الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحْضَرًا فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ وَصَالِحًا لِلْقَبْضِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ: قَبَضْته، أَيْ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ. وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ بِطَرِيقِ التَّخْلِيَةِ وُجُودُ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَعَلَيْهِ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ لِآخَرَ مَالًا وَسَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ حِينَمَا يَجِدُهُ فَالْهِبَةُ فَاسِدَةٌ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ رحمه الله أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ زُفَرَ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ " الدُّرُّ وَشُرُوحُهُ، وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِالْقَبْضِ بِالنَّوْعِ الثَّانِي عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الرَّأْيُ الْمُخْتَارُ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ " الْأَنْقِرْوِيُّ وَالدُّرَرُ وَجَامِعُ الْفِقْهِ وَالطَّحْطَاوِيُّ.
إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ فِي الْهِبَةِ الصَّحِيحَةِ أَمَّا فِي الْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ فَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّخْلِيَةَ لَيْسَتْ بِقَبْضٍ، التَّخْلِيَةُ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا مِنْ الْمَسَائِلِ.
التَّخْلِيَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَجْعَلَ الْوَاهِبُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِحَالَةٍ يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَخْذَهُ وَأَنْ يُلْزِمَهُ بِقَبْضِهِ (الدُّرَرُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) فَلِذَلِكَ إذَا وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا مَوْضُوعًا ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الْمَالَ مَعَ تِلْكَ الْخِزَانَةِ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ قَبْضُ الْمَوْهُوبِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ فِي حَالَةِ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَوْهُوبِ وَلَمَّا كَانَتْ الْأَمْوَالُ الْمَوْهُوبَةُ ضِمْنَ خِزَانَةٍ مُقْفَلَةٍ فَلَا يَحْصُلُ الِانْتِفَاعُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخِزَانَةُ مَفْتُوحَةً فَيَحْصُلُ الْقَبْضُ.
(الْإِقْرَارُ بِالْقَبْضِ) . إذَا وَهَبَ الْوَاهِبُ مَالًا وَسَلَّمَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَقَرَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِقَبْضِهِ وَقَبُولِ الْهِبَةِ ثُمَّ إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ عَدَمَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَأَنَّهُ كَانَ كَاذِبًا فِي إقْرَارِهِ فَعَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (1589) أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فَلَا يَحْلِفُ (الْأَنْقِرْوِيُّ)
[
(الْمَادَّةُ 838) الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ]
(الْمَادَّةُ 838) :
الْإِيجَابُ فِي الْهِبَةِ، هَؤُلَاءِ الْأَلْفَاظُ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا كأكرمت وَوَهَبْت وَأَهْدَيْت، وَالتَّعْبِيرَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا إيجَابٌ لِلْهِبَةِ أَيْضًا كَإِعْطَاءِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ قُرْطًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ الْحُلِيِّ أَوْ قَوْلِهِ لَهَا: خُذِي هَذَا وَعَلِّقِيهِ.
وَكَذَلِكَ كَلِمَاتُ أَعْطَيْتُكَ وَمَلَّكْتُكَ وَهَذَا الْمَالُ لَك هِبَةٌ وَكَلِمَةُ (أَيْنَ ثرا) الْفَارِسِيَّةُ هِيَ مِنْ أَلْفَاظِ إيجَابِ الْهِبَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْهِبَةِ يَحْصُلُ بِالْأَلْفَاظِ الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي مَعْنَى تَمْلِيكِ الْمَالِ مَجَّانًا مَا لَمْ تَقُلْ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ عَلَى طَرِيقِ الْمِزَاحِ وَلِذَلِكَ فَعَقْدُ الْهِبَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ بِلَفْظِ الْهِبَةِ بَلْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ أَلْفَاظٍ أُخْرَى مُسْتَعْمَلَةٍ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي حَالَةِ وُجُودِ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْهِبَةِ وَإِلَّا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ هُوَ لَفْظٌ عَامٌّ يَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْوَصِيَّةَ. وَالْقَاعِدَةُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي قِيلَتْ مِنْ الْمُمَلَّكِ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الرَّقَبَةِ فَالْعَقْدُ عَقْدُ هِبَةٍ وَإِذَا كَانَتْ تُفِيدُ تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَاذَا كَانَتْ تَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ يُنْظَرُ إلَى نِيَّةِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْهِبَةَ فَالْعَقْدُ هِبَةٌ وَاذَا كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَارِيَّةَ فَالْعَقْدُ عَقْدُ عَارِيَّةٍ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (2) .
وَالْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ وَضْعًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: وَهَبْتُك هَذَا الشَّيْءَ، أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ جيزثرا أَوْ أَيْنَ مَال تري كردم أَوْ بنام توكردم أَوْ أَنْ توكردم) وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْكَلِمَاتِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَنْعَقِدُ بِهَا الْهِبَةُ كِنَايَةً وَعُرْفًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: اكْتَسِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ قَوْلِهِ: قَدْ جَعَلْت لَك هَذِهِ الدَّارَ عُمْرَى.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهِيَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْهِبَةَ وَالْعَارِيَّة مَعًا كَقَوْلِ الْوَاهِبِ: قَدْ جَعَلْت هَذِهِ الدَّارَ رَقَبًا لَك أَوْ حَبَسْتهَا لَك ثُمَّ يُسَلِّمُهَا لَهُ فَهَذَا اللَّفْظُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ عَارِيَّةٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هِبَةٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .
قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْإِيجَابُ فَقَطْ وَلَمْ يُذْكَرْ الْقَبُولُ كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَسُكُوتُ الْمَجَلَّةِ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ هُوَ لِكَوْنِهِ يُعْلَمُ ذَلِكَ مُقَايَسَةً فَلَمْ تَرَ حَاجَةً لِتَكْرَارِهِ وَالْقَبُولُ بِالْهِبَةِ يَكُونُ بِالْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى الْقَبُولِ كَقَوْلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ: اتَّهَبْت أَوْ قَبِلْت الْهِبَةَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْقَبُولِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ كَمَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ أَيْضًا بِلَفْظِ النِّحَلِ وَالْإِعْطَاءِ الْهِدَايَةُ.
وَكَذَلِكَ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ بِكَلِمَةِ (جبه) الْمُسْتَعْمَلَةِ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ الدَّائِنُ لِمَدِينِهِ بِاللُّغَةِ التُّرْكِيَّةِ (دِين سكاجبة أيتدم) يَكُونُ الدَّائِنُ قَدْ وَهَبَ دَيْنَهُ لِلْمَدِينِ: كَذَلِكَ إذَا قَالَ شَخْصٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّةِ (أَيْنَ مَال تراكردم أَوْ بِنَامٍ توكردو أَوْ أَزَانٍ توكردم) يَكُونُ قَدْ وَهَبَ مَالَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّامِنِ) وَكَذَلِكَ إذَا خَاطَبَ شَخْصٌ قَوْمًا مُعَيَّنِينَ قَائِلًا لَهُمْ: قَدْ وَهَبْت هَذَا الْمَالَ لِأَحَدِكُمْ فَلْيَأْخُذْهُ مَنْ يُرِيدُهُ وَقَامَ هَؤُلَاءِ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَأَخَذَهُ تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ (أَبُو السُّعُودِ) .
وَكَذَلِكَ إذَا أَعْطَى الزَّوْجُ قُرْطًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِنْ الْحُلِيِّ وَقَالَ لَهَا: خُذِي هَذَا فَاسْتَعْمِلِيهِ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّنِي وَهَبْته لَك فَاسْتَعْمِلِيهِ، كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى زَوْجَتَهُ ثِيَابًا قَائِلًا لَهَا: اكتسيها أَوْ مِقْدَارًا مِنْ الْمَالِ قَائِلًا لَهَا اشْتَرِي بِهَا ثِيَابًا لِتَلْبَسِيهَا عِنْدِي، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا أَيْ الْأَلْفَاظِ الْقَطْعِيَّةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ وَلَا تَحْتَمِلُ عَقْدًا آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (68) .
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ قَبَضَتْ الزَّوْجَةُ الْحُلِيَّ أَوْ الثِّيَابَ أَوْ النُّقُودَ تَمَّتْ الْهِبَةُ وَلَوْ أَعْطَتْ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَخَذَتْهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ بِهَا ثِيَابًا لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ تَأْخُذْ بِهَا ثِيَابًا فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا دَخْلٌ فِيهَا (الْقُنْيَةِ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1192) .
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا: أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ، وَقَبِلَهُ الزَّوْجُ وَقَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ هِبَةً.
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الْكَافُ، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَنْحَصِرُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ.
كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ: إنَّنِي أَغْرِسُ هَذَا الْكَرْمَ عَلَى اسْمِ ابْنِي الصَّغِيرِ أَوْ جَعَلْت هَذَا الْكَرْمَ لِابْنِي
الصَّغِيرِ كَانَ هِبَةً. أَمَّا إذَا قَالَ: جَعَلْت هَذَا الْكَرْمَ لِاسْمِ ابْنِي الصَّغِيرِ وَإِنْ يَكُنْ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مُتَرَدَّدٌ إلَّا أَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) .
قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: أَبُو الصَّغِيرِ غَرَسَ كَرْمًا أَوْ شَجَرًا ثُمَّ قَالَ: جَعَلْته لِابْنِي، فَهُوَ هِبَةٌ وَإِنْ قَالَ: جَعَلْته بِاسْمِ ابْنِي فَكَذَلِكَ هُوَ الْأَظْهَرُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْهِبَةَ يَصْدُقْ، وَلَوْ قَالَ: أَغْرِسُهُ بِاسْمِ ابْنِي. لَا يَكُونُ هِبَةً فَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
2 -
تَمْلِيكُ الْمَالِ مَجَّانًا، يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْهِبَةَ لَا تَنْعَقِدُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا.
وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: هَبْ لِي مَالَك هَذَا، فَقَالَ مُجِيبًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ بِاللُّغَةِ الْفَارِسِيَّة (فداي تَوّ بَادٍ) أَوْ (أزتو دريغ نيست) فَلَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ. كَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِالْفَارِسِيَّةِ " مِنْ حصه خَوْد رابتو أرزاني داشتم " فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ هِبَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
3 -
" فِي مَعْنَى " وَ " الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ مَجَّانًا " فَإِنَّ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إعْطَاءِ أَحَدٍ آخَرَ شَيْئًا لَا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ إيَّاهُ. حَتَّى لَوْ قَالَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ: تَصَرَّفَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ فَأَخَذَ يَتَصَرَّفُ فِيهَا لَا تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ) .
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ فِي صِحَّتِهِ مَالًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ فَفَعَلَ وَكَثُرَ ذَلِكَ فَمَاتَ الْأَبُ فَإِنْ كَانَ أَعْطَاهُ هِبَةً فَالْكُلُّ لَهُ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ لَأَنْ يَعْمَلَ فِيهِ لِلْأَبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَعَلَيْهِ لَوْ أَنَامَ أَحَدٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى فِرَاشٍ ثَمَانِي سَنَوَاتٍ أَوْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ إيَّاهُ فَيَبْقَى الْفِرَاشُ مِلْكًا لَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ: إنَّ الْأَثْوَابَ الَّتِي أَعْطَاهَا إيَّاهَا مَحْسُوبَةً مِنْ مَهْرِهَا وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: إنَّك وَهَبَتْنِي إيَّاهَا صُدِّقَ الزَّوْجُ شَرْعًا (أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى الزَّوْجُ حُلِيًّا وَدَفَعَهُ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهَا إيَّاهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَتْ الزَّوْجَةُ فَقَالَ الزَّوْجُ: هُوَ لِي لِأَنَّنِي أَعَرْتُهَا إيَّاهُ، وَقَالَ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ: لَا بَلْ وَهَبْتَهَا إيَّاهُ، فَهُوَ مِيرَاثٌ لَنَا وَاخْتَلَفَ الطَّرَفَانِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجِ. يَعْنِي لَوْ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَاهَا إيَّاهُ عَارِيَّةً وَلَمْ يُعْطِهِ لَهَا هِبَةً يَأْخُذُ الزَّوْجُ ذَلِكَ الْحُلِيَّ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ. وَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ) رَاجِعْ شَرْحَ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَيْضًا.
لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ عِنْدَ آخَرَ فَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ: اصْرِفْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي حَوَائِجِك، وَصَرَفَهَا الْآخَرُ كَانَ ذَلِكَ قَرْضًا. لَكِنْ لَوْ كَانَ حِنْطَةً وَقَالَ لَهُ: كُلْهَا كَانَ هِبَةً (الْخَانِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْهِبَةِ) . كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: تَصَرَّفْ فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ وَبَقِيَ مُدَاوِمًا عَلَى التَّصَرُّفِ فَلَا يَكُونُ قَدْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِابْنِهِ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَتَاجَرَ بِهَا الِابْنُ وَتَزَايَدَتْ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَبُ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ فَالْكُلُّ لِلِابْنِ وَإِذَا كَانَ قَدْ أَعْطَاهُ إيَّاهُ عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِهَا لَهُ فَالْكُلُّ مِيرَاثٌ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْأَلْفَاظُ، هَذِهِ الْعِبَارَةُ خَاصَّةٌ بِالْإِيجَابِ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى مَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (101) يَكُونُ بِالْأَلْفَاظِ فَعَلَيْهِ الْهِبَةُ لَا يَنْحَصِرُ انْعِقَادُهَا بِاللَّفْظِ فَقَطْ بَلْ أَيْضًا بِالتَّعَاطِي كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَيَكُونُ الْقَبُولُ فِعْلًا أَيْضًا عَلَى مَا ذُكِرَ الْمَادَّةُ (841) .
كَذَلِكَ إنَّ عِبَارَةَ الْأَلْفَاظِ هِيَ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّاطِقِ لَيْسَ إلَّا لِأَنَّ الْهِبَةَ تَنْعَقِدُ بِإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الْمَعْهُودَةِ أَيْضًا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 70) .
فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ الْأَخْرَسُ شَيْئًا مِنْ مَالٍ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ لِزَوْجَتِهِ وَسَلَّمَهَا ذَلِكَ ثُمَّ نَدِمَ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا تَنْعَقِدُ الْهِبَةُ بِإِشَارَةِ النَّاطِقِ " الْبَهْجَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ.
5 -
بِصُورَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَيْ بِصُورَةٍ لَا تَحْتَمِلُ عَقْدًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَمَّا كَانَ أَدْنَى مِنْ الْهِبَةِ فَإِذَا كَانَ لَفْظٌ يَحْتَمِلُ الْقَرْضَ وَالْهِبَةَ مَعًا فَالتَّمْلِيكُ الْوَاقِعُ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ يُصْرَفُ إلَى الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ الْأَقَلَّ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ فِي الْقَرْضِ يَزُولُ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَإِنَّهُ يَزُولُ بِلَا بَدَلٍ " الْأَنْقِرْوِيُّ ".
وَعَلَيْهِ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ لَهُ: اصْرِفْهَا فِي حَوَائِجِك فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ هِبَةً بَلْ قَرْضًا. أَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ أَثْوَابًا وَقَالَ: الْبَسْهَا، فَبِمَا أَنَّ إقْرَاضَ الْأَثْوَابِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ هِبَةً تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ. كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حِنْطَةً لِآخَرَ وَقَالَ لَهُ: كُلْهَا كَانَ هِبَةً لَا قَرْضًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَعَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَفَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ الْوَاهِبُ: قَدْ كَانَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: بَلْ هِبَةً، فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلدَّافِعِ (التَّنْقِيحُ) .
كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَتْ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُنْفِقَهُ عَلَى الْبَيْتِ وَأَنْفَقَهُ الزَّوْجُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُوُفِّيَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَسَائِرَ الْوَرَثَةِ فَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ تَضْمِينُ الزَّوْجَةِ حِصَّتَهُمْ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ: كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرَقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالٍ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ (انْتَهَى وَمِثْلُهُ فِي الطَّحْطَاوِيِّ) .
وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الزِّفَافِ أَمْوَالًا وَأَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتِرْدَادَهَا عِنْدَ مُفَارَقَتِهَا بِدَاعِي أَنَّهَا عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ مُنْكِرِ التَّمْلِيكِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 76) وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ يَعْنِي لَوْ جُمِعَ فِي مَسْأَلَةٍ بَيْنَ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَبَيِّنَةِ الْعَارِيَّةِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْهِبَةِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا أَعْطَتْ الزَّوْجَةُ فِي مُقَابَلِ الْهَدَايَا الْمَذْكُورَةِ عِوَضًا فَبِمَا أَنَّ تِلْكَ الْهَدَايَا لَمْ تَكُنْ هِبَةً فَلَا يَكُونُ عِوَضُ الزَّوْجَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عِوَضًا وَلَهَا اسْتِرْدَادُهُ. لَكِنْ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الزَّوْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا صَرَّحَتْ وَقْتَ الْإِعْطَاءِ بِكَوْنِهِ عِوَضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 868 وَشَرْحَهَا) . أَمَّا إذَا لَمْ تُصَرِّحْ بِذَلِكَ بَلْ نَوَتْ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا فَبِمَا أَنَّهُ لَا تَتَرَتَّبُ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الثَّانِيَةِ فَلَا تُعَدُّ عِوَضًا بَلْ تَكُونُ هِبَةً مُسْتَقِلَّةً فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ اسْتِرْدَادُهَا بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (867)(التَّنْقِيحُ) .
6 -
قِيلَ: أَلَّا يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الْمُزَاحِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَحَدٌ هَازِلًا لِآخَرَ: وَهَبْتنِي مَالَك هَذَا؛ فَقَالَ لَهُ: قَدْ وَهَبْتُك إيَّاهُ، وَقَبِلَهُ الْآخَرُ وَتَسَلَّمَهُ وَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَبَيَّنَ بَعْضُ