الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الملائكة لله لمعرفتهم بعظمته وجلاله ما أعرضوا ولا غفلوا، ولما استمعوا لذكره على هذه الطريقة، ولكنهم جاهلون بهذا كله، ومن ثم كفروا، ومن ثم لم يؤمنوا، ومن ثم سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ومن ثم وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ به الله مما يتعالى عنه.
فالصلة بين هذه الآيات ومقدمة السورة واضحة فلا يغفل إنسان عن اليوم الآخر إلا لجهله بالله.
فوائد:
1 -
بمناسبة قوله تعالى: إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ينقل ابن كثير عن مجاهد أن كل أَنْ في القرآن فهو إنكار أي نفي
2 -
في تفسير اللهو في قوله تعالى لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا أكثر من قول، وقد اعتمدنا ما قاله مجاهد، وهو الذي يتفق مع السياق قال: يعني من عندنا وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا.
3 -
أخرج ابن أبي حاتم عن حكيم بن حزام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه إذ قال لهم «هل تسمعون ما أسمع؟» قالوا: ما نسمع من شئ. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تئط، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم» ذكره ابن كثير بمناسبة قوله تعالى عن الملائكة يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وقال عن هذا الحديث غريب، ولم يخرجوه، ثم ذكر أن ابن أبي حاتم أخرجه عن قتادة مرسلا.
4 -
ذكر ابن كثير عن ابن إسحاق أن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: جلست إلى كعب الأحبار وأنا غلام فقلت له: أرأيت قول الله تعالى للملائكة يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ أما يشغلهم عن التسبيح الكلام والرسالة والعمل. فقال: من هذا الغلام؟ فقالوا من بني عبد المطلب، قال: فقبل رأسي ثم قال: يا بني إنه جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، أليس تتكلم وأنت تتنفس وتمشي وأنت تتنفس؟.
ولنعد إلى السياق:
فقد ذكرت الآيات التي مرت معنا من المجموعة الثانية بعض التصورات الفاسدة
للكافرين من خلال تقرير الحقيقة المخالفة لتصوراتهم، والدليل على أن الآيات الخمس السابقة عالجت تصورات فاسدة للكافرين هو ابتداء الآية اللاحقة من المجموعة الثانية بقوله تعالى: أَمِ في الآية أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ إن (أم) التي بمعني بل والهمزة، والتي تعطف نوع عطف ما بعدها على كلام سابق، تدل على أن الآيات الأولى من المجموعة الثانية كانت تسجل موقفا للكافرين من خلال العرض المقابل لأفكارهم، فلنستمر في عرض آيات المجموعة الثانية:
…
أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ أي بل اتخذوا آلهة من الأرض، فبسبب ذلك غفلوا عن اليوم الآخر وعن الحساب وأعرضوا عن الوحي وعن الذكر هُمْ يُنْشِرُونَ أي يحيون، أي هل هذه الآلهة تحيي وتعيد الحياة حتى عبدوها؟ أو هل هذه الآلهة الأرضية التي اتخذوها تحيي الموتى فهم مطمئنون إذا بعثتهم أنها لا تعذبهم؟، والمعنى: إن الله وحده هو الذي سيحييهم بعد مماتهم؛ فعليهم أن يعبدوه وحده ويتقوه
لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ أي غير الله لَفَسَدَتا أي لخربتا والمعنى: لو كان يدبر أمر السماوات والأرض آلهة شتى غير الواحد الذي هو فاطرهما لفسدتا فَسُبْحانَ اللَّهِ أي تنزيها له رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ من أن له شريكا
لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لأنه المالك على الحقيقة وَهُمْ يُسْئَلُونَ لأنهم مملوكون خطاءون فما أخلقهم بأن يقال لهم لم فعلتم عن كل شئ فعلوه؟ وإذن فالله عز وجل وحده هو الإله الذي يحيي الموتى، وهو وحده الذي يدبر أمر السماء والأرض، وهو وحده الذي يسأل ولا يسأل، فإذا كان الأمر كذلك فكيف يغفل الغافلون، وكيف يعرض المعرضون، وكيف ينسى حسابه الناس أجمعون، وكيف إلى ذكره لا يستمعون واجفين؟
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً من الأرض، أو من السماء؛ فبسبب ذلك هم غافلون عن حسابه، معرضون عن ذكره؟! قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ أي حجتكم على ذلك هذا أي القرآن ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ أي ذكر أمتي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي يعني: ذكر أمم الأنبياء من قبلي، يعني هذا القرآن وهذه الكتب المتقدمة على خلاف ما تقولونه وتزعمونه فكل كتاب أنزل على كل نبي أرسل ناطق بأنه لا إله إلا الله، وإذا كان الأمر كذلك فلم يبق مبرر لإعراضكم سوى أنكم جاهلون، ومن ثم ختمت الآية بقوله تعالى بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ لأجل ذلك، أي لأجل جهلهم الحق مُعْرِضُونَ أي عن الحق.