الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصَلِّ فِي بَيَانِ شُرُوطِ انْعِقَادِ الرَّهْنِ]
يُشْتَرَطُ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ أَهْلِهِ، يَعْنِي مِنْ الْعَاقِلِ وَالْمُمَيِّزِ وَيُضَافُ إلَى مَحَلِّهِ فَالرَّهْنُ الَّذِي يُوجَدُ خَلَلٌ فِي رُكْنِهِ كَرَهْنِ الْمَجْنُونِ بَاطِلٌ. تَلْخِيصُ الشُّرُوطِ:
الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ تَتَعَلَّقُ بِالرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَالْمَرْهُونِ وَالْمَالِ الْمُقَابِلِ الرَّهْنَ، فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ مَذْكُورَانِ فِي الْمَادَّةِ (708) ، وَالثَّالِثُ فِي الْمَادَّةِ (709) ، وَالرَّابِعُ فِي الْمَادَّةِ (710) فَكُلُّ عَقْدِ رَهْنٍ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَبَاطِلٌ، وَالْحُكْمُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَيْضًا هُوَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمُحَرَّرِ (اُنْظُرْ الْمَوَادَّ 361 وَ 362 وَ 444 وَ 458) . وُجُوهٌ أَرْبَعَةٌ فِي بُطْلَانِ عَقْدِ الرَّهْنِ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - لِفِقْدَانِ الشُّرُوطِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (708) الْوَجْهُ الثَّانِي - لِعَدَمِ وُجُودِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَادَّةِ (709) .
الْوَجْهُ الثَّالِثُ - لِجَهْلِ الْمَرْهُونِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْوَجْهُ الرَّابِعُ - لِعَدَمِ وُجُودِ الشُّرُوطِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (71) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَفِي الْمَادَّةِ (709) عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ وَفِي الْمَادَّةِ (710) عَلَى الْوَجْهِ الرَّابِعِ (عَيْنِيٌّ) . وَيُوجَدُ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ كَمَا ذُكِرَ شَرْحًا فِي الْمَادَّةِ (705) أَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ عَاقِلًا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَاقِلًا لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ بِقَبْضِهِ وَيُوجَدُ لِلرَّهْنِ شَرَائِطُ أُخَرُ، وَعَدَا عَنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي الرَّهْنِ أَنْ لَا يَكُونَ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ وَلَا مُضَافًا إلَى وَقْتٍ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الْمَادَّةِ (701) . وَإِذَا وُجِدَ شَرْطُ الرَّهْنِ وَلَمْ يَكُنْ مَشْرُوعًا بِاعْتِبَارِ بَعْضِ أَوْصَافِهِ الْخَارِجِيَّةِ يَكُونُ الرَّهْنُ فَاسِدًا، وَالْمَجَلَّةُ تَبْحَثُ فِي هَذَا الْفَصْلِ عَنْ أَحْكَامِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ، وَحَيْثُ إنَّ أَحْكَامَ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مُهِمَّةٌ أَيْضًا فَسَنَبْحَثُ عَنْهَا فِي الشَّرْحِ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ، وَعَدَمُ ذِكْرِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ فِي الْمَجَلَّةِ (مَعَ أَنَّهُ صُرِّحَ فِي فُصُولِهَا الْعَائِدَةِ لِلْعُقُودِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ أَنَّ الْعُقُودَ الْمَذْكُورَةَ تَكُونُ بَاطِلَةً عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ شَرَائِطِ الِانْعِقَادِ) مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ مَعْلُومًا بِطَرِيقِ الْمُقَايَسَةِ
(الْمَادَّةُ 708) :
1 -
يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَاقِلَيْنِ، وَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا حَتَّى إنَّ رَهْنَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ، يَعْنِي أَنَّ كَوْنَ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ عَاقِلَيْنِ شَرْطٌ فِي انْعِقَادِ الرَّهْنِ (اُنْظُرْ مَادَّتَيْ 957 وَ 966) فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ رَهْنُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ وَارْتِهَانُهُمَا بَاطِلَانِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِأَنْفُسِهِمَا أَمْ بِوَكِيلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونَ لَا عَقْلَ لَهُمَا، وَالْعَقْلُ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وَفِي هَذِهِ الْحَالِ إذَا رَهَنَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضَاعَ ذَلِكَ الْمَالُ لِعَدَمِ اقْتِدَارِ الصَّبِيِّ عَلَى حِفْظِهِ لَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ.
