الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَالُ التَّاسِعُ: تَصَرُّفُ الْغَاصِبِ فِي الْمَغْصُوبِ بِوَجْهٍ كَبَيْعِهِ مِنْ آخَرَ وَرَهْنِهِ، وَإِيجَارِهِ وَإِيدَاعِهِ، وَهِبَتِهِ وَإِعَارَتِهِ، وَالتَّصَدُّقِ وَتَسْلِيمِهِ. وَحُكْمُ هَذَا عِبَارَةٌ عَنْ إجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنْ وُجِدَتْ شَرَائِطُ الْإِجَازَةِ مِنْ طَرَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَإِلَّا فَعِبَارَةٌ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ عَيْنًا. وَإِذَا تَلِفَ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ تَضْمِينِ بَدَلِهِ. وَسَتُفَصَّلُ أَحْكَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (0 91) .
الْحُكْمُ الثَّانِي: حُكْمٌ أُخْرَوِيٌّ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمَالَ الْمَأْجُورَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَثِمَ وَاسْتَحَقَّ عَذَابَ النَّارِ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ حَرَامٌ وَحُرْمَتُهُ ثَابِتَةٌ بِالْآيَةِ الْجَلِيلَةِ وَالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29]«وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ الْأَرْضِ طَوَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» ، (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَالْقُهُسْتَانِيُّ) وَقَدْ «قَالَ عليه الصلاة والسلام فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ. أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ» .
الْحَدِيثَ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ مَالَ الْغَيْرِ فَلَا يَأْثَمُ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ ظَانًّا أَنَّهُ مَالٌ أَوَاشْتَرَاهُ مِنْ الْفُضُولِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] وَلِقَوْلِهِ، عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» وَالْمُرَادُ الْمَأْثَمُ (الْكِفَايَةُ، وَالْهِدَايَةُ وَالدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
رُكْنُ الْغَصْبِ: هُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ مَعَ إثْبَاتِ يَدٍ مُبْطَلَةٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إزَالَةُ يَدٍ مُحَقَّةٍ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ إثْبَاتُ يَدٍ مُبْطَلَةٍ وَقَدْ مَرَّ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) .
شَرْطُ الْغَصْبِ: هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَمُحْتَرَمًا وَمَنْقُولًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1 88)(أَبُو السُّعُودِ حَاشِيَةُ الْكَنْزِ) .
مَحَاسِنُ الْغَصْبِ: إنَّ مَحَاسِنَ الْغَصْبِ لَيْسَتْ كَمَا ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 88) مِنْ حَيْثُ الْإِقْدَامُ، عَلَيْهِ بَلْ مِنْ حَيْثُ تَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ.
[
(الْمَادَّةُ 890) رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا وَتَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ]
(الْمَادَّةُ 890) يَلْزَمُ رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ عَيْنًا وَتَسْلِيمُهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِنْ صَادَفَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى وَكَانَ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَعَهُ فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ اسْتَرَدَّهُ هُنَاكَ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ رَدَّهُ إلَى مَكَانِ الْغَصْبِ وَتَكُونُ مَصَارِيفُ نَقْلِهِ وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
الْمَالُ الْمَغْصُوبُ مَوْجُودٌ عَيْنًا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ بِدُونِ أَنْ يَتَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا فَيَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ فِي الْحَالِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ لِلْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ: (1) الْمَالُ الْمَغْصُوبُ، هَذَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِثْلِيًّا أَمْ قِيَمِيًّا وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَنْقُولًا أَمْ عَقَارًا أَمْ كَانَ الْغَاصِبُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ أَمْ غَيْرَ عَالِمٍ فَالْحُكْمُ وَاحِدٌ فِي لُزُومِ رَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ.
مَثَلًا، لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مَالًا لِظَنِّهِ أَنَّهُ لَهُ وَضَبَطَ الْمَالَ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَ إعَادَةُ ذَلِكَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.
؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ يُزَالُ.
(2)
بَلْدَةُ الْغَصْبِ، أَمَّا إذَا وُجِدَ الْمَغْصُوبُ فِي غَيْرِ مَكَانِ الْغَصْبِ وَبَلْدَتِهِ فَحُكْمُ ذَلِكَ سَيُبَيَّنُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ.
(3)
- إذَا كَانَ مَوْجُودًا عَيْنًا، يَعْنِي أَنْ لَا يَكُونَ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا وَلَمْ يَتْلَفْ أَمَّا إذَا تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا فَاحِشًا أَوْ تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ فَحُكْمُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّتَيْنِ (1 89، 899) أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ.
(4)
مَكَانُ الْغَصْبِ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّ قِيَمِ الْأَمْوَالِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ. فَقِيمَةُ الْخَرُوفِ الْمُعَيَّنِ فِي حَلَبَ تَخْتَلِفُ عَنْ قِيمَتِهِ فِي يَافَا (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
كَذَلِكَ يَخْتَلِفُ الْمِثْلُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ الْعَيْنِيُّ.
فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ عِشْرِينَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فِي حَيْفَا وَنَقَلَهَا إلَى غَزَّةَ فَقَالَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ خُذْ حِنْطَتَكَ عَيْنًا فِي غَزَّةَ فَيَتَضَرَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا وَبَاعَهَا هُنَاكَ يَتَضَرَّرُ مِنْ بَيْعِهَا لِرُخْصِ الْحِنْطَةِ فِي غَزَّةَ كَمَا أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ نَقَلَهَا إلَى حَيْفَا لِكُلْفَةِ أُجْرَةِ النَّقْلِ (5) رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ - يَلْزَمُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ بِرَدِّهِ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ إلَى إصْطَبْلِ الْمَالِكِ (الْخَانِيَّةُ) .
وَاذَا تُوُفِّيَ صَاحِبُهُ أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَلْزَمُ رَدُّهُ إلَى جَمِيعِ وَرَثَتِهِ وَإِذَا كَانَتْ وَرَثَتُهُ صِغَارًا فَلِأَوْصِيَائِهِمْ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ تَقُومُ مَقَامَ مُوَرِّثِيهِمْ.
أَمَّا إذَا نَدِمَ الْغَاصِبُ عَلَى فِعْلِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَظْفَرْ بِالْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيُعِيدَ الْمَغْصُوبَ إلَيْهِ فَلَهُ إمْسَاكُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَنْقَطِعَ الْأَمَلُ فِي الظَّفَرِ بِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ ثَوَابُهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَعَلَى شَرْطِ أَنْ يَكُونَ ضَامِنًا الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا حَضَرَ وَلَمْ يُجِزْ الصَّدَقَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
(6)
لِلْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ، الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي الْغَصْبِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ هُوَ رَدُّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ. أَمَّا رَدُّ بَدَلِ الْمَغْصُوبِ فَهُوَ مَخْلَصٌ أَيْ مَوْضِعُ خَلَاصٍ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ عَيْنًا أَعْدَلُ وَأَكْمَلُ حَيْثُ فِيهِ إعَادَةٌ عَيْنًا وَمَعْنًى أَمَّا رَدُّ الْبَدَلِ فَهُوَ مَخْلَصٌ وَيُصَارُ إلَيْهِ حِينَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ.
تَتَفَرَّعُ الْمَسَائِلُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ الْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ:
أَوَّلًا، إنَّ الْغَاصِبَ مُطَالَبٌ بِرَدِّ عَيْنِ الْمَغْصُوبِ قَبْلَ هَلَاكِهِ حَتَّى لَا يَلْتَفِتَ إلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْطَى حِينَئِذٍ مِثْلُ الْمَغْصُوبِ أَوْ قِيمَتُهُ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ أَخْذِهِ عَيْنًا وَأَنْ يَطْلُبَ بَدَلَهُ.
لِأَنَّ الرَّدَّ بَدَلًا قَاصِرًا وَبِمَا أَنَّ الضَّمَانَ الْقَاصِرَ خُلْفٌ لِلْأَصْلِ وَمَا دَامَ الْأَصْلِيُّ مُحْتَمَلًا فَلَا يَكُونُ الضَّمَانُ الْقَاصِرُ مَشْرُوعًا (الْفَيْضِيَّةُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ الْقِيمَةَ لَكَانَ لِلْغَاصِبِ حَقٌّ فِي الِامْتِنَاعِ عَنْ رَدِّ الْعَيْنِ حَتَّى يَقْتَدِرَ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ يُصَارُ إلَى الْخُلْفِ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ وَلَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ أَمَّا إذَا تَرَاضَى الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَالْمَغْصُوبُ مَوْجُودٌ فِي
يَدِ الْغَاصِبِ عَلَى التَّمْلِيكِ وَالتَّمَلُّكُ مُقَابِلُ بَدَلٍ مُعَيَّنٍ كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا وَأَصْحَبَ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مُبَادَلَةٌ بَيْنَهُمَا (الْجَوْهَرَةُ) .
