الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ لاحظ قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وختمت الآيات السابقة بقوله تعالى وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ فالحكمة واحدة من بعثة موسى عليه السلام، وإنزال الكتاب عليه ومن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم وإنزال الكتاب عليه، وقد أقام الله عز وجل الحجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالآيات السابقة، فكأن قصة موسى كانت المقدمة لهذه الآيات
لإثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا القرآن الذي يقص علينا أدق التفاصيل عن قصص الأنبياء السابقين ما كان ليكون كذلك لولا أنه من عند الله، أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم لأن من سنته الإرسال وَلكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ومن أجل أن ينذر به. وصلة ذلك بمحور السورة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ واضحة، وبهذه المناسبة نحب أن نسجل هذه ال
ملاحظة
حول السياق القرآني:
ملاحظة:
من خلال دراسة قصة موسى في سورة القصص، نلاحظ أن القرآن يقص علينا أدق التفاصيل عن بعض الأمور بما تكتمل به تصوراتنا في شأن النبوة ونفهم به معنى الرسالات، ونعرف به سنن الله عز وجل، ونجد أن كل شئ في هذا المقام يصب في المصب نفسه الذي تصب به كل آيات القرآن، فإن تجد مثل هذا التكامل، وأن تجد مثل هذا الجلال الذي تعرف به كمال الرسل عليهم الصلاة والسلام، دون إخلال، فذلك علامة من علامات كون هذا القرآن من عند الله، بينما لا تجد مثل هذا في الكتب السابقة التي داخلها التحريف والتبديل، ومن ثم تجد كثيرا من التفصيلات في القرآن مما يساعد على استكمال التصورات الصحيحة مما لا تجده في الكتب السابقة، إما بسبب من كمال القرآن، أو بسبب من عدم وصول هذه الكتب إلينا على الكمال والتمام، ولنعد إلى السياق فإن الله عز وجل يكمل الكلام عن الحكمة في إرسال محمد صلى الله عليه وسلم والحجة فيها، وهو مراد رئيسي في السورة.
وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ أي عقوبة بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من الكفر والظلم، وقد استعملت كلمة الأيدي في هذا المقام بسبب أن أكثر الأعمال تزاول بالأيدي، فنسبت كل الأعمال إليها وإن كانت من أعمال القلب تغليبا للأكثر على الأقل فَيَقُولُوا عند العذاب رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا أي وأرسلته إلينا لتقيم علينا
الحجة، فمن أجل ذلك أرسلنا؛ لينقطع عذرهم إذا جاءهم عذاب من الله بكفرهم، فلا يحتجوا بأنهم لم يأتهم رسول ولا نذير، ويدعوا أن لو كان رسول لاتبعوه فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هذا تتمة كلامهم أي لو أنهم عوقبوا ولم يرسل الله إليهم لادعوا أنهم لو جاءهم رسول لكانوا يتبعون آيات الله ويؤمنون إذن
فهذا كان موقفهم لو عاقبهم الله ولم يرسل رسولا فماذا كان موقفهم إذ أرسل الرسول: فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا أي القرآن أو الرسول المصدق بالكتاب المعجز قالُوا على وجه التعنت والعناد والكفر والجهل والإلحاد لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى قال ابن كثير: يعنون- والله أعلم- من الآيات الكثيرة: مثل العصا، واليد، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، ونقص الزروع والثمار مما يضيق على أعداء الله، وكفلق البحر، وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى إلى غير ذلك من الآيات الباهرة والحجج القاهرة، التي أجراها الله تعالى علي يدي موسى عليه السلام حجة وبرهانا له على فرعون وملئه، وبني إسرائيل .. أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ أي أو لم يكفر البشر بما أوتي موسى من تلك الآيات العظيمة من قبل القرآن قالُوا في موسى وهارون سِحْرانِ تَظاهَرا أي تعاونا. جعلوا موسى وهارون عين السحر فقالوا سحر يعين سحرا وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ أي بكل واحد منهما كافِرُونَ والمعنى: أن الكفر بالمرسلين ليس سببه قلة الآيات بل الكبر والعناد. وبهذا رد الله عز وجل الرد الأول عليهم،
ثم يأتي الرد الثاني قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أي أهدى من التوراة والقرآن أَتَّبِعْهُ فإنني لا أستكبر عن اتباع الهدى من الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ أي فيما تدفعون به الحق، وتعارضون به من الباطل، وتتظاهرون به أنكم مخلصون في الرغبة في الوصول إلى الحقيقة، وقد جاء الجواب متضمنا مجموعة أمور: الأول: أن محمدا أوتي مثل ما أوتي موسى، وهو هذا القرآن، والثاني: أن الهدى الموجود في القرآن والتوراة هو وحده حجة، والثالث: أنهم ليسوا على هدى أصلا من الله عز وجل، حتى يستكبروا عن اتباع هدى القرآن، فالعلة فيهم وليس في ما أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قصور
فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ أي فإن لم يجيبوك عما قلت لهم ولم يتبعوا الحق. وقال النسفي. فإن لم يستجيبوا دعاءك إلى الإتيان بالكتاب الأهدى فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ أي بلا دليل ولا حجة. أي فاعلم أنهم قد ألزموا ولم تبق لهم حجة إلا اتباع الهوى وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ أي بغير حجة مأخوذة من كتاب الله إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي الذين يتبعون