الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سوى أقوال لا دليل عليها. والنص القرآني يكفي في هذا الموضع لتسجيل صفة الصبر لذي الكفل).
كلمة في السياق:
1 -
في الفقرة الأولى من هذه المجموعة ذكر الله لنا موسى وهارون وإبراهيم وإسحاق ويعقوب ولوطا ونوحا عليهم السلام وفي هذه الفقرة ذكر لنا داود وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذا الكفل ويونس وزكريا وعيسى عليهم السلام، وكل منهم رسول، وكل منهم بشر، وهذا أول مظهر من مظاهر ارتباط ذكرهم عليهم السلام في سياق السورة.
2 -
هؤلاء الرسل منهم الملك الذي أعطي كل شئ كداود وسليمان عليهما السلام ومنهم من ابتلي حتى فقد كل شئ كأيوب ومنهم ومنهم وكلهم يجمعهم وصف إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ يجمعهم وصف العبودية لله، وهم أكمل خلق الله فأحرى بالناس أن يقتدوا بهم في أحوالهم وعبوديتهم، بدلا من أن يعرضوا، وهذا مظهر من مظاهر ارتباط هذه الفقرة بالسياق.
3 -
في ذكر العطاء الكبير الذي أعطاه الله داود وسليمان عليهما السلام ثم في ذكر قصة أيوب بعد ذلك مباشرة ما يشير إلى أن الرسول يمكن أن يكون كذلك، ويمكن أن يكون كذلك، فعطاء الله قد يتفاوت بين الأب والابن، سواء كان العطاء الدنيوي، أو العطاء الديني، ولا هذا يطعن في كون هذا رسولا، ولا هذا يطعن في كون هذا رسولا، فالتصورات الخاطئة في موضوع الرسالة ينبغي أن تعدل. وهذا مظهر آخر من مظاهر ارتباط هذه المجموعة في السياق.
4 -
إن صفة الصبر والصلاح صفتان مشتركتان عند كل رسول، وفي هذا درس للنذير ودرس للاقتداء.
5 -
في ذكر قصة يونس عليه السلام في هذا المقام ما يشير إلى أن الرسول يحاسب هذا الحساب الدقيق، مع كل إقباله على الله وخوفه منه، فما بال المعرضين عن الله في غفلتهم، وهذا مظهر من مظاهر الصلة في السياق.
6 -
وفي ذكر قصة مريم وابنها عليهما السلام إشارة إلى عبودية المسيح عليه
السلام، وكونه مخلوقا وآية، فليس هو إلا كذلك، رسول من رسل الله، وفي ذلك مظهر من مظاهر الارتباط في السياق؛ لأنه مر معنا من قبل قوله تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ
…
وإذن فذكر الأنبياء في سياق السورة يخدم كل القضايا التي سبق وذكرت في السورة، وفي ذكر كل رسول من الرسل إقامة حجة جديدة على الكافرين الذين يرفضون التسليم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ويرفضون التسليم للوحي.
وقد آن الأوان أن نلفت نظرك إلى أهم رابط يربط بين ذكر هؤلاء الأنبياء وسياق السورة فانتبه إليه.
بدأت السورة بمقدمة: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ* ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ* لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ*.
ثم جاء بعد هذا مباشرة قوله تعالى قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وهذا النص يأتي هنا بمثابة رد على كلامهم، فلما قال الرسول هذا الكلام، ثارت ثائرتهم فقالوا بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ فجاء الجواب على افترائهم الأخير وكلامهم الأول مع الأخير ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ .. وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ* وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ
…
وإذ تأتي الردود على منطقهم فتدحضه، يبقى أن تأتي الأدلة على قول الرسول قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
وفي ذكر قصص هؤلاء الأنبياء يأتي تقرير ذلك، ومن ثم نلاحظ تكرار كلمة:
إِذْ نادى * فَاسْتَجَبْنا* وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ
…
فَاسْتَجَبْنا لَهُ
…
وَذَا النُّونِ
…
فَنادى فِي الظُّلُماتِ ..
فَاسْتَجَبْنا لَهُ
…
وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ
…
فَاسْتَجَبْنا لَهُ ....
فالله عز وجل يسمع النداء في كل حال ويستجيب، وفي ذكر قصة إبراهيم ولوط، وفي ذكر قصة سليمان وداود وقصة مريم، وقصة إسماعيل وإدريس وذي الكفل عليهم