الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ قَبْلُ أي من قبل القرآن وَفِي هذا روى النسائي عن الحارث الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم» قال رجل يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال: نعم وإن صام وصلى، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها، المسلمين المؤمنين عباد الله».
كلمة في سورة الحج:
جاء أول تعريف للمتقين في أول سورة البقرة الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ* وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وبعد هذا التعريف في سورة البقرة تأتي آيتان في الكافرين، وثلاث عشرة آية في المنافقين، ثم يأتي النداء للناس جميعا كي يكونوا من المتقين: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وسورة الحج تفصل هذه الآية، فهي تخدم قضية سير الإنسان نحو التقوى، إن بتبيان ضرورتها، أو بإبعاد الصوارف عنها، أو بتبيان عوارض الطريق، أو بالدلالة على معان في التقوى، أو بتحديد قضايا تساعد على الوصول إلى التقوى، وكل ذلك قد رأيناه، ومن تعريف المتقين الموجود في أول سورة البقرة نرى أن أركان التقوى هي:
الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق، وأن علامتها الاهتداء بكتاب الله، ونحن نعلم أن أركان الإسلام خمسة، منها الصوم والحج، وفي سورة البقرة حديث عن الصوم، وعن الحج، والحديث عن الصوم في سورة البقرة يبدأ بقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فالحديث في سورة البقرة عن الصوم يحدد أن الصوم وسيلة للتقوى، ونرى في البقرة أمرا بالحج، وحديثا عنه وعن بعض شعائره وحكمه، ولكنا لا نجد تفصيلا واسعا حول دور الحج وشعائره في موضوع التقوى، وهذا الذي نراه في سورة الحج.
وقد رأينا في سورة الأنبياء تعريفا للمتقين هو: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (الآيتان 48، 49) وهو في الحقيقة يشبه تعريف سورة البقرة، إلا أنه يبرز معنى مستكنا في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فالإيمان بالغيب يقتضي خشية من الله، وإشفاقا من الساعة، ومن ثم نلاحظ أن سورة الحج فصلت في مثل
هذه المعاني الكثيرة فهي دلت على طريق التقوى، وفصلت في ماهية التقوى وعلاماتها وآثارها.
وفي عملية تفصيل قضية التقوى، وتحديد مشاعر المتقين، وبعض شعائرهم، عرضت السورة لقضية مهمة وهي وحدة المتقين، ووحدة هدفهم، وضرورة سيرهم في طريق الصراع مع الكفر، فالنصر الرباني موعود به المتقون؛ إذا تحققوا بمواصفات خاصة، هذه المواصفات ضرورية كيلا تفسد الأرض، فمن طلب النصر الرباني بدون تحقيق الشروط في نفسه من المسلمين، أو عجب من عدم نزول النصر دون بذل وعطاء، وتحقق وفداء، وعمل مشترك مستقيم، فإنما هو من الجاهلين، ومن ارتد استبطاء للنصر فإنه من الكافرين، وهذا كله عرض في السورة.
ولما كانت نقطة البداية في السير نحو التقوى هي عبادة الله، ولما كانت نقطة الانحراف الكبرى هي عبادة غير الله، فقد ختمت السورة في تفنيد عبادة غير الله، كما ختمت بتحديد مجموعة الأمور التي هي من التقوى، أو من الطريق الموصل إليها، أو من المعاني التي تبعث على السير، إن شعور المسلم بالاعتزاز- إذ يصطفيه الله، وإذ يعطيه اسمه- يبعث على السير والأمر بالركوع والسجود والعبادة، وفعل الخير والجهاد الشامل المخلص، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والاعتصام بالله، كلها قضايا من التقوى، وهي وسائل إليها كذلك، وأجزاء منها في كل حال.
وهاهنا نحب أن نسجل شيئا: إن آية يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ قد فصلتها سورة النساء بشكل، وفصلت قسما منها سورة هود بشكل، وفصلتها سورة الحج بشكل، وسنرى أن سورا كثيرة قادمة ستفصلها بشكل وبآخر؛ مما يدل على أن محل هذه المعاني من الضخامة في الإسلام إلى الحد الذي لا يستقصى، وسنرى أن بعض آيات في سورة البقرة تفصل باستمرار، وبكل قسم تقريبا، مما يشير إلى أهمية التذكير المستمر بهذه المعاني بالنسبة لدين الله وبالنسبة لنفس الإنسان.
ولا يخطرن ببال أحد أن المعنى إذا لم يتكرر فإنه يكون فاقد الأهمية، أو قليلها، فهذا كفر، إن المسألة على الشكل التالي: إن هناك معنى تحتاج النفس البشرية أن تذكر فيه ليل نهار، وأن يعرض عليها بأشكال شتى فمثل هذا تجده يتكرر بشكل ثم بآخر،
وبجرس ثم بجرس، وبحجم ثم بحجم، وبطريقة ثم بطريقة عرض أخرى، ثم وثم مما لا ينقضي العجب فيه.
ونحب هنا أن نلاحظ أنه في سورة البقرة كان الأمر بالعبادة للوصول إلى التقوى مرفقا بالتعريف على الله: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ونلاحظ أن سورة الحج كان فيها تفصيل لهذه المعاني فلقد ركزت سورة الحج على معرفة الله كثيرا وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ
…
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ
…
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ......
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ .............
***