الْمَادَّةِ (686) جَائِزَةٌ