الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنها أمتها، وإليه ذهب سعيد بن المسيب، وقال آخرون بل يجوز أن تظهر على رقيقها من الرجال والنساء، كظهورها لمحارمها أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أي غير أولي الحاجة إلى النساء، كالأجراء والأتباع الذين ليسوا بأكفاء، ولا هم لهم إلى النساء، ولا يشتهونهن، وقال النسفي: قيل هم الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم، ولا حاجة لهم إلى النساء، لأنهم بله، لا يعرفون شيئا من أمرهن، أو شيوخ صلحاء، أو العنين أو الخصي أو المخنث. أي الذي لا يشتهي النساء ولا يعرف عن أمرهن شيئا. أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ قال النسفي: أي لم يطلعوا لعدم الشهوة .. أو لم يبلغوا أوان القدرة على الوطء، وقال ابن كثير: يعني لصغرهم لا يفهمون أحوال النساء وعوراتهن من كلامهن الرخيم، وتعطفهن في المشية، وحركاتهن، وسكناتهن، فإذا كان الطفل صغيرا لا يفهم ذلك فلا بأس بدخوله على النساء، فأما إن كان مراهقا أو قريبا منه، بحيث يعرف ذلك ويدريه، ويفرق بين الشوهاء والحسناء، فلا يمكن من الدخول على النساء. وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ قال ابن كثير:(كانت المرأة في الجاهلية إذا كانت تمشي في الطريق وفي رجلها خلخال صامت، لا يعلم صوتها، ضربت برجلها الأرض فيسمع الرجال طنينه، فنهى الله المؤمنات عن مثل ذلك، وكذلك إذا كان شئ من زينتها مستورا وتحركت بحركة لتظهر ما هو خفي، دخل في هذا النهي، ومن ذلك أنها تنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها، فيشم الرجال طيبها). وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ قال النسفي: (العبد لا يخلو عن سهو وتقصير في أوامره ونواهيه وإن اجتهد، فلذا وصى المؤمنين جميعا بالتوبة، وبتأميل الفلاح إذا تابوا، وقيل أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس له حاجة إلى التوبة، وظاهر الآية يدل على أن العصيان لا ينافي الإيمان) وقال ابن كثير: (أي افعلوا ما أمركم من هذه الصفات الجميلة والأخلاق الجليلة، واتركوا ما كان عليه أهل الجاهلية من الأخلاق والصفات الرذيلة، فإن الفلاح كل الفلاح في فعل ما أمر الله به ورسوله، وترك ما نهيا عنه).
نقل:
قال صاحب الظلال بين يدي الآيتين اللتين مرتا معنا:
(إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع نظيف، لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا
تستثار فيه دفعات اللحم والدم في كل حين. فعمليات الاستثارة المستمرة تنتهي إلى سعار شهواني لا ينطفئ ولا يرتوي. والنظرة الخائنة، والحركة المثيرة، والزينة المتبرجة، والجسم العاري
…
كلها لا تصنع شيئا إلا أن تهيج ذلك السعار الحيواني المجنون! وإلا أن يفلت زمام الأعصاب والإرادة. فإما الإفضاء الفوضوي الذي لا يتقيد بقيد، وإما الأمراض العصبية والعقد النفسية الناشئة من الكبح بعد الإثارة! وهي تكاد أن تكون عملية تعذيب!!!
وإحدى وسائل الإسلام إلى إنشاء مجتمع نظيف هي الحيلولة دون الاستثارة، وإبقاء الدافع الفطري العميق بين الجنسين سليما، وبقوته الطبيعية، دون استثارة مصطنعة، وتصريفه في موضعه المأمون النظيف. ولقد شاع في وقت من الأوقات أن النظرة المباحة، والحديث الطليق، والاختلاط الميسور، والدعابة المرحة بين الجنسين، والاطلاع على مواضع الفتنة المخبوءة .. شاع أن كل هذا تنفيس وترويح، وإطلاق للرغبات الحبيسة، ووقاية من الكبت، ومن العقد النفسية، وتخفيف من حدة الضغط الجنسي، وما وراءه من اندفاع غير مأمون
…
الخ. شاع هذا على إثر انتشار بعض النظريات المادية القائمة على تجريد الإنسان من خصائصه التي تفرقه من الحيوان، والرجوع به إلى القاعدة الحيوانية الغارقة في الطين! - وبخاصة نظرية فرويد- ولكن هذا لم يكن سوى فروض نظرية، رأيت بعيني في أشد البلاد إباحية وتفلتا من جميع القيود الاجتماعية والأخلاقية والدينية والإنسانية، ما يكذبها وينقضها من الأساس.
نعم. شاهدت في البلاد التي ليس فيها قيد واحد على الكشف الجسدي، والاختلاط الجنسي، بكل صوره وأشكاله، أن هذا كله لم ينته بتهذيب الدوافع الجنسية وترويضها. إنما انتهى إلى سعار مجنون لا يرتوي ولا يهدأ إلا ريثما يعود إلى الظمأ والاندفاع! وشاهدت الأمراض النفسية والعقد التي كان مفهوما أنها لا تنشأ إلا من الحرمان، وإلا من التلهف على الجنس الآخر المحجوب، شاهدتها بوفرة ومعها الشذوذ الجنسي بكل أنواعه .. ثمرة مباشرة للاختلاط الكامل الذي لا يقيده قيد، ولا يقف عند حد؛ وللصداقات بين الجنسين تلك التي يباح معها كل شئ! وللأجسام العارية في الطريق، وللحركات المثيرة والنظرات الجاهرة، واللفتات الموقظة. وليس هنا مجال التفصيل وعرض الحوادث والشواهد. مما يدل بوضوح على ضرورة إعادة النظر في تلك النظريات التي كذبها الواقع المشهود.