الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا عَرَضَ لِلْمُسْتَوْدَعِ حَالُ جِنَّةٍ بِدَرَجَةِ أَنْ انْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ شِفَائِهِ أَيْ أَنَّهُ صَارَ بِدَرَجَةِ الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْمَادَّةِ (944) وَحَصَلَ يَأْسٌ مِنْ صَحْوِهِ وَإِفَاقَتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً وَأَثْبَتَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ فِي مُوَاجَهَةِ وَلِيِّ الْمَجْنُونِ أَوْ وَصِيِّهِ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أَخَذَهَا الْمَجْنُونُ قَبْلَ الْجِنَّةِ عَيْنًا هِيَ وَدِيعَتُهُ هَذِهِ تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عَيْنًا وَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَكَانَ لِلْمَجْنُونِ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ وَأَثْبَتَ الْمُودِعُ بِالْمُخَاصَمَةِ فِي مُوَاجِهَتِهِ الْإِيدَاعَ وَقِيمَةَ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ عَلَى الْقِيَمِيَّاتِ أَوْ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَصِيِّ الَّذِي نَصَبَهُ الْحَاكِمُ لِعَدَمِ وُجُودِ وَلِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ لِلْمَجْنُونِ لَزِمَ تَضْمِينُ الْوَدِيعَةِ وَكَانَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَرَى كَفِيلًا مُعْتَبَرًا أَيْ كَفِيلًا قَوِيًّا عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لِلْمَجْنُونِ ثَانِيَةً لَدَى الْإِيجَابِ الشَّيْءَ الَّذِي يَضْمَنُهُ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ وَيَضْمَنُهَا مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ. يَعْنِي أَنَّهُ يَسْتَوْفِي مِثْلَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ وَقِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنُونِ مَالٌ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ بَلْ يُنْتَظَرُ إلَى حَالِ يُسْرِهِ رَاجِعْ الْمَادَّةَ (926) .
غَيْرَ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَعْنِي إذَا زَالَ جُنُونُهُ (وَلَا يُقَالُ: كَيْفَ تَحْصُلُ إفَاقَتُهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الرَّجَاءِ مِنْهَا كَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ السَّالِفَةِ؛ لِأَنَّ الْيَأْسَ الْمَذْكُورَ يَكُونُ بِالنَّظَرِ لِاجْتِهَادِ الْبَشَرِ. وَيَجُوزُ ظُهُورُ عَكْسِهِ بِالْقُدْرَةِ الْإِلَهِيَّةِ) وَأَفَادَ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِيَدِهِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) وَيَطْلُبُ الْمَبْلَغَ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ أَيْ بَدَلَ التَّضْمِينِ مِنْ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَوْ مِنْ كَفِيلِهِ وَيَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (97) .
[
(الْمَادَّةُ 801) تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ]
(الْمَادَّةُ 801) إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَكَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ فَبِمَا أَنَّهَا أَمَانَةٌ بِيَدِ وَارِثِهِ أَيْضًا تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ قَالَ فِي حَيَاتِهِ لَفْظًا: رَدَدْت الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ ضَاعَتْ، أَوْ أَنْكَرَ وَأَثْبَتَ الْوَارِثُ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ، وَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ. وَوَصَفَهَا وَفَسَّرَهَا وَأَفَادَ أَنَّهَا ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فَيَكُونُ قَدْ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا فَتُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ مِثْلُ سَائِرِ دُيُونِهِ.
فِي الْوَدِيعَةِ احْتِمَالَانِ عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ:
الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ: وُجُودُ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ. فَإِذَا وُجِدَتْ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ فَالْحُكْمُ الَّذِي يَجْرِي فِي حَقِّهَا وَهِيَ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ يَجْرِي عَيْنًا وَهِيَ بِيَدِ وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ وَلِذَلِكَ تَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ إلَى حِينِ أَنْ تُرَدَّ لِصَاحِبِهَا وَيَسْتَمِرُّ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ فِي حِفْظِهَا كَالْمُسْتَوْدَعِ وَمَتَى طَلَبَهَا صَاحِبُهَا تُرَدُّ وَتُعَادُ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَدَائِنِي الْمُسْتَوْدَعِ أَنْ يَتَدَخَّلُوا فِيهَا وَيُدْخِلُوهَا فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَهَذِهِ لَيْسَتْ مَعْدُودَةً مِنْ التَّرِكَةِ وَالْحُكْمُ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا.
وَعَلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ مَقْبُولٌ عِنْدَ ادِّعَائِهِ فِي حَيَاتِهِ بِهَلَاكِ الْوَدِيعَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيَّةُ هَذَا أَيْضًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّ الْوَدِيعَةِ الْمَوْجُودَةِ عَيْنًا. وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهَا كَانَتْ إلَخْ) .
مَثَلًا إذَا دَفَعَ الْمُسْتَوْدَعُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَهَا وَلَمَّا طُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَتْ: إنَّهَا ضَاعَتْ أَوْ سُرِقَتْ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عَلَى أَحَدٍ وَفْقًا لِلْمَادَّةِ (1774) . وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ بِأَنَّهَا رَدَّتْ الْوَدِيعَةَ لِزَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُهَا وَإِذَا وُجِدَ تَجْهِيلٌ مِنْ الْمُتَوَفَّى تَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ.
لُزُومُ ثُبُوتِ كَوْنِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي التَّرِكَةِ وَدِيعَةً.:
إثْبَاتُ وُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا أَيْ إثْبَاتُ أَنَّ الْمَالَ الْمَوْجُودَ عَيْنًا هُوَ الْمَالُ الَّذِي أُودِعَ مِنْ قِبَلِ الْمُودِعِ عِنْدَ الْمُتَوَفَّى إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالشَّهَادَةِ الْعَادِلَةِ وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْكِبَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى غَيْرَ مُسْتَغْرَقَةٍ بِالدُّيُونِ وَإِلَّا لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِقَوْلِ الْمُودِعِ كَمَا أَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ وَالصِّغَارِ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (1573) .
ذَكَرْنَا أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْوَدِيعَةِ عِنْدَمَا تَنْتَقِلُ لِيَدِ وَرَثَةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ وَصِيِّهِ هُوَ عَيْنُ الْحُكْمِ حِينَمَا تَكُونُ بِيَدِ الْمُسْتَوْدَعِ نَفْسِهِ إنَّمَا تُسْتَثْنَى الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ. مَثَلًا لَوْ دَلَّ الْمُسْتَوْدَعُ السَّارِقَ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَأَرَاهُ إيَّاهَا وَسَرَقَهَا السَّارِقُ فَحَيْثُ إنَّهُ يُعَدُّ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ مَعَ أَنَّهُ إذَا دَلَّ الْوَارِثُ السَّارِقَ عَلَى طَرِيقَةِ سَرِقَتِهَا وَسَرَقَهَا لَا يَضْمَنُ الْوَارِثُ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: عَدَمُ وُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ الْمَذْكُورَةُ عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى وَطَلَبَهَا الْمُودِعُ مُدَّعِيًا بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا عَلَى مَا جَاءَ فِي الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ تَجْرِي فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ وُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ بَيَّنَ فِي حَالٍ حَيَاتِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ لِصَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا ضَاعَتْ يَعْنِي أَنَّهُ سَرَدَ حَالًا مِنْ أَحْوَالِ الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ شَرْعًا أَوْ إذَا أَنْكَرَ الْمُودِعُ وَأَثْبَتَ الْوَارِثُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَمَا يَلْزَمُ إقْرَارُهُ أَوْ إثْبَاتُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ هُوَ قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ (رَدَدْتهَا أَوْ ضَاعَتْ) .