أَمَّا الْبُلُوغُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ رَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ صَحِيحَانِ وَنَافِذَانِ إذَا كَانَ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ وَالِارْتِهَانَ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَالصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ بِالتِّجَارَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا أَيْضًا بِتَوَابِعِهَا (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 967) ، مَثَلًا كَمَا أَنَّ بَيْعَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ مَالًا نَافِذٌ فَاسْتِيفَاؤُهُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْضًا صَحِيحٌ وَمُعْتَبَرٌ، وَالِارْتِهَانُ هُوَ حُكْمُ اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَاسْتِيفَاءُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ حُكْمًا جَائِزٌ كَاسْتِيفَائِهِ الْحَقِيقِيِّ فَإِذَا اشْتَرَى الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ الْمَأْذُونُ مَالًا وَأَوْفَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ يَصِحُّ ذَلِكَ، وَالرَّهْنُ حُكْمًا هُوَ إيفَاءُ الدَّيْنِ، وَالْإِيفَاءُ حُكْمًا جَائِزٌ كَالْإِيفَاءِ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ يَبْقَى مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا سَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ، وَرَهْنُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَارْتِهَانُهُ جَائِزَانِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا أَمْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْظَرُ: إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَكَمَا أَنَّ رَهْنَهُ وَارْتِهَانَهُ جَائِزَانِ فَهُمَا نَافِذَانِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَرَهْنُهُ وَارْتِهَانُهُ جَائِزَانِ، وَلَكِنَّهُمَا غَيْرُ نَافِذَيْنِ بَلْ مَوْقُوفَانِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ أَجَازَهُمَا نَفَذَا وَإِلَّا انْفَسَخَا كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي بَيْعِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَشِرَائِهِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (967) .
وَسَبَبُ تَوَقُّفِ تَصَرُّفَاتِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ عَلَى الْإِذْنِ هُوَ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَتَى صَارَ مُمَيِّزًا يُحْتَمَلُ حُصُولُ الضَّرَرِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ نَظَرًا لِنَقْصِ عَقْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّصَرُّفُ نَافِذًا بِلَا إذْنٍ فَعِنْدَمَا يَقْتَرِنُ بِالْإِذْنِ تَرْجَحُ جِهَةُ الْمَصْلَحَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، إذْ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ الْوَصِيَّ يَكُونُ دَقَّقَ مُعَامَلَةَ الرَّهْنِ وَتَيَقَّنَ الْمَنْفَعَةَ مِنْهَا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (58)(أَبُو السُّعُودِ فِي الْحَجَرِ) . وَلَمَّا كَانَ رَهْنُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلَيْنِ فَيُمْكِنُ وَلِيَّهُمَا أَوْ وَصِيَّهُمَا الِارْتِهَانُ لِأَجْلِهِمَا.
وَيَنْقَسِمُ رَهْنُ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُمَا إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الرَّهْنُ وَالِارْتِهَانُ لِلصَّغِيرِ وَإِيضَاحُهُ فِي ضَابِطَيْنِ:
الضَّابِطُ الْأَوَّلُ - إنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ رَاجِعٌ لِلْأَشْخَاصِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (974) فَالْأَبُ يُمْكِنُهُ رَهْنُ مَالِ الصَّبِيِّ لِأَجْلِ دَيْنِ الصَّبِيِّ، وَعِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْأَبِ تَعُودُ هَذِهِ الصَّلَاحِيَةُ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ وَالْجَدِّ الصَّحِيحِ لِلْأَبِ بِتَوَلِّي طَرَفَيْ الْعَقْدِ، وَلِذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَ نَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ بِذِمَّةِ الصَّغِيرِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ أَحَدِ صَغِيرَيْهِ عِنْدَ الْآخَرِ أَيْضًا، يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ يَقْدِرُ أَنْ يَتَوَلَّى كِلَا طَرَفَيْ عَقْدِ
الرَّهْنِ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ. مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالْبَزَّازِيَّةُ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 167) وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ الْأَبَ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ وَيَحْبِسَهُ لِأَجْلِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي بِذِمَّتِهِ لِلصَّغِيرِ، وَالْوَصِيُّ لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إنَّمَا رَهْنُ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُ لِأَجْلِ الصَّبِيِّ أَوْ التَّرِكَةِ جَائِزَانِ، مَثَلًا إذَا اسْتَقْرَضَ الْوَصِيُّ دَرَاهِمَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ وَرَهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّهُ يَكُونُ صَحِيحًا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَتَعَاطَى التِّجَارَةَ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ. أَنْ يَرْهَنَ وَيَرْتَهِنَ لِحِسَابِ الصَّغِيرِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) فَلِهَذَا السَّبَبِ إذَا اسْتَقْرَضَ وَصِيُّ الْمُتَوَفَّى دَرَاهِمَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ الْوَرَثَةِ وَرَهَنَ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَرَثَةِ مُقَابِلَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا صَحَّ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَنْقُضَ الرَّهْنَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَرْهُونَ عِنْدَ بُلُوغِهِ، إلَّا إذَا أَوْفَوْا الدَّيْنَ بِتَمَامِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 729) ، وَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا وَبَعْضُهُمْ صِغَارًا تَنْفُذُ الِاسْتِدَانَةُ وَتَجُوزُ عَلَى الصِّغَارِ فَقَطْ، وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ كِبَارًا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالِاسْتِقْرَاضُ كِلَاهُمَا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَرَثَةُ حَاضِرِينَ أَمْ غَائِبِينَ (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 701)(الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَالْفَصْلِ الْخَامِسِ) .
وَمَنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إذَا اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ وَرَهَنَ لِأَجْلِ نَفَقَةِ حَيَوَانَاتِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا يَصِحُّ الرَّهْنُ وَالِاسْتِدَانَةُ كِلَاهُمَا، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ كِبَارًا وَالْبَعْضُ مِنْهُمْ صِغَارًا فَالِاسْتِدَانَةُ وَالرَّهْنُ يَكُونَانِ صَحِيحَيْنِ بِحَقِّ الصِّغَارِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا يَصِحَّانِ بِحَقِّ الْكِبَارِ وَلِهَذَا السَّبَبِ أَيْضًا. إذَا اسْتَقْرَضَ الْوَصِيُّ لِأَجْلَ نَفَقَةِ دَوَابِّ الْوَرَثَةِ وَرَهَنَ مُقَابِلَهُ فَإِنْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا وَغَائِبِينَ فَالِاسْتِدَانَةُ وَالرَّهْنُ جَائِزَانِ، وَإِنْ كَانُوا كِبَارًا وَكَانَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ غَائِبًا وَالْبَعْضُ حَاضِرًا فَالْمُعَامَلَةُ تَصِحُّ بِحَقِّ الْغَائِبِينَ فَقَطْ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ وَلَا تَصِحُّ بِحَقِّ الْحَاضِرِينَ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا وَحَاضِرِينَ فَلَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ وَلَا الرَّهْنُ (مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ) ، وَلَيْسَ بِإِمْكَانِ الْوَصِيِّ أَنْ يَتَوَلَّى جِهَتَيْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مِنْ الرَّهْنِ كَالْأَبِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ عِنْدَ نَفْسِهِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عِنْدَ الصَّغِيرِ وَلَا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ أَحَدِ الصَّغِيرَيْنِ عِنْدَ الْآخَرِ (زَيْلَعِيٌّ) فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنَّ الْأَبَ نَظَرًا لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ شَخْصٍ وَتَقُومُ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ عِنْدَ بَيْعِ مَالِ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ يَكُنْ الْأَصْلُ عَدَمَ تَوَلِّي الْوَاحِدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ فَقَدْ اُسْتُثْنِيَ الْأَبُ، وَأَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا يُعْدَلُ لِأَجْلِهِ عَنْ الْحَقِيقَةِ نَظَرًا لِقُصُورِ شَفَقَتِهِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَيْضًا أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ مَا عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ الدَّيْنِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ وَكِيلٌ مَحْضٌ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَاحِدِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ كَمَا هِيَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) ، وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الصَّغِيرِ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ أَوْ لِأَبِيهِ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْوَصِيِّ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَلَا عَلَى أَبِيهِ كَمَا هُوَ فِي الْبَيْعِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 149 وَفِي الرَّهْنِ لَيْسَ مِنْ تُهْمَةٍ أَيْضًا.
الضَّابِطُ الثَّانِي - لَيْسَ لِغَيْرِ الْأَشْخَاصِ الْمُحَرَّرَةِ فِي الْمَادَّةِ (974) حَقُّ التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِ الصَّغِيرِ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْأُمِّ مَالَ صَغِيرِهَا مَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً أَوْ مَأْذُونَةً أَيْ وَكِيلَةً مِنْ قِبَلِ الْأَشْخَاصِ الْمَرْقُومَةِ.، اُنْظُرْ الْفِقْرَةَ الْأَخِيرَةَ مِنْ الْمَادَّةِ 974 الْمَارِّ ذِكْرُهَا. إذَا أَعْطَى الْحَاكِمُ الْإِذْنَ لِأُمِّ الصَّغِيرِ بِرَهْنِ مَالِهِ يَصِحُّ ذَلِكَ الرَّهْنُ، وَإِذَا رَهَنَتْ الْأُمُّ مَالَ صَغِيرِهَا بِلَا إذْنٍ وَوَكَّلَتْ شَخْصًا فِي بَيْعِ الرَّهْنِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ 760 يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ إنْ أَجَازَ الْحَاكِمُ الرَّهْنَ وَالتَّوْكِيلَ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ وُكِّلَ مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1453 (رَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ) ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي الَّذِي أَجَازَ الرَّهْنَ وَالْبَيْعَ وَتَوَلَّى الْقَضَاءَ غَيْرُهُ فَإِنْ ثَبَتَتْ بِحُضُورِهِ إجَازَةُ الْقَاضِي الْأَوَّلِ الرَّهْنَ وَالْبَيْعَ يَنْفُذُ الرَّهْنُ وَالْبَيْعُ، وَإِلَّا يَرُدُّهُمَا وَيُبْطِلُهُمَا، هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَ مَنْفَعَةٌ لِلصَّغِيرِ فِي الرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) . رَهْنُ الْمَرِيضِ - لَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّاهِنُ مَرِيضًا بِمَرَضِ الْمَوْتِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ رَهْنَ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ وَتَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الرَّهْنِ، وَمَتَى زَادَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي قَابَلَهُ لَا تُحْسَبُ تِلْكَ الزِّيَادَةُ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ يَكُونُ قَدْ أَوْدَعَ مَالَهُ لِيَدِ الْأَمِينِ، إنَّمَا رَهْنُ الْمَرِيضِ لَا يَنْفُذُ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ بِهَذَا الرَّهْنِ يَكُونُ أَوْفَى حُكْمًا مَطَالِيب الْغُرَمَاءِ تَرْجِيحًا، وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1604)(الْبَزَّازِيَّةُ فِي الثَّالِثِ) ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا مَاتَ الْمَرِيضُ وَدُيُونُهُ زَائِدَةٌ عَلَى مَتْرُوكَاتِهِ أَدْخَلَ الدَّائِنُونَ الرَّهْنَ فِي قِسْمَةِ الْغُرَمَاءِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (729) ، وَلَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فِي الرَّهْنِ (الْبَهْجَةُ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - رَهْنُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ دُيُونِهِمْ. رَهْنُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ دُيُونِهِمْ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، فَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ الصَّغِيرِ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ اسْتَقْرَضَهُ لِنَفْسِهِ وَلِلصَّغِيرِ يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مُقْتَدِرُونَ عَلَى إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ فَبِطَرِيقٍ أَوْلَى يَكُونُونَ مُقْتَدِرِينَ عَلَى رَهْنِهِ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا تَلِفَتْ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً، وَأَمَّا الرَّهْنُ إذَا هَلَكَ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا، فَقَطْ حَيْثُ إنَّ هَذَا الرَّهْنَ هُوَ أَدَاءُ الْأَبِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَلَمْ يَجُزْ قِيَاسًا لَكِنْ يُوجَدُ فَرْقٌ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْإِيفَاءِ فَحَقِيقَةُ الْإِيفَاءِ تُفِيدُ الْإِزَالَةَ فِي الْحَالِ بِمِلْكِ الصَّغِيرِ بِدُونِ عِوَضٍ مُقَابِلٍ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَمَعَ بَقَاءِ مِلْكِ الصَّغِيرِ يَتَضَمَّنُ نَصْبَ حَافِظٍ لِأَجْلِ حِفْظِ مَالِهِ (الْهِدَايَةُ، الْعَيْنِيُّ، وَالْكِفَايَةُ) .
وَعَلَيْهِ مَتَى صَحَّ هَذَا الرَّهْنُ لَا يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ عِنْدَ بُلُوغِهِ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ الدَّيْنَ إنَّمَا يُؤْمَرُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِعَادَةِ الرَّهْنِ إلَى صَاحِبِهِ.، وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَكَمَا سَيُذْكَرُ فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) .
أَنَّهُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ قِيمَةَ الرَّهْنِ بِمِقْدَارِ الدَّيْنِ لَا بِمَا زَادَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ أَمَانَةٌ وَوَدِيعَةٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَلِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيُّ) .
مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَالِ الَّذِي رُهِنَ - مُقَابِلَ أَلْفِ قِرْشٍ - أَلْفَيْ قِرْشٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ لِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَيَضْمَنُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ مِقْدَارَ أَلْفِ قِرْشٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى دَيْنَهُ بِمَالِ الصَّغِيرِ، وَلَيْسَ بِمَا زَادَ عَنْهُ (الْكِفَايَةُ وَلِسَانُ الْحُكَّامِ) ، وَذَهَبَ الْأَنْقِرْوِيُّ إلَى أَنَّهُ إذَا رَهَنَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، وَقِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلَكَ الرَّهْنُ يَضْمَنُ قَدْرَ الدَّيْنِ دُونَ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ، وَلَوْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ الدَّيْنَ وَيَسْتَخْلِصَ الرَّهْنَ يُمْكِنُ الصَّغِيرَ أَنْ يَفِيَ تَمَامَ الدَّيْنِ وَيَسْتَخْلِصَ الْمَالَ مِنْ الرَّهِينَةِ، وَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ بِتَمَامِهِ؛ لِأَنَّ تَعَرُّفَ الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ لَازِمٌ وَنَافِذٌ (الْكِفَايَةُ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) لَا يُعَدُّ الصَّبِيُّ الْمَرْقُومُ مُتَبَرِّعًا فِي التَّأْدِيَةِ فَيُرْجَعُ عَلَى تَرِكَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ - كَمُعِيرِ الرَّهْنِ - مَجْبُورٌ عَلَى التَّأْدِيَةِ.، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (732) وَشَرْحَهَا، وَإِذَا رَهَنَ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ لِشَخْصٍ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ وَبَعْدَ أَنْ سَلَّمَهُ إيَّاهُ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ يَضْمَنُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ مَالَ الصَّغِيرِ (الْهِدَايَةُ وَالْعَيْنُ وَالزَّيْلَعِيُّ) . وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ مُقَابِلَ دَيْنِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ ذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ وِلَايَةٌ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - رَهْنُ الْوَصِيِّ وَارْتِهَانُهُ بِالْوَصِيَّةِ مُقَابِلَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا مُقَابِلَ مَطْلُوبِ الْمُتَوَفَّى، وَلَوْ كَانَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ كِبَارًا؛ لِأَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ حُكْمًا وَالْوَصِيُّ كَمَا أَنَّهُ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ فَهُوَ مُقْتَدِرٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا (أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ) . وَإِذَا تَلِفَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْوَصِيِّ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَسَقَطَ الدَّيْنُ عَلَى مَا ذُكِرَ مُفَصَّلًا فِي لَاحِقَةِ شَرْحِ الْمَادَّةِ (741) لَا يَلْزَمُ عَلَى الْوَصِيِّ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) ، وَيَقُومُ الْوَصِيُّ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى بِإِمْسَاكِ الرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُتَوَفَّى بِحَالِ حَيَاتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى وَكِيلًا لِبَيْعِ الرَّهْنِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (760) فَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَأْذَنْهُ الرَّاهِنُ بِذَلِكَ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (وَ 1452) . وَكَذَلِكَ يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ التَّرِكَةِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَقُومُ مَقَامَ الْمُتَوَفَّى فِي حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَإِيفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ حَوَائِجِ الْمَيِّتِ الْأَصْلِيَّةِ، إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْمُتَوَفَّى لِبَعْضِ الدَّائِنِينَ مُقَابِلَ دَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَإِذَا فَعَلَ يَكُونُ مُتَوَقِّفًا عَلَى رِضَاءِ بَقِيَّةِ الدَّائِنِينَ فَإِنْ شَاءُوا نَقَضُوا الرَّهْنَ؛ لِأَنَّهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ يَحْصُلُ تَرْجِيحٌ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِمْ بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّرْجِيحُ بِالْإِيفَاءِ الْحَقِيقِيِّ وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا بِالْإِيفَاءِ الْحُكْمِيِّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ، وَأَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ فِي الرَّهْنِ) مَا لَمْ تُوَفَّ دُيُونُ سَائِرِ الدَّائِنِينَ كَامِلَةً وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ نَافِذًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (24)(الْبَزَّازِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الضَّمَانِ) .
وَلَا يُمْكِنُ الْوَصِيَّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ مُقَابِلَ دَيْنِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَكُونُ بِذَلِكَ تَفَرَّقَ