الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في السياق:
أعطانا الله عز وجل فيما مر معنا من آيات المجموعة ميزانا نعلم به صدق الإنسان في دعواه الدخول في الإسلام وبهذا الميزان نعرف الصادق من الكاذب.
إن ميزان الصدق في الدخول في الإسلام كله هو: قبول الاحتكام إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم والسمع والطاعة، والخشية والتقوى، وهذه علامة الهداية إلى الصراط المستقيم الذي تحدثت عنه الآية السابقة على هذه المجموعة: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
وإن علامة النفاق رفض الاحتكام إلى الله والرسول، وهي علامة الضلال، وعلامة عدم الدخول الصادق في الإسلام وعلامة عدم الدخول في الصراط المستقيم، فالصلة بين آيات المجموعة وبين ما سبقها واضحة، والصلة بينها وبين محور السورة واضحة، فلنر الآن الصلة بينها وبين سياق السورة الخاص:
قال الله تعالى في مقدمة السورة سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ والآيات التي مرت معنا فيها فريضة من فرائض الله، وهي قبول الاحتكام لله والرسول صلى الله عليه وسلم، وفيها آيات بينات تعظ المسلم وتذكره؛ وتعظه من أن ينحرف عن أمر الله، أو يشك، أو يرتاب، أو يرفض الاحتكام إلى الله والرسول، أو يرفض الإذعان الكامل في أي حال.
وبعد أن تقرر أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فريضة من فرائض الله، وأنها علامة الإيمان الصادق، ومظهر الدخول في الإسلام، والصراط المستقيم، فإن المجموعة تتجه لعرض موقف المنافقين من الطاعة، ثم لعرض الموقف الصحيح منها، ثم تعقب بوعد لأهل الإيمان، كما عرضت موقف المنافقين من الاحتكام إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، والموقف الصحيح من ذلك، ثم أتبعت ذلك بوعد.
فالمجموعة تسجل موقفا خاطئا، ثم تصحح، ثم تعد، ثم تعود لتسجيل موقف خاطئ، ثم تصحح، ثم تعد.
إن رفض الاحتكام إلى الله والرسول من قبل المنافق هو أثر عن تصوره أن الفلاح والفوز الرفض، فعند ما يسجل الله عز وجل الموقف الصحيح، ويبين أن الفلاح والفوز في غير ذلك، فذلك تصحيح وتوجيه.
وعند ما يعطي المنافق الطاعة بلسانه ويمنعها على أرض الواقع، فإنما يفعل ذلك لعدم تصوره الصحيح لرعاية الله للمسلمين، فعند ما يأتي في هذا المقام وعد من الله، وشروط تحقيق هذا الوعد، فإن في ذلك تصحيحا وتوجيها. وفي ذلك مظهر من مظاهر تكامل المجموعة.
إن الذي يصرف الناس عن الدخول في الإسلام، والالتزام به، هو خطؤهم في فهم التكليف الإلهي أو تصورهم أن الدولة لا تكون للمسلمين، أو توهمهم أن الكافرين لا يغلبون والآيات الآتية من المجموعة تعالج ذلك كله.
وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ أي حلف المنافقون بالله جهد اليمين، ووصفت أيمانهم بذلك لأنهم يبذلون فيها مجهودهم، وذلك يكون إذا بالغ الحالف في اليمين فبلغ غاية شدتها ووكادتها لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ أي حلفوا لئن أمرنا محمد صلى الله عليه وسلم بالخروج إلى الغزو لنغزون، أو لئن أمرنا بالخروج من ديارنا لنخرجن قُلْ لا تُقْسِمُوا أي لا تحلفوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ أي طاعة معروفة أمثل بكم وأولى لكم من هذه الأيمان الكاذبة، أو الذي يطلب منكم طاعة معروفة، أي معلومة لا يشك فيها، ولا يرتاب، كطاعة المخلص من المؤمنين، لا أيمان تقسمون بها بأفواهكم، وقلوبكم على خلافها، وقيل معناه: طاعتكم طاعة معروفة، أي قد عرفت طاعتكم إنما هي قول لا فعل معه، وكلما حلفتم كذبتم، وفي ذلك إشارة إلى أن من سجيتهم الكذب، حتى فيما يختارونه، وقيل معناه: ليكن أمركم طاعة بالمعروف، من غير حلف ولا أقسام، كما يطيع الله ورسوله المؤمنون بغير حلف، فكونوا أنتم مثلهم إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ أي هو خبير بكم، وبمن يطيع ممن يعصي، فالحلف وإظهار الطاعة والباطن بخلافه وإن راج على المخلوق، فالخالق تعالى يعلم السر وأخفى، لا يروج عليه شئ من التدليس، بل هو خبير بضمائر عباده، وإن أظهروا خلافها، وفي ذلك تهديد لهم أن يفضحوا
قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ قال ابن كثير: أي اتبعوا كتاب الله وسنة رسوله فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ يريد فإن تتولوا فما ضررتموه، وإنما ضررتم أنفسكم؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس عليه إلا ما حمله الله تعالى، وكلفه من أداء الرسالة، فإذا أدى فقد خرج عن عهدة تكليفه، وأما أنتم فعليكم ما كلفتم من التلقي بالقبول والإذعان والعمل، فإن لم تفعلوا وتوليتم فقد عرضتم نفوسكم لسخط الله وعذابه وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا أي وإن أطعتموه فيما يأمركم وينهاكم، فقد