الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجموعة الخامسة: وفيها قصة هود عليه السلام
وتمتد من الآية (123) إلى نهاية الآية (140) وهذه هي:
[سورة الشعراء (26): الآيات 123 الى 140]
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (124) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (125) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (126) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (127)
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (128) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (130) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (131) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (132)
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (133) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (134) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (135) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (136) إِنْ هذا إِلَاّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (137)
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (138) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (139) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (140)
التفسير:
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ* وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ* أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ أي مكان مرتفع آيَةً أي بناء هو من الضخامة في المكان المدهش: قال ابن كثير: (اختلف المفسرون في الريع بما حاصله: أنه المكان المرتفع عند جواد الطرق المشهورة، يبنون هناك بنيانا محكما هائلا باهرا تَعْبَثُونَ
أي تلعبون، أي وإنما تفعلون ذلك عبثا لا للاحتياج إليه، بل لمجرد اللعب واللهو، وإظهار القوة، ولهذا أنكر عليهم نبيهم عليه السلام ذلك؛ لأنه تضييع للزمان وإتعاب للأبدان في غير فائدة، واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة) هذا كلام ابن كثير، ويدخل فيما أنكره هود على قومه كثير من الأعمال التي يعملها الحكام الجاهليون ممن تنطبق عليه أوصاف ما أنكره هود عليه السلام
وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ أي قصورا مشيدة، أو حصونا لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ أي ترجون الخلود في الدنيا، أو لكي تقيموا فيها أبدا، وذلك ليس بحاصل لكم، بل زائل عنكم كما زال عمن قبلكم، ويبدو أن إنكار هود عليه السلام ذلك عليهم بسبب استغراقهم في القضايا المادية، والترف والنعيم الدنيويين بدون أي هدف غير الدنيا
وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ أي وإذا أخذتم أحدا بعقوبة بطشتم جبارين قتلا بالسيف وضربا بالسوط، والجبار: هو الذي يقتل ويضرب على الغضب، وصفهم بالقوة والغلظة والجبروت
فَاتَّقُوا اللَّهَ في الكف عن الخطأ وَأَطِيعُونِ فيما أدعوكم إليه من الاستقامة على أمر الله وعبادته.
قال ابن كثير في الآية: (أي اعبدوا ربكم وأطيعوا رسولكم) وبعد الإنكار والأمر شرع يذكرهم نعم الله عليهم، وهي طريقة من طرق الدعوة يعلمنا الله إياها: أن تبدأ
بالإنكار، وتطالب بالاستقامة، ثم تذكر،
ثم تعظ كما هاهنا وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أي من النعم،
ثم عددها عليهم فقال: أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ قال النسفي: قرن البنين بالأنعام لأنهم يعينونهم على حفظها والقيام عليها
وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ أي وبساتين وينابيع وأنهارا.
ثم أنذرهم فقال: إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إن كذبتم وخالفتم، فماذا كان موقفهم من دعوة هود؟ قال ابن كثير:
دعاهم إلى الله بالترغيب والترهيب فما نفع فيهم
قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ أي لا نقبل كلامك ونرجع عما نحن عليه وعظت أم سكت
إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ يعنون دينهم، وما هم عليه من الأمر هو دين الأولين من الآباء والأجداد، ونحن تابعون لهم، سالكون وراءهم، نعيش كما عاشوا، ونموت كما ماتوا، ولا بعث ولا معاد.
ولهذا قالوا: وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ في الدنيا ولا في الآخرة؛ فإنه لا بعث ولا حساب
فَكَذَّبُوهُ أي فكذبوا هودا فَأَهْلَكْناهُمْ بالريح الصرصر العاتية. كما ذكر في غير هذا المكان. قال ابن كثير: (أي استمروا على تكذيب نبي الله هود ومخالفته وعناده فأهلكهم الله. وقد بين سبب إهلاكه إياهم في غير موضع من القرآن إِنَّ فِي ذلِكَ الإهلاك لَآيَةً أي دلالة على صدق الرسل في