الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْغَاصِبِ بِغَيْرِ إعْطَاءِ شَيْءٍ (الْخَانِيَّةُ) وَالْمَادَّتَانِ (898 و 0 0 9) مِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَيْضًا يَعْنِي مِنْ قَبِيلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْهُ وَالْمَفْهُومُ مِنْ تَعْبِيرِ (تَغَيَّرَتْ) هُوَ حُصُولُ التَّحَوُّلِ فِي الْمَغْصُوبِ بِنَفْسِهِ بِدُونِ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَصُنْعِهِ، أَمَّا حُكْمُ التَّحَوُّلِ الْحَاصِلِ لِفِعْلِ الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ غُصِبَتْ الْفَاكِهَةُ الْمَذْكُورَةُ وَيَبِسَتْ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ وَعَمَلِهِ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. لِأَنَّ الْعِنَبَ إذَا كَانَ أَخْضَرَ يُقَالُ لَهُ عِنَبًا وَإِذَا كَانَ نَاشِفًا يُقَالُ لَهُ زَبِيبًا. وَبِذَلِكَ يَكُونُ قَدْ تَغَيَّرَ اسْمُهُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (889) وَشَرْحَهَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي: حُدُوثُ حَالٍ مُوجِبٍ لِانْقِطَاعِ حَقِّ الْمَالِكِ فِي الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَالْمَادَّةُ (899) هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ) .
[
(الْمَادَّةُ 898) إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ]
(الْمَادَّةُ 898) - (إذَا غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ الزِّيَادَةِ وَاسْتَرَدَّ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ ثَوْبًا وَكَانَ قَدْ صَبَغَهُ الْغَاصِبُ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ الصَّبْغِ وَاسْتَرَدَّ الثَّوْبَ عَيْنًا. التَّغْيِيرُ الَّذِي يَحْصُلُ فِي الْمَغْصُوبِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: تَغْيِيرُ الْوَصْفِ. وَحُكْمُ هَذَا سَيُبَيَّنُ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لَوْ غَيَّرَ الْغَاصِبُ بَعْضَ أَوْصَافِ الْمَغْصُوبِ بِزِيَادَةِ شَيْءٍ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْ مَالِهِ. فَإِذَا حَصَلَتْ زِيَادَةٌ بِهَذَا التَّغَيُّرِ فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ إيَّاهُ إذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ أَخَذَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَمِثْلُهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْغَاصِبُ قَدْ أَخَذَ مَالَهُ عَيْنًا وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذَهُ مَعْنًى.
الْوَجْهُ الثَّانِي - وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَةَ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِلْغَاصِبِ وَاسْتَرَدَّهُ عَيْنًا. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ عَلَى الضِّدِّ مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ أَخَذَ مَالَهُ وَالْغَاصِبُ أَخَذَ مَالَهُ مَعْنًى وَقَدْ لَزِمَ إعْطَاءُ الْغَاصِبِ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ وَفَصْلُهَا وَتَمْيِيزُهَا مُتَعَذِّرَانِ. وَلَا يَسْتَلْزِمُ ارْتِكَابُ الْغَاصِبِ الْجِنَايَةَ سُقُوطَ تَقَوُّمِ مَالِهِ وَبُطْلَانَ حَقِّهِ فِيهِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَإِنْ شَاءَ بَاعَ الْقُمَاشَ فَكَمَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ حِصَّةَ قُمَاشِهِ مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْغَاصِبُ حِصَّةَ الصِّبَاغِ مِنْهُ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَدْ اسْتَوْفَيَا حَقَّهُمَا مَعْنًى. وَمَعْنَى الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ قِيمَتِهِ. إيضَاحُ قُيُودِ الْمَادَّةِ:
1 -
تَغَيُّرٌ: هَذَا التَّعْبِيرُ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّغَيُّرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِنَفْسِهِ وَقَدْ بُيِّنَ حُكْمُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ 2 - الزِّيَادَةُ فِي الْمَغْصُوبِ بِسَبَبِ هَذَا التَّغَيُّرِ إلَخْ: أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ زِيَادَةٌ مِنْ هَذَا التَّغْيِيرِ بَلْ أَوْجَبَ نُقْصَانًا فَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ
عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْمَغْصُوبَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ. وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَغْصُوبَ عَيْنًا وَلَمْ يُعْطِ الْغَاصِبَ شَيْئًا وَلَوْ غَصَبَ الْغَاصِبُ قُمَاشَ كَتَّانٍ طربزوني عُدَّ لَأَنْ يُعْمَلَ قَمِيصًا ضَيِّقًا فَصَبَغَهُ أَسْوَدَ فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ الصِّبْغَةَ مُوجِبَةٌ نُقْصَانَ ذَلِكَ الْقُمَاشِ يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ. فَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ بَدَلَهُ.
وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ عَيْنًا وَلَا يُعْطِي شَيْئًا لِلْغَاصِبِ (الْجَوْهَرَةُ) وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخِرِ مِنْ الْفُقَهَاءِ تُفْرَضُ أَنَّ تِلْكَ الصِّبْغَةَ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ فِيهِ زِيَادَةَ الْقِيمَةِ فَتُعْطَى الزِّيَادَةُ لِلْغَاصِبِ. مَثَلًا إذَا كَانَ قِيمَةُ الْقَمِيصِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْآسِتَانَة مِنْ قُمَاشِ كَتَّانٍ طربزوني قَبْلَ الصَّبْغِ ثَلَاثِينَ قِرْشًا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الصَّبْغِ عِشْرِينَ قِرْشًا أَيْ إذَا حَصَلَ نُقْصَانٌ فِي قِيمَتِهِ عَشَرَةَ قُرُوشٍ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ تُفْرَضُ تِلْكَ الصَّبْغَةُ فِي قُمَاشٍ آخَرَ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِيهِ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الصِّبْغَةُ تُوجِبُ الزِّيَادَةَ خَمْسَةَ قُرُوشٍ فِي قُمَاشٍ آخَرَ فَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قُمَاشَ الْكَتَّانِ مَعَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ خَمْسَةَ قُرُوشٍ نُقْصَانَ الْقِيمَةِ وَتَكُونُ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْأُخْرَى مُقَابِلَةً لِلْخَمْسَةِ الْقُرُوشِ زِيَادَةَ الصِّبْغَةِ إذْ إنَّهُ كَمَا أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ عَشْرَةَ قُرُوشٍ النُّقْصَانِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الصِّبْغَةِ فَلِلْغَاصِبِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ قِيمَةَ الصِّبْغَةِ فَعَلَيْهِ إذَا طُرِحَتْ خَمْسَةُ الْقُرُوشِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ قُرُوشٍ الَّتِي يَحِقُّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذُهَا كَانَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَأْخُذَ خَمْسَةَ الْقُرُوشِ الْبَاقِيَةَ مِنْ نُقْصَانِ الْقِيمَةِ فَقَطْ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنِيُّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَقَدْ قَالَ الزَّيْلَعِيّ مَعَ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ حَقَّ أَخْذِ تَمَامِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ تَمَامُ الْمَغْصُوبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ مِنْ الصِّبْغِ بَلْ سَبَّبَ الصِّبْغُ تَلَفَ مَالٍ أَيْ نُقْصَانَ قِيمَتِهِ فَإِلْزَامُهُ فَضْلًا عَنْ ذَلِكَ بِأَدَاءِ قِيمَةِ الصِّبْغَةِ أَمْرٌ مُشْكِلٌ انْتَهَى.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ سَالِمٌ مِنْ مِثْلِ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَقَدْ رَجَحَ. مَثَلًا لَوْ صَبَغَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ الْمَغْصُوبَ وَازْدَادَتْ بِذَلِكَ قِيمَةُ الْقُمَاشِ يُجْبَرُ صَاحِبُهُ أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّ تَفْرِيقَ الصِّبْغَةِ عَنْ الْقُمَاشِ مُتَعَذَّرٌ عَلَى أَحَدِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ (1) إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ الْمَصْبُوغَ لِلْغَاصِبِ وَضَمَّنَهُ الْقُمَاشَ فَإِذَا كَانَ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ ضَمَّنَهُ فَقِيمَتُهُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ ضَمَّنَهُ مِثْلَهُ غَيْرَ مَصْبُوغٍ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1119)(2) وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْغَاصِبَ قِيمَةَ الصِّبْغِ يَعْنِي أَنَّهُ يُعْطِي الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِسَبَبِ الصِّبْغِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ مِنْ النُّقُودِ وَيَسْتَرِدُّ الْقُمَاشَ عَيْنًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ وَيُعَيَّنُ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: أَوَّلًا - يُقَوَّمُ الْقُمَاشُ وَهُوَ مَصْبُوغٌ ثَانِيًا يُقَوَّمُ وَهُوَ غَيْرُ مَصْبُوغٍ. فَمَا كَانَ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْفَرْقِ وَالتَّفَاوُتِ هُوَ ثَمَنُ الصِّبَاغَةِ (3) وَإِنْ شَاءَ بَاعَ الْقُمَاشَ صَاحِبَهُ فَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي قِيمَةِ الْقُمَاشِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ فَيَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَيُضْرَبُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ أَيْضًا فِي زِيَادَةِ الصِّبَاغَةِ وَيَأْخُذُهُ الْغَاصِبُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي) . وَتَخْيِيرُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ قَدْ نُظِرَ فِيهِ إلَى مَنْفَعَةِ الطَّرَفَيْنِ وَرُوعِيَ حَقُّهُمَا يَعْنِي أَنَّهُ قَدْ رُوعِيَ حَقُّ الْغَاصِبِ وَالْمَالِكِ مَعًا وَفِي ذَلِكَ صِيَانَةٌ لِحَقِّ الطَّرَفَيْنِ أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ. سُؤَالٌ - إنَّ هَذَا الْخِيَارَ قَدْ خُصِّصَ بِصَاحِبِ الثَّوْبِ فَلِمَاذَا لَمْ يُخَصَّصْ بِالْغَاصِبِ صَاحِبِ الصِّبْغِ
فَيُقَالُ إنَّ الْغَاصِبَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَرَكَ الْقُمَاشَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الصِّبَاغِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ وَدَفَعَ قِيمَتَهُ. جَوَابٌ - الْقُمَاشُ أَصْلٌ وَمَتْبُوعٌ وَالصِّبَاغَةُ وَصْفٌ وَتَابِعٌ. حَتَّى إنَّ الْقَوْلَ (ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ) يَدُلُّ عَلَى هَذَا. وَعَلَى هَذَا فَصَاحِبُ الثَّوْبِ صَاحِبُ الْأَصْلِ.
أَمَّا صَاحِبُ الصَّبْغِ فَصَاحِبُ وَصْفٍ فَعَلَيْهِ قَدْ كَانَ تَخْيِيرُ صَاحِبِ الثَّوْبِ أَوْلَى (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالْجَوْهَرَةُ) . لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْقُمَاشَ بَعْدَ أَنْ صَبَغَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ الْغَاصِبُ ثُمَّ حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ وَحُكِمَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِرَدِّهِ وَإِعَادَتِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْمَحْكُومِ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا عَنْ بَدَلِ الصِّبَاغَةِ مِنْ صَاحِبِ الْقُمَاشِ وَيَنْقَضِي الْبَيْعُ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) . لَوْ صَبَغَ الرَّاهِنُ الثَّوْبَ الْمَرْهُونَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَكَمَا أَنَّهُ يَخْرُجُ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَيَضْمَنُ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَوْ رَهَنَ الثَّوْبَ وَالصِّبَاغَ مَعًا وَسَلَّمَهُ إيَّاهُمَا مَعًا وَصَبَغَ الرَّاهِنُ بَعْدَ ذَلِكَ الثَّوْبَ الْمَذْكُورَ بِذَلِكَ الصِّبَاغِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرًا فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ بَدَلَيْ الثَّوْبِ وَالصِّبَاغِ. وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ رَهْنًا (فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْغَصْبِ)(اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1 74) ، وَشَرْحَهَا.
إيضَاحُ قُيُودِ الْمِثَالِ:
1 -
الْقُمَاشُ، هَذَا الْقَيْدُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غَصَبَ الْغَاصِبُ الصِّبَاغَ وَصَبَغَ بِهِ ثَوْبَهُ. حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ الصِّبَاغَ وَبَعْدَ أَنْ صَبَغَ قُمَاشَهُ بَاعَهُ لِآخَرَ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الصِّبَاغِ مُرَاجَعَةُ الْمُشْتَرِي بَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) إنْ كَانَ يُكَالُ فَمِثْلُ كَيْلِهِ وَإِنْ كَانَ يُوزَنُ فَمِثْلُ وَزْنِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَقِيمَتُهُ يَوْمَ أَخْذِهِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُصْفُرِ أَنْ يَحْبِسَ الثَّوْبَ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَتْبُوعٌ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ (الْجَوْهَرَةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ دَارًا فَجَصَّصَهَا فَعَلَى صَاحِبِ الدَّارِ عِنْدَ اسْتِرْدَادِهِ الدَّارَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ مَعَ التَّجْصِيصِ أَوْ يَقْبَلَ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبُ كِلْسَهُ الْأَنْقِرْوِيُّ وَلِلْغَاصِبِ أَخْذُ كِلْسِهِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الْكِلْسِ بَعْدَ النَّقْضِ مَالًا أَيْ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (29 5) وَيُقَالُ لَهَا الْمَرَمَّةُ غَيْرُ الْمُسْتَهْلَكَةِ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَيْسَ لِلْمَنْقُوضِ قِيمَةٌ أَصْلًا بَعْدَ النَّقْضِ كَالصِّبَاغِ وَالْكِلْسِ الَّذِي طَلَى بِهِ الْحَائِطَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَكَذَا لَوْ نَقَشَهَا بِالْأَصْبَاغِ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَأَعْطَى الْغَاصِبَ مَا زَادَهُ الصِّبَاغُ فِيهَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) 2 - إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ قَدْ أُسْنِدَ فِي هَذَا فِعْلُ الصَّبْغِ إلَى الْغَاصِبِ: لِأَنَّهُ إذَا صُبِغَ قُمَاشُ أَحَدٍ بِدُونِ صُنْعِ إنْسَانٍ كَأَنْ يَهُبَّ الرِّيحُ فَيُلْقِي الْقُمَاشَ فِي إنَاءِ الصَّبْغِ فَيُصْبَغُ فَلَا يُخَيَّرُ حِينَئِذٍ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بِالْخِيَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَرَاضَى الطَّرَفَانِ عَلَى شَيْءٍ جَازَ ذَلِكَ التَّرَاضِي وَإِلَّا جَرَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ.
(1)
أَنْ يُؤَدِّيَ صَاحِبُ الْقُمَاشِ بَدَلَ الصِّبَاغِ لِصَاحِبِهِ (2) ، أَنْ يَصِيرَ الثَّوْبُ الْمَصْبُوغُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا
كُلٍّ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ يَعْنِي لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ غَيْرِ مَصْبُوغٍ قِرْشًا وَمَصْبُوغًا ثَلَاثِينَ قِرْشًا يَكُونُ الثَّوْبُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا الثُّلُثَانِ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ وَالثُّلُثُ لِصَاحِبِ الصِّبْغِ (3) أَنْ يُبَاعَ الْقُمَاشُ وَيُقَسَّمَ ثَمَنُهُ حَسْبَ اسْتِحْقَاقِهِمَا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي: وَالْجَوْهَرَةُ، وَالْخَانِيَّةُ، وَالطَّحْطَاوِيُّ) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَيُّ فِعْلٍ يُوجِبُ الضَّمَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا تَرْتِيبُ ضَمَانٍ عَلَى أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ يُعَدَّا شَرِيكَيْنِ (الْعَيْنِيُّ وَالْخَانِيَّةُ) 3 - صَبَغَ وَلَمَّا ذَكَرَ الصِّبَاغَ هُنَا مُطْلَقًا فَيَشْمَلُ الصِّبَاغُ الْأَسْوَدَ أَيْضًا. وَالْحُكْمُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَجَلَّةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الصِّبَاغُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَمَّا إذَا كَانَ الصِّبَاغُ أَسْوَدَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُجْتَهِدُونَ فِيهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ إذَا صَبَغَ الْقُمَاشَ الْأَبْيَضَ صِبَاغًا أَسْوَدَ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ وَيُتْرَكُ الْقُمَاشُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَصْبُوغًا أَسْوَدَ وَلَا يُعْطِي لِلْغَاصِبِ شَيْئًا أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّوْنِ الْأَسْوَدِ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَلْوَانِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ جَاءَ فِي اللَّوْنِ الْأَسْوَدِ أَيْضًا.
وَالِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ وَلَيْسَ اخْتِلَافَ حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ (الدُّرُّ الْمُنْتَقَيْ) لِأَنَّ الصِّبَاغَ الْأَسْوَدَ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا فِي زَمَنِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ زِيَادَةً أَمَّا فِي زَمَنِ الْإِمَامَيْنِ فَقَدْ كَانَ يُعَدُّ زِيَادَةً لِأَنَّ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ قَدْ عَاشَ فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ الَّذِينَ امْتَنَعُوا عَنْ لِبْسِ السَّوَادِ أَمَّا الْإِمَامَانِ فَقَدْ عَاشَا فِي زَمَنِ الْعَبَّاسِيِّينَ الَّذِينَ كَانَ السَّوَادُ شِعَارًا لَهُمْ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (39) وَيُحْكَى أَنَّ هَارُونَ الرَّشِيدَ قَدْ سَأَلَ الْإِمَامَ أَبَا يُوسُفَ قَائِلًا مَا أَحْسَنُ الْأَلْوَانِ فِي اللِّبَاسِ؟ فَأَجَابَهُ قَائِلًا إنَّ أَحْسَنَ الْأَلْوَانِ مَا كُتِبَ بِهِ الْقُرْآنُ فَاسْتَحْسَنَ الْخَلِيفَةُ مِنْهُ ذَلِكَ وَأَخَذَ فِي اسْتِعْمَالِ السَّوَادِ لِبَاسًا وَتَبِعَهُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ مِنْ الْخُلَفَاءِ (الطَّحْطَاوِيُّ) وَكَمَا أَنَّ قَصْرَ الثِّيَابِ بِالنَّشَا وَالصَّمْغِ هُوَ كَالصَّبْغِ فَالْوَشْمُ بِالْمَوَادِّ الطَّاهِرَةِ هُوَ كَالصَّبْغِ أَيْضًا أَمَّا الْوَشْمُ بِالنَّجَسِ فَهُوَ تَنْقِيصٌ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ إذَا عَمِلَ الْغَاصِبُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَغْصُوبِ كَفَائِفَ فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْكَفَائِفُ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الْقُمَاشِ فَلَا يُعَدُّ زِيَادَةً وَيَأْخُذُهُ صَاحِبُهُ بِلَا شَيْءٍ أَمَّا إذَا عَمِلَهَا الْغَاصِبُ مِنْ حَرِيرٍ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الصَّبْغِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) كَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ أَحَدٌ الْقُمَاشَ مَصْبُوغًا مِنْ شَخْصٍ وَصَبَغَ الْقُمَاشَ بِالصِّبَاغِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْقُمَاشَ مَصْبُوغًا وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِهَذَا مِنْ الضَّمَانِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ بَدَلَ الْقُمَاشِ وَالصِّبَاغِ مَعًا (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) وَتَعْبِيرُ (إذَا صَبَغَ) لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْغَسْلِ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ غَسَلَ الثَّوْبَ الْمَغْصُوبَ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ الْغَاصِبِ بِدُونِ إعْطَائِهِ شَيْئًا سَوَاءٌ أَغُسِلَ بِالصَّابُونِ أَوْ غُسِلَ بِالْأُشْنَانِ لِأَنَّهُ لَمْ تَزْدَدْ بِالْغَسْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَيْنٌ فِي الثَّوْبِ. وَالصَّابُونُ وَالْأُشْنَانُ الْمُسْتَعْمَلَانِ فِي الْغَسْلِ يَتْلَفَانِ وَلَا يَبْقَى مِنْهُمَا فِي الْعَيْنِ أَثَرٌ (الْجَوْهَرَةُ، وَالْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي)