الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير:
وَاتْلُ يا محمد عَلَيْهِمْ أي على أمتك نَبَأَ إِبْراهِيمَ أي خبره إذ هو خليل الله وإمام الحنفاء، أمر الله أن تتلى قصته على هذه الأمة ليقتدى به في الإخلاص والتوكل وعبادة الله وحده لا شريك له، والتبري من الشرك وأهله
إِذْ قالَ إبراهيم لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ أي قوم إبراهيم أو قوم أبيه ما تَعْبُدُونَ أي أي شئ تعبدون وإبراهيم عليه السلام يعلم أنهم عبدة أصنام، ولكنه سألهم ليريهم أن ما يعبدونه ليس بمستحق للعبادة
قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ أي مقيمين على عبادتها ودعائها
قالَ إبراهيم هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ أي هل يسمعون دعاءكم إِذْ تَدْعُونَ أي إذ تدعونهم
أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ إن عبدتموها أَوْ يَضُرُّونَ إن تركتم عبادتها
قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ اعترفوا بأن أصنامهم لا تسمع ولا تنفع، ولا تضر ولا يعبدونها لشئ من ذلك، ولكن وجدوا آباءهم على شئ فقلدوهم، وهاهنا يظهر الفارق بين من يتابع الآباء على الحق، وبين من يتابع الآباء على الباطل، ولو قامت الحجة على بطلانه
قالَ إبراهيم ردا عليهم أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ أي الأولون
فَإِنَّهُمْ أي هذه الآلهة عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ أي إن كانت هذه الأصنام شيئا ولها تأثير، فلتخلص إلي بالمساءة فإني عدو لها ولا أبالي بها، ولا أفكر فيها وإذ كان جوابهم عاطفيا فإن جوابه كان عاطفيا عقليا. ولما كان في جوابه إعلان أن الله عز وجل ربه بدأ يعرفهم على الله ربه رب العالمين.
كلمة في السياق:
نلاحظ أن موسى عليه السلام في هذه السورة قال لفرعون: إِنَّا رَسُولُ رَبِ
الْعالَمِينَ قال فرعون وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قال موسى رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ فقد عرف موسى فرعون على الله رب العالمين من خلال ربوبيته للخلق كلهم، وربوبيته للإنسان، وربوبيته للمشرق والمغرب وما بينهما ونلاحظ هاهنا أن إبراهيم عليه السلام حدث قومه عن الله رب العالمين، وسنرى أن إبراهيم سيعرف على الله رب العالمين بما يكمل كلام موسى عليه السلام. وهذا يشير إلى أن دعوة الرسل واحدة، وأنها متكاملة، فإذا تذكرنا أن محور السورة هو قوله تعالى:
وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ فإننا ندرك أن السورة تخدم محور السورة بما يعرفنا على خصائص المرسلين ودعوتهم، زيادة على كونها تعرض علينا آيات من آيات الله؛ لنرى من خلال خصائص المرسلين أن محمدا صلى الله عليه وسلم من المرسلين وهذا الذي ذكرناه يأتي بشكل متسلسل في السورة لنجده في خاتمة السورة مكثفا وموجها نحو الهدف العام والخاص للسورة، بما يخدم المحور بشكل مباشر ومكثف، فلنر الآن بم عرف إبراهيم على الله رب العالمين؟ قال:
الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ أي الذي خلقني بالتكوين في القرار المكين، هو الذي يهديني لمناهج الدنيا ولمصالح الدين
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ أي مع كونه خالقي وهادي فهو كذلك رازقي بما سخر ويسخر من الأسباب السماوية والأرضية، فساق السحاب، وأنزل الماء، وأحيا به الأرض، وأخرج به من كل الثمرات رزقا للعباد وأنزل الماء عذبا زلالا يسقيه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا
وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ قال ابن كثير: (أسند المرض إلى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه وخلقه، ولكن أضافه إلى نفسه أدبا) ومعنى الآية كما قال ابن كثير: أي إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ أي هو الذي يحيي ويميت لا يقدر على ذلك أحد سواه، فإنه هو الذي يبدئ ويعيد
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ أي يوم القيامة أي لا يقدر على غفران الذنوب في الدنيا والآخرة إلا هو، وكلامه في هذا السياق يفيد أنه .. لا يعبد إلا الذي
يفعل هذه الأشياء: الخلق والهداية والإطعام والإسقاء والشفاء والإماتة والإحياء والمغفرة يوم القيامة. فمن كان يفعل هذه الأشياء فهو رب العالمين وهو الذي يستحق العبادة وحده.