الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ ذَكَرَتْ الْمَجَلَّةُ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا هُنَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَيْ إنَّهَا لَمْ تُقَيِّدْ صِحَّةَ قَبْضِ الْمُرَبِّي بِقَيْدِ عَدَمِ حُضُورِ الْوَلِيِّ وَلَمَّا كَانَ الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (64) فَتَكُونُ الْمَجَلَّةُ قَدْ قَبِلَتْهُ.
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ أَجْنَبِيٌّ لِصَغِيرٍ مَالًا وَهُوَ فِي عِيَالِ جَدِّهِ الصَّحِيحِ وَقَبِلَ الْجَدُّ الْهِبَةَ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِ الْجَدِّ الْمَذْكُورِ وَلَوْ كَانَ أَبُو الصَّغِير الْمَذْكُورِ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ وَمَوْجُودًا كَذَلِكَ تَتِمُّ الْهِبَةُ لِلصَّغِيرِ لَوْ وَهَبَهُ أَحَدٌ مَالًا وَهُوَ فِي عِيَالِ أَخِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ أَوْ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْمَذْكُورُ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ بِقَيْدِ الْحَيَاةِ وَمَوْجُودًا، كَذَلِكَ تَتِمُّ الْهِبَةُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ لِلْبِنْتِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا وَزُفَّتْ إلَى زَوْجِهَا مَالًا وَهِيَ فِي عِيَالِ الزَّوْجِ بِقَبْضِ الزَّوْجِ إيَّاهُ.
وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا؛ لِأَنَّ الْأَبَ قَدْ أَقَامَ الزَّوْجَ الْمَذْكُورَ مَقَامَهُ فِي حِفْظِ الصَّغِيرِ وَقَبْضِ الْهِبَةِ أَيْضًا مِنْ الْحِفْظِ، وَلَوْ قَبَضَ الْأَبُ هَذِهِ الْهِبَةَ أَيْضًا تَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ (الزَّيْلَعِيّ) سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا أَمْ لَا فِي الصَّحِيحِ (الْبَحْرُ) وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ حَقٌّ فِي قَبْضِ دُيُونِ الصَّغِيرِ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَا حَقَّ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الزِّفَافِ فِي قَبْضِ الْهِبَةِ. وَقَدْ رَجَّحَتْ الْهِدَايَةُ وَالتَّجْرِيدُ وَالْجَوْهَرَةُ وَالْبَحْرُ وَالْمِنَحُ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ جِهَةَ كِفَايَتِهِ وَقَالُوا بِأَنَّ جَوَازَ تَصَرُّفِ غَيْرِ الْأَوْلِيَاءِ لِلضَّرُورَةِ. وَإِلَّا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ تَفْوِيضٌ مِنْ الْأَبِ فَلَا ضَرُورَةَ لِذَلِكَ مَعَ حُضُورِ الْأَبِ (الْجَوْهَرَةُ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (22) .
5 -
قِيلَ بِقَبْضِ وَلِيِّهِ وَمُرَبِّيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ هَؤُلَاءِ فَلَا حُكْمَ لِقَبْضِ شَخْصٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِطِفْلٍ كَانَ فِي حِجْرِ وَتَرْبِيَةِ زَيْدٍ وَقَبَضَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ آخَرَ ذَلِكَ بِاسْمِ الطِّفْلِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ.
[
(الْمَادَّةُ 853) وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ]
(الْمَادَّةُ 853) - إذَا وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ إيَّاهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ.
لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ نَافِعٌ أَيْ مَالٌ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ أَوْ لِلصَّبِيَّةِ الْمُمَيِّزَةِ تَتِمُّ الْهِبَةُ اسْتِحْسَانًا بِقَبُولِهِ إيَّاهَا وَقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ كَالْأَبِ أَوْ مُرَبٍّ؛ لِأَنَّ فِي الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ نَفْعًا مَحْضًا لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرُ أَهْلٌ لِمُبَاشَرَةِ الشَّيْءِ الَّذِي فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لَهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ (961)(الْهِدَايَةُ وَالْكِفَايَةُ) . وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ هُوَ: أَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ عَقْلِ الْمُمَيِّزِ لِعَدَمِ نَظَرِهِ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ نَظْرَةً تَامَّةً بِسَبَبِ عَدَمِ اعْتِدَالِ عَقْلِهِ فَعَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ يُرَدُّ التَّصَرُّفُ الْمُضِرُّ (كَهِبَةِ الصَّغِيرِ لِآخَرَ) لِمَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ كَذَلِكَ تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُهُ الدَّائِرَةُ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ كَالْبَيْعِ مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَةِ الصَّغِيرِ أَيْضًا حَتَّى لِذَلِكَ لَوْ أَنَّ وَلِيَّ الصَّغِيرِ إذَا رَأَى نَفْعًا فِي إجَازَةِ التَّصَرُّفِ الدَّائِرِ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ فَلَهُ إجَازَتُهُ.
وَكُلُّ تَصَرُّفٍ فِيهِ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ فَالنَّظَرُ وَالْفَائِدَةُ لِلصَّغِيرِ فِي نَفَاذِهِ إذْ إنَّ لَا حِكْمَةَ مِنْ رَدِّ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي فِيهَا نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) .
قَدْ عُرِّفَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ فِي الْمَادَّةِ (943) إلَّا أَنَّ الزَّيْلَعِيّ فَسَّرَ الْمُمَيِّزَ فِي هَذَا الْبَحْثِ بِالشَّخْصِ الَّذِي يُدْرِكُ وَيَعْقِلُ التَّحْصِيلَ وَالْجَمْعَ.