ثَانِيًا، وَلَوْ رَدَّ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ وَأَعَادَهَا إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى كَانَ بَرِيئًا مَثَلًا لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ السَّاعَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إيَّاهَا وَقَبِلَهَا وَتَسَلَّمَهَا بِدُونِ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّهَا الْمَالُ الَّذِي غُصِبَ مِنْهُ كَانَ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَكَلَهُ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهُ قَدْ غُصِبَ مِنْهُ يَكُونُ الْغَاصِبُ بَرِيئًا كَذَلِكَ لَوْ أَلْبَسَ الْغَاصِبُ الْأَلْبِسَةَ الْمَغْصُوبَةَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ كَانَ بَرِيئًا (الدُّرُّ الْمُنْتَقَى مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ رَدِّ الْعَيْنِ لَمَا بَرِئَ الْغَاصِبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَالِمًا أَنَّهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي قَبْضِ الْبَدَلِ ثَالِثًا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ سَيُعْطِي بَدَلَهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) صَدَّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ أَوْ أَثْبَتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَهُ وَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ حَقُّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَى الْبَدَلِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُثْبِتَ الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ، وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وُجُودَهُ وَطَلَبَ الْعَيْنَ غَيْرَ رَاضٍ بِالْبَدَلِ فَلِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ عَدَمَ التَّعْجِيلَ بِالْحُكْمِ بِالْبَدَلِ وَأَنْ يَحْبِسَ الْغَاصِبَ حَتَّى يَحْصُلَ الْعِلْمُ بِمَا آلَ إلَيْهِ الْمَغْصُوبُ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ أَمَّا مُدَّةُ الْحَبْسِ فَهِيَ مُفَوَّضَةٌ لِرَأْيِ الْقَاضِي وَلَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي حَبْسِ الْمَدِينِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ الطَّحْطَاوِيُّ وَسَبَبُ الْحَبْسِ الْمَذْكُورِ هُوَ: أَنَّ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ فِي الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ هُوَ رَدُّ الْعَيْنِ وَالْأَصْلُ هُوَ بَقَاؤُهَا وَالْغَاصِبُ يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا وَخِلَافَ الظَّاهِرِ يَعْنِي يَدَّعِي الْهَلَاكَ وَيَرْغَبُ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْعَيْنِ الْمَغْصُوبِ وَتَبْدِيلِهَا بِالْبَدَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ الْهَلَاك وَعَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ حَبْسِهِ الْغَاصِبَ مُدَّةً كَهَذِهِ فَيَحْكُمُ أَيْضًا بِالْبَدَلِ إذَا رَضِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِهِ بِلَا حَبْسٍ وَلِلْقَاضِي أَيْضًا الْحُكْمُ بِبَدَلِ الْمَغْصُوبِ بِدُونِ حَبْسِ الْغَاصِبِ لَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْبَدَلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْجَوْهَرَةُ) .
وَالْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ مِنْ الْفُقَهَاءِ هُوَ الْبَدَلُ أَيْ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ أَمَّا رَدُّ الْعَيْنِ فَمَخْلَصٌ.
وَيَتَفَرَّعُ عَنْ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ هَذَا بَعْضُ الْمَسَائِلِ وَهِيَ: أَوَّلًا لَوْ أَبْرَأَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ وَعَيْنُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ أَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِلْغَاصِبِ: جَعَلْتُكَ فِي حِلٍّ مِنْ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ يَكُونُ صَحِيحًا عَلَى أَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ تَحْلِيلٌ لَهُ وَبِمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِسَبَبِ هَذَا الْإِبْرَاءِ وَالتَّحْلِيلُ يَنْقَلِبُ أَمَانَةً فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بَعْدَئِذٍ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْقِيمَةُ فَبِمَا أَنَّهُ لَا يَصْلُحُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْعَيْنِ فَيَقْتَضِي أَلَّا يَكُونَ هَذَا صَحِيحًا أَيْضًا (سَعْدِي جَلَبِ عَلَى الْعِنَايَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ الطَّحْطَاوِيُّ، وَالْخَانِيَّةُ)
ثَانِيًا: تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ هُوَ الْبَدَلُ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ كَفَالَةٌ بِالْعَيْنِ وَهَذِهِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
ثَالِثًا: يَصِحُّ إعْطَاءُ الرَّهْنِ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ.
