الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النسائي في تفسيره ...... قلنا لعائشة أم المؤمنين: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فقرأت قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى انتهت إلى وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي عن كعب الأحبار ومجاهد وأبي العالية وغيرهم لما خلق الله جنة عدن وغرسها بيده نظر إليها وقال تكلمي فقالت قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال كعب الأحبار: لما أعد لهم من الكرامة فيها، وقال أبو العالية: فأنزل الله ذلك في كتابه. وقد روى ذلك عن أبي سعيد الخدري قال: خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرسها وقال لها تكلمي فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فدخلتها الملائكة فقالت:
طوبى لك منزل الملوك ثم قال وحدثنا بشر بن آدم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك» وقال البزار ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث «حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك، فقال لها تكلمي فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فقالت الملائكة: طوبى لك منزل الملوك» ثم قال البزار لا نعلم أحدا رفعه إلا عدي بن الفضل وهو شيخ متقدم الموت روى الحافظ أبو القاسم ...... عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمي فقالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ» وروى الطبراني عن ابن عباس يرفعه «لما خلق الله جنة عدن بيده، ودلى فيها ثمارها، وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها قال: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ قال: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل» وروى أبو بكر بن أبي الدنيا
…
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خلق الله جنة عدن بيده، لبنة من درة بيضاء، ولبنة من ياقوته حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء، ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم قال لها انطقي قالت: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ فقال تعالى: وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.*
كلمة في السياق:
لاحظنا أن محور سورة (المؤمنون) من البقرة هو مجموع خمس آيات، إلا أننا نلاحظ أن هذه المجموعة التي مرت معنا تفصل الآيات الثلاث الأولى فقط، بينما نلاحظ أن المجموعة الثانية ستفصل الآيتين الأخيرتين فقط، وهو نوع من التفصيل رأينا نمطا منه
من قبل في سورة الحجر: إن الآيات الثلاث الأولى من محور سورة المؤمنون هي:
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ* إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ ولقد رأينا أن المجموعة الأولى من سورة المؤمنون فصلت في ذلك كله: فلقد ذكرت أخلاق المؤمنين، ومن أخلاقهم العمل الصالح، وحددت
أنواعا من العمل الصالح ومن ذلك العمل المقابل لأخلاق الفاسقين، فالفاسقون ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، والمؤمنون لعهدهم راعون، والفاسقون يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، وهؤلاء يفون بالعهود، والفاسقون يفسدون في الأرض، وهؤلاء يحفظون فروجهم، ويؤدون أماناتهم، ولنلاحظ أن الآيات الثلاث بدأت بقوله تعالى وَبَشِّرِ وانتهت بقوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ. لاحظ الصلة بين هذه البداية والنهاية، وبين قوله تعالى قَدْ أَفْلَحَ فإن فيها بشارة، وإن الفلاح يقابل الخسارة، وبعد الآيات الثلاث في سورة البقرة يأتي قوله تعالى في الإنكار على من كفر، وفي التدليل على الإيمان كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وسنرى أن آيات المجموعة الثانية تفصل هاتين الآيتين، للتدليل على الإيمان واستخراج عواطفه، مع فارق هو أن الآيتين ردتا على الكفر من خلال الإنكار والتقرير وهنا دعت هذه المجموعة إلى الإيمان من خلال التقرير فلنر المجموعة الثانية.
***