سُؤَالٌ: عَقْلُ الصَّبِيِّ إمَّا مُعْتَبَرٌ أَوْ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا يَلْزَمُ أَلَّا تَتِمَّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ.
وَإِذَا كَانَ مُعْتَبَرًا فَيَقْتَضِي أَلَّا يُعْتَبَرَ قَبْضُ خَلَفِهِ أَيْ وَلِيِّهِ مَا دَامَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ؟
جَوَابٌ: إنَّ عَقْلَهُ مُعْتَبَرٌ فِي النَّفْعِ الْمَحْضِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ مَعَ خَلَفِهِ فَيَكُونُ قَدْ فُتِحَ بَابٌ لِتَحْصِيلِ الْمَنْفَعَةِ لِلصَّغِيرِ وَبِمَا أَنَّ فِي هَذَا تَوْفِيرًا لِلْمَنْفَعَةِ فَهُوَ جَائِزٌ (الْعَيْنِيُّ) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
الْمُمَيِّزُ: هَذَا التَّعْبِيرُ لَيْسَ احْتِرَازِيًّا مِنْ وَجْهٍ إذْ الْحُكْمُ فِي الْمُمَيِّزَةِ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. لَكِنْ قَدْ اكْتَفَى الْفُقَهَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ بِذِكْرِ الرَّجُلِ وَاحْتِرَازِيٌّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَيُحْتَرَزُ فِيهِ عَنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَعَلَيْهِ لَوْ وُهِبَ شَيْءٌ لِلصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ (الْحَمَوِيُّ) وَإِنَّمَا يَجِبُ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلِيُّهُ أَوْ مُرَبِّيهِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ.
2 -
نَافِعٌ. هَذَا الْقَيْدُ احْتِرَازِيٌّ فَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لِلصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ غَيْرَ نَافِعٍ كَأَنْ كَانَ تُرَابًا فِي بَيْتِ الْوَاهِبِ مَا إذَا بِيعَ فِي مَحِلِّهِ لَا يُسَاوِي شَيْئًا وَإِذَا نُقِلَ إلَى مَحِلٍّ آخَرَ يَحْتَاجُ لِمَئُونَةٍ تَزِيدُ عَلَى فَائِدَتِهِ مَا تُوجِبُ ضَرَرَ الصَّغِيرِ فَالْهِبَةُ لَا تَكُونُ صَحِيحَةً وَيُرَدُّ الْمَوْهُوبُ لِلْوَاهِبِ وَيُتْرَكُ لَهُ (الْحَمَوِيُّ) .
كَذَلِكَ لَوْ وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ شَيْءٌ يَحْتَاجُ لِلْإِنْفَاقِ وَلَا نَفْعَ لَهُ كَأَنْ يُوهَبُ لِلصَّغِيرِ حِمَارٌ أَعْمَى فَلَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَتُرَدُّ إلَى الْوَاهِبِ (أَبُو السُّعُودِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
3 -
الْهِبَةُ: وَالْحُكْمُ فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا. لَكِنْ يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ فَعَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ الْمَدْيُونُ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ فِي أَدَائِهِ الدَّيْنَ لِلصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ أَدَاءَ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ لَا يُقَاسُ عَلَى الْهِبَةِ (الْحَمَوِيُّ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (896) .
4 -
وَلَوْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ: يُشَارُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ أَيْ بِعِبَارَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ أَحَدٌ شَيْئًا لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ تَتِمُّ الْهِبَةُ بِقَبْضِهِ كَمَا تَتِمُّ أَيْضًا بِقَبْضِ وَلِيِّهِ أَوْ مُرَبِّيهِ وَعَلَيْهِ فَلِتَحْصِيلِ النَّفْعِ لِلصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ طَرِيقَانِ وَتَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ تَوَفَّرَتْ الْمَنْفَعَةُ الْعَائِدَةُ لِلصَّغِيرِ (الزَّيْلَعِيّ) .
5 -
بِقَبُولِهِ إيَّاهُ وَقَبْضِهِ: فَكَمَا أَنَّ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يُوهَبُ إلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَإِذَا رَدَّهُ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ رُدَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ بِمَا أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقٍّ ثَابِتٍ لِلصَّغِيرِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ أَنْ يَمْلِكَ الرَّدَّ (الْحَمَوِيُّ فِي الْهِبَةِ) .
سُؤَالٌ: بِمَا أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِلصَّغِيرِ حَقُّ الْقَبُولِ عِنْدَ إيجَابِ الْهِبَةِ أَلَّا يَكُونُ رَدُّهُ قَدْ أَدَّى إلَى إبْطَالِ هَذَا الْحَقِّ الثَّابِتِ لَهُ.
؟ الْجَوَابُ: إنَّ حَقَّ الْقَبُولِ لَيْسَ حَقًّا مَالِيًّا وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ.
أَمَّا إذَا وُهِبَ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مَالٌ وَرَدَّ وَلِيُّهُ هَذِهِ الْهِبَةَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّدَّ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَيْسَ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّدِّ بِمَعْنَى تَمَامِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبُولِ. وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الْمَذْكُورُ الْهِبَةَ وَقَبِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ الْمُمَيِّزُ الْهِبَةَ فِي مَجْلِسِ الْهِبَةِ كَانَ صَحِيحًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ بِزِيَادَةٍ) . فَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ يَجُوزُ