الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقبط قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ أي قرب أن يلحقنا عدونا، وأمامنا البحر
قالَ موسى عليه السلام ثقة بوعد الله إياه كَلَّا أي ارتدعوا عن سوء الظن بالله فلن يدركوكم إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ أي سيهديني طريق النجاة من إدراكهم وإضرارهم
فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ أي البحر الأحمر على القول الراجح فَانْفَلَقَ أي فضرب فانفلق وانشق، فصار اثني عشر فرقا على عدد الأسباط فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ أي كل جزء تفرق منه كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ أي كالجبل الكبير الضارب في الجو
وَأَزْلَفْنا ثَمَّ حيث انفلق البحر الْآخَرِينَ أي قوم فرعون، أي قربناهم من بني إسرائيل أو من البحر
وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ أي أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم، فلم يهلك منهم أحد
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ أي فرعون وجنوده، فلم يبق منهم رجل إلا هلك، ثم تأتي الآيتان اللتان تتكرران في هذه السورة عقب المقدمة، وعقب كل قصة وهما:
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ أي إن في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين، لدلالة وحجة قاطعة، وحكمة بالغة، ومع ذلك فإن أكثر الخلق لا يؤمنون، كما أن في هذه القصة دلالة على أن الله متصف بالعزة والرحمة، ومن عزته أن يقهر أعداءه، ومن رحمته أن ينصر أولياءه.
ملاحظة:
رأينا أن قصة موسى وفرعون هنا لم تذكر بعض تفصيلات مما ذكر في سور أخرى كالأعراف وطه، وذكرت تفصيلات لم تذكر هناك، وذلك لأن القصة في كل سورة من سور القرآن تخدم سياق السورة الخاص ومحورها، فلا يؤتى منها إلا ما يخدم ذلك، وهذه قضية ينبغي أن يلاحظها الدارسون.
كلمة في السياق:
رأينا أن محور سورة الشعراء هو قوله تعالى من سورة البقرة:
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ.
وقد وردت هذه الآية بعد قصة طالوت وجالوت، وكنا قلنا من قبل إن سورة
الشعراء تعرض علينا في كل مجموعة منها آية من آيات الله ومن ثم فكل مجموعة من السورة سوى الأخيرة منها تنتهي بقوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً ولما كان المفروض أن يعقب الآية إيمان ولما كان أكثر الخلق لا ينتفعون بالآيات يأتي بعد اللازمة قوله تعالى: وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ثم يأتي بعد ذلك تعقيب هو وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ مما يشير إلى عزته، وإن كفر الكافرون وإلى رحمته بالمؤمنين إذ يريهم الآيات وهكذا عرض الله علينا في المقدمة آية من آياته ثم أرانا في قصة موسى وفرعون آية أخرى من آياته. وسنرى في كل مجموعة آية من آياته وذلك كله منسجم مع محور السورة تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ وفي آية المجموعة التي مرت معنا في قصة فرعون رأينا كيف أن الله عز وجل ينصر رسله بالحجة والمعجزة والتدبير، وفي ذلك درس لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو من المرسلين- أن يثق بالله حق الثقة في أن العاقبة له، وقد كان ذلك، ومن قصة موسى وفرعون نعلم أن الله عز وجل هو الذي يتولى إدارة شئون المعركة بين أوليائه وأعدائه، وهو الذي يأخذ بيد أوليائه ويقهر أعداءهم في النهاية مهما كانت الظروف صعبة، أو كانت المسألة في بعض صورها لغير صالح المؤمنين، وبعد أن عرض الله علينا آية من آياته في مقدمة السورة وعرض علينا آية ثانية في قصة موسى مع فرعون يعرض علينا نموذجا آخر من آياته في قصة إبراهيم عليه السلام، وذلك في المجموعة الثالثة من السورة ويبدؤها بقوله تعالى:
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ لاحظ الصلة بين وَاتْلُ وبين نَتْلُوها من آية سورة البقرة مما يشير إلى وضوح الصلة بين سورة الشعراء ومحورها من سورة البقرة، وقبل أن ننتقل إلى المجموعة الثالثة نحب أن نشير إلى شئ هو أن آية البقرة التي هي محور سورة الشعراء آتية في حيز قوله تعالى: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وهذا يفيد أن سورة الشعراء، تخدم هذا الحيز فإذا اتضح هذا تكون قصة موسى وفرعون في الشعراء درسا لحملة الإسلام الكامل الشامل.
***