الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تجزى بخير منها. فادخلوا في الإسلام وجاهدوا واعملوا ولا تتلكئوا فأجركم كائن، ثم جاءت الآية الأخيرة وعدا بالنصر، وتعزية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرا له بتحديد الموقف الفاصل، وقد بقيت معنا. مجموعة واحدة من السورة هي المجموعة الخامسة.
فوائد:
1 -
تحدث المفسرون عن قارون، وهو أنه قارون بن يصهب بن قاهث، وهو المذكور في التوراة المحرفة الحالية باسم قورح بن يصهار بن قهاث بن لاوي. والتوراة الحالية تذكر قورح هذا في الإصحاح السادس عشر، من سفر العدد، وفي هذا السفر تقول التوراة الحالية (وفتحت الأرض فاها وابتلعتهم وبيوتهم وكل من كان لقورح مع كل الأموال ..... وكل إسرائيل الذين حولهم هربوا من صوتهم، لأنهم قالوا لعل الأرض تبتلعنا) إلا أن التوراة الحالية لا تذكر التفصيلات التي ذكرها النص القرآني لكنها ذكرت بغي قورح ومن معه وتمرده على موسى وهارون وقومهما، وليس لنا من التوراة الحالية ما نأخذه إلا ما وافق القرآن والسنة؛ فإنها كتبت بعد أزمان متطاولة فلم يبق فيها من الوحي الصادق إلا قليل.
2 -
قال ابن كثير بمناسبة قول قارون: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي (وقد روي عن بعضهم أنه أراد إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي أي أنه كان يعاني علم الكيمياء، وهذا القول ضعيف لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل، لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليها إلا الله عز وجل قال الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، فليخلقوا شعيرة» وهذا ورد في المصورين الذين يشبهون بخلق الله، في مجرد الصورة الظاهرة، أو الشكل، فكيف بمن يدعي أنه يحيل ماهية هذه الذات إلى ماهية ذات أخرى، هذا زور محال، وجهل وضلال، وإنما يقدرون على الصبغ في الصورة الظاهرة وهي كذب وزغل وتمويه وترويج أنه صحيح في نفس الأمر وليس كذلك قطعا لا محالة، ولم يثبت بطريق شرعي أنه صح مع أحد من الناس من هذه الطريقة التي يتعاطاها هؤلاء الجهلة الفسقة الأفاكون وأن ما يجريه الله سبحانه من خرق العوائد على يدي بعض الأولياء من قلب بعض الأعيان ذهبا أو فضة أو نحو ذلك، فهذا أمر لا ينكره مسلم،
ولا يرده مؤمن، ولكن هذا ليس من قبيل الصناعات وإنما هذا عن مشيئة رب الأرض والسموات واختياره وفعله، كما روى عن حيوة بن شريح المصري رحمه الله أنه سأله سائل فلم يكن عنده ما يعطيه، ورأى ضرورته فأخذ حصاة من الأرض، فأجالها في كفه، ثم ألقاها إلى ذلك السائل، فإذا هي ذهب أحمر، والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جدا يطول ذكرها) أقول: ما قاله ابن كثير في شأن تحويل العناصر فيه نظر فقد أصبح بالإمكان في عصرنا تحويل العنصر إلى عنصر آخر وذلك جائز شرعا.
3 -
بمناسبة قوله تعالى: فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ قال ابن كثير: (كما ثبت في الصحيح عند البخاري من حديث الزهري عن سالم أن اباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يجر إزاره خسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة» ثم رواه من حديث جرير بن زيد عن سالم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل ممن كان قبلكم خرج في بردين أخضرين يختال فيهما، أمر الله الأرض فأخذته، فإنه ليتجلجل فيها إلى يوم القيامة» . تفرد به أحمد وإسناده حسن، وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي
…
عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما رجل ممن كان قبلكم خرج في بردين فاختال فيهما فأمر الله الأرض فأخذته فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة»
4 -
بمناسبة قوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً قال ابن كثير: وروى ابن جرير عن علي قال: إن الرجل ليعجبه من شراك نعله أن يكون أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل في قوله تعالى: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وهذا محمول على ما إذا أراد بذلك الفخر والتطاول على غيره، فإن ذلك مذموم، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إنه أوحي إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد» وأما إذا أحب ذلك لمجرد التجمل فهذا لا بأس به، فقد ثبت أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب أن يكون ردائي حسنا ونعلي حسنة أفمن الكبر ذلك؟ فقال: «لا، إن الله جميل يحب الجمال»
5 -
في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أكثر من اتجاه عند المفسرين وقد ذكرها ابن كثير وهذا كلامه (وقال السدي عن أبي صالح عن ابن عباس إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ يقول: لرادك إلى الجنة، ثم
سائلك عن القرآن. قاله السدي وقال أبو سعيد مثلها، وقال الحاكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال إلى يوم القيامة. ورواه مالك
عن الزهري. وقال الثوري عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ إلى الموت، هذه طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي بعضها لرادك إلى معدنك من الجنة. وقال مجاهد يحييك يوم القيامة. وكذا روي عن عكرمة وعطاء وسعيد ابن جبير وأبي قزعة وأبي مالك وأبي صالح، وقال الحسن البصري، أي والله إن له لمعادا فيبعثه الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة، وقد روي عن ابن عباس غير ذلك. كما روى البخاري في التفسير من صحيحه عن ابن عباس لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال إلى مكة. وهكذا رواه النسائي في تفسير سننه وابن جرير من حديث يعلى وهو ابن عبيد الطنافسي به وكذا العوفي رواه عن ابن عباس لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ أي لرادك إلى مكة كما أخرجك منها. وقال محمد ابن إسحاق عن مجاهد في قوله لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ إلى مولدك بمكة. وقال ابن أبي حاتم: وقد روي عن ابن عباس ويحيى بن الجزار وسعيد بن جبير وعطية والضحاك نحو ذلك. وحدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان فسمعناه من مقاتل منذ سبعين سنة عن الضحاك قال: لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله عليه إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ إلى مكة وهذا من كلام الضحاك يقتضي أن هذه الآية مدنية، وإن كان مجموع السورة مكيا والله أعلم. وقد قال عبد الرزاق حدثنا معمر عن قتادة في قوله تعالى لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال: هذه مما كان ابن عباس يكتمها. وقد روى ابن أبي حاتم بسنده عن نعيم القاري أنه قال في قوله لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قال: إلى بيت المقدس، وهذا والله أعلم يرجع إلى قول من فسر ذلك بيوم القيامة، لأن بيت المقدس هو أرض المحشر والمنشر، والله الموفق للصواب. ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن ابن عباس فسر ذلك تارة برجوعه إلى مكة، وهو الفتح الذي هو عند ابن عباس أمارة على اقتراب أجل النبي صلى الله عليه وسلم كما فسر ابن عباس سورة إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ إلى آخر السورة أنه أجل رسول الله نعي إليه. وكان ذلك بحضرة عمر بن الخطاب ووافقه عمر على ذلك وقال: لا أعلم منها غير الذي تعلم. ولهذا فسر ابن عباس تارة أخرى قوله لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ بالموت، وتارة بيوم القيامة، الذي هو بعد الموت، وتارة بالجنة التي هي جزاؤه ومصيره على أداء رسالة الله وإبلاغها إلى الثقلين الإنس والجن، ولأنه أكمل خلق الله وأفصح خلق الله وأشرف خلق الله على الإطلاق)