الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفَاعِلُ مَالِكًا لِرَقَبَةِ تِلْكَ الْأَرْضِ أَوْ لِحَقِّ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حَقُّ إبْقَاءِ الْبِنَاءِ. أَمَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ دُونِ إذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فَلَا يَمْلِكُ الْأَرْضَ. وَلَيْسَ لِلْقَصْرِ الْمُنْشَأِ بِإِذْنٍ سُلْطَانِيٍّ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ حَرِيمٌ. وَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . بِنَاءً عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ الْمَحِلَّ الْمَبْنِيَّ عَلَيْهِ الْقَصْرَ فَقَطْ وَلَا يَمْلِكُ أَطْرَافَهُ. مَا لَمْ تَكُنْ أَطْرَافُهُ قَدْ أُحْيِيَتْ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (1275) مِنْ الْمَجَلَّةِ مَعَ الْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ. وَهَذِهِ التَّفْصِيلَاتُ الَّتِي فِي حَقِّ الْبِنَاءِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ هِيَ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
[
(الْمَادَّةُ 907) غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا]
(الْمَادَّةُ 907) - (لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ عَرْصَةَ آخَرَ وَزَرَعَهَا ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا صَاحِبُهَا يُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى زِرَاعَتِهِ كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ مُسْتَقِلًّا الْعَرْصَةَ الَّتِي يَمْلِكُهَا مُشْتَرِكًا مَعَ آخَرَ بِلَا إذْنِهِ فَبَعْدَ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَرْصَةِ يُضَمِّنُهُ نُقْصَانَ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَى زِرَاعَتِهِ) . يُوجَدُ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيمَا لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ أَرْضَ غَيْرِهِ الْمَمْلُوكَةَ وَزَرَعَهَا: الصُّورَةُ الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ الْمَزْرُوعَاتُ قَدْ أُدْرِكَتْ أَيْ أَنْ تَكُونَ قَدْ حَانَ وَقْتُ حَصَادِهَا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَرْفَعَ الْمَزْرُوعَاتِ تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ وَيَسْتَرِدَّ أَرْضَهُ فَقَطْ. وَلَا دَخَلَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِالْمَزْرُوعَاتِ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ إنَّ الْمَزْرُوعَاتِ هِيَ لِي وَإِنَّ لِي حَقًّا كَذَا حِصَّةً فِيهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1246) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي أَرْضِهِ حِنْطَةً فَقَلَّبَ آخَرُ تِلْكَ الْأَرْضَ تَغَلُّبًا وَزَرَعَ حِنْطَةً ثُمَّ نَبَتَتْ الْحِنْطَتَانِ اثْنَتَاهُمَا وَأُدْرِكَتَا كَانَ الزَّرْعُ جَمِيعُهُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيَضْمَنُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ حِنْطَتَهُ مَزْرُوعَةً فِي أَرْضِهِ (الْبَهْجَةُ، وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي) لِأَنَّ خَلْطَ الْجِنْسِ بِالْجِنْسِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِهْلَاكٌ. فَتَقُومُ الْأَرْضُ وَلَا بَذْرَ فِيهَا وَتَقُومُ وَفِيهَا بَذْرٌ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا. فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْبَذْرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَلْقَى بَذْرَ نَفْسِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ الْبَذْرُ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبَذْرُ كُلُّهُ فَجَمِيعُ مَا يَنْبُتُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ وَلَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ مِنْ الْغَصْبِ وَفِيهَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ) .
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ إذَا اسْتَرَدَّ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَرْضَهُ وَكَانَ قَدْ تَرَتَّبَ نُقْصَانٌ عَلَى زِرَاعَةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْأَرْضَ إذْ إنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ لِبَعْضِ الْعَقَارِ ضَمِنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ الْحَاصِلَ وَإِذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ الزَّرْعِ عَنْ الْقَلْعِ فَلِمَالِكِ الْأَرْضِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . فَلَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ الْأَرْضَ الْمَغْصُوبَةَ قُطْنًا وَكَرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْأَرْضَ وَزَرَعَ فِيهَا شَيْئًا آخَرَ فَلَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ ضَمَانٌ مَا لِأَنَّ الْمَالِكَ إنَّمَا قَدْ أَتَى فِعْلًا سَيَعْمَلُهُ الْقَاضِي مَتَى رُفِعَ إلَيْهِ الْأَمْرُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَهَلْ يَكُونُ هَذَا الزَّرْعُ حَلَالًا لِلْغَاصِبِ: أَمَّا تَحْلِيلُ الزَّرْعِ لِلْغَاصِبِ فَيَلْزَمُ لَهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْغَاصِبُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى بِذَارِهِ الَّذِي هُوَ
رَأْسُ مَالِهِ، وَمَصْرُوفَاتُهُ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَضْمَنُهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ. لِأَنَّهُ حَصَلَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَكُونُ سَبِيلَهُ التَّصَدُّقُ إذْ الْفَرْعُ يَحْصُلُ عَلَى وَصْفِ الْأَصْلِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . لَوْ زَرَعَ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ فَنَتَجَ مِنْهَا أَرْبَعُ كَيْلَاتٍ وَكَانَ مَا صَرَفَهُ الْغَاصِبُ كَيْلَةَ بِذَارٍ، وَكِيلَةَ مَئُونَة لِلزِّرَاعَةِ، وَكِيلَةً لِصَاحِبِ الْأَرْضِ نُقْصَانُ أَرْضِهِ فِيمَا أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ صَرَفَ ثَلَاثَ كَيْلَاتٍ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْكَيْلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَا يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِتِلْكَ - الزِّيَادَةِ. لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَمِلْكِهِ لِأَنَّ مَا ضُمِنَ مِنْ الْفَائِتِ يُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَالْمَضْمُونَاتُ تُمَلَّكُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ عِنْدَنَا مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْغَصْبُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ إذْ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ) .
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْمَزْرُوعَاتُ ظَاهِرَةً أَيْ نَابِتَةً لَمْ تُدْرَكْ بَعْدُ. لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَلْعُ مَعَ تَضْمِينِ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَاسْتِرْدَادِهِ الْأَرْضَ أَيْضًا. وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يُبْقِيَ زَرْعَهُ إلَى إدْرَاكِهِ بِدُونِ رِضَا الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ أَجْرَ الْمِثْلِ أَيْ لَا يُقَاسُ هَذَا الْخُصُوصُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (526) وَشَرْحِ الْمَادَّةِ (832)(الطَّحْطَاوِيُّ) . وَحُصُولُ النُّقْصَانِ فِي الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَاشِئٌ عَنْ ضَعْفِ الْأَرْضِ عَنْ إعْطَائِهَا مَحْصُولًا فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِسَبَبِ قَلْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ: كَوْنُ الْبِذَارِ لَمْ يَنْبُتْ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إمَّا أَنْ يَصْبِرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَنْبُتَ الْبِذَارُ، وَمِنْ ثَمَّ تَرَى الْمُعَامَلَةَ عَلَى وَجْهِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الْمَحْصُولَ ثُمَّ يَسْتَرِدُّ أَرْضَهُ أَيْ تَجْرِي الْمُعَامَلَةُ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى: أَوْ يَضْمَنَ لَهُ بِذَارَهُ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَبْقَى الْبِذَارُ لَهُ. وَيُعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ قِيمَةَ بِذَارِ الْغَاصِبِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَيَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ، وَعَلَى هَذِهِ الْحَالِ إذَا أُدْرِكَ الزَّرْعُ كَانَتْ حَاصِلَاتُهُ لَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ وَمَبْذُورَةً فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) . غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا أَعْطَى صَاحِبُ الْأَرْضِ مِثْلَ الْبِذَارِ الَّذِي بَذَرَهُ الْغَاصِبُ بَقِيَ الْبِذَارُ الْمَبْذُورُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَالْقَوْلُ الْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ أَيْ إعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَبْذُورًا وَقَدْ أُفْتِيَ فِي الْبَهْجَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا. إلَّا أَنَّهُ قَدْ بُيِّنَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى أَنَّ الْمُخْتَارَ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِمُوجِبِ مَذْهَبِ هَذَا الْإِمَامِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الْمُخْتَارُ فَهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . وَالْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هُنَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ الشَّرْحِ الْأَرْضُ الَّتِي لَا تَكُونُ عَائِدَةً إلَى الْوَقْفِ أَوْ إلَى الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ. أَمَّا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ عَائِدَةً إلَيْهِ مَا، فَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا هُوَ مُوَضَّحٌ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ.
فَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الصَّبِيِّ الْيَتِيمِ وَاسْتَعْمَلَهَا لَزِمَهُ ضَمَانُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَنُقْصَانِ السُّكْنَى. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (596)(الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .