الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعدتني أن لا تخزينى يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الأبعد؟ فيقول الله تعالى إني حرمت الجنة على الكافرين ثم يقول: يا إبراهيم انظر تحت رجلك فينظر فإذا هو بذبح متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار ورواه النسائي في التفسير من سننه الكبير.
4 -
بمناسبة قوله تعالى يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ قال ابن كثير: أي سالم من الدنس والشرك. قال ابن سيرين القلب السليم: أن يعلم أن الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وقال ابن عباس:
إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ القلب السليم: أن يشهد أن لا إله إلا الله، وقال مجاهد والحسن وغيرهما بِقَلْبٍ سَلِيمٍ يعني من الشرك، وقال سعيد بن المسيب: القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن، لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال الله تعالى. فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ* قال أبو عثمان النيسابوري: هو القلب السالم من البدعة المطمئن إلى السنة.
5 -
لخص النسفي قصة إبراهيم عليه السلام في السورة فقال (وما أحسن ما رتب عليه السلام كلامه مع المشركين، حيث سألهم أولا عما يعبدون سؤال مقرر لا مستفهم، ثم أقبل على آلهتهم فأبطل أمرها بأنها لا تضر ولا تنفع ولا تسمع، وعلى تقليدهم آباءهم الأقدمين فأخرجه من أن يكون شبهة فضلا عن أن يكون حجة، ثم صور المسألة في نفسه دونهم حتى تخلص منها إلى ذكر الله تعالى، فعظم شأنه، وعدد نعمه من حين إنشائه إلى وقت وفاته، مع ما يرجي في الآخرة من رحمته. ثم أتبع ذلك أن دعا بدعوات المخلصين، وابتهل إليه ابتهال الأوابين، ثم وصله بذكر يوم القيامة، وثواب الله وعقابه، وما يدفع إليه المشركون يومئذ من الندم والحسرة على ما كانوا فيه من الضلال، وتمني الكرة إلى الدنيا ليؤمنوا ويطيعوا).
أقول: والملاحظ أن ما أسميناه تعقيبا على قصة إبراهيم عليه السلام اعتبره النسفي جزءا من كلام إبراهيم وليس تعقيبا من الله عز وجل على قصته، وأيا كان الأمر فالتعقيب على صلة كاملة بقصة إبراهيم حتى لهو جزء منها. أو لكأنه جزء منها. ومن ثم ختم بالآيتين اللتين هما علامة على انتهاء مجموعة في هذه السورة.
كلمة في السياق:
نلاحظ أن قصة موسى عليه السلام عرضت لنا فعل الله بموسى وفرعون في الدنيا.
فكانت في ذلك الآية، ولكنا لا نجد في قصة إبراهيم عليه السلام مثل هذا، وإنما نجد إقامة حجة من قبل إبراهيم وعرض للعقيدة الإبراهيمية. والعبودية الإبراهيمية، والمعرفة الإبراهيمية لله عز وجل، والافتقار الإبراهيمي لله. وانتصار من كان على هذه العقيدة في الآخرة. واندحار وذل وخزي وعذاب من كان على العقيدة الآزرية
في الآخرة. وفي ذلك آية ومعجزة. إن في وجود إبراهيم وفي صفاء عقيدته وفي صفاء توجهاته وفي مجموع حججه التي تدحض الباطل إن في ذلك كله آية، وإن في ذكر ذلك المشهد الرائع من مشاهد يوم القيامة والمرتبط بقصة إبراهيم لآية تشهد على الحق، فلنتذكر الآية التي هي محور سورة الشعراء:
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فقد تلا الله علينا في قصة إبراهيم آية من آيات الله هي حق خالص، وقد عرضت لنا هذه الآية بعض خصائص دعوة المرسلين. وبعض أخلاقهم. ومحمد صلى الله عليه وسلم ليس إلا واحدا منهم في دعوته وأخلاقه. إن مثل هذا الشبه الكامل بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين الرسل السابقين مع ظهور الآيات معه دليل أي دليل على صدق نبوته ورسالته، وإن مثل هذا التشابه والتكامل في دعوات المرسلين- كما عرضها القرآن- ليدلك وحده على إعجاز هذا القرآن الذي لا يناقض شئ فيه شيئا آخر. فالقصة والتشريع والواقعة والحادثة والعظة كلها تخرج من مشكاة واحدة، وتؤدي هدفا واحدا، وهذا دليل على أن هذا القرآن من عند الله، لأن هذا غير مستطاع للبشر على مثل هذا الكمال. وبعد قصة إبراهيم تأتي الآن قصة نوح عليه السلام وهي المجموعة الرابعة، لتؤدي دورها في سياق هذه السورة. وقبل أن نذكر المجموعة الرابعة نحب أن نذكر أن آية المحور آتية في السياق البعيد للأمر ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً فليست دعوة إبراهيم ودعواته إلا دخولا في السلم كافة.
***