الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متعمدا على غيره .. والأظهر أن المراد لا يشهدون الزور أي لا يحضرونه وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ أي بالفحش وكل ما ينبغي أن يلقى ويطرح. والمعنى: وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به مَرُّوا كِراماً أي معرضين مكرمين أنفسهم عن التلوث به
وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ أي قرئ عليهم القرآن، أو وعظوا بالقرآن لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً قال النسفي: ليس هذا بنفي الخرور، بل هو إثبات له ونفي للصمم والعمى. قال قتادة:(أي) لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه، فهم والله قوم عقلوا عن الحق وانتفعوا بما سمعوا من كتابه
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ سألوا ربهم أن يرزقهم أزواجا وأعقابا عمالا لله تعالى يسرون بمكانهم وتقربهم عيونهم وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً أي أئمة يقتدي المتقون بنا في الدين
أُوْلئِكَ المتصفون بالصفات المذكورة الجميلة، والأقوال والأفعال الجليلة يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ أي الغرفات وهي العلالي في الجنة بِما صَبَرُوا أي بصبرهم على القيام بذلك. أي بصبرهم على الطاعات وعن الشهوات، وعلى أذى الكفار، ومجاهدتهم، وعلى الفقر وغير ذلك وَيُلَقَّوْنَ فِيها أي في الجنة تَحِيَّةً وَسَلاماً يعني: أن الملائكة يحيونهم ويسلمون عليهم، أو يحيي بعضهم بعضا، ويسلم عليه. قال ابن كثير: أي يبتدرون فيها بالتحية والإكرام، ويلقون التوقير والاحترام، فلهم السلام وعليهم السلام، فإن الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار
خالِدِينَ فِيها أي مقيمين لا يظعنون ولا يحولون ولا يموتون، ولا يزالون عنها ولا يبغون عنها حولا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا أي موضع قرار وَمُقاماً أي وموضع إقامة. وبهذا بشروا، وبما ذكر من خصائصهم استحقوا هذا التبشير.
نقول:
عند قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيها سِراجاً وَقَمَراً مُنِيراً* وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً قال صاحب الظلال: (والبروج- على الأرجح- منازل الكواكب السيارة، ومداراتها الفلكية الهائلة. والفخامة هنا تقابل في الحس ذلك الاستخفاف في قول المشركين: وَمَا الرَّحْمنُ؟ فهذا شئ من خلقه ضخم هائل عظيم في الحس وفي الحقيقة، وفي هذه البروج تنزل الشمس ويسميها سِراجاً لما تبعث به من ضوء
إلى أرضنا وغيرها. وفيها القمر المنير الذي يبعث بنوره الهادئ اللطيف.
ويعرض كذلك مشهد الليل والنهار وتعاقبهما. وهما آيتان مكرورتان ينساهما الناس، وفيهما الكفاية: لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً. ولولا أن جعلهما كذلك يتعاوران الناس، ويخلف أحدهما أخاه، ما أمكنت الحياة على ظهر هذا الكوكب لإنسان ولا لحيوان ولا لنبات. بل لو أن طولهما تغير لتعذرت كذلك الحياة.
جاء في كتاب (الإنسان لا يقوم وحده)(العلم يدعو إلى الإيمان).
(تدور الكرة الأرضية حول محورها مرة في كل أربع وعشرين ساعة، أو بمعدل نحو ألف ميل في الساعة. والآن افرض أنها تدور بمعدل مائة فقط في الساعة. ولم لا؟
عندئذ يكون ليلنا ونهارنا أطول مما هو الآن عشر مرات. وفي هذه الحالة قد تحرق شمس الصيف الحارة نباتاتنا في كل نهار وفي الليل يتجمد كل نبت في الأرض).
فتبارك الذي خلق السموات والأرض، وخلق كل شئ فقدره تقديرا. وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا. وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً ..
وعند قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا، وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً. قال صاحب الظلال: وهذه سمة الإسلام التي يحققها في حياة الأفراد والجماعات؛ ويتجه إليها في التربية والتشريع، يقيم بناءه كله على التوازن والاعتدال.
والمسلم- مع اعتراف الإسلام بالملكية الفردية المقيدة- ليس حرا في إنفاق أمواله الخاصة كما يشاء- كما هو الحال في النظام الرأسمالي، وعند الأمم التي لا يحكم التشريع الإلهي حياتها في كل ميدان. إنما هو مقيد بالتوسط في الأمرين، الإسراف والتقتير. فالإسراف مفسدة للنفس والمال والمجتمع؛ والتقتير مثله حبس للمال عن انتفاع صاحبه به وانتفاع الجماعة من حوله. فالمال أداة اجتماعية لتحقيق خدمات اجتماعية. والإسراف والتقتير يحدثان اختلالا في المحيط الاجتماعي والمجال الاقتصادي، وحبس الأموال يحدث أزمات، ومثله إطلاقها بغير حساب وذلك فوق سمات فساد القلوب والأخلاق. والإسلام وهو ينظم هذا الجانب من الحياة يبدأ به من نفس