وَلَوْ كَانَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ رَدَّ الْعَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ الْقِيمَةَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا بِالْعَيْنِ وَلَا يَصِحُّ هَذَا (الْجَوْهَرَةُ)
. رَابِعًا، إذَا وُجِدَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ مَالٌ بِمِقْدَارِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ يَنْقُصُ عَنْ النِّصَابِ بِسَبَبِ الْمَغْصُوبِ فَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الزَّكَاةُ (السَّعْدِيّ وَالْعِنَايَةُ) أَمَّا لَوْ كَانَ الْبَدَلُ لَيْسَ الْمُوجِبَ الْأَصْلِيَّ وَجَبَ عَدَمُ تَنَاقُصِ نِصَابِ الزَّكَاةِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمَارِّ ذِكْرُهُمَا ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْقَوْلُ الصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُ الْمِنَحِ مُرَجِّحٌ هَذَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَيُجَابُ أَنَّهُ تُوجَدُ شُبْهَةُ وُجُودٍ فِي الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ لِلْوُجُودِ فِي الْحَالِ، وَالْقِيمَةُ وَالْبَدَلُ فِي الْغَصْبِ هُمَا كَهَذَا (أَبُو السُّعُودِ، وَفَتْحُ الْقَدِيرِ)
. 7 - فِي الْحَالِ: مَثَلًا لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ وَاقْتَرَبَ زَرْعُهَا مِنْ الْإِدْرَاكِ. فَلَا يَلْزَمُ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ الِانْتِظَارُ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ. وَيُجْبَرُ الْغَاصِبُ عَلَى قَلْعِ زَرْعِهِ فِي الْحَالِ وَرَدِّ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، وَلَا يَجْرِي فِي هَذَا حُكْمٌ مُمَاثِلٌ لِحُكْمِ الْمَادَّةِ (26 5) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَذَلِكَ لَوْ غَرَسَ الْغَاصِبُ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ شَجَرًا ثُمَّ خَاصَمَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَقْتَ الصَّيْفِ طَالِبًا قَلْعَ الْأَشْجَارِ فَقَالَ الْغَاصِبُ لِتَبْقَ إلَى وَقْتِ الرَّبِيعِ ثُمَّ انْقِلْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاغْرِسْهَا فِي مَحِلٍّ آخَرَ فَلَا يُسْمَحُ لَهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَرْضَ الْمَالِكُ لَكِنْ تُسْتَثْنَى ثَلَاثُ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا أَيْ مِنْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ حَالًا.
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ زَوْرَقًا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي وَسَطِ الْبَحْرِ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ حَالًا وَيُؤَجَّرُ لِلْغَاصِبِ إلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى السَّاحِلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَابَّةً وَفَرَّ بِهَا فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الْمَفَازَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهَا فِي الْحَالِ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مِنْهُ لِحِينِ الْوُصُولِ إلَى مَأْمَنٍ (الْخَانِيَّةُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ ظَرْفًا فَوَضَعَ فِيهِ زَيْتَهُ وَخَرَجَ إلَى الطَّرِيقِ، فَلَحِقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الظَّرْفَ لِحِينِ أَنْ يَتَدَارَكَ ظَرْفًا آخَرَ، وَيُؤَجِّرُ الظَّرْفَ لَهُ إلَى ذَلِكَ الْحِينِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (838) .
8 -
يَلْزَمُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ: يَثْبُتُ لُزُومُ الرَّدِّ بِالدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ وَالْعَقْلِيِّ فَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّ» يَعْنِي عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَيْنًا إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَبَدَلًا إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا الزَّيْلَعِيّ، الْعِنَايَةُ، أَبُو السُّعُودِ.
وَنُورِدُ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي أَيْضًا: إنَّ الْغَاصِبَ بِغَصْبِهِ الْمَغْصُوبَ يُزِيلُ يَدَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَتَوَصَّلُ بِالْيَدِ إلَى تَحْصِيلِ ثَمَرَاتِ مِلْكِهِ وَثَمَرَاتُ الْمِلْكِ هِيَ الِانْتِفَاعُ بِهِ الزَّيْلَعِيّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97) وَشَرْحَهَا.
يَعْنِي لَوْ غُصِبَتْ الْبَقَرَةُ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ إزَالَةَ يَدِ صَاحِبِهَا عَنْهَا وَحِرْمَانَهُ مِنْ لَبَنِهَا وَإِنْتَاجِهَا.
وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ فَسْخُ الْغَصْبِ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسًا مِنْ مَدْيُونِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ لِمَدْيُونِهِ حَالًا.
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعَادَتِهِ بِقَوْلِ لَا أُعْطِيهِ إيَّاهُ مَا لَمْ يَفِي دَيْنِي أَوْ إنَّنِي أَحْبِسُهُ عَلَى أَنَّهُ رَهْنٌ فِي مُقَابِلِ دَيْنِي (النَّتِيجَةُ) .
وَيُسَمِّي الْأُصُولِيُّونَ رَدَّ عَيْنِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْأَدَاءَ الْكَامِلَ الْمَوْصُوفَ بِوَصْفٍ مَشْرُوعٍ) ؛ لِأَنَّ رَدَّ الْعَيْنِ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ عِبَارَةٌ عَنْ تَسْلِيمِ عَيْنِ الْوَاجِبِ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ) .
وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَتَسْلِيمُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ وَاقِفًا عَلَى كَوْنِهِ مَالَ الْغَيْرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاقِفًا عَلَى ذَلِكَ كَأَنْ ظَنَّ مَا أَخَذَهُ مَالًا لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَصْدِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعُدْوَانِ نَاشِئٌ عَنْ تَفْوِيتِ حَقِّ الْعَبْدِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَرْعِيٌّ (الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) وَانْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (2) .
وَالْحَاصِلُ كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إذَا كَانَ مَنْقُولًا يَلْزَمُ رَدُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ عَقَارًا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ إذَا رَدَّ الْمَغْصُوبَ وَأَعَادَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (892)(مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَتَعْبِيرُ الرَّدِّ وَالتَّسْلِيمِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فَيَلْزَمُ رَدُّ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَهَذَا التَّعْبِيرُ احْتِرَازِيٌّ عَنْ رَدِّ بَدَلِ الْمَنَافِعِ فَلَوْ رَدَّ وَأَعَادَ الْغَاصِبُ الْمَالَ الَّذِي اسْتَعْمَلَهُ عَيْنًا لِصَاحِبِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ أُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَعْمَلَهُ فِيهَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مَالَ وَقْفٍ أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ الْأَنْقِرْوِيُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (596) حَتَّى لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ آخَرَ وَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إعْطَاءُ الْأُجْرَةِ الْمَأْخُوذَةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ قَضَاءً اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (447) وَشَرْحَهَا
. اخْتِلَافَاتُ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ حِينَ الرَّدِّ وَالْإِعَادَةِ لَوْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَالِكُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَثْنَاءَ رَدِّ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَتَسْلِيمِهِ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إنَّ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ لَيْسَ هَذَا وَقَالَ الْغَاصِبُ إنَّهُ الْمَغْصُوبُ فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ الَّذِي هُوَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْقَابِضِ سَوَاءٌ كَانَ ضَمِينًا كَالْغَاصِبِ أَوْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُسْتَوْدِعِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (186) مَثَلًا لَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ ثَوْبَ قُمَاشٍ فَأَتَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِثَوْبِ قُمَاشٍ شَامِيٍّ قَائِلًا لَهُ: إنَّ الثَّوْبَ غَصَبْتُهُ مِنْك هُوَ هَذَا أَوْ قَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ: إنَّ الْمَغْصُوبَ مِنِّي غَيْرُ هَذَا الثَّوْبِ وَقَدْ كَانَ ثَوْبًا هِنْدِيًّا فَإِذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ أَنَّ الَّذِي غَصَبَهُ هُوَ هَذَا الْقُمَاشُ وَلَمْ أَغْصِبُ قُمَاشًا هِنْدِيًّا فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ.
أَمَّا لَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يُثْبِتُ أَنَّ مَا غَصَبَهُ قُمَاشٌ هِنْدِيٌّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ) كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَغْصُوبِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ فَلَوْ اتَّفَقَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْمَغْصُوبَ هُوَ هَذَا الْمَالَ وَلَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ الْغَاصِبُ قَدْ غَصَبْتُ الْمَالَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ غَصَبْتَهُ وَهُوَ جَدِيدٌ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ. أَمَّا إذَا لَمْ يُقِمْ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً فَالْقَوْلُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ لِلْمَالِكِ وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْغَاصِبِ. أَمَّا لَوْ حَلَفَ الْغَاصِبُ الْيَمِينَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْمَغْصُوبَ غَيْرَ جَدِيدٍ حَصَلَ عَلَى شُهُودٍ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ قَدْ غَصَبَهُ وَهُوَ جَدِيدٌ فَإِذَا كَانَ النُّقْصَانُ يَسِيرًا ضَمِنَ الْغَاصِبُ قِيمَةَ النُّقْصَانِ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ فَاحِشًا يَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (900)(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ)
اخْتِلَافَاتُهُمَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ بَعْدَ الْإِعَادَةِ أَوْ قَبْلَهَا، لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ رَدِّهِ إيَّاهُ وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مَثَلًا لَوْ ادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ قَدْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا وَأَعَادَهَا إلَيْهِ وَادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّ تَلَفَهَا نَاشِئٌ عَنْ رُكُوبِ الْغَاصِبِ إيَّاهَا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ ضَمَانُ الْقِيمَةِ.
كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا وَأَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ هَدَمَهَا وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ سَالِمَةً تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّارِ.
كَذَلِكَ لَوْ شَهِدَتْ شُهُودُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ قَتَلَ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَشَهِدَتْ شُهُودُ الْغَاصِبِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَعَادَهَا وَرَدَّهَا لِصَاحِبِهَا سَالِمَةً رَجَحَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ وَهَدْمَ الدَّارِ يُتَصَوَّرُ بَعْدَ الرَّدِّ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْغَاصِبَ رَدَّهَا ثُمَّ هَدَمَ الدَّارَ وَقَتَلَ الدَّابَّةَ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ سَبَبًا حَادِثًا لِلضَّمَانِ.
لَكِنْ تُرَجَّحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا بَيَّنَتْ الرَّدَّ الْعَارِضِيَّ وَالْبَيِّنَةُ هِيَ لِلْإِثْبَاتِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ)
. الْأَحْكَامُ الَّتِي يَتَّحِدُ وَيَخْتَلِفُ فِيهَا الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ وَالْمَغْصُوبُ الْعَقَارُ:
الْمَغْصُوبُ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْمَنْقُولُ وَيُبَيَّنُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْعَقَارُ كَالرَّحَى وَالدُّكَّانِ وَالدَّارِ.
وَحُكْمُ هَذَا يُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي وَهَذَانِ النَّوْعَانِ مُتَّحِدَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ هُوَ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ عَيْنًا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَلُزُومُ ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ أَوْ اُسْتُهْلِكَ أَوْ طَرَأَ عَلَى قِيمَتِهِ نُقْصَانٌ بِالتَّعَدِّي أَوْ التَّقْصِيرِ، فَعَلَيْهِ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ فَرَسَ آخَرَ فَكَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِصَاحِبِهِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ فَلَوْ غَصَبَ طَاحُونَتَهُ أَوْ دُكَّانَهُ أَوْ حَائِطَهُ وَكَانَتْ مَوْجُودَةً عَيْنًا فَيَلْزَمُ رَدُّهَا لِصَاحِبِهَا أَيْضًا. كَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْغَاصِبُ ذَلِكَ الْفَرَسَ بِقَتْلِهِ إيَّاهُ فَيَضْمَنُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ تِلْكَ الطَّاحُونَةَ أَوْ الدُّكَّانَ أَوْ الدَّارَ ضَمِنَ بِنَاءً إلَى الْمَادَّةِ (918) .
وَيَفْتَرِقُ نَوْعَا الْمَغْصُوبِ هَذَانِ فِي حُكْمٍ آخَرَ، فَلَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ الْمَنْقُولُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ الْغَاصِبُ الْحَيَوَانَ الْمَغْصُوبَ فِي الْمَرْعَى فَأَخَذَهُ السَّيْلُ ضَمِنَهُ الْغَاصِبُ. بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (891) .
أَمَّا لَوْ تَلِفَ الْعَقَارُ الْمَغْصُوبُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ الطَّاحُونَةُ بِزِلْزَالٍ أَوْ عَاصِفَةٍ أَوْ جَاءَ سَيْلٌ فَجَرَفَ الْبِنَاءَ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي (الْبَزَّازِيَّةُ) .
وَلَوْ صَادَفَ صَاحِبُ الْمَالِ الْغَاصِبَ فِي بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَ فِيهِ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ وَمَعَهُ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ وَكَانَ أَوَّلًا يَحْتَاجُ الْمَغْصُوبُ إلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَنَفَقَاتِ الْحَمْلِ ثَانِيًا قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ يَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ مُخَيَّرًا عِنْدَ وُجُودِ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَرَدَّ مَالَهُ هُنَاكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لُزُومُ التَّسْلِيمِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ مِنْ حُقُوقِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَقَطْ فَلَهُ إسْقَاطُهُ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَإِذَا طَلَبَ تَسْلِيمَهُ هَكَذَا إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ وَنَفَقَاتُ النَّقْلِ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) يَلْزَمُ رَدُّ وَإِعَادَةُ
الْمَالِ الشَّخْصَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ مَنْفَعَةٌ فِي قَبْضِهِ الْأَنْقِرْوِيُّ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ.
1 -
إذَا كَانَ هُنَالِكَ مُؤْنَةُ رَدٍّ وَمَصَارِيفُ تَحْمِيلٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُؤْنَةُ رَدٍّ وَمَصَارِيفُ تَحْمِيلٍ كَأَنْ يَكُونَ، الْمَالُ الْمَغْصُوبُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ خَمْسَةَ رِيَالَاتٍ وَطَلَبَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ حِينَئِذٍ فِي بَلَدٍ أُخْرَى فَكَمَا أَنَّهُ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ عَيْنًا فَلَوْ أَرَادَ الْغَاصِبُ رَدَّهُ عَيْنًا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي الْبَلْدَةِ الْمَذْكُورَةِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُجْبَرٌ عَلَى قَبُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِتَسْلِيمِهِ إيَّاهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ نُقْصَانُ حِمْلٍ وَمُؤْنَةُ رَدٍّ يَعْنِي أَنَّ الطَّرَفَيْنِ كِلَيْهِمَا مُجْبَرَانِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ سِعْرِهِ وَقِيمَتِهِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى (الْبَزَّازِيَّةُ) .
مَثَلًا: لَوْ كَانَ سِعْرُ الذَّهَبَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ مِائَةً وَثَمَانِيَةَ قُرُوشٍ وَسِعْرُهَا فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ مِائَةَ قِرْشٍ فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَاصِبَ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى بِثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ زِيَادَةً عَلَى كُلِّ ذَهَبَةٍ.
2 -
وَلَيْسَتْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ حَيَوَانَاتٍ أَوْ خَمْسِينَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ أَوْ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ تُسَاوِي زِنَتُهَا خَمْسِينَ أُقَّةً أَوْ كَانَ خَمْسَةَ آلَافِ دِينَارٍ تُسَاوِي زِنَتُهَا تِسْعِينَ أُقَّةً مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَمَصَارِفِ التَّحْمِيلِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ يُوجَدُ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ إذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مَالًا مَوْقُوفًا عَلَى مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَنَفَقَاتِ الْحَمْلِ:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَسْتَوِيَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلْدَتَيْنِ فِي بَلْدَةِ الْغَصْبِ وَبَلْدَةِ التَّلَاقِي.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ فِي صُورَتَيْنِ فَقَطْ: الصُّورَةُ الْأُولَى إنْ شَاءَ أَخَذَهُ فِي بَلَدِ التَّلَاقِي عَيْنًا؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّسْلِيمِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ لَمَّا كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَهُ إسْقَاطُ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهُ إلَيْهِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقَدْ بَيَّنَتْ الْمَجَلَّةُ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ قِيمَتَهُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ وَزَمَانِهِ (قَاسِمُ بْنُ قطلوبغا مَعَ إيضَاحٍ وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ) .
الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ، كَوْنُ قِيمَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ فِي الْبَلَدِ الْآخَرِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ فَلَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَوَابَّ فِي الْكُوفَةِ وَأَرَادَ رَدَّهَا فِي خُرَاسَانَ وَكَانَتْ قِيمَتُهَا فِي خُرَاسَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا فِي الْكُوفَةِ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى ثَلَاثِ صُوَرٍ:
أَوَّلُهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا هُنَاكَ أَيْ فِي الْبَلَدِ آخَرَ عَيْنًا وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُهُ تَضْمِينُ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ ثَانِيهَا: إنْ شَاءَ طَلَبَ تَسْلِيمَهَا فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ وَمَصَارِفُ النَّقْلِ عَلَى الْغَاصِبِ ثَالِثُهَا: وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَالَ الْمَغْصُوبَ الَّذِي هُوَ قِيَمِيٌّ أَوْ مِثْلِيٌّ لِلْغَاصِبِ فَإِذَا كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا أَخَذَ