الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فلا يخفى عليه خافية.
نقل:
قال الألوسي عند قوله تعالى فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ: (تفويض الأمر إلى رأيه صلى الله عليه وسلم؛ واستدل به على أن بعض الأحكام مفوضة إلى رأيه صلى الله عليه وسلم، وهذه مسئلة التفويض المختلف في جوازها بين الأصوليين، وهي أن يفوض الحكم إلى المجتهد فيقال له: احكم بما شئت فإنه صواب، فأجاز ذلك قوم، لكن اختلفوا، فقال موسى بن عمران: بجواز ذلك مطلقا للنبي وغيره من العلماء، وقال أبو علي الجبائي: بجواز ذلك للنبي خاصة في أحد قوليه، وقد نقل عن الإمام الشافعي عليه الرحمة في الرسالة ما يدل على التردد بين الجواز والمنع، ومنع من ذلك الباقون. والمجوزون اختلفوا في الوقوع، قال الآمدي:
والمختار الجواز دون الوقوع، وقد أطال الكلام في هذا المقام فليراجع. والذي أميل إليه جواز أن يفوض الحكم إلى المجتهد إذا علم أنه يحكم ترويا لا تشهيا، ويكون التفويض حينئذ كالأمر بالاجتهاد، والأليق بشأن الله تعالى وشأن رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينزل ما هنا على ذلك وتكون المشيئة مقيدة بالعلم بالمصلحة).
فوائد:
1 -
أكدت هذه الآيات أدبا من آداب اجتماع المسلمين، وهو أنهم إذا اجتمعوا لأمر فلا يحق لإنسان أن يخرج إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوده، أو بإذن مقدمهم في الدين حال غيابه، أو بعد موته صلى الله عليه وسلم، كما أكدت على وجوب تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون الاحترام بالنداء، وطريقة الكلام، والاستجابة، وعدم الانصراف إلا بإذن، وهي آداب تراعى مع وراثه صلى الله عليه وسلم، ومع من له إمرة شرعية من المسلمين.
2 -
وبمناسبة ذكر أدب الاستئذان للانصراف يذكر ابن كثير أدبا آخر وهو:
ضرورة السلام للدخول والخروج كما ورد في الحديث الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة» مع ملاحظة مراعاة أدب التسليم والمواطن التي ليس من الأدب أن يسلم فيها.
3 -
رأينا أن هناك ثلاثة أقوال في تفسير قوله تعالى لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً وقد ذكر اثنين منها ابن كثير وهذا كلامه: (قال الضحاك عن ابن عباس: كانوا يقولون يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عزّ وجل
عن ذلك؛ إعظاما لنبيه صلى الله عليه وسلم قال فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله. وهكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير. وقال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يبجل وأن يعظم وأن يسود. وقال مقاتل في قوله لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً يقول: لا تسموه إذا دعوتموه يا محمد، ولا تقولوا: يا ابن عبد الله، ولكن شرفوه؛ فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله، وقال مالك عن زيد بن أسلم في قوله لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قال: أمرهم الله أن يشرفوه، هذا قول، والظاهر من السياق كقوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا إلى آخر الآية، وقوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ،
وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ
إلى قوله إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ الآية فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، والكلام معه وعنده، كما أمروا بتقديم الصدقة قبل مناجاته. والقول الثاني في ذلك أن المعنى في لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً أي لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره، فإن دعاءه مستجاب فاحذروا أن يدعو عليكم فتهلكوا. حكاه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن البصري وعطية العوفي والله أعلم).
4 -
عرض ابن كثير أقوال المفسرين في قوله تعالى قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً فقال: (قال مقاتل بن حيان: هم المنافقون، كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة، ويعني بالحديث الخطبة، فيلوذون ببعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حتى يخرجوا من المسجد، وكان لا يصح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم، فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل، لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته. وقال السدي: كانوا إذا كانوا معه في جماعة لاذ بعضهم ببعض، حتى يتغيبوا عنه فلا يراهم. وقال قتادة في قوله قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً يعني لواذا عن نبي الله وعن كتابه، وقال سفيان قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً قال من الصف. وقال مجاهد في الآية لِواذاً خلافا).
5 -
وبمناسبة قوله تعالى فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال ابن كثير: (روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حولها جعل