وَبِمَا أَنَّ مَا أُثْبِتَ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ هُوَ التَّلَفُ وَالضَّيَاعُ فَلْتَفْتَرِقْ هَذِهِ الْفِقْرَةُ عَنْ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا أَثْبَتَ وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى أَوْ وَرَثَتُهُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ هَذَا كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ لَا يَلْزَمُ ضَمَانٌ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَقَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَكَانَ يَبْرَأُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1774) وَإِذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ هَذَا بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ عِيَانًا بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (75) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الْقَوْلُ: إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُ (رَدَدْت) مَثَلًا وَادَّعَوْا بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَأَنَّهَا تَلِفَتْ
بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ. يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ (رَدَدْتهَا) أَوْ (ضَاعَتْ) يُقْبَلُ وَلَا يُقْبَلُ هَذَا الِادِّعَاءُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُجْهِلًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا نَصُّهُ: وَارِثُ الْمُودِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ: ضَاعَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِي فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي عِيَالِهِ حِينَ كَانَ مُودَعًا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
(رَدَدْتهَا. ..) لِأَنَّ بَيَانَ وَتَقْرِيرَ حَالِ الْوَدِيعَةِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ لَا يَنْحَصِرُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمُحَرَّرَتَيْنِ فِي الْمَجَلَّةِ مَثَلًا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ أَفَادَ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْمُودِعَ أَمَرَهُ بِبَيْعِ الْوَدِيعَةِ لِشَخْصٍ آخَرَ وَبَاعَهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ لِلشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَأَنَّ الثَّمَنَ بَقِيَ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَأَثْبَتُوا الْأَمْرَ وَالْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ يَبْرَءُونَ أَيْضًا. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (75)(عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
3 -
إذَا أَثْبَتَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَارِثِ مَعَ الْيَمِينِ لَا يُقْبَلُ بِلَا إثْبَاتٍ (الْأَشْبَاهُ) .
4 -
رَدَدْتهَا إلَخْ. سُرِدَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ادَّعَى وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ أَنَّهُ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجَتِهِ وَتُوُفِّيَ عَقِبَ ذَلِكَ وَعِنْدَمَا طُلِبَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَنْكَرَتْ هَذِهِ دَفْعَ زَوْجِهَا الْوَدِيعَةَ لَهَا فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الزَّوْجَةِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (78) وَالضَّمَانُ يَلْزَمُ تَرِكَةَ الْمُتَوَفَّى بِسَبَبِ التَّجْهِيلِ.
وَهَلْ تَلْزَمُ الْيَمِينُ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ قَوْلَ الْمُسْتَوْدَعِ الْمُتَوَفَّى (رَدَدْتهَا) ؟ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْدَعُ ادَّعَى وَهُوَ فِي قَيْدِ الْحَيَاةِ بِأَنَّهُ رَدَّ الْوَدِيعَةَ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ أَنَّهَا تَلِفَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ يُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ يَكُنْ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلَهُ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1874) وَحَيْثُ إنَّ صُدُورَ الِادِّعَاءِ الْمَذْكُورِ مِنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَجَبَ اسْتِمَاعُ شُهُودٍ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ سَالِفًا.
وَلَكِنْ بَعْدَ إثْبَاتِ قَوْلِ الْمُسْتَوْدَعِ الْمُتَوَفَّى هَذَا هَلْ تَجِبُ يَمِينٌ كَالْيَمِينِ الَّتِي لَزِمَتْ عَلَى الْمُوَرِّثِ الْمُسْتَوْدَعِ وَهُوَ حَيٌّ وَاَلَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَادَّةِ (1774) ؟ وَنَظَرًا لِنَقْلِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ النَّوَادِرِ فِي بَحْثِ الضَّمَانَاتِ تَلْزَمُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنَّهُمْ (لَمْ يَعْمَلُوا بِلُزُومِ رَدِّ الْوَدِيعَةِ أَوْ ضَمَانِهَا عَلَى الْمُتَوَفَّى) .
وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ نَظَرًا لِمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ وَعِبَارَتُهُ فِي هَذَا هِيَ (ادَّعَى الْمُودَعُ رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ) انْتَهَى.
الْوَجْهُ الثَّانِي: إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالٍ الْوَدِيعَةِ فِي حَيَاتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَبْسُوطِ آنِفًا فَلِوُقُوفِ وَارِثِهِ عَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ وَارِثُهُ الْوَدِيعَةَ وَوَصَفَهَا بِقَوْلِهِ: نَحْنُ نَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَفَسَّرَهَا بِصُورَةٍ تُوَافِقُ أَوْصَافَهَا الْحَقِيقِيَّةَ وَأَفَادَ بِأَنَّهَا ضَاعَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا وَسَلَّمَهَا لِصَاحِبِهَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1774) وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ كَالْمُسْتَوْدَعِ عِنْدَمَا تُفَسَّرُ الْوَدِيعَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَصِيرُ الْوَدِيعَةُ الْمَذْكُورَةُ أَمَانَةً بِيَدِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِتَقْدِيرِ هَلَاكِهَا وَكَمَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ تَجْهِيلٌ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَمْ يُوجَدْ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي أَيْضًا. وَأَمَّا إذَا ادَّعَى وَارِثُ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ مُجْهِلًا كَمَا سَيُذْكَرُ فِي الْفِقْرَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْوَدِيعَةَ ضَاعَتْ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الْأَمِينِ مَقْبُولًا فَقَوْلُ الضَّمِينِ لَا يُقْبَلُ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ.
وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَكَانَ الْمُوَرِّثُ الْمُسْتَوْدَعُ وَاقِفًا عَلَى عِلْمِ وَارِثِهِ هَذَا فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ بَيَانُ وَتَقْرِيرُ حَالِ الْوَدِيعَةِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ (الْبَزَّازِيَّةُ) . يَعْنِي أَنَّهُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَحْصُلُ التَّجْهِيلُ بِالسُّكُوتِ عَنْ الْبَيَانِ وَالتَّقْرِيرِ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَرَدَ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ التَّوْصِيفُ وَالتَّفْسِيرُ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ أَنَّ كَلَامَهُ لَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يَصِفْ وَيُفَسِّرْ. وَبِمَا أَنَّ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مُتَمِّمَةٌ لِهَذِهِ الْفِقْرَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فِي الْأَخِيرَةِ وَأَمَّا (إذْ قَالَ الْوَارِثُ: نَحْنُ نَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ فَقَطْ) .
إفَادَةٌ: مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ إذَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا بِلَا أَجْرٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُسْتَوْدَعًا بِالْأَجْرِ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ ضَاعَتْ بِسَبَبٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّرُ مِنْهُ فَيَلْزَمُ تَنْفِيذُ حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (777) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي تَرِكَةِ الْمُسْتَوْدَعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الْأَخِيرُ حَالَ الْوَدِيعَةِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِاطِّلَاعِ الْوَارِثِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ إنَّهُ يَكُونُ تُوُفِّيَ مُجْهِلًا يُسْتَوْفَى مِنْ تَرِكَتِهِ كَسَائِرِ دُيُونِهِ أَيْ الدُّيُونِ الَّتِي تَرَتَّبَتْ بِذِمَّتِهِ فِي حَالَةِ صِحَّتِهِ يَعْنِي تُؤْخَذُ قِيمَتُهَا إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ وَيُؤْخَذُ مِثْلُهَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْمِثْلِيَّاتِ. وَإِلَّا فَهَذَا الدَّيْنُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ دَيْنِ الْمَرَضِ. وَلَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْشَكَتْ أَنْ تَفْسُدَ وَلَا تَسْتَقِيمَ مُدَّةً طَوِيلَةً كَالْعِنَبِ وَالْبِطِّيخِ. فَلِلْمُودِعِ أَنْ يَبِيعَهَا بِسِعْرِهَا الْحَاضِرِ أَوْ يَأْكُلَهَا وَيَضْمَنَ قِيمَتَهَا (الْأَنْقِرْوِيُّ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي قَوْلِهِ: كَدُيُونِهِ السَّائِرَةِ، إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ غَرِيمَةً يَدْخُلُ الْمُودِعُ أَيْضًا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ. وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْمُودِعِ امْتِيَازٌ مَا عَنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْيَدَ الْمَجْهُولَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ وَلِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ صَارَ بِالتَّجْهِيلِ مُسْتَهْلِكًا لَهَا تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَمَا يَدْخُلُ الْمُودِعُ فِي الْغُرَمَاءِ فَلَوْ تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ أَنْ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ إثْبَاتَ قِيمَةِ الْوَدِيعَةِ لَازِمٌ عَلَى الْمُودِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَدِرْ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ مَعَ الْيَمِينِ لِلْوَرَثَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) رَاجِعْ الْمَادَّةَ (76) . وَإِذَا تَبَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ أَنَّهُ يُوجَدُ وَدِيعَةٌ لِفُلَانٍ فِي دُكَّانِي كِيسٌ يَحْتَوِي عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ النُّقُودِ وَلَا أَعْلَمُ عَدَدَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الدُّكَّانِ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَلْزَمُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ هَذَا تَجْهِيلٌ أَيْضًا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ وَالْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ السَّالِفَتَيْ الذِّكْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَهِيَ: إذَا أَوْدَعَ شَخْصَانِ عِنْدَ رَجُلٍ أَلْفَ قِرْشٍ وَتُوُفِّيَ ذَلِكَ الرَّجُلُ تَارِكًا وَلَدًا لَهُ وَادَّعَى الْوَاحِدُ الشَّخْصُ أَنَّ الِابْنَ الْمَرْقُومَ اسْتَهْلَكَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا هِيَ الْوَدِيعَةُ فَاَلَّذِي ادَّعَى اسْتِهْلَاكَ الِابْنِ حَيْثُ إنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُودِ الْوَدِيعَةِ عَيْنًا حِينَ وَفَاةِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِحَسَبِ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ بَلْ يَضْمَنُ الْمَرْقُومُ لَدَى الْإِثْبَاتِ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِمُوجِبِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ. يُطْلَبُ شَيْئَانِ فِي التَّجْهِيلِ. فُهِمَ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْمَسْرُودَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ شَيْئَانِ فِي تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ. الْأَوَّلُ عَدَمُ بَيَانِ الْمُسْتَوْدَعِ حَالَ الْوَدِيعَةِ. بِنَاءً عَلَيْهِ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ أَيْضًا. وَمَا مَرَّ ذِكْرُهُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ أَعْلَاهُ هُوَ هَذَا.
الثَّانِي عَدَمُ مَعْرِفَةِ الْوَارِثِ بِحَالِ الْوَدِيعَةِ. يَعْنِي إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَيُقَرِّرْ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ
حَيَاتِهِ وَكَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَالْمُسْتَوْدَعُ عَالِمًا بِعِلْمِ الْإِرْثِ أَيْضًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِسَبَبِ عَدَمِ بَيَانِهِ حَالَ الْوَدِيعَةِ وَاَلَّذِي ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ هُوَ هَذَا.
فَإِذَا قَالَ الْوَارِثُ: إنِّي أَعْلَمُ الْوَدِيعَةَ وَصَدَّقَ الْمُودِعُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى مَعْلُومَاتِ الْوَارِثِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا.
تَجْهِيلُ الْوَدِيعَةِ قِسْمًا: وَيَكُونُ تَجْهِيلُ الْوَدِيعَةِ فِي قِسْمٍ مِنْهَا أَيْضًا.
مَثَلًا كَمَا لَوْ كَانَ قِسْمٌ مِنْ الْوَدِيعَةِ مَوْجُودًا عَيْنًا وَوُجِدَ تَجْهِيلٌ فِي الْقِسْمِ الْآخَرِ لَزِمَ ضَمَانُ الْقِسْمِ الَّذِي فِيهِ تَجْهِيلٌ وَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْمُودِعُ مَا يُصِيبُ حِصَّتَهُ إذَا كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُسْتَوْدَعِ مُسْتَغْرَقَةً بِالدَّيْنِ وَيَرِدُ الْقِسْمُ الْآخَرُ عَيْنًا مَثَلًا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِشْرِينَ ذَهَبَةً وَكَانَتْ الْخَمْسَ عَشْرَةَ مِنْهَا مَوْجُودَةً عَيْنًا وَالْخَمْسَةُ الْأُخْرَى غَيْرَ مَوْجُودَةٍ يَلْزَمُ ضَمَانُ الْخَمْسَةِ فَقَطْ وَتُرَدُّ الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ عَيْنًا.
التَّجْهِيلُ فِي الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ: كَمَا أَنَّ تَجْهِيلَ الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى مَا ذُكِرَ فَتَجْهِيلُ الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةِ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَمَالِ الْبِضَاعَةِ وَالْمَالِ الْمَأْجُورِ وَالْمَالِ الْمُسْتَعَارِ وَالْمَالِ الَّذِي بِيَدِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مُسْتَلْزِمٌ لِلضَّمَانِ أَيْضًا، وَالْقَاعِدَةُ فِي هَذَا هِيَ:(كُلُّ أَمِينٍ مَاتَ مُجْهِلًا الْأَمَانَةَ فَالضَّمَانُ فِيهَا لَازِمٌ) .
فَإِذَا ادَّعَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ وَفَاةِ الْأَمِينِ تَلَفَ الْأَمَانَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ رَدَّهَا لِصَاحِبِهَا لَا يُصَدَّقُونَ بِلَا بَيِّنَةٍ. مَثَلًا لَوْ وُجِدَ بِيَدِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ شَرِكَةٍ وَتُوُفِّيَ هَذَا الشَّرِيكُ مُجْهِلًا دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ وَصْفَ الْمَالِ الْمَذْكُورِ يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الشَّرِكَةُ شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) أَنَّ مَا زَادَ مِنْ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ أَمَانَةٌ فَإِذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ مُجْهِلًا هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَزِمَ ضَمَانُهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ (الْحَمَوِيُّ) فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ وَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ أَرْبَابِ الْفَتْوَى بِهَذَا الْقَوْلِ.
اسْتِثْنَاءٌ: وَاسْتُثْنِيَتْ بَعْضُ الْمَسَائِلِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي حَقِّ تَجْهِيلِ الْأَمَانَةِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَوَاشِيهِ وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ الْمُفِيدِ ذِكْرُ بَعْضِ مَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ مِنْهَا هُنَا.
1 -
إذَا مَاتَ النَّاظِرُ مُجْهِلًا بَعْدَ أَنْ قَبَضَ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقٌّ لِتِلْكَ الْغَلَّاتِ وَكَانَتْ مَشْرُوطَةً لِلْمَسْجِدِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مُسْتَحِقٌّ وَطَلَبَهَا فَلَمْ يُعْطِهَا ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا لَزِمَ الضَّمَانُ بَيْدَ أَنَّهُ إذَا تُوُفِّيَ النَّاظِرُ مُجْهِلًا عَيْنَ الْوَقْفِ وَالدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَوْقُوفَةَ أَوْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الَّتِي اُسْتُبْدِلَ الْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ بِهَا فَالضَّمَانُ لَازِمٌ.
2 -
إذَا أَوْدَعَ الْحَاكِمُ أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ عِنْدَ أَحَدٍ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ الشَّخْصَ الَّذِي أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَاكِمِ وَأَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُجْهِلًا أَمْوَالَ الْأَيْتَامِ الَّتِي وَضَعَهَا فِي دَارِهِ يَضْمَنُ.
إذَا أَوْدَعَ أَمِيرُ الْجَيْشِ الْغَنَائِمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عِنْدَ أَحَدِ الرُّوَاةِ وَتُوُفِّيَ دُونَ أَنْ يُبَيِّنَ عِنْدَ مَنْ أَوْدَعَهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
4 -
إذَا أَلْقَتْ الرِّيحُ مَالًا فِي دَارِ أَحَدٍ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا ذَلِكَ الْمَالَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.
5 -
إذَا وَضَعَ شَخْصٌ مَالَهُ فِي دَارِ بِدُونِ عِلْمِ صَاحِبِهَا وَتُوُفِّيَ صَاحِبُ الدَّارِ مُجْهِلًا الْمَالَ الْمَذْكُورَ لَا يَضْمَنُ.
6 -
إذَا أَوْدَعَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ وَتُوُفِّيَ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ مُجْهِلًا ذَلِكَ الْمَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ لِالْتِزَامِ الْحِفْظِ وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَيْضًا. مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ وُجِدَتْ بِيَدِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.
وَالْحَاصِلُ - وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ غَيْرَ لَازِمٍ فِي حَالِ وَفَاةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَعَدَمِ عِلْمِ مَصِيرِ الْوَدِيعَةِ وَوَقَعَ هَلَاكُهَا إذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعِي وُجُودَ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّبِيِّ الْمَرْقُومِ.
وَأَحْكَامُ الْمَحْجُورِينَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ (946) كَالْجُنُونِ وَالدَّيْنِ وَالسَّفَهِ وَالْعُنَّةِ وَالْغَفْلَةِ هِيَ كَالصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا بِالتِّجَارَةِ أَوْ بِقَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَتُوُفِّيَ مُجْهِلًا بَعْدَ أَنْ قَبِلَ الْوَدِيعَةَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ. (رَاجِعْ الْمَادَّةَ 776 وَشَرْحَهَا) .
7 -
وَإِذَا تُوُفِّيَ الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ مُجْهِلًا مَالَ ابْنِهِ أَوْ حَفِيدِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فَإِذَا تُوُفِّيَ وَصِيُّ الْأَبِ وَوَصِيُّ الْجَدِّ وَوَصِيُّ الْقَاضِي مُجْهِلًا مَالَ الصَّغِيرِ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. وَقَدْ ذُكِرَتْ الْأَبْيَاتُ الْآتِيَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَهِيَ:
وَكُلُّ أَمِينٍ بَاتَ وَالْعَيْنُ يَحْصُرُ
…
وَمَا وُجِدَتْ عَيْنًا فَدَيْنًا يُصَيَّرُ
سِوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ثُمَّ مُفَاوِضٍ
…
وَمُودِعِ مَالِ الْغُنْمِ وَهُوَ الْمُؤَمَّرُ
وَصَاحِبُ دَارٍ أَلْقَتْ الرِّيحُ مِثْلَ مَا
…
لَوْ أَلْقَاهُ مَلَاكٌ بِهَا لَيْسَ يَشْعُرُ
وَكَذَا وَالِدُ جَدٍّ وَقَاضٍ وَصِيُّهُمْ
…
جَمِيعًا وَمَحْجُورٌ فَوَارِثُ يُسْطَرُ
(الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَصِفْ الْوَارِثُ وَيُفَسِّرُ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي بَلْ قَالَ: نَحْنُ نَعْرِفُ الْوَدِيعَةَ فَإِنَّهَا هَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ أَوْ أَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ رَدَّهَا فِي حَيَاتِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الْقَوْلُ تِجَاهَ إنْكَارِ الْمُودِعِ وَالْقَوْلُ لِلْمُودِعِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِ ضَيَاعِ الْوَدِيعَةِ لَزِمَ الضَّمَانُ مِنْ التَّرِكَةِ.
فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ التَّجْهِيلَ وَادَّعَى الْوَارِثُ تَلَفَهَا أَخِيرًا بَيْنَمَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً وَمَوْجُودَةً عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ. وَأَمَّا إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ رَدَّ مُوَرِّثِهِ الْوَدِيعَةَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَلَفَهَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. وَحَيْثُ إنَّ هَذِهِ الْفِقْرَةَ سُرِدَتْ لِأَجْلِ بَيَانِ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ مِنْ عِبَارَةِ (وَصَفَ وَفَسَّرَ) الْمَذْكُورَةِ آنِفًا فِي الْفِقْرَةِ الَّتِي تَحْتَ عُنْوَانِ (الْوَجْهُ الثَّانِي) كَانَ مِنْ الْمُنَاسِبِ إتْيَانُهَا عَقِبَهَا لِكَيْ تَنْسَجِمَ الْعِبَارَةُ.
صُورَةُ الْإِثْبَاتِ: إذَا دَفَعَ الْوَرَثَةُ الِادِّعَاءَ الْمُوَجَّهَ بِقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَتْ عِنْدَ وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ مَوْجُودَةً عَيْنًا وَإِنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَالَ: هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدِي أَوْ كُنْت أَخَذْت هَذَا الْمَالَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ
أَوْ الرِّسَالَةِ مِنْ قِبَلِ فُلَانٍ عَلَى أَنْ أَدْفَعَهُ إلَيْهِ وَأُسَلِّمَهُ إيَّاهُ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَنَا فَإِذَا ثَبَتَ دَفْعُهُمْ هَذَا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَرَثَةِ أَيْضًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
وَسَبَبُ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْوَارِثِ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ هَذِهِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلُ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْمَجَلَّةِ هُوَ أَنَّهُ عَدَا عَنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ كَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ وَفَاةِ الْمُسْتَوْدَعِ فَقَدْ فَسَّرَهَا الْوَارِثُ وَلَمَّا كَانَ تَفْسِيرُهُ مُطَابِقًا لِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صُدِّقَ قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ إنَّ الْوَدِيعَةَ لَيْسَتْ مَعْرُوفَةً فَادِّعَاؤُهُ أَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ وَأَنَّهُ هُوَ يَعْرِفُهَا لَمْ يَكُنْ مَسْمُوعًا.
وَبَيَانُ حَالِ الْوَدِيعَةِ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَإِذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ حَالَ الْوَدِيعَةِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَإِفَاقَتِهِ يَكُونُ تَخَلَّصَ مِنْ التَّجْهِيلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى الْمُودِعُ التَّجْهِيلَ بِأَنَّ الْمُسْتَوْدَعَ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالٍ الْوَدِيعَةِ وَقْتَ وَفَاتِهِ فَبِمَا أَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ وَقْتَ الْوَفَاةِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ الْبَيَانِ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ الِادِّعَاءُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا بَلْ يَقْتَضِي إقَامَةَ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا وَبِلَا بَيَانِ حَالِ الْوَدِيعَةِ وَتَقْرِيرِهَا فِي صُورَةِ بَيَانِ رَدِّ الْمِقْدَارِ الْمَجْهُولِ: إذَا قَالَ الْمُسْتَوْدَعُ لِلْمُودِعِ (كُنْت قَبَضْت بَعْضَ الْوَدِيعَةِ) وَتُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَةُ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَقَالَ الْمُودِعُ: لَمْ آخُذْ شَيْئًا، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: بَقِيَ مِائَةُ قِرْشٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ الَّتِي هِيَ أَلْفُ قِرْشٍ مَثَلًا فَحَيْثُ إنَّ الْمُودِعَ قَبَضَ الْبَعْضَ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَهُوَ مَجْبُورٌ عَلَى تَعْيِينِ مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ وَيَثْبُتُ قَبْضُهُ لِلْمِقْدَارِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ.
وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ قَبَضَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَحْلِفُ الْمُودِعُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذَا قَالَ الْمُودِعُ: أَخَذْت مِائَةَ قِرْشٍ، وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُسْتَوْدَعِ: أَخَذْت تِسْعَمِائَةِ قِرْشٍ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ قَوْلُ الْمُودِعِ.
ذُكِرَ فِي الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُودِعُ بِقَبْضِ بَعْضِ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ فِي تَعْيِينِ مِقْدَارِهِ لَهُ أَيْ لِلْمُودِعِ. سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَوْدَعُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ الْوَاجِبِ وُجُودُ فَرْقٍ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْهِنْدِيَّةِ هَذِهِ وَبَيْنَ الْمَادَّةِ (1774) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَوْ تَوْفِيقِهِمَا.
حَاصِلُ مَسَائِلِ تَجْهِيلِ الْوَدِيعَةِ هُوَ هَذَا:
1 -
إذَا بَيَّنَ الْمُسْتَوْدَعُ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ تُوُفِّيَ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ فِي تَرِكَتِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ. وَمَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ هَذَا.
2 -
إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَكَانَ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَصَادَقَ الْمُودِعَ عَلَى عِلْمِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ.
3 -
إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ عَالِمًا الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا أَيْضًا فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي التَّرِكَةِ وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِي التَّرِكَةِ هُوَ الْوَدِيعَةُ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا. وَهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى.
4 -
إذَا تُوُفِّيَ الْمُسْتَوْدَعُ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَصْفَ الْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ مَوْجُودَةً عَيْنًا